رفقاً بالوطن وإنسانه أيها الرفاق

قال أحدهم: (إن الإنسانَ عندما يكون مادياً لا يَسلم من بطشه حتى الحجارة).
وقد جسد الساسة في جنوب السودان دور السياسي المادي في القرن الواحد والعشرين تجسيداً يُحصدون عليه، وتجلى ذلك في صراعهم الدموي الأخير حول كرسي السلطة الذي حقيقته هو صراع حول (منفعة مادية ذاتية) خاصة بهم دون غيرهم، وقد طال بطشهم حتى الحجر والشجر والبشر على حد سواء، لأن مُدناً مبنية بأكملها دُمرت وسُويت بالأرض، والغابات أُحرقت، والبشر قتلوا وشرّدوا من الديار في ذلك الصراع الذي أفلحت أخيراً جهود الأجاويد والوسطاء في إخماد ناره باتفاقية (فرقاء السياسة) التي نعيش أولى مراحل تنفيذها حالياً، وعلى عكس ذلك فإن السياسة الرشيدة حسب مفهومها البسيط من المفترض أن تكون الغاية منها تحقيق مصلحة أو منفعة مادية جماعية تعود بالفائدة لكل الذين تضمهم الرقعة الجغرافية في الدولة المعنية، وهذا لا يتأتى إلا بتسخير موارد الدولة وثرواتها وتوظيفها من النظام السياسي الذي يحكم توظيفاً صحيحاً، بحيث تتحقق معه المنفعة الجماعية في شكل الخدمات التي يتلقاها المواطنون على قدم المساوة في الدولة، وليس العكس كما يحدث في دولتنا الفتية التي ينقسم النظام الحاكم فيها على نفسه ويكتوي الناس بنيران خلافاتهم حول السلطة.
وكما أسلفنا القول من قبل فإن الفائدة الوحيدة التي حققتها اتفاقية حل النزاع في جنوب السودان هي أنها أوقفت الحرب وحقنت دماء الجنوبيين فيما بينهم، ولا شيء آخر يمكن إضافته لقائمة الفوائد، إذ أصبحت آمال الجنوبيين وتطلعاتهم معقودة على ما بعد الفترة الانتقالية التي سينقضي أجلها بعد ثلاث سنوات، بعدها سيختار الجنوبيون عبر صناديق الانتخابات السلطة السياسية التي تناسبهم، ولكن كيف السبيل إلى ذلك، ولا يزال الخُبث السياسي بين (الرفاق الأعداء) يتصدر المشهد السياسي رغم أنف اتفاقية حل النزاع المبرمة بينهم! وقد مرَّ عليها كثير من الوقت دون أن يتحقق أي تقدم ملحوظ في سبيل تطبيق ما اتفقوا عليه من بنود مضروبة الميقات داخل الاتفاقية.
فالذي أُنجز حتى اللحظة خجول جداً، مقارنة بالوقت الذي قضاه الرفاق منشغلون بالقضايا الجانبية التي لا تمت للتغيير المنشود بصلة، ونخشى ما نخشى أن تطالب الأطراف بوقت إضافي في نهاية الفترة الانتقالية، التي استنفدوا زمنها في أمور انصرافيه غير مفيدة، ويستمر مسلسل الانتقاليات التي ستكون لا أول لها ولا آخر على حساب المواطن الجنوبي المسكين المغلوب على أمره، في حين أن مصالحهم الذاتية وأحلامهم المادية تنمو وتتحق وتزدهر.
ولو يعلم قادتنا السياسيون أن نظرية (الخيرُ يخص.. والشرُّ يعم) لا تخدم قضية بناء الأوطان في شيء، بقدر ما هي تجسيدٌ لحالة الطمع والجشع السياسي في أبشع صوره.. ربنا يكضب الشينة.

وألقاكم

سايمون دينق

تعليق واحد

  1. يُحصدون عليه،

    ليتها صحت وأصبحوا هشيما واتاح الناس من شرهم.

    عنئذ يكونون في حال ( لا يحسدون عليه )

    مستر سايمون قدوا السلك وامشوا الاتحاد الأوربي أحسن ليكم.

    الجامعة العربية لم تعد عربية ولا جامعة كما قال بعص المؤسسين.

    الاتحاد الإفريقي خبا بموت مؤسسه والجنائية ملاحقة قادته.

  2. بالوقت الذي قضاه الرفاق منشغلون بالقضايا الجانبية.

    منشغلين : حال منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..