التدين المنقوص

رمضان كريم، تصوموا وتفطروا على خير، نسأل الله أن يجعله شهر خير وبركة على بلادنا وشعبنا.
نحتاج في هذا الشهر الكريم والمناسبة الدينية العظيمة أن نتفكر أكثر في معاني الصيام وحكمته، أن نغوص داخل المفاهيم ولا نكتفي بملامسة القشور.
الصيام عبادة عظيمة وشاقة، ولست من أنصار أن يهوِّن الناس، وبالذات بعض المشايخ، من مشقتها وتعبها، ولعل ذلك ما يعظم قيمتها عند الله سبحانه وتعالى، فرغم هذه المشقة من الجوع والعطش والإرهاق، يسعد الناس بالشهر الكريم ويصومون إيماناً واحتساباً، وهم يمارسون عملهم وحياتهم العادية، ويتقربون من ربهم بالتعبد والاستغفار.
يحتاج الناس أن يتجاوزوا المظاهر وينفذوا إلى جوهر الأشياء، فيحولوا شهر رمضان إلى موسم للتراحم والإحساس بالآخر، الجائع والفقير والنازح واللاجئ والمريض والمحبوس ظلماً، فيقدمون ما يستطيعوا من صور التراحم والتعاضد.
من المتفق عليه أن المظاهر الدينية العامة في رمضان قد زادت بشكل كبير خلال السنوات السبع والعشرين الماضية، امتلأت المساجد بالمصلين في صلاة التراويح، وبالذات من فئة الشباب والنساء، وكذلك صلوات التهجد في العشر الأواخر، وامتدت المظاهر حتى على مستوى الملابس التي ترتبط بالالتزام الديني عند بعض المذاهب، عند الرجال والنساء. كثرت المساجد حتى صار وكأن الأمر منافسة بين الناس، وكثرت المنظمات والهيئات الدعوية والجمعيات الدينية. كل هذا متفق عليه.
لكن ماذا عن المعاملات بين الناس، هل ارتقى بها الحس الديني حتى صارت أرق وألطف وأكثر احتراماً للناس وكرامتهم وحاجياتهم؟ هل قل الفساد، بكل أنواعه، في البلاد بسبب ارتفاع الوازع الديني فتناقصت حالات الثراء الحرام وأكل مال الناس والدولة بالباطل؟ هل صار الناس يأمنون بعضهم البعض ويثقون بهم بشكل أكبر مما كان؟
الإجابة على كل هذه الأسئلة، مع الأسف … لا، وهذا أمر محير.
من الواضح أن الزيادة حدثت في مظاهر التدين، ولكنها على مستوى جوهر الدين الحق ليست على ما يرام، بل حدث فيها تراجع كبير، وهذا يعني أن لدينا نوعاً من التدين المنقوص أو المشوه. من أقوال الأستاذ محمود محمد طه “إن المتدين الحقيقي يحاول أن يغير نفسه، والمهووس دينياً يحاول تغيير الآخرين”. أظن أن هذه مقولة صائبة وتلخص جوهر المشكلة في بلادنا. تحاول كل الأطراف، الدولة ومشروعها الحضاري السابق، المؤسسات والهيئات والمشايخ والأفراد، كل مشغول بتغيير الآخرين ولا يحاول تغيير نفسه.
يصعد المشايخ على المساجد، فيخطبون ويحدثون الناس عن مآثر السلف الصالح، وعن تعففهم وإيثارهم، ويروون القصص المؤثرة، حتى تسيل دموع الناس “جداول”، ثم يخرج الشيخ ليركب سيارته ذات الدفع الرباعي المكيفة، منطلقاً إلى حيث الزوجة الثالثة، ومكالماته التليفونية كلها تدور حول الصفقات والعطاءات والمنح.
وعدد مقدر من هؤلاء كانوا مسؤولين عن مشاريع ومؤسسات ومنظمات، لو فتحت ملفاتها الآن بشفافية وأمانة لكان مصيرهم السجن. يا هؤلاء، إنشغلوا قليلاً بتغيير أنفسكم وأتركوا الناس ليغيروا أنفسهم.

التيار

تعليق واحد

  1. امين حسن عمر قال في ستينات وسبعينات القرن الماضي كان الناس يقفون صفوف للهاهرات والخمور غي اﻻسواق.
    ﻻندافع عن العهر وﻻ الخمر لكن الصفوف تفرتقت للتنتشار في كل مكان من ارقي اﻻحياء الي الهامش وكل بتمنوا والزواج الشكلي اما الخمور اصبحت حاويات مخدرات وعيييك من الفساد ويكفي انكم وانت بالذات كنت تسكن الجحور واايوم سكنتم القصور مناين اتيت بالمال كنبيع حواشة والدك يوهو علي منتكذب والله اعلم بكل مافلن وامام الديان الحساب ومن القصور اارحلة للقبور والحق انكم تذنبون وامتم في القبور علي نهج شيخكم تنشر اكاذيبه بعد الموت .

  2. ( و من جراء انفصال الدعاة عن الواقع، فقد أصبحت الصور التي تقدم لدار الإسلام > و قيمها > فإن >!!)
    *من كتاب “التدين المنقوص” لفهمي هويدي

  3. امين حسن عمر قال في ستينات وسبعينات القرن الماضي كان الناس يقفون صفوف للهاهرات والخمور غي اﻻسواق.
    ﻻندافع عن العهر وﻻ الخمر لكن الصفوف تفرتقت للتنتشار في كل مكان من ارقي اﻻحياء الي الهامش وكل بتمنوا والزواج الشكلي اما الخمور اصبحت حاويات مخدرات وعيييك من الفساد ويكفي انكم وانت بالذات كنت تسكن الجحور واايوم سكنتم القصور مناين اتيت بالمال كنبيع حواشة والدك يوهو علي منتكذب والله اعلم بكل مافلن وامام الديان الحساب ومن القصور اارحلة للقبور والحق انكم تذنبون وامتم في القبور علي نهج شيخكم تنشر اكاذيبه بعد الموت .

  4. ( و من جراء انفصال الدعاة عن الواقع، فقد أصبحت الصور التي تقدم لدار الإسلام > و قيمها > فإن >!!)
    *من كتاب “التدين المنقوص” لفهمي هويدي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..