بل ليبقَ إلى ما بعد السداد

التكييف القانوني لهذه الفكرة نتركه للقانونيين فحديثنا وتعليقنا على اتجاهات تعديل المادة 179 ليس منطلقاً من تخصص قانوني بل هو رأي منطلق من داخل ميدان الرأي العام وينظر لتعديل هذه المادة على أنه توجه غير مقبول عند الكثيرين ويفتح بالتأكيد أبواباً واسعة للاحتيال وسوء النية في تحرير الشيكات..
نعم هناك نسبة من المعسرين الذين تسبب عدم الاستقرار الاقتصادي في إعسارهم لكن من يعرف طبيعة السوق والمعاملات التجارية في السودان تبدو الصورة أمامه أوضح حول نسب الاحتيال وسوء النية مقابل نسبة الإعسار والعجز مع حسن النية من بعض محرري الشيكات فالاحتيال والتلاعب بحقوق الناس و(تشغيل قروشهم) هو الغالب.
الشيكات أصبحت عند البعض إحدى المهن الطفيلية الجديدة، حين تسأل عن طبيعة عمل شخص ما في السوق فيقولون لك (دا شغال شيكات طاقية دا في راس دا).
يحدث هذا في ظل وجود هذه المادة المتشددة كما يصفها منتقدوها، وهي التي تحمي حق المجني عليه وتحفظ وظيفة الشيك وهيبته نسبياً حتى الآن.. فماذا سنتوقع في حالة تعديل هذه المادة وتحويل جريمة تحرير الشيكات دون رصيد من جريمة جنائية إلى مدنية؟.. سيقيم المحتالون والجوكية و(المستهبلون) في السوق حفلات ويفرقعون الألعاب النارية ويموت ضحاياهم كمداً وحسرةً وهماً وغماً.
جريمة تحرير الشيكات من دون رصيد في قوانين الكثير من الدول المحيطة بنا يعاقب عليها القانون بالحبس والغرامة التي لا تقل عن قيمة الصك المحرر بسوء نية.
كما أن سوء النية مفترض أصلاً بمجرد إصدار صك لا يقابله رصيد.
يجب ألا تأخذنا العاطفة بالحديث المكرر عن أعداد الذين يقبعون خلف القضبان تحت مادة يبقى لحين السداد لأن مثل هذا العدد أو ضعفه من الدائنين وأسرهم وأطفالهم هم ضحايا لهؤلاء..
لا مجال للحديث العاطفي في قضايا مرتبطة بحقوق الناس وفي اعتقادنا أن توجهات الدولة لتعديل وتخفيف مادة يبقى لحين السداد ستترتب عليها مضاعفة لحالة الغبن في أوساط الدائنين والذي يؤدي إلى لجوء بعضهم إلى خيارات بعيدة عن مسار القانون لاسترداد حقهم بيدهم ما يعني توسيع وتعميق الآثار الخطيرة في هذا الملف.
نعم هناك الكثير من القضايا الأخرى غير (ناس الشيكات) والتي تقع تحت المادة 179 أو ما تسمى بمادة يبقى لحين السداد قد تحتاج لتعديل وتقديرات أخرى في حدود تلك الحالات فقط أما الشيكات في هذا الواقع الذي نعيشه بما فيه من ظواهر وملاحظات قيمية وأخلاقية خاصة في التعاملات المالية فإن المطلوب ليس تعديل المادة لتخفيف العقوبة بل تعديلها لتشديد العقوبة نفسها حتى ولو أصبحت (يبقى لما بعد السداد) حفظاً للحقوق بحسب تقديرات القاضي لطبيعة الجريمة ونوايا صاحب الشيكات.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
اليوم التالي
كثير من البلدان حولنا يعتبرون الشيك المرتد مجرد جنحة وليس جريمة والفرق بين الجنحة والجريمة فرق مقدار في العقوبة حيث لا تجاوز عقوبة الجنحة سنتين حسب نص القانون ولكن في الممارسة يحكم بالسجن في حدود ثلاثة وأربعة شهور أي بالسجن فقط وليس بالغرامة أو بقيمة الشيك فذك شق مدني لا علاقة للمحاكم الجنائية به ويتم تنفيذه بالمحاكم المدنية مع مراعاة الآية (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:280) والحديث (مطل الغني ظلم) – ولكن أغلب الشيكات يتم سدادها في فترة السجن 3 أو 4 شهور وتشطب الدعوى الجنائية في أي وقت ومرحلة حتى بعد الحكم وتنفيذ السجن بل حتى بعد السداد بالتنفيذ المدني – وهذا يحفظ للإنسان كرامته ويحثه على السداد إلا من قعدت به ظروفه وعجز تماماً ولا فرصة لاستغلال السجن بالجلوس فيه إلى ما شاء الله لأن التنفيذ المدني لا يقتصر على تسديد قيمة الشيك نقداً وانما بالتصرف في الممتلكات والعقارات من قبل المحكمة… فنرجو إن كان من تعديل أن يذهب هذا المنحى وكان الله يحب المحسنين.
كل من يطالب بتعديل هذه المادة من جنائية الي مدنية هو شخص يتأبط شراً ويريد كل مال الناس بالباطل .. يبقى الوضع على ما هو عليه والمتضرر يلجأ للقضاء وشكراً اخي جمال على حسن أحسبك رجل حقاني ونظيف والله حسيبك .
من بروج للتعديل هم المحتالون انفسهم،لقد افقر هؤلاء المحتالين كثير من الناس و استولوا على مالهم،بعضهم هرب لخارج السودان و البعض اختفي عن الاعين،و قليل منهم داخل السجن،اخر معاول هدم السودان هو التلاعب في العدالة و سيطرة النافذين و المحتالين على اموال الناس بالباطل،و استقلال الثقرات القانونية،عانى الاقتصاد المحلي قبل اصدار هذا القانون من لصوص الشيكات الطائرة و الكمبيالات،مع ان الاموال المنهوبة بواسطة الشيكات الطائرة موجودة عند اقرباء هؤلاء المحتالين و غالبا تتم المساومة بالنتازل عن جزء من قيمة الشيك،من يسعى لتغيير هذه المادة يعد متواطئ مع هؤلاء اللصوص،فليبقوا الي الممات و برضو يوم القيامة الحساب ولد
النظام المصرف الحالي هو أس البلاء ، يحتاج إلى إصلاح المعروف اليوم هو سهولة اغتناء دفتر شيكات بل يمكن للبنك أن يأخذ توقيعك على شيك يحرره للشخص لعملية مضاربة و مرابحة، المطلوب وضع ضوابط مشددة لإصدار الشيكات ويحدد سقف للرصيد لعملاء البنك الراغبين في التعامل بالشيكات
وتحدد العقوبة لمن يحرر شيك بدون رصيد أو بغير التوقيع المعتمد فقط والدائن يلجا للقضاء المدني
النظام المصرف الحالي هو أس البلاء ، يحتاج إلى إصلاح المعروف اليوم هو سهولة اغتناء دفتر شيكات بل يمكن للبنك أن يأخذ توقيعك على شيك يحرره للشخص لعملية مضاربة و مرابحة، المطلوب وضع ضوابط مشددة لإصدار الشيكات ويحدد سقف للرصيد لعملاء البنك الراغبين في التعامل بالشيكات
وتحدد العقوبة لمن يحرر شيك بدون رصيد أو بغير التوقيع المعتمد فقط والدائن يلجا للقضاء المدني