عبث وأهواء الحُكّام

في العام 1890 قال روبرت ما كنيزي: “التاريخ
الإنساني هو سجل للتقدم يهدف إلى الحصول على المعرفة، وزيادة الحكمة والتطور المُستمر من مستوى أدنى إلى مستوى أعلى من الخبرة والرفاهية، وكل جيل ينقل للجيل التالي الثورات التي ورثها، أما إنقاذ الإنسانية من عبث وأهواء الحكام الأفراد أمرٌ مَتروكٌ للتعديل السليم للقوانين الملائمة”.
لو أسقطنا رؤية ماكنيزي على تاريخ الإنسانية وحاضها نجد أن مؤشر التقدم والمعرفة والخبرة والرفاهية يتجه بقوة في مساره، إلاّ أنّ غياب الأخلاق في ظل التطور الذي يشهده العالم مخنوق بالعولمة على المستوى الاقتصادي والثقافي والسياسي هدم كثيراً من الآمال الجميلة للعيش في عالم آمن. غياب الأخلاق لدى الحكام الأفراد العابثين بشعوبهم ساهم في استغلال التطور التكنولوجي ليكون أداةً للقهر فاستغلت الدول البوليسية التطور في مجال التسليح، إذاً ليس بغريب أن نشاهد صور الموت في الحروب تحمل كل القسوة وانحطاط القيم الإنسانية التي تمنع الإنسان من امتهان الحرب – نعم الحروب أصبحت لدى الحكام الشموليين مهنة يُمارسونها كأنّما يؤدون واجباً وظيفياً تجاه شعوبهم، (لا بتستريح دبابة ولا بتصدح قمرية) – خاصةً في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا واللتين عجزتا تماماً في السير نحو الديمقراطية التي تنهي حكم الفرد لا يتورع من أن ينهي كل الشعب مقابل كرسي السلطة، لذا تستدعي حكوماتهم عنفها وأمنها في اية معركة مع الشعب وقلما يُـوجّه السلاح لعدو أجنبي بكل أسف قضى امتهان الحروب على أسطورة (أنّ العالم يتجه نحو الأفضل).
في ظل أداء الحكام الشُــموليين لوظيفة الحرب تتراجع فكرة إنقاذ الإنسانية من عبث وأهواء الحكام الأفراد عبر التعديل السليم للقوانين الملائمة، لأنّ المشهد كله يصبح مهزوماً بفكرة الدولة البوليسية وحالات الطوارئ بدعوى الحروب العبثية.
التيار
شكرا استاذة فاطمة.. فالمعنى واضح والمقصود باين وأي افصاح أكثر من كدة يؤدي الى مصادرة عدد الجريدة ومساءلة الكاتبة.