وزير الأوقاف السوداني الأسبق : لن نتجه إطلاقا لأي حكم ديني لأن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية،

وزير الأوقاف السوداني الأسبق د. يوسف الخليفة أبوبكر:الحدود في الإسلام سوط نعلقه لإخافة الأولاد لا لضربهم
كتب: القاهرة – أحمد فوزي
جهود وزارات الشؤون الإسلامية محدودة في مجال تعريف الآخر بالإسلام
المناهج الدينية في بلداننا العربية والإسلامية تحتاج إلى مراجعة لنبذ التعصب من حياتنا، هذا ما اكده الوزير السوداني الأسبق للشؤون الدينية والأوقاف، أستاذ علم القراءات بجامعة إفريقيا العالمية د. يوسف الخليفة أبوبكر، الذي يرى أن جهود وزارات الشؤون الإسلامية محدودة في تعريف الغرب بالإسلام، ومقصرة في الاهتمام بالجاليات الإسلامية بالغرب? «الجريدة» التقت د. أبوبكر خلال زيارته للقاهرة وكان هذا الحوار:
* كيف ترى وضع تدريس المواد الدينية في بلداننا؟
– نحن في حاجة دائمة إلى مراجعة مناهج اللغة العربية والدراسات الإسلامية في التعليم العام، لأنه من الشائع راهنا أن مادة العلوم الدينية أو الدروس الدينية صارت غير محببة للطلاب، ما أدى إلى اضمحلال الثقافة الإسلامية لدى النشء.
* في رأيك ما سبب ذلك؟
– ثمة أسباب عدة منها وسائل التدريس التي يشوبها الرتابة والملل، لذا يجب تدريس هذه المواد بوسائل جاذبة للطلاب، مثل الوسائل الإلكترونية، أيضاً يجب تدريس مختارات من الآيات والسور التي يحتاجها المسلم في تعامله مع الآخرين وآيات التهذيب، لأنها تعمل على نبذ التعصب واحترام الآخر بدلاً من التركيز على تدريس الأجزاء الثلاثة الأخيرة من القرآن الكريم.
كذلك نجد تكرارا في ما يقدم من علوم دينية مثل مسائل الفقه في المراحل التعليمية، ونحن في حاجة إلى مراجعة هذه المسائل، خاصة أن هناك أسئلة كثيرة معاصرة تواجه المسلم، وينبغي أن تكون لها إجابة في المناهج الدينية بالتعليم.
* هل معنى ذلك اننا نفتقد ثقافة الحوار مع الآخر؟
– نحن لا نعرف كثيرا عن الأديان الأخرى، ولابد أن يكون للمسلم ثقافة حول الأديان الأخرى حتى نعرف حقيقة وضع الإسلام بين هذه الأديان، ونظرة الآخر للإسلام حتى نوضح له حقائق ديننا بشكل صحيح.
* هل الإسلام حض على هذا الحوار؟
– القرآن من أوله إلى آخرة حوار مع الآخرين، وأعتقد أن مؤتمرات الحوار سواء الإسلامي-المسيحي أو العربي-الأوروبي تعطينا فرصة طرح وجهة نظر الإسلام من المشكلات المعاصرة.
* هل أثمرت هذه المؤتمرات إيجابيات لصالح الإسلام؟
– أعتقد أن الاحتكاك القائم بين الغرب والإسلام أوضح الكثير عن حقيقة الإسلام، وهناك إقبال على التعرف على الإسلام، وإن حاولت حكومات الغرب منع شعوبها من الانفتاح على الإسلام فالوسائل الإلكترونية الحديثة يسرت ذلك.
* إلى أي مدى تقوم وزارات الشؤون الإسلامية بدورها في الانفتاح على الآخر؟
– في الفترة التي كنت فيها وزيرا للشؤون الإسلامية في السودان كانت هناك جهود محدودة لتعريف الإسلام للآخرين، لكن أعتقد أن الأمر يحتاج إلى جهود كثيرة منا لتقديم أنفسنا للآخر.
* لماذا الإسلام دائما متهم بأنه يفرز فكرا إرهابيا؟
– أولا الإسلام في تاريخه لم يفرز إرهابا أو إرهابيين، وقد يكون السبب في ذلك عدم الفهم التام للإسلام، كذلك سياسة الغرب، لاسيما الولايات المتحدة، مع الإسلام والمسلمين تؤدي أو تشجع على هذا الإرهاب، خاصة بعدما أحدثته من تغريب للفكر الإسلامي خلال استعمار البلدان الإسلامية، وفي العصر الحاضر يساند الغرب السلطات الدكتاتورية في بلادنا، ويساند إسرائيل في تأييد ما ترتكبه من تصرفات عدوانية، وكل هذا نما روح الجهاد التي يطلقون عليها إرهابا.
