جقود قائد من مدرسة جون قرنق

لا تميل نفسى الى مدح الأحياء من الناس خاصة القادة فى مجال السياسة حيث أشعر بشئ من النفاق فى هذه الزاوية على الرغم من أن العلامة الكبير المرحوم بروفسير عبد الله الطيب وهو رجل لغة ودين نفى النفاق فى مدح الآخرين إذا كان صادقا ونابعا من القلب وليس من ورائه غرض أو تحقيق منفعة شخصية، إضافة الى ذلك فمن لا يشكر الناس لا يشكر ربه.
حقيقة دائما ما توثرنى السلوكيات السودانية الأصيله وتجعلنى أتوقف عندها وأطرب لها كدرويش فى حلقة ذكر بل أحيانا تتساقط غصبا عنى دموع الرجال عند مرورى على مثل تلك المشاهد، التى لا تتساقط فى مواقف قد تبدو اصعب واشد.
تلك المواقف مثل التى كتبت عنها ذات يوم الكاتبة الكويتية “ثريا العريض” مقالها عن السودانيين بعنوان (الذين لا يصدأون) أرى من الواجب إستعراض بعض مما ورد فيه ، لأذكر (الطغمة) الفاشلة والفاسدة والمجرمة والقاتلة بمقال كتبته قبل ايام قلائل كاتبة كويتيه أخرى تطالب فيه الرئيس المصىرى (عبد الفتاح السيسى) بضم السودان الى مصر وهى معذورة لأنها لا تعرف تاريخ السودان ولأن بعض من أهله ينفون عنه سيادته للعالم ذات يوم ولأن (النظام) الحاكم الآن لا يجعل إنسانا يصدق بأن هذا البلد كان سيدا للعالم وجعل الفتوحات العربية الأسلامية تتوقف عند أبوابه تقبل بأتفاقية (صلح) بعد أن كانوا لا يعرفون غير (فتح) الدول الأخرى كغزاة يفرضون عليهم دينهم ويسبون نسائهم مثما يفرضون عليهم الجزية عن يد وهم صاغرون.
مع الكاتبة الكويتية الأخيره رغم جهلها وجورها الف حق طالما نظام و(رئيسه) أجبرا جزء من شعبه أن يتنكر لوطنه وأرضه وأن يروج الى أنه ينتمى الى بلد آخر وهم يرتدون العمامة والصديرى ويسفون (التمباك) ويقولون للطماطم (بنضوره) وينطقون (القاف) بطريقة لا ينطق بها غير السودانيين واليمنيين وحدهم فى كل الدنيا ويتحدثون لغة (بلهجة) يحتاج شعب البلد الذى أختاروا الإنضمام اليه ، الى (مترجم) حتى يفهمون لغتهم العربية لا (البجاوية) الأصيلة.
أستاذن القارئ الكريم لإستعراض فقرات من مقال الكاتبة الكويتية (ثريا العريض).
“صديقة أجنبية .. زوجة لدبلوماسي تتنقل معه في بلاد الله الواسعة .. قالت وقد آن أوان السفر.. “سوف ننتقل الى السودان … وقد عشت في تونس وعمان والعراق قبل السعودية … أما السودان فلا أعرفه.
أنتم في البلاد العربية تتشابهون كثيراً وتختلفون كثيراً.. لا أجد ما يجمعكم في البلد الواحد ولا في المجموع .. لا أدري إن كانت تجربة الماضي تفيد في التنقل بينكم”.
قلت لها صادقة:
“ستحبين السودان .. وأكاد أجزم على ذلك وربما لقناعة في نفسي .. نعم قد لا يكون السودان في رخاء البلاد الأخرى التي عشت فيها .. ولكنه غني بروحانيات خاصة”.
وكتبت:
“لم تتح لي زيارة السودان ولكني عايشت الكثيرين من أبنائه وبناته متغربين للدراسة أو العمل في بقاع مختلفة من العالم تمتد من بلادنا العربية الى أمريكا وأوروبا..
وأستطيع أن أقول عنهم ما لا أستطيع أن أقوله عن أي جماعة أخرى منا : لم أجــد في التعامل مــع أي منهم ما أفقدني احترامي له شخصيــاً أو لأبناء بلــده”.
وكتبت:
“وجـــدت في الزملاء والزميلات من السودان ذلك الشعــور بالمسؤولية والرغبـة في القيــام بالواجب على الوجه الأكمل .. ووجــدت فيهم الطيبـة دون غبــاء .. والاعتزاز بالنفس دون غــرور.. واحترام الآخــرين دون تذلل .. ومعــرفة حـدود حقـــوقهم وحقـــوق الآخـــرين.. لهم شخصية مميزة .. شعب عرف الاستعمار ولم يتعــود الخنوع .. وعاش الفقـر ولم بتقمص الذل .. وحفظ انتماءه الى عروبته وافريقيته وإسلامه دون أن يشـرخ ذلك شخصيته الخاصــة”.
