ملل المسرحية .. وسعة قفص المُهرج ..!

ما أدل على طول المسرحية و سماجتها برهاناً أبلغ من ضيق صدر الجمهور الذي تراخت أكفه عن التصفيق وقد كان باردا منذ الإيذان ببدايتها إظلاما لصالة سرقت مفاتيحها ونُصب ديكورها المشوه على عجل و رسم على وجوه ممثليها مكياجا ماسخا تجلت فيه خطوط البهرجة الكاذبة بقدسية السيناريو ووعود النهاية السعيدة لذلك العمل الفطير الحبكة و الذي ظل جمهوره ينتظر نهاية الفرية وهو يتململ فوق مقاعد الإنتظار الخادع المكسوة بوسائد الضجر التي التهبت هي الآخرى من ثِقل الجلسة وتكاسلت معها أجفان النعاس في جنبات ذلك المسرح العجوز ..!
بيد أن من يسمونه بطلا لمسرحية التهريج الطويلة في كل فصولها هو من يضحك على نفسه دون أن يشد الجالسين ناحية تنطييطه راقصا في غير إحترافية ولا موهبة مكتسبة على الخشبة تارة وظل يتصارخ غير عابي بأصول الحركة خارج النص غير المتقن الأداء في غياب المخرج المنظم لهزلية اللعبة المتهافتة مع خفوت الإضاءة التي تتهالك شموعها الدامعة تضامنا مع تثاؤب جمهورها الحاضر الغائب .. بينما الكومبارس يجاملون بطلهم المزعوم بترديد مقاطع النفاق الذي يخنقه الخجل ..فيما هم يهممون بعيدا عنه بأنه قد بات سبباً في فشل العرض ولكن أنى لهم بمن يقبل بهم في واجهة تمثيليةٍ كهذه إن هو خرج من بوابات تاريخهم الملفق و التي أتسعت لخروجهم غير مرة مع اصوات صفير الصالة و ركلات الإحتجاج التي دفعتهم مراراً باحذية الصخب الى مكبات النهايات !
وحينما يظن سجين الخوف من النزول عن الخشبة المتهالكة أن سعة القفص الذي يؤدي فيه دورا فضفاضا عليه ..هي ذروة القبول فهذا ما يدفعه للمغامرة متجولاً بجر حبل القيد الى نهاية القضبان .. وساعتها سيفوق بعد فوات الآوان عند إرتطام رأسة بحاجز محيطه .. ومن ثم سيعي أنه لم يكن حرا في حركته ولا رقيبه كان غافلا عن دورانه فرحا بذلك القدر من محدودية اللف حول مساحة قفصه التي ستتقارب أركانها عليه يوما ً لامحالة .. كلما زحف عليه غبار نقمة ضحاياه من جماهير مسرحيته الساخطة على سذاجة الإطالة التي بدت كرقبة الزرافة ..و الذين ظنهم أضعف من أن يقتحموا حاجز حمايته .. لا لتحريره كما يحلم عن سأم ليله الدامس ولكن ليسلموه لمصيره الذي ينتظرهم عند عتبة صبرهم الطويل وصبره المثيل على مطلوب اصفادهما المشترك !