* هل الدول العربية متجهة نحو الحكم الديني في ظل الثورات الدائرة راهنا؟
– لن نتجه إطلاقا لأي حكم ديني لأن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية، لكننا نفتقد العدالة، وأنا مع التوسط في تطبيق الشريعة الإسلامية، وأعتقد أن الأسس التي تقوم عليها حياتنا كمسلمين فيها تطبيق لما يقارب 90 في المئة من تعاليم الشريعة الإسلامية، أما الحدود في الإسلام فاعتبرها مثل السوط نعلقه لإخافة الأولاد لا لضربهم، والرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يميل إلى عدم تطبيق الحدود، فروح الإسلام هي ما يجب أن تحكمنا.
* ماذا عن دور المؤسسات الإسلامية للقضاء على الفكر المتشدد؟
– داخليا نحتاج إلى الحوار، والزمن كفيل بتغيير أفكار الناس، ونجد مثلا السلفيين كانوا في الماضي أكثر تعصباً لآرائهم مما هم عليه راهناً، فالفكر السلفي يتطور وفي سبيله إلى التفاهم أو التداخل مع الفكر المعتدل، ويجب نشر فكر الوسطية في الإسلامية، لكن مع تأكيد أن الظلم الداخلي والظلم الخارجي هو الذي ينمي هذا التطرف.
* بالتأكيد هناك تحديات تواجه الثقافة الإسلامية راهنا، ما أبرزها؟
– في الوقت الحاضر، أعتقد أن أبرز هذه التحديات هو الغزو الفكري وضعف الهوية، خاصة في ما يتعلق باللغة العربية والثقافة الإسلامية، ونحن في حاجة إلى حماية اللغة العربية والحفاظ عليها، لأن التغريب اللغوي يصل بنا إلى التغريب الفكري، فتنقطع الصلة مع ثقافتنا الإسلامية أو يتراجع الاهتمام بها أكثر مما هي عليه الآن.
* كيف ترى اهتمام الدول الإسلامية بجالياتها في الغرب؟
– هناك تقصير كبير من هذه الدول بجالياتها في دول الغرب، وهذه الجاليات تحتاج إلى اهتمام واسع خاصة من ناحية الثقافة الإسلامية، وضرورة استحداث مواد إسلامية أو ما يعرف بفقه الأقليات في الغرب بما يتناسب مع الحياة هناك.
* التواصل بين الدول الإسلامية ضروري لتقوية التلاحم الإسلامي، إلى أي مدى يتحقق ذلك واقعياً؟
– ليس هناك انفتاح كامل بل تواصل بشكل محدود من خلال ما يعقد هنا وهناك من منتديات ومؤتمرات، ويجب أن يكون هناك انفتاح حقيقي أكثر من ذلك، وهذا دور يجب أن تقوم به المنظمات الإسلامية لكنها لا تقوم بدورها كاملا، لعدم وجود ميزانيات، نظرا إلى عدم اهتمام الدول العربية والإسلامية بدعم هذه المنظمات ماديا، لتفعيل دورها داخل المجتمعات الإسلامية.
* كونك أستاذا لعلم الأصوات والقراءات بجامعة إفريقيا العالمية، هل هناك إقبال على تعلم قراءات القرآن؟
– قراءات القرآن كثيرة، والقراءة السائدة الآن في العالم العربي والإسلامي كله رواية حفص عن عاصم، في ما عدا شمال إفريقيا فهم يقرأون القرآن برواية نافع، والسودان تسود فيها ثلاث روايات لقراءة القرآن هي: رواية حفص، والدوري عن أبي عمر ابن العلاء البصري، وورش عن نافع، لكن الآن تغلبت عليها رواية حفص، لأنها أصبحت هي السائدة في العالم الإسلامي.
عموما هذه القراءات انحصرت في الأماكن والمؤسسات الأكاديمية فلابد أن يتخصص بعض الناس في كل القراءات كتراث فقط، لكن من الناحية العملية نجد أن رواية حفص هي السائدة الآن في القراءة بنسبة 99 في المئة، وهي التي وحدت المسلمين، وأتوقع أن قراءة ورش السائدة في شمال إفريقيا وقراءة الدوري السائدة في السودان ستنحصران في المجالات الأكاديمية أيضاً.
* هل يوجد تعاون بين الوزارات المهتمة بالشؤون الإسلامية في بلداننا؟
– التعاون بين وزارات الشؤون الإسلامية في الدول العربية والإسلامية محدود، فوزارة الأوقاف مثلا في السودان صار دورها محصورا في الحج والعمرة والأوقاف، وأحيانا في التعليم الديني، والتعليم الديني أصبح مضيقا عليه من قبل التعليم المدني، ولذلك صار دورها شبه معدوم في التأثير على المجريات الثقافية في البلاد العربية، ومن هنا يجب التركيز في الفترة المقبلة على خلق تنسيق حقيقي وفاعل بين هذه الوزارات في الدول العربية والإسلامية.
الجريدة
اتقي الله كيف تقول ان الرسول ص كان يميل الي عدم تطبيق الحدود
الصحفي ممتاز ..والأسئلة موضوعية
لم نعد نقراء كثيراً مثل هذا