مقالات سياسية

في رِقَّة الحَاشِيَة ..!

?نحن نستورد أدوات المدنية، لكننا لا نتعامل معها بشكل حضاري? .. مالك بن نبي ..!
الإنجليز هم أكثر خلق الله بروداً.. كلمة واحدة، باردة، خاوية، لا مبالية، قد تكون مجمل رد الفعل الذي تحصل عليه من أحدهم جواباً على عبارة طويلة، دسمة، مليئة بالانفعالات! .. اللكنة الإنجليزية (تشنق) نهايات الحروف على عتبات الكلمات، وتتركها تتأرجح فوق نهايات مفتوحة، تمنحك – بتواطئها مع خواء النظرة وبطء لغة الجسد ? شعوراً بالخمول والسلبية! .. ومع ذلك فـ الإنجليز هم أعنف المشجعين في كرة القدم، وأكثرهم إثارة للشغب، وهم ــــ فوق ذلك كله ــــ أكثر شعوب الأرض إفراطاً في السكر، وابتكاراً وتفنناً في مفردات السُّباب..!
أما اللبنانيون فهم أكثر شعوب البلاد العربية رقة، الرجل والمرأة عندهم يتحدثان بذات الرقة والتهذيب الذي يستأذن المحاور قبل إبداء الرأي .. (إذا بدَّك).. (إذا بتريد).. وإذا حدث وتأملت في طريقة الكلام وإيماءات الجسد التي يتحدث بها المواطن اللبناني العابر أمام كاميرا أحد برامج استطلاع الرأي، فلن تجدها تختلف كثيراً عن طريقة الوزير أو الفنان أو الصحافي!.. فعند جميع اللبنانيين ــــ على اختلاف طبقاتهم ــــ يتوافر دوماً ذات الحد الأدنى من الثقة بالرأي والاعتداد بالنفس..!
فـ اللهجة اللبنانية هي شبيهة اللغة الفرنسية بين اللهجات العربية، هي لهجة أنثوية ذات مخارج لدنة، وزوايا منفرجة، وفيها استخدام لطيف للشَدَّة ـــ بفتح الشين ـــ عند نهاية الكلمات، وتعاقب أنيق وبديع للحركة والسكون في نهايات الجمل! .. الأمر الذي يقف بكلام المتحدث منهم على تخوم الشعر، ويمنح أذن المستمع شعوراً بالراحة، حتى وإن كان مضمون حديثهشراً مستطيراً ..!
إنما، وعلى طريقة تناقض الشخصية الإنجليزية.. وعلى الرغم من مظاهر الرقة تلك، لا تستطيع أكثر الشعوب العربية جلافة في الشخصية، وخشونة في إيماءات الجسد، ووعورة في اللغة، أن تنافس (لبنان) في تاريخها الدامي مع العنف الطائفي والسياسي! .. ولا تستطيع الشعوب العربية مهما فَجَرَت في خصوماتها السياسية أن تقدم قائمة تبز قائمة شهداء السياسة اللبنانية..!
أما السودانيون؛ فـهمـــ وعلى العكس من الشعوب التي ظاهرها الرقة وباطنها الشدة ــــ يضمرون الرقة وحلاوة المعشر ويظهرون العشوائية والجلافة، فلا يحصدون ما يليق بهم من تقدير بين شعوب العالمين، وتلك لعمري آفة رسمية وشعبية كبرى ..!
من السودانيين مواطنون يحتاج مقدمو البرامج الحية ـــ في كل مرة ـــ أن يتوسلوا إليهملكي ?يوطِّوا? صوت التلفزيون، وفيهم حجاج ومعتمرون تعني إقامتهم المديدة كابوساً للسلطات في بلاد الناس، ومنهم مسافرون عشوائيون يكلفون ضباط الجوازات ـــفي مطارات خلق الله ـــ عناء توبيخهم على تجاوز الخط الأحمر قبل أن تحين أدوارهم ..!
لذلك تجدنا نعوِّل على اختلاطنا بالآخر في هذا الصدد، نعول على دور الممرضة الفلبينية في تقليل نفايات ومخلفات زوار المستشفيات،نعوِّل على بصمة الوجود الأجنبي في تقليص مساحات ?ونسة الباب?، نعوِّل على أثر العمالة شرق الآسيوية في انخفاض مستويات (الرمتلة) قرب ?ستات الشاي? وبالتالي معدلات استهلاك السجائر ..!
والأهم من ذلك كله أننا نعوِّل على رومانسية المسلسلات التركية في التخلص من عادة السواك على عتبات البيوت، والبصاق في الأسواق .. بل لعل الله يكرمنا بتكثيف حضور الجالية اللبنانية في السودان فنصاب بعدوى برقة الحاشية، وتشيع فينا جمل مليحة على غرار .. ?لو سمحت ? .. و?حضرتك? .. و?كلك ذوق? .. بدلاً عن هوي يا جنا.. أسمعني هنا.. وعاين لي جاي ..!