وكتبت:
“ستحبين السودان .. لأن أهله .. يحبـــون بعمق .. ويحسون بعمق ويتألمون بعمق .. ولكن أصواتهم تظـــل هادئـــة.. بلد طيب .. يملؤه الناس الطيبــــون.
ربما.. تجدين سودانياً يبستم فقط عنـــدما يتــاج شيئاً منك وينسى ملامــح وجهك حين لا يحتاجـــه.
وقد تجـــدين سودانياً يحلف ألف يمين ليقنعك أنه صـــادق وهو يتكلم بلسان مقسوم .. وقد تجدين سودانيـــاً يرتشي ويختلس ويسرق ويهــرب من مسؤوليــاته أو يتلاعب بصلاحياته.. ولو حـــدث ذلك .. يا سيدتي .. فستكونين قد التقيت ظـــاهرة نادرة بينـــهم.. لأنهم حقاً شــــرفاء .. ولا ينسون ذلك”.
وكتبت:
“مثلك درت العالم عدة مرات وزرتُ بلاد الجهات الأربع .. عربية وغير عربية .. فوجدت أن ابن البلد أطيب في بلاده منه في خارجهـــا .. ربما يتأثر بالهــواء الملوث فيصدأ بعض معدنه .. ربما هو دفاع عن النفس في مواجهــة الغربة”.
ثم كتبت فى الآخر:
“لا أستطيــع أن أقول لك أنني عايشت السوداني داخل حــــدود بــلاده.. ولكن إن كان مثل من عرفت منهم خارجهــا .. فسوف تحبين السودان والسودانيين ..أكـاد أجزم أنهم من معــدن أصيل لا يصدأ”.
بعد هذا الكلام الذى يطرب ? وربما أفتقدنا الكثير منه ومن حق البعض أن يتحفظ على جزء منه – أدلف لموقف إنسانى وأخلاقى ورجولى لا يصدر الا من (سودانى) اصيل، ذلك هو الموقف الذى بث فى شريط فيديو تيوب وتناقلته مواقع التواصل الإجتماعى لقائد جيش الحركة الشعبية (جقود)، يخاطب فيه عدد من اسرى (النظام) من كل جهات السودان، فى أبوة وأدب وإحترام وصدق واضح فى كلماته يقول لهم ما معناه: “لماذا تأتون لتقتلوننا وتتركون عصابة الخرطوم تسكن القصور والعمارات العالية وأنتم واهليكم لا تتمتعون بأبسط ضروريات الحياة”؟
ثم طمأنهم بأنهم لن يمسوا بسوء ولن يصيبهم ضر لكن عليهم الا يفكروا فى الهرب حتى لا تجدهم قوات الحركة فتقتلهم بإعتبارهم مقاتلين وقال لهم أنتم محظوظين لأنكم لم تقتلوا فى المواجهة مثل باقى رفاقكم وتأسف لأن نظام الخرطوم يرسل شبابا صغار سن مغرر بهم ومخدوعين بأنهم يقاتلون (مجاهدين).
إنتهى كلام القائد (جقود).
با لطبع لا يشرح لهم (النظام) الكاذب أنهم يقاتلون سودانيين اصلاء، أدبياتهم ومنهجهم لا يميز بين دين ودين آخر أو بين ثقافة وثقافة أخرى، وأنهم يؤمنون بدولة (المواطنة) التى تسع الجميع، بالطبع لو قال لهم ذلك لما حملوا السلاح ضد أخوانهم الذين من بينهم المسلم والمسيحى والكجورى.
ثم كرر لهم القائد (جقود) مرة أخرى قائلا ، أطمئنكم بأنكم لن يصيبكم مكروه حتى نسلمكم لمنظمة الصلييب الأحمر لتنقلكم الى أهلكم سالمين وعليكم الا تعودوا مرة أخرى لقتلنا وذكرهم بأن القائد الراحل المقيم / جون قرنق، عند توقيع إتفاقية السلام فى عام 2005 سلم نظام الخرطوم عددا كبيرا من الأسرى، بينما لم تسلم الخرطوم (للحركة) أسيرا واحدا!
شتان ما بين فكر وثقافة وسودانية (جون قرنق) و فكر وثقافة ومنهج ومرجعية (سيد قطب).
ذلك كان حديث القائد السودانى الأصيل (جقود) خريج مدرسة (جون قرنق) فى الأخلاق والوطنية .. وفى الجزء الثانى من ذلك (الفيديو)، عرض حديث للمجرم الهارب من العدالة (أحمد هارون) وهو يوصى (مليشياته) فى السابق قائلا :(قش أكسح امسح)، مضيفا (ما تجيبو حى)!
رغم ذلك يكذبون ويقولون أن المحكمة الجنائية الدولية لا تستهدف الا الأفارقه وحدهم والسودانيين خاصة.
سبحان الله بعض من اشد الإرهابيين فى نظام الكراهية والإبادة والتمييز العرقى والدينى والثقافى، ينتمون للهامش بل كانوا يعملون فى سلك القضاء رجالا ونساءا.
تاج السر حسين ? [email][email protected][/email]