أخبار السودان

نهج الإسلام السياسي … رافعة السقوط الداوي ..

الفرق شاسع والهوة واسعة بين القوانين و التحوطات والإجراءات التي تصدرها المؤسسات الشرعية الخالصة في الدول التي تحترم التعددية و حق تداول السلطة مع غيرها بالإحتكام الحقيقي لارادة الأمم وذلك ضمانا لصيانة كرامة مواطنيها حينما تكون هي من صلب كرامتها ..وبين تلك التي ترتجلها حكومات الوجهة الواحدة و الفكرة المتحجرة لتتخذها كدروع واقية لها في حد ذاتها و تفصلّها على عجل وهي المتخبطة في دروب فشلها لتحتمي خلفها كأدوات قمعية باطلة ولكنها تغلفها بشرعية زائفة من لدن مؤسسات تشريعية صورية والكل خائف من غضبة ذلك المواطن متى ما بلغ سيله الزبى وفاض غبنه فوق معايير الصبر علي منظومة الحكم الفاشلة برمتها!
فالأولى تظل قوانيناً مثل الجدار السميك الذي تتكسر عنده أجنحة الرياح الظالمة ويتبعثر ريشها لانه يمثل بسط العدل بين الناس ومن ثم سيطرة الدولة على مقاليد الأمور مسترشدة بإشراك أمتها لا تجاوزاً لها .
أما الثانية فهي نصوص هلامية مثقوبة المتون بل تكون كالأسلاك الشائكة الصدئة التي يسهل عبرها مرور العواصف الحارقة نحو من نشرها حول نفسه إرتداداً الى نحره وقد تأخذه في طريق خُطاها ولو أسالت الدماء في سيقان الثورة الهائجة أو إنغرست في الوجوه فلا يهم كل تلك التضحية بالأذى عندما ستتساوى عند أهل الثورات الباسلة في لحظة غضبتهم خيارات الموت ببسالة أو الحياة تباهيا بالعزة في موازنة إنسانيتهم المهدرة بالظلم!

فالأزمة الحالية بين إفلاس الحكومة وتخبطها في محاولات علاج بل مدارة والتستر على معضلاتها الاقتصادية الخانقة بعدم الحكمة واحتقان الشارع المغبون منذ زمن .. لن تقف عند تبعات زيادة أسعار الغاز أو تداعيات أزمات الجامعات التي باتت تغلى كالمراجل و ستجر معها حتما ً المزيد من تراكمات الغضب الشعبي كما توقعنا غير مرةٍ ولعلها بدلا عن التوجة للمعالجات المنطقية المبنية على مواجهة الحقائق الماثلة بالصدق مع الشعب .. يبدو أنها ستتضاعف من أطماع التحالف بين اهل السياسة المنزلقين غوصاً في لجج الفشل وأصحاب المال المنتفعين بخراب بيت الوطن وأهله وستدفع بشبابها المضلل والآرعن الى واجهة الأحداث ليكونوا ركوبا على ذريعة الجهاد الباطلة خصما للشارع كله.. وستمضي بحماقتها المندفعة حتما الى مربعات أخرى ستطعن في لحم المواطن الحي الذي لم يعد فيه مساحات للمزيد من التحمل !
وذلك يبدو جليا من إصرار وعدم مبالاة أو استخفاف النظام وحزبه و من يشايعونه من أولئك المنتفعين أو المغيبين عن الوعي بالمسئؤلية الجنائية و بكل ما هو حاصل ويقود البلاد الى عمق الوحل المريع !

فالمؤشرات كلها تقول ان فكر الاسلام السياسي الذي شكل رافعة للإنقاذ وتركها في علو شاهق من الورطة دون أن يفكر لها في سلالم الهبوط الذي يجنب الوطن السقوط الداوي معها الى حضيض التفكك .. إذ أن اهل ذلك الفكر الضحل لازالوا يتمادون بنرجسية مفرطة في غيهم المدمر وكأنهم لا يشعرون بخطر تلك العاصفة التي قد تهب عليهم في أية لحظة ولعل مقدماتها قد بدأت تطل براسها ، فنجدهم لازالوا يرتمون في أحضان النظام بالتقرب المريب ودعاوى الركون الى التحاور السياسي و المجتمعي المفضوحة النوايا وهم المرتبين بخداع الكل لاعادة تاريخهم السي في استعداء الشارع احياء لشعارات الجهاد التي أزهقت أرواح الشباب الذي غرر به بتلك الفرية التي كشفها بجلاء واقع الحال وهم يفعلون ذلك حفاظا على ما اكتسبوه من سحت بالنفاق وليس لتوريث هؤلاء الأجيال من خُدّج تنظيمهم الآيل للآفول نظاما اسلاميا قويما ً في بلد ما مزقت أوصاله الا رؤيتهم العشواء و خطل نهجهم الاقصائي الذي جعل الناس يتقيأون كلما سمعوهم يكررون في سماجة الضيف الثقيل المكروهة تلك الشعارات التي أو صلتنا الى ما نحن فيه !
ولابد انهم سيدفعون الثمن يوما ما، فلكل ظالم نهاية ولو تحصن في أبراج عالية..
إن إغتيال الطلاب الناقمون بالإنابة عن شعبهم بدم بارد من خلف ستور التحريض السلطوي وبحماية أمنية مكشوفة لجحافل كتائب الجهاد المغيبة الوعي وطنيا وسياسيا لن يزيد هؤلاء الشباب إلا حماسا .. فقد طفح الكيل بما لم يترك مجالا لفرضية إستمرار التفريط في بقية الكرامة التي سعى لها هؤلاء المتحكمون في الرقاب طويلا .. !
لقد حفرت هذه الجماعة لذاتها بيدها حينما جعلت من منسوبيها مليشيات إتخذت من حرم الجامعات وقدسية بيوت الله داخلها سوحا لتصفية الشرفاء و مخازنا لآدوات القتل .. وهو أمر لطالما حذر منه عقلاء هذه الأمة و مثقفوها و حتى النبلاء من أعضاء هيئات التدريس الذين يهمهم في المقام الأول ان تظل الجامعات ُدورا منزهة من الغرض السياسي الضيق لجماعة بعينها أو لنظام محدد ومدرجات لتحصيل العلم لا منصات ودروات إعدام لحصاد الأرواح ..!
وليعلم الذين حفروا لهذا الوطن حفرة السوء ان القوة لم تحم كل الطغاة الذين فاخروا بها .. فخروا ساجدين حيال إنهيارها أمام نبرة الحناجر الغاضبة وقوة السواعد الفتية وسخط النفوس الآبية ..ومن لا يعي دروس الذين ذهبوا بكل قوتهم الى مزابل الزمن مقبورين أو مكبلين .. فلن تنجيه الشعارات التي ما عادت تثقب طبلات المسامع وقد باتت تنصت لصوت حقيقة ذاتها الذي تولد من تفاقم القهر وطول امد المعاناة !

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..