دولة الفيس بوك

صار الفيس بوك دولة بكل ماتعنيه هذه الكلمة ، وصارت الأحزاب السياسية ترفع دعاوى قضائية لانحياز الفيس بوك لحزب أو لجهة سياسية أو ترفع دعاوى من الحكومات ضده ﻷنه يعطي أولوية لوسائل إعلام دون أخرى ، الناس يلجأون إلى القضاء ليحد من السلطة الدكتاتورية المطلقة ﻹدارة الفيس بوك ، الفيس يتدخل في منشوراتك ، يحذف ، ويؤكد ، يمحي ويثبت ، ويفرض عليك مواقف سياسية ضد او مع بعض الأحداث العالمية ، يقتحمك تجاريا بالعديد من الإعلانات التجارية ، ولديه شرطة طوعية ، تتمثل في رفع المتطوعين لتقاريرهم ضد بعض الصفحات والصور والمواضيع التي لا تتفق مع مزاجهم أو مواقفهم أو الآداب العامة . الفيس يمنح عضوه جنسيته ويمنحه قطعة أرض بها جدار يعلق فيها العضو أوهامه وأحلامه وماضيه وحاضره ومستقبله ومواقفه السياسية والدينية والاجتماعية ويبحث ويكون تحالفات افتراضية . ويخوض العضو حربه الشريفة أو القذرة ، ويناهض أعداءه بكل وقاحة أو بكل أدب ، وقد تقفز هذه المواقف او التحالفات من العالم الافتراضي للفيس الى العالم الواقعي كما قد حدث إبان الربيع العربي أو ما يحدث من قتل بعض الاعضاء بسبب نشرهم على الفيس بوك ، هذه الدولة المسماة الفيس بوك ، تكشف عن حقيقة واضحة وهي أن البشر ماعادوا يكترثون للواقع بل يحيون خلف العالم الافتراضي ولا يربطهم بالأول سوى الوجود الفيزيائي باحتياجاته الطبيعية. إن دولة الفيس بوك تمنحك جيوشا ومليشيات وأصدقاء وأعداء وشرطة ومحاكم وفوق هذا كله الجرأة والشعور بالأنا والذات ، إنها دولة ترضي الشعور بالأنا والعظمة وتعالج احباطات الواقع وانكساراته ، إنها تحول كل عضو الى أسد في إطار حدود أراضيه وجداره ، هذا الجدار العجيب .
الخميس 12 مايو 2016