أخبار السودان

تذاكي .. لكنه ليس مضمون النتائج دائماً !

الفرق كبير بين استخدام الذكاء في استشراف ردات الفعل قبل وقوعه .. وبين التذاكي الذي هو الإستهبال بعينه والذي يوقع صاحبه في الورطة فينطبق عليه مثلنا الشعبي الذي يقول .. جاء يتفولح جاب ضقلها يتلولح !
واضعو الإستراتيجيات في دوائر القرار لدى الدول التي تحكمها الحرية واحترام ارادة الأمة و التي تدرس كل صغيرة وكبيرة حول أي إجراء قبل إتخاذه .. فهي تتوخى دائما أسلوب إطلاق بالونات إختبار الرأي العام الداخلي إن كان الأمر محليا محضا أو تقوم بتجميع الأصداء الخارجية في حالة أن له أبعاداً إقليمية أو دولية ..فمثلا إذا أرادت دولة ما أن تخطو خطوة في هذا الإتجاه أو ذاك ..فإنها توحي لسفيرها في إحدى الدول البعيدة فيطلق تصريحا بنية دولته حيال كذا أو كذا .. وبناء على ردة الفعل إن كانت إيجابية من الجهات المعنية فإنها تمضي في إتخاذ قرارها دون تردد بعد أن تصبغ عليه الشرعية من المؤسسات الدستورية الحقيقية وليست الصورية كما هو عندنا .. اما إذا كانت ردة الفعل سلبية وقد تتأتى بنتائج عكسية فإنها تنفي ما صرح به سفيرها و تقول ببساطة أن ما جاء في تصريحاته هو رايه الخاص الذي لا يعني دولته في شي!
ما تفعله حكومتنا الآن فيما يتعلق بمعالجة ردة الفعل الطلابية العنيفة والقوية حيال فضيحة نيتها تفريغ أو بيع المقر التاريخي لجامعة الخرطوم وتضارب التصريحات بين الوزراء المختصين أو الذين حُشروا في المشكلة وبين نفي مجلس الوزراء إنما هو التذاكي الذي لايخرج عن سياسة التخبط التي تدار بها بلادنا .. حيث أن الحكومة في النهاية وبغض النظر عن ردة الفعل سلبية كانت أم إيجابية فإنها من قبيل إدمانها لعبة إستغباء الرأي العام تلك ستفعل ما بيتت له النية ولو بعد حين .. فقط هي تنتظر أن يهدأ الغبار قليلا وستمضي في سياسة .. الجمل ماشي !
لذا فإن الشارع السوداني العريض بكل قطاعاته مطالب بتوخي الحذر بأن لا يترك هؤلاء الشباب مكشوفي الظهر أو أن تستفرد بهم قوى البطش الضلالية لكسر شوكتهم أو التنكيل بهم في المعتقلات التي بدأت من جديد تفتح أفواهها الوحشية لإلتهامهم باعتبار أن هبتهم ليست مسنودة من الشارع الذي تظنه جماعة الحكم غافلا عن الحدث ..وهم الفتية الجسورين الذين سدوا الطريق أمام إستهداف مؤسستهم التعليمية الأم في السودان والتي تمثل أصالة تاريخنا المعرفي والعلمي الذي ضرب الأفاق و أتخذ له موقعا متقدما بين جامعات العالم .. قبل ان تطال تعليمنا يد التخريب التي تسعى الى تجهيل مجتمعنا ليصبح مغيبا عن إدراك ذلك التردي المريع في حياتنا .. ليس على مستوى التعليم فحسب بل في كل مناحيها !
ولعل الصمت على كل ما فعلته دولة الإنقاذ على مدى سنيها العجاف هو ما حفزها على إدمان تلك السياسة في غياب ردات الفعل التي كانت ستجعل مسئؤلي هذه الدولة يحسبون الف حساب قبل كل خطوة في كل ما إتخذوه من قرارات عشوائية عادت بالدمار على كثير من ممتلكات الوطن والشعب التي كان لها صيتها و فعاليتها على المستوى الإقتصادي والمعنوي !
فالمزيد من عدم اللا مبالاة الشعبية تجاه خطورة نتاج هذه السياسة الإحتقارية التي لا تقيم للرأي العام وزنا في وجود مؤسسات تشريعية شكلية ومقلمة البراثن و في فمها ماء المخصصات وحوافز الإسكات .. بالطبع فإن كل ذلك لن يجعل جامعة الخرطوم الأخيرة إذا ما مر الأمر وفقا لآهواء تجار
( الحتات والميادين )
الذين يعوزهم الذكاء .. ولكنهم بكل أسف يمررون كرات تذاكيهم من بين خطوات غفلتنا المرتبكة وتوهاننا في غمرة مشاغلنا و مصارعة مصاعب الحياة التي أوجدوها نهجا يبتلع سحابة يوم الناس ويدفع بهم مهدودين الى جوف الليل الطويل الدامس !

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..