وداعاً الأستاذ..عثمان ضمرة

بسم الله الرحمن الرحيم

لا أدري من أي زاوية أبدأ الكتابة عن عزيزنا الذي شق علينا نعيه..أمن زاوية مهنية بوصفه زميل عمل لعقدين من الزمان .. أم من زاوية نقابية وهو عضو إتحاد المعلمين المركزي قبل تخريب العمل النقابي ..أم من زاوية إنسانية ..لما عرف به في هذا المجال ..أم كصديق قلما يجود الزمان بمثله..؟ فقد كان الراحل عجينة من كل هذه ..وكان في كل ذلك نسيج وحده..فمهنياً كان المعلم القامة..مهاب الجانب شجاع الرأي سديده..يتحسب الجميع قبل الدخول في أمر يعارضه ..لا سطوة لكن وضوح رؤيته ..وعدم خوفه فيما يرى من حق لومة لائم ..مهما كان حجم مواجهة ..مديراً أكان أم وزيراً أم والياً..فالكل كان ينتظر موقفه إذا ادلهمت الأمور..كان يستشار وهو بعد معلم في مدرسة كسلا الثانوية بنين من إدارة المرحلة بالولاية..لما اكتسبه من العمل النقابي من خبرات..وفيه كان إبداعه الحقيقي ..فقد تسلم رئاسة فرعية المدرسة في إتحاد المعلمين في المدرسة عندما كانت تعج بضخام المعلمين ..فما كانت الهجرة وقتها إلا بإعارة .. والتكتلات السياسية والمهنية تكاد تعصف بوحدة هيئة التدريس ..فتمكن من إزالة كل الاحتقان والتناقضات بين شباب متطلع وقامات تربوية من قدامى المعلمين ..عبر توحيد مكان الإفطار والرحلات الترفيهية المختلفة وبمد العون من صندوق خيري ..ولا أنسى يوم ذهبنا له بمساهمة الصندوق في مناسبة مما كان يساهم فيها الصندوق قد دارت دورتها لتحل عنده..فتأثر قائلاً ..ما وضعت نفسي يوماً في موضع الذي سيستفيد من هذا الصندوق بل كنت أريده جسماً كونته لمساعدة الآخرين لوجه الله ..فلم يقبل إلا تحت إلحاحنا الشديد..كان مكتبه في المدرسة قبلة للمعلمين للأنس والنقاش.. كيف لا وهو القارئ المثقف..وضحكته المجلجلة تملأ أرجاء المكتب..فجاء معلم العربية المرحوم جعفر ليبادره بالمثل العربي ( المورد العذب كثير الورود) وصدق فقد كان عذباً موردا..وقد ظل هذا الأمر يلازمه حتى عندما صار مديراً عاما للتعليم ..فكل المشارب تتجمع عنده..وكل أجيال المعلمين تجد مكاناً في دائرة اهتمامه..وكل العمال يعرف لهم مدخلاً للحديث والهزار معها..فيسأل أبا فاطمة وهو خفير وشهر الصوم على الأبواب ..وهو يعرف أنه لم يحظ بهداية على يد علي بيتاي.. حتصوم ؟ فيجيبة ضاحكاً.. عمرك شفت أدروب سمى ولده رمضان !!؟ فيبادره بالمقولة الطريفة المنسوبة لقبائل الهدندوة الأصيلة في كسلا.. التكارين جابوا الشقاوة والرمضان في كسلا ..
كناية على كد القبائل الأخيرة وصرامة التزامها بالصوم..
لقد تكاثرت عليه أخطاء الأطباء فبتر أصبع قدمه جراء مضاعفات السكري ..ثم رجله الأخري ..ومع ذلك ظل مواصلاً لزملائه ما استطاع ..وفارق الحياة في القاهرة بضمور في كليتيه..فتجمعنا نحن زملاؤه من كسلا وحلفا لتلقي العزاء فية..فلئن اصبنا جميعاً في فقده فإن فقد الأستاذ عبد المنعم عبد الرحيم وصلاح ..سيكون كبيراً لكونهم قد تجمعوا في العاصمة في السنين الأخيرة..ولا أنسى يوم هاتفته قبل شهرين بأنني في أمدرمان وأنا في طريقي إليه ..وبعد وصولي بدقائق فاجآني بالحضور الوسيم..فقد طلب منهما المجئ دون إخبارهما ..اللهم يا واسع الرحمة ..أسبغ عليع من رحمتك وتقبله عندك في مقعد صدق ..وما ذلك عليك بعزيز..ولا نقول إلا ما يرضي الله..إنا لله وإنا إليه راجعون.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..