فصول فصل الصحفيين.. ما أشبه الليلة بالبارحة..!

في يوم 15يوليو 2012 و في نهار شديد الحرارة ونحن نستعد لإستقبال شهر رمضان ونجهز في عدد الغد بصالة التحرير في صحيفة السوداني،تم استدعاؤنا لاجتماع مفاجيء في مكتب رئيس التحرير ضياء الدين بلال ،كان اجتماعا مريبا ،لأنه لم يجمع كل المحررين ولا رؤساء الأقسام فقط،بل جمع بعض رؤساء أقسام وبعض المحررين .
تأكدنا بأن هناك شيئا يُضمر لنا وأعتقدنا أن ضياء الدين يريد التخلص من بعض المحررين ،فعقدنا العزم على مناهضة أي فصل لمحرر ،خاصة وان معظم المحرريين يتقاضون أجورا ضعيفة ،اتفقنا سريعا أنا والأستاذة إنعام الطيب والدكتور أنور شمبال على الدفاع المستميت عن المحررين ورفض فصل أي محرر،ولكن كنا مثل “ديوك المسلمية”،فالبصلة التي يتم تحميرها كانت لنا ، في أكبر مجزرة شهدتها الصحافة السودانية .
وبدون أي تمهيد أخبرنا ضياء الدين أن الصحيفة تمر “بظروف صعبة” ولذلك سيتم التخلص من العمالة الفائضة ،رغم أن رئيس مجلس الإدارة جمال الوالي أكد في ذلك العام أن الصحيفة حققت ارباحا كبيرة وسددت ديونها وأعلن عن تبرعه بنسبة من الأرباح للعاملين في العام التالي،كما أنا حقوق الذين تم فصلهم كانت تعجز عنها أي صحيفة في وضع مالي جيد ،ناهيك عن “تمر بظروف صعبة”!
هكذا وجدنا أنفسنا عمالة فائضة ابتداءا من محجوب عروة صاحب الجريدة وناشرها السابق ،والأستاذ نورالدين مدني ،وإنعام محمد الطيب والصادق الرضي الذي كان يشارك في مهرجان ثقافي بلندن ضمن عشرات الأدباء الذين فازوا بجائزة نوبل وكان يوصف في ذلك المهرجان بأنه “رئيس القسم الثقافي بصحيفة السوداني”ورغم ذلك تم تصنيفه “فائض عمالة”،وشردت معنا مجموعة طيبة من الزملاء .
لقد بدأ مسلسل تطفيشنا منذ أول يوم وطأت فيه أقدام الإدارة الجديدة لمكاتب الصحيفة ،فتثاقلنا،لكن البعض لم يحتمل وغادر منهم الزملاء طارق عثمان وعادل كرار الذي وجد نفسه بلا مهام رغم خبرته الطويلة ،لكننا صمدنا وتحملنا كثيرا من الأذى المهني و”المرمطة” الصحفية.
ضمت المجزرة 15من العاملين ونشر خبر الفصل بصحيفة الشرق الأوسط واعتبر قضية رأي عام ،وكنا نعلم سبب الفصل لأننا كنا ?ولازلنا- سدنة للمهنية العالية،ولا نقبل بأي مساس بالتقاليد المهنية ،وكان اجتماع التحرير في السوداني ?قبل أن تؤول لجمال الوالي ?يثير الرعب ولا مجاملة حتى لمحجوب عروة نفسه.،ووصلت السوداني في ذلك الوقت لأعلى درجات التوزيع وتكالبت عليها السلطة وتآمر الجميع عليها.
ذهبنا واستقبلنا شهر رمضان وبعده عيد الفطر المبارك ،ولم نذكر ضياء الدين أو غيره من إدارة السوداني لا بخير ولا بشر وتفرقت بنا السبل و وحققنا نجاحات في كل صحيفة عملنا بها وعن نفسي الآن أكتب في صحيفة تصدر في لندن وتطبع في خمس عواصم وتوزع في كل قارات العالم.
الآن يتكررنفس السيناريو”وقع الحافر على الحافر” مع زملاء أعزاء يتميزون جميعا بأنهم يقولون “لا ” في الموضع الذي يجب أن تقال فيه ..و يالسخرية القدر فقد تم تشريدهم على أنغام “اليوم” العالمي لحرية “الصحافة” فما اشبه الليلة بالبارحة…!
امر مؤسف ومحرن ان يكون حال السلطة الرابعة فى عيدها العالمى
شكرا صلاح
شهادة للتاريخ