رمضان أقبل .. يا باغي الشر أدبر

إذا كان هناك شاعر (ماجن وعربيد) كما كنت أظن مخطئاً قد قال: رمضان ولىّ هاتها يا ساقي… مشتاقة تسعى إلى مشتاق. فهناك آخر«صالح وعابد» قد قال: رمضان أقبل يا أولي الألباب
فاستقبلوه بعد طول غياب
عام مضى من عمرنا في غفلة
فتنبهوا فالعمر ظل سحاب
وتهيأوا لتصبُّرٍ ومشقة
فأجور من صبروا بغير حساب..
وها قد أقبل رمضان الشهر الفضيل الذي نسأل الله تعالى أن يجعل صيامكم فيه صيام الصائمين، وقيامكم فيه قيام القائمين، وينبهكم فيه عن نومة الغافلين، وأن يعفوَ عنكم العافي عن المجرمين. وإذا كان ذلك هو دعاء البداية فإننا هذه المرة لن نمانع بأن تكون كلمة الختام للشاعر شوقي صاحب رمضان ولىّ هاتها يا ساقي، الذي كنت حسبته قد تزندق وفجر مثل كثيرين لولا مطالعتي لهذه القصة التي حمل نصها صك براءته.. يقول الراوي:
عندما طرق هذا البيت المؤلم مسمعي أول مرة.. تعوذت وحوقلت واسترجعت.. وحسبت أن قائله هو أحد العصاة المدمنين ابتهج بانصراف الشهر الكريم.. ولكن ذُهلت عندما علمت بأن قائله هو أمير الشعراء أحمد شوقي ـــ ما غيره ـــ والذي طالما صافح الأفئدة بقصائده الإسلامية الخالدة فترنمت بها الشفاه عجباً. لست وحدي من ذُهل.. فهذا فضيلة الشيخ محمد الشعراوي في حديث ذكرياته يقول التقيت به مرة واحدة (يعني شوقي)، وكنت غاضباً لأني كنت أحبه وفوجئت يوماً بقصيدة له نشرتها الصحف يوم العيد يقول فيها:
رمضان ولى هاتها يا ساقي… مشتاقة تسعى إلى مشتاق
وكأنه امتنع فقط في رمضان عن الخمر، وكان صعباً جداً بالنسبة لي أن الذي قال هذا في الخمر هو شوقي الذي قال قصائده العظيمة في المناسبات الدينية الجليلة، قلت للشيخ مصطفى البياضي الذي عرفنا شوقي عن طريقه:
لا بد أن أذهب لمقابلة الرجل، وكنت في سن الشباب، فجئنا إلى القاهرة، وكان الشيخ مصطفى يعرف شخصاً يعلم دائماً بالمكان الذي يوجد فيه شوقي، فقال الرجل لنا:
إنه موجود في عش البلبل عند الهرم واصطحبنا إليه وقال لشوقي:
هؤلاء شباب من أشد المعجبين بك ويحفظون شعرك كله، ويأملون فقط في رؤيتك، وعندما التقينا به سألني شوقي:
ما الذي تحفظه عني؟
فعددت له قصائد عديدة، فسألني: ومن الذي دفعك إلى هذا؟
قلت له إن والدي كان يمنحني ريالاً عن كل قصيدة أحفظها لك، فتبسم قائلاً: مرحباً بك
وقلت له: إن لنا عتاباً عليك..
فسألني: فيمَ العتاب؟!
فقلت له ما هي حكاية (رمضان ولى هاتها يا ساقي)..
فضحك شوقي كثيراً.. وقال: ألستم حافظين للقرآن الكريم؟!
قلنا: بالطبع نحفظه.
فقال شوقي: ألا تعرفون الآية التي تقول:
) ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون، وأنهم يقولون مالا يفعلون).
وكان رداً أفحمنا، وبعدها بستة أشهر مات ـرحمه الله…

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..