نهاية السلطة الإقليمية أم نهاية السلام في دارفور ووثيقة الدوحة

المتابع لمجريات الأمور فيما يتعلق بالسلطة الإقليمية فأن السلطة التي تم التمديد لها لعام واحد في السنة الماضية قد شارفت إلي الإنتهاء بحلول شهر يوليو القادم. .وقد انفض سامر اجتماع اللجنة المعنية بتنفيذ وثيقة الدوحة والتي تضم كافة الأطراف المشاركة في السلطة الإقليمية من حكومة السودان وحركات دارفور والوساطة القطرية والمراقبين..وحسبما مانقلت الوسائط الإعلامية من الأطراف والوساطة في تصريحات صحفية في الأيام الماضية بأن السلطة ستحل في يوليو القادم وسيتم ايلولة مؤسساتها لرئاسة الجمهورية وتعيين مسئول بدرجة وزير لتنفيذ ما تبقي من مشاريع وملفات السلطة الإقليمية التي لم تنفذ بعد.

إن تجربة السلطة الإقليمية في دارفور تعتبر تجربة فاشلة بسبب الصراعات الاثنو سياسية بين مكوناتها الرئيسية التي نتجت عن انشطار حركة التحرير والعدالة الي مجموعتان تتصارعان علي السلطة والثروة والنفوذ مما ساهمت بشكل كبير في إفشال التجربة وعدم تحقيق الأهداف المنشودة من السلطة الإقليمية كما جاءت في بنود ونصوص إتفاقية الدوحة من سلام واستقرار وتنمية والعودة الطوعية للنازحين واللاجئين وبناء القري النموذجية وخلافه. .ويعتبر غض المؤتمر الوطني الطرف لهذه الصراعات بإستخدامه لسياسة فرق تسد وسياسة (المديدة حرقتني) لزرع الخلاف بين مكونات الإقليم السياسية والإجتماعية ومن ثم تحميل أهل الإقليم فشل تجربتي السلطة الإنتقالية بقيادة مني اركو والسلطة الاقليمية الحالية التي عدها التنازلي قد بدأ. .ولكن للامانة وبكل شفافية قد ساهمت الأطماع الشخصية لبعض القيادات وعدم وعيهم وإختزال الأمور في ذواتهم ومصالحهم الضيقة أضرت كثيراً بقضية دارفور بشكل عام وليست السلطة الاقليمية فحسب. .وبالتالي هنالك أغلبية معتبرة من أهل الإقليم خارج هذه التسويات والتفاهمات التي تتم بين الدولة وأهل دارفور مما تحدث عمليات تهميش داخل الهامش نفسه.

الحكومة والوساطة ظلتا تتحدثان بإستمرار طوال الفترة الماضية عن أن المبادرات ما زالت قائمة لإقناع الحركات الرافضة للإنضمام إلي ركب السلام ..والمشورات جارية لإلتحاق حركتي تحرير السودان والعدل والعدل والمساواة اللتان متوقع وصول وفديهما إلي الدوحة نهاية هذا الشهر للتشاور مع الوساطة القطرية بشأن عملية السلام في دارفور.

كذلك رشحت في الأيام الماضية أنباء عن قرب توقيع حركتي جيش تحرير السودان – الثورة الثانية بقيادة أبو قاسم أمام الحاج وحركة التحرير للعدالة بقيادة الطاهر حجر إتفاقات مع الحكومة بعد مشاركتهما في عملية الحوار الوطني .

لقد شهدت مدينة الفاشر في فبراير المنصرم توقيع إتفاقيات بين حكومة السودان وحركات مسلحة متمثلة في حركة تحرير السودان بقيادة الدكتور صالح وفصيل مسلح بقيادة نور الدين زرقي وحركة العدل والمساواة الديموقراطية بقيادة محمد إبراهيم أزرق.

ولكن من خلال قربنا من ملف الحركات المسلحة في دارفور كمراقبين يتضح لنا بجلاء بأن حركة تحرير السودان قيادة الدكتور صالح حركة لا يستهان بها ومن أقوي الحركات المسلحة في دارفور ما تمتلكها من قواعد جماهيرية عريضة وبالتالي انضمامها إلي عملية السلام يعتبر إضافة حقيقية ومكسب كبير اذا كانت هذه الإتفاقيات تفضي إلي عملية السلام في السودان وبذات القدر يعتبر خصماً عن ميدان الثورة اذا كانت تلك الإتفاقيات مناورات فقط من الحكومة ولا تحقق السلام والتنمية لقواعد تلك الحركات التي جنحت إلي عملية السلام ووقعت بالداخل من دون وساطات أو جهات ضامنة وانما من خلال مبادرات قامت بها أعيان القبائل ورجالات الإدارة الأهلية فمن الناحية الاجتماعية تعتبر قبائل البرتي والميدوب مكونات إجتماعية كبيرة ولها وزنها ولكن دائماً تخرح خالي الوفاض من المؤسسات التي تتشكل بموجب الاتفاقيات وبأسم أهل دارفور وما تسفر عنها من تنمية ومشاركة حسب ما قالها لي قيادات بارزة من تلك القبائل.

في ظل هذا الحراك المتواصل للوساطة وحكومة السودان لإقناع الحركات بتوقيع إتفاقيات مع الحكومة لا نجد أي مبرر للحكومة حل السلطة الإقليمية لدارفورولكن كان ينبغي إنتظار ما يتمخض عنها تلك الحوارات مع الحركات الأخري التي أشرنا إليها آنفا.. وإذا افترضنا جدلا انتهاء الفترة الإنتقالية لسلام الدوحة أو فشلت الحكومة في الوفاق بين جناحي حركة التحرير والعدالة المتصارعتان لمواصلة المشوار فكان ينبغي تسليم زمام الأمور إلي الحركات الأخري التي وقعت إتفاقيات أيضاً في الفترة الماضية مع حكومة السودان ولها قواعدها ووزنها في إقليم دارفور حتي لا يختزل ملف دارفور في شخصيات بعينها أو تنظيمات معينة.

ان عملية السلام في دارفور لا تتحقق إلا عبر مشاركة كل شعب دارفور من دون إقصاء أو تهميش ..ومن خلال مراقبتنا للأمور في دارفور نري أن منح المليشيات وبعض المكونات في الإقليم حصص في التمثيل في الدولة وتأسيس ولايات علي مقاساتها وتهميش مكونات أخري من أهل الإقليم سوف يؤدي إلي ما لا يحمد عقباها وبالتالي يتحتم إعادة الحقوق الي أصحابها بمساواة وعدالة من دون إقصاء أو تضخيم هذا أو ذاك نحو دارفور آمنة مستقرة يسودها الإستقرار والتنمية المتوازنة.
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..