الدولار.. من الذي يبتلعه

هناك شيء غير مفهوم تماماً في حكاية تصاعد سعر الدولار بهذه الوتيرة المتسارعة، ففي الماضي وحتى وقت قريب كانت نظرية إغراق السوق بالدولار وضخ كميات منه تؤدي مباشرة إلى انخفاض أسعاره في السوق الموازي ولو مؤقتاً.. باعتبار أن الأزمة كانت أزمة ندرة وجفاف.. وكان الناس حتى 2011 يشبهون حال أسعار الدولار بلعبة السلم والثعبان.. لكن هذا الأمر اختلف تماماً الآن إذ انفصل السلم عن الثعبان فأصبح الدولار صاعداً على درجات سلم الصعود اللا نهائي بينما يتجول الثعبان تحت هذا السلم ليسدد لدغات مستمرة وقاتلة لكل الوعود والتوقعات والسياسات التي تقترب من مدخل هذا السلم وتحاول اللحاق بالدولار والسيطرة على الأمور.
لم يعد الدولار يمارس لعبة (السلم والثعبان) أو (الليدو) في زمان (البلي استيشن) و(الأسكوتر الذكي) وسينما ال (12 D)..
لم تعد سياسات بدر الدين محمود وبنك السودان (تاكل عيش) في هذا الزمان فكلما يضخ كميات من الدولارات يبتلعها السوق الأسود دون أن يحتاج حتى لتناول كوب ماء بعد ابتلاعها .
قبل شهرين بدأ بنك السودان ضخ مائة مليون دولار كدفعة أولى لمحاصرة المضاربين وسد احتياجات القطاع الخاص وتغطية أرصدة المصارف بعد أن استلم البنك المركزي بعض أموال الودائع الاستثمارية من بعض الدول الشقيقة.. تلك الودائع المعروفة للجميع لكن للأسف لم تنجح هذه الإجراءات في كبح جماح الارتفاع الحاد لسعر صرف الدولار والعملات الأجنبية أمام الجنيه السوداني في السوق السوداء.. ألم أقل لكم إن الأمر غير مفهوم.. أين تذهب كل هذه الدولارات ومن الذي يبتلعها بهذه السهولة؟
لست أنا وحدي الذي لا يفهم السبب بل أكاد أجزم أن واضعي السياسات الاقتصادية ومنفذي هذه الإجراءات أنفسهم لم يكونوا يتوقعون أن تفشل هذه الإجراءات وهذه الأموال الضخمة التي ضخوها في كبح الدولار الذي لم يتراجع ولا سنتاً واحداً ..
نعم هو (أخد وقفة)، قصيرة جداً بمقدار ما يكفيهم من وقت لابتلاع هذه الأموال الضخمة ثم عاد بحماس جديد منطلقاً نحو أرقام عالية جداً .
الأمر مخيف حقاً وهذا الذي يحدث الآن يكفي تماماً لليقين بضرورة إيقاف هذه الخطة الفاشلة وإسعاف الأمر بإجراءات جديدة عاجلة جداً تخفيفاً للآثار الخطيرة التي تنعكس على الاقتصاد.
تحدث معي أحد المقاولين في مجال البناء أمس وقال لي إنه ذهب للمغلق صباحاً وطلب فاتورة لكمية من سيخ التسليح وبعد نصف ساعة فوجئ بصاحب المغلق يهاتفه ويطلب منه أن يضيف مبلغ ألف جنيه زيادة على الفاتورة التي بطرفه لأن أسعار السيخ زادت..!
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. لا ادعي انني اعرف الاجابة على سؤالك عميق المغزى ولكنني ازعم ان ورق الدولار الاخصر قد اصبح مستودع القيمة متقدما على الجنيه المتصدع غير المأمون وعلى العقارات التي قال الطفيليون انها لاتصدأ ولا تأكل البرسيم كنايةعن محافطة الارض على قيمتها دون تكاليف او مصاريف ولكن البكماء بدأت تفقد قيمتها على عكس ما قالوا للناس واخذت بالونتها تطرشق تحت ضغط العرض المتزايد وركود الطلب بسبب ايقاف التسهيلات الائتمانية لمشتري العقار والسيارات من جانب بنك السودان وهنالك نزوح مستمر نحو مصر والخليج يتم تمويله بتحويل الجنيه والعقار الى دولارات وهنالك كثيرون يزعمون ان ضخ الدولار من جانب البنوك هو خدمة تشجيعية للراغبين في الهجرة او الاستثمار في الخارج وبينما نتعب رءوسنا بالتفكير في هذا الامر وامثاله هنالك اعلانات سودانية تدعونا للاستثمار قي فنادق الخليج زطبعا ليس بعل بلادنا البالغة السهولة وانما باصعب العملات

  2. لا ادعي انني اعرف الاجابة على سؤالك عميق المغزى ولكنني ازعم ان ورق الدولار الاخصر قد اصبح مستودع القيمة متقدما على الجنيه المتصدع غير المأمون وعلى العقارات التي قال الطفيليون انها لاتصدأ ولا تأكل البرسيم كنايةعن محافطة الارض على قيمتها دون تكاليف او مصاريف ولكن البكماء بدأت تفقد قيمتها على عكس ما قالوا للناس واخذت بالونتها تطرشق تحت ضغط العرض المتزايد وركود الطلب بسبب ايقاف التسهيلات الائتمانية لمشتري العقار والسيارات من جانب بنك السودان وهنالك نزوح مستمر نحو مصر والخليج يتم تمويله بتحويل الجنيه والعقار الى دولارات وهنالك كثيرون يزعمون ان ضخ الدولار من جانب البنوك هو خدمة تشجيعية للراغبين في الهجرة او الاستثمار في الخارج وبينما نتعب رءوسنا بالتفكير في هذا الامر وامثاله هنالك اعلانات سودانية تدعونا للاستثمار قي فنادق الخليج زطبعا ليس بعل بلادنا البالغة السهولة وانما باصعب العملات

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..