علّموهُم المحبة

خطرفات ذاتية
في البدء نثني على الخطوة التي قام بها رئيس الجمهورية باصداره أمراً للجيش بوقف اطلاق النار في مدينة جوبا؛ وقد سمعنا ان النائب الاول لرئيس الجمهورية فعل المثل بقواته ايضاً وكلها خطوات محل اشادة وتقدير وثناء من كل وطني محب للسلام ، وخاصة وأن الرئيس قد أكد مجددا عزمه على مواصلة مشوار تنفيذ اتفاقية (حل النزاع) المبرمة بين حكومته والمعارضة المسلحة والاطراف الاخرى، هذه الخطوات رغم انها جاