وهل يعقلون … في الكبِر !

يقول الشاعر و العالم الصوفي الشيخ جلال الدين الرومي عليه الرحمة وله من لدن الكريم العزيز المغفرة وحسن المأب .
كنت في الماضي أتمنى أن أكون ذكياً لأغير العالم كله ولكني الآن في كبري أبحث عن الحكمة لكي أغيرنفسي !
وهي لعمري ذروة الزهد التي تكون حصيلة عمر الإنسان الذي عرك الحياة وأعتصر من سطور الكتب علما ونورا واستشف من جلسة تواضعه حيال من هم أعلم منه قبس العقول .. ولم يقل أنا من علم .. فحينها تأكد أنه فعلا قد جهل !
فالإنسان قد تبدو عليه أمارة الذكاء وهو طفل .. لكن أقدام التسلط من حوله هي التي تخنق فيه تلك البذرة تحت تربة الجهل فتموت قبل أن تمد راسها لتتنفس هواء التمدد الى أعلى الحياة و تغتسل بشمس العافية لإستمرارية البقاء حتى تؤتي الثمار الناضجة .
مثلما رعونة الشباب بالمقابل فهي الآخرى قد تجرف أحلام يقظة صاحبها إذا ما توهم أنه ملك دون غيره ناصية الفكرة والبيان ..وهو في حقيقة أمره الغائبة عنه في موجة غروره المبكر .. بالكاد لم يجاوز في دروب الثقافة المتواضعة غير محطات التقاط المصطلحات التي لا يعي معانيها أو لم يغادرصدى تشدقه ببضع كلمات لا يدرك حتى مكانها في إعراب الجُمل وتصريف تراكيب الكلام !
فما أروع العودة الى محطة المراجعة بمواجهة الذات بحثا عنها .. حينما يقتنع المرء أنه حري به أن يفعل ذلك قبل أن يذم الآخرين بقصور الرقبة التي لاترقى عنده تحديداً للتمدد مع نمو شعر الغفلة الذي قد يتجاوزها متدليا الى مواضع الخُطى .. وربما ثعثرمشواره في تلك الجدائل المنفلتة وكسرت قدميه ذلك العنق الساذج وهي الآدنى عنه مكانة في قوام الجسد !
لكن ماذا نقول لآناس .. حكموا القوة في العنفوان المصنوع بهرمونات الشطط و عضلات الصخب … فوجدوا في داخل الحلبات وحولها من هو أقوى عنهم تغذية لمنعتهم بكمياء النماء الطبييعي في خلايا المخ لا أطراف الفتوة فحسب !
ولطالما أعلوا الصوت في فضاءات الخواء بالشعارات ولم يفهموا أن زمانها أصبح غابرا خلف سحابات المصالح التي تتنزل على من يفلح أرضه بمعزق التروي والرؤية الثاقبة لمسارات نظراته في خطوط الحقل المرسومة بالدراية قبل السرحان الشاطح الى مساحات بيدر حصاد العجز المزروع فقط بإشارات اللحى ورفع أصابع التمنى والنفاق !
وطوبى لمن ينتظر الُسقيا في مواسمها لتهطل عليه تبعا لترتيبات السماء ..لا أن يمد يديه ليحلبها وهو لن يطالها مهما تطاولت سواعده أو إنجرحت حنجرته بنواح مناداتها الأجوف ..!
وما أغباهم حينما يقول لهم زمانهم الذي تأفف من جهلهم .. ثوبوا الى رشد الحكمة وغيروا الذات .. طالما أنكم لستم في أهلية تبديل حال الآخرين وقد تجاوزتم صفوف النحن واسلمتم عقولكم الواهمة بالتفرد لنزوة الآنا .. التي تساقط رموزها من حولكم .. فقلتم في نزق التكبر و الإستخفاف بمن نصحوكم .. نحن غيرهم والمعصومين ..بحصانتنا التي تلوى عنق العدالة بعيدا عما نقترف من فساد ونغترف من دماء الذي يقول لنا لا !
فهل يعلمون أن من يعجز عن تغيير العالم في إنتفاخ أشداق الفورة الآولى ولا ينظر خلفه وهو يتوسط بحر الإندفاع وقد بدأت أمامه ضفة التراجع أقرب عن مغامرة التقدم الى شاطي الوصول .. ومن ثم لا يغتنم رياح الفلاح التي تلف شراعه ناحية القرار الصائب .. فإنه لا يجب أن يلوم دوامات الغرق وهي تغوص ملتفة بمركبه المتهالك الى قاع أرذل العمر الذي يعيده طفلا غير مستساغ الشكل ولا التصرفات .. فيتمنى أهله قبل غيرهم لكونه بات مزعج التكاليف أن يرحل ..وقد كانوا حينما كان حلوا صغيراً على الأقل في نظرهم فقط و كم تمنوا أن يكبر في أعينهم .. قبل أن يرتد اليهم فيه ظنهم بعد طول المعايشة خائباً !
ولكن أنى كل تلك الدروس.. لمن لا يعون.. ولن تدركهم حكمة الِكبر !
[email][email protected][/email]
هل يا تري يستوعبون ما ترمي اليه ؟ لا اظن انهم يفقهون.
هؤلاء كل ما مبروا ضلوا وزادوا في غيهم وصنعت السلطة والجاهالذي يتعففون عنه غشاوة تكون ساترا بينهم وبين الواقع.