آخر لحظة

تعليق واحد

  1. الاستاذة / إبنة ابو زيد

    أنت والله أديبة ، لغتك تشبه خريجي آداب جامعة الخرطوم زمان نشتم فيها عبق عبدالله الطيب وعبير علي المك واسلوب الطيب صالح، فهي مموسقة ونحن نرفع القبعة لهذة الكاتبة التي تذكرنا بالدكتور مرتضى الغالي صاحب أجمل عمود مقروء لما فيه من رصانة لغة وإقتباس ينم عن ثقافة عالية فلك التحيه استاذه منى ابوزيد .
    أما جلافتنا وعوارتنا إن شئت فحدث ولا حرج وأسألي نافع علي نافع ومخزونه من الدراب بتاع الريف الجواني رغم إنه يحمل حرف الدال قبل اسمه.

    وبعدين أخوي مابرضه الحقاره وعينو حمره وشراره والنار ولعت بي قلبي بتطفيها نخليها لمنو . وكيف نقولا باللبناني تخيلي ذلك.

    أذكر لاعب كرة سوداني أظنه اسامة الثغر الذي عاش في لبنان فترة طويلة لما كان بيحكي لبناني شوبدك خيو وبتكلمني لي إليي ضحكوا عليه في برنامج تلفزيوني وسخروا منه وظنو الولد ماتمام يعني مكسور أو طاعم كما الرجال الطباخين النسونجية .

  2. لا تؤاخذيني هذا من اكثر المقالات التي هيجت بها غضبي ليس منك انت بل من الواقع السوداني الذي يحيط بمن هم بالداخل والخارج على السواء لا لشئ لان شعوب سطحية خاوية ليس لديها عمق وثقافة اهل السودان وعراقتهم ووجد ذلك الشئ كل هذا الاحتفاء من قلمك ذلك الشئ بالطبع له اهميته وتميزه ولكنه ليس كل شئ. صدقيني انا لست حانقا عليك وبالعكس معجب بكل ما تكتبين واصدقك القول اتمنى مثلك ان يتخلص السودانيين من كثير من سلوكياتهم السالبة ولكن …. المقارنة تؤلمني لان اعرف داخل كل منا انا والاخر .. شكرا.

  3. يجب أن تقراء هذه المقاله مع مقاله لاحقه لمودموزيل منى أبو زيد بعنوان (فجر السعيد)في نفس هذا الموقع بالنسبه لى براها وقعت معاى!! وبدل يا ست البنات تضيعى وقتك في مهاجمة فجر السعيد مش كان من باب اولى تسألى (السيد رئيس جمهورية السودان) بتاعك ده!! وتكى على بتاعك ده شديد، وين (المشروع الحضارى بعد أكثر من ربع قرن)كلامك في اللبنانين اليست له علاقه بالحضاره والتحضر وبالتآكيد المودموزيل عندما وقع الانقلاب وتشرفت برئيس جمهورية السودان الفرحانا بيهو وطايره بيهو السماء ده؟!! مره آخرى تكى على ده شديد جدا ما يفلت منك قطع شك وقتها هي كانت تحبو او (بترضع) ثدى الست الوالده او تلهو وتلعب ولم يتثنى لها أن ترى السودان وأين كان موقعها وموضعها من الحضاره الجد البتفتش عليها اليوم بين شفاه اللبنانين ثم جاء (الانقااااااذ وضاع كل شيء يا بنتى ويا عزيزتى وأخذنا جميعا ثم هرول بنا للخلف سنيييين عدددا الى بحاااار الظلماااات وإذا كانت هناك دوله أخرى غير الصومال دخلت معنا في منااافسه العدو للخلف السما قريب لما استطاااعة أن تنااااافسنا نا نا نا، فهمتى يا بطتى ولا ازيدك ؟!!.

  4. أصبتي كبد الحقيقة بمقالك الواقعي الصريح ..
    أتمنى أن تواصلي بذات الوضوح في نقد سلوكيات الشخصية السودانية عسى أن ينصلح الحال و يتعلم هذا الشعب السلوك الحضاري والكلمة الجميلة ويدرك معنى التحضر والسلوك الراقي ويتخلص نهائياً من آفة الجلافة والبداوة والعنترية القبيحة ..
    كل الإحترام والإعجاب أستاذة منى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..