خم الرماد الذى كال حماد

في كل عام عندما تبدأ مجمعات الفقه في دعوة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لتحري رؤية هلال شهر رمضان المبارك، وبينما ينخرط البعض في نشاط محموم لإعداد وتحضير مستلزمات الشهر الفضيل، تجد آخرين يعكفون في نشاط وهمة للتحضير لما يطلق عليه «خم الرماد»، وهو مصطلح معروف حتى لمن لا «يخمون الرماد»، ويعني أن تلتقي ثلة من الأصدقاء والمعارف على وليمة استثنائية يتشاركون تكلفتها، أو رحلة خلوية تتخللها فواصل من الغناء والطرب و«حاجات تانية حامياني» أو غير ذلك من أشكال أخرى يكون الإسراف فيها من الطعام الشهي والشراب حلاله أو حرامه هو الطابع الغالب عليها، ومن المحير أن يطلق على هذه الأشكال الاحتفالية مسمى «خم الرماد»، لما للرماد من معانٍ ومقاصد تناقض تماماً ما هم عليه من بهجة ومسرة، ولا تفسير لذلك غير أن من ابتدروا هذه البدعة كانوا يدركون أن ما يقارفونه خلال ليلتهم الرمادية تلك فيه شيء من الفعل «المرمد» الذي يؤثم عليه مقارفه، وإلا فما من سبب يقحم الرماد في تلك الاحتفاليات، نقول ذلك لأننا لم نعثر على شرح أو تفسير يعلل سبب هذه التسمية، بينما عثرنا على ما قد يردها إلى أصلها ومنشئها، حيث يقال إن الشاعر الجاهلي الفحل الأعشى الكبير المكنى صنّاجة العرب الذي قيل عنه أنه أشعر الشعراء إذا طرب، هو صاحب فكرة «خم الرماد»، وإن لم يسعفه العمر لتطبيقها عملياً. يقال إن الأعشى الكبير حين أدركه الإسلام وأراد أن يسلم تصدى له كبراء المشركين يصدونه عن عزمه فأغروه بالمال ليرجع عما عزم عليه، فقالوا له إن محمداً يمنع الربا، قال لهم الأعشى وما أنا بصاحب مال أخشى عليه، قالوا إنه يحرّم الزنا، قال قد كبرت وما بقيت فيَّ سن لذلك، قالوا إنه يحرّم الخمر، قال أما هذه فلا ولكن أرجع عامي هذا فأرتوي منها ثم إذا كان العام المقبل وفدت على محمد، ولكنه في طريق عودته سقط من ناقته فاندقت عنقه فمات، ويقال أيضاً إن الشاعر البحتري كان من جماعة «خم الرماد» وقد فضحت ذلك بعض أشعاره…
وحول «خم الرماد» في السودان، يُنسب لمولانا عبد الجليل النذير الكاروري إمام وخطيب مسجد الشهيد، قوله إن محافظ الخرطوم في الماضي كان في آخر أيام شهر شعبان يغلق البارات وعددها (114) باراً تبيع الخمور المستوردة بمختلف أصنافها، ولهذا كان من يعاقرون الخمر يحرصون في هذه الأيام على «خم الرماد» من الخمور خلال الأيام الأخيرة قبل حلول الشهر الكريم…
بالأمس أعلن مجمع الفقه أن مجلسه سينعقد يوم الأحد القادم لتحري رؤية هلال رمضان، وعليه ربما يكون يوم الاثنين المقبل هو أول أيام الشهر المعظم وربما يكون يوم الثلاثاء، وعلى أية حال ففي كل الأحوال سواء كان الاثنين أو الثلاثاء هو رمضان، فإن هذا الشهر العظيم ينبغي علينا أن نكرسه لـ«خم الحسنات والثواب» وليس أي شيء خلاف ذلك، فهو شهر للطاعة والعبادة، وقد اختص الله به نفسه حين قال «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»، وحق علينا خلال أيامه الكريمة والعظيمة أن نحرص على «خم الثواب» وليس «خم» الطعام والشراب كما يحدث في الغالب…

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. بعد مايمشو او قل يغورا في ٦٠ مصيبه او قل داهيه ان شاء الله تعالى قبل رمضان٢٠١٧يرجع السودان الى احسن مما كان .دي سنه الحياه دوام الحال من المحال.وأولاد الحلال دائما يحضروا بعد اولاد العفنه

  2. (نقلا عن الفيس بوك)

    خم الرماد
    هو مصطلح يرئ جدا اطلقنه اول ما اطلقنه جداتنا في عفوية وحسن ظن سرعان ما استعاره الاباء والاخوال فيما يشبه الدعابه…فاصبح قول يقال قبل حلول شهر رمضان في اخريات ايام شهر شعبان الذي يسبق شهر رمضان .
    لم يعد له عند حفيداتهن ذكر بينما ظل يتواجد في ذاكرة الاحفاد الذكور وهم يحتفلون بمقدم الشهر الكريم وداعا للهوهم وليالي انسهم الذي غالباماكان يلازمه شرب وهرج…ساعتها لم يكن الشرب ممايتقزز منه او يستنكرونه…فاجدادانا الذين بنو الحضارة العظيمة وشادوا المجد التليد ماكانوا يستعرون منه…وكان الشرب من عاداتهم حتي جاء الاسلام ورغم مافيه ممايزم الشرب ويمنعه الا ان الدين الجديد تصالح مع تراثهم…حتي ان اقوام كان طعامهم ممايسكر لم يبستبدلوه باخر…حتي جاء جماعة اسلام الافك…فاوسعوا العباد تقتيل وذبح…فاصبحوا ظل الله في الارض واصبحت كثير من موروثا تنا رجس من عمل الشيطان وهم يجترحون العن منها واضل…نسوا ان الله يغفر الذنوب كلها عدالشرك به …..ومايومنون اكثرهم بالله الاوهم مشركون.

  3. ليفعل الناس ما يريدون!!
    و هذه الممارسة اسمها الحرية و الحرية قيمة داس عليها المتأسلمون بأرجلهم الماشية في المنكر و الفساد.
    كل ما يفعله السودانيون من مماراستهم الطبيعية العادية أصبح موضوعاً لأقلام مشبوهة
    كقلم الكاتب هذا.
    لا ، و في أمر الحرية نقول ليعتقد الناس فيما يريدون و ليتركوا الدين إن ارادوا و ليعبروا عن معتقداتهم و اتجاهاتهم الفكرية و الإجتماعية تحت حماية الدستور.
    اللهم أزل عنّا كابوس الإسلام السياسي و أعد الرشد لعقول ابناء الوطن من الضالين في درب الإستبداد و الديكتاتورية
    معاً من أجل خم رماد مميز

  4. هاك التفسير دا :
    خم الرماد وين ؟؟
    هذا السؤال سيكون الأكثر طرحا وتكرارا في هذين اليومين ..

    معظم السائلين إن لم يكونوا جميعهم لا يعلمون معنى ومناسبة (خم الرماد) ، بل يعلمون دلالاتها القبيحة ..

    تعود حكاية (خم الرماد ) إلى الزمن الجميل .. (حبوباتنا) يتجمعن في منزل إحداهن قبل أسابيع من بداية شهر رمضان لعواسة الآبري ، ويقسمن الأيام بينهن حتى يتم (تشوين) كل البيوت بالحلو مر ..

    من عادة هؤلاء النسوة ألا يكنسن مخلفات حطب العواسة (الرماد) حتى اليوم الأخير من باب الفخر بالكمية التي حرقنها ، ويحتفين في اليوم الأخير بتناول وجبة الفطور أو الغداء ومن ثم القهوة ، ويقمن بنظافة مكان (العواسة) وكنس الرماد أو (خمه) كما يحلو لهن ، وبخم الرماد يكن قد أنجزن قيمة تكافلية كبيرة وفي ذلك إحياء لثقافة النفير والتراحم والتعاضد وكلها عادات جميلة وأصيلة ..

    غير الجميل وغير الأصيل هو ما أصبح عليه معنى كلمة (خم الرماد) ، وما إرتبطت به من ممارسات احيانا غير مقبوله ..

    مبارك عليكم الشهر وتصومو وتفطرو على خير أحبتي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..