Wi-Fi سوداني..أسوأ مما تتخيل

بسم الله الرحمن الرحيم

تظل مشكلة تقديم الخدمات ..صداعاً لا ينتهي ونموذجاً صارخاً لفشل الدولة ..وكثيراً ما يكون التعلل بالإمكانات وضعفها..لكن الحقيقة في مكان آخر تماماً..وتكمن في الذهنية أو العقلية التي يصاغ بها العاملون في هذه المجالات..فالموظف أو العامل ..إمبراطور أو على الأقل محسن يذهب إليه طالب الخدمة مستجدياً ..فتعبر الخدمة عن حالته المزاجيه وطبعه الشخصي وتداخلات الواقع الاجتماعي أكثر مما تعبر عن نظام العمل المفروض اتباعه..علاوة على سلبية في غاية الخطورة.. وهي اليقين القاطع بأن انقطاع الخدمة أمر ليس وارداً فقط في حالات طارئة نادره…وتتطلب تحقيقاً ومحاسبة للمسئولين .بل تكاد نسبتها تساوي نسبة سريانها..لهذا ..فما على الجهة إلا تقديم المبررات ..فيكون موقفها سليماً !! وندلل على عدم ارتباطها بالإمكانيات وضعفها..قياساً على جهات تعمل فينا جباية ..وتفرض فينا أسعارها ونذعن في دفعها عن يد صاغرين..وهي الكهرباء والاتصالات..فامتيازات العاملين من رواتب وسيارات وغيرها ..تجعلهم في دولة أخرى قياساً إلى بقية العاملين في الدولة.. ومكاتبها تمد ألسنتها لبقية مكاتب الدولة..ومع ذلك تظل خدماتها تعاني من نفس العلل..
وأستميح القارئ العزيز عذراً لأقدم هنا نموذجاً لهذه العقلية والمعاناة منها ..في طلب تقدمت به إلى مكتب سوداني بحلفا الجديدة..بعد معاناة مع كل أنواع الوسائل..للاشتراك في خدمة ال wi-Fi ..وفور ملء استمارة الطلب..طُلب مني مقابلة مسئول الشبكة لتحديد الإمكانية الفنية..ورغم أن هذه المعلومة..ينبغي أن تكون متوفرة لدى من قدم لي الاستمارة..سايرته وقابلت المسئول..فأوضح أن الخط متوفر لكن العمود الذي يفترض إيصالي به.. فيه عطل..وبسؤالي أوضح أنه سيصان في اليوم التالي..وطلب مني ترك الاستمارة المسجل فيها رقم الهاتف بالطبع وسوف نقوم بالاتصال بك..ذهبت مصدقاً قولهم ..ولك أن تعرف عزيزي القارئ أنه قد مر ما يقارب الشهرين أو أكثر ولم يتم الاتصال..لكنني راجعت المكتب في هذه المدة أربعة مرات..وفي كل مرة أسمع كارثة لا عجباً..فمرة قالوا لي أن الخدمة سيئة حتى بالنسبة للمشتركين أصلاً منذ شهرين ..فلا يمكننا توصيل الجديد !! يا إلهي !! شهران ومسئول التسويق أو من يعادله في مركز الشركة يغط في نوم عميق !!؟
في المرة الثانية ..قدم لي من الشروح والأعذار ما لا دخل لي به..لكن صدمتني جملة قالها مسئول الشبكة .. ( ناس القضارف قالوا قلعنا ليكم كرتين من الخرطوم) ..يا إلهي ..خدمة تسويقية يحتاج تقديمها إلى قلع من المركز!!؟ والأنكى أن أحد الكرتين قد احترق..لعيب في المقسم !!ولقد طلبنا تيما للصيانة من الخرطوم..ومتى سيحضر ؟ لا علم لنا..!!! فتأمل ..بعدها فكرت في الاتصال بخدمات المشتركين..ففيها في كل الشركات شباب من الجنسين يقابلونك بأعلى درجات التهذيب..وأفادني الموظف بأن الخدمة متوفرة في كل المنافذ..أفدته بما جرى واستأذنني للتأكد..وعاد معترفاً بأن هذا القطاع فيه توقف في الخدمة.. وستنالها حال توفيرها!!! ها هو قد أحالني مرة أخرى إلى( المواعيد الوهم ) !!!..رحمك الله يا مصطفى سيد أحمد.. لكنه أفادني بأنه سيرفع الأمر إلى القسم الفني..وتناسيت الأمر بعد أن تأكد لي أن خلل العقلية لا يمكن إصلاحه هكذا.. حتى بشرني صديق بأن هنالك من تم التوصيل لهم ..ولأنني كنت متأكداً أنه لن يتم الاتصال بي..راجعت المكتب ..ليفاجئني مسئول الشبكة ..بأن العمود فيه ( أرضي شارب لحام ما عارفينه وين!!) ها قد عدنا إلى ما لا يهم طالب الخدمة مرة أخرى.. وأضاف على العموم هنالك تيم صيانة طلبناه من الخرطوم لوجود خطين أساسيين خارج الخدمة..وهل هذا العمود في البرنامج ؟ سنحاول ذلك عند حضور التيم !! بقى أن تعرف أن هذا العمود فيه التلفون الثابت لمدير الشرطة ..وأنه لايوجد في لوحة الإعلانات بالمكتب حتى إعلان بالإعتذار عن الخلل يبين فيه موعد إصلاحه..عفواً القارئ العزيز ..فما أدخلتك في هذه الدوامة..إلا لأصل إلى تأكيد ما ابتدرت به المقال عن هذه العقلية ..أما بالنسبة لإدارة الشركة ..فنسأل.. ما فائدة الشبكات التي تربطكم بأقسامكم إذا لم تمكنكم من متابعة أمر سريان الخدمة في كل المواقع ؟ فأنتم لستم بمنظمة خيرية..إنما استثماركم في الخدمة وتقديمها..وسريانها زيادة في أرباحها ورأسمال لسمعتها حتى إن لم تربح..فهل سمعت بشركة قطارات في اليابان..أبقت على خط هَجَره كل الركاب ..لأن طالبة واحدة تتنقل به إلى المدرسة ..فأوقفته بعد تخرجها؟ وقارنت بين العقليتين ؟ حتى لا تسوء الخدمة ..وأنتم وموظفوكم ترزقون بحرق أعصاب المستهلكين؟

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. التدهور المستمر في أداء الخدمة المدنية في السودان
    يشكل التدني و التدهور المستمر في أداء الخدمة المدنية في السودان والوضع المتردي للخدمة المدنية يمكن رؤيته جليا في تفشي الإحباط و عدم الرضا الوظيفي وتدني الروح المعنوية مما يؤدي إلي ضعف مستوي الأداء و ظهور أشكال من السلوك الوظيفي غير المرغوب فيه كالتغيب و التأخر و التسيب و التراخي و التهرب و التمارض و الإهمال و اللامبالاة و الانتهاكات المتكررة و الواضحة للقوانين و اللوائح و الرشوة و الاختلاس و الابتزاز و التدخل السياسي و تسييس الخدمة و استغلال النفوذ الوظيفي و اساءة استعمال السلطة و المحسوبية و المحاباة و عدم العدالة في الاختيار و التعيين و التوزيع , ضعف التدريب و التوزيع غير العادل لفرصه و انعدام الحياد في التنقلات و الترقيات و الاجراءات التأديبية لمحاسبة العاملين تنبع أهمية الذي تلعبه الخدمة المدنية في تطبيق السياسات العامة للدولة فالخدمة المدنية المبنية علي أساس علمي سليم و التي تعمل باقتدار و فاعلية وكفاءة تعطي مؤشرا لتقدم الدولة و تحضرها و علي النقيض فالخدمة المدنية الفاسدة و المترهلة و غير المنضبطة من سمات الدول المتخلفة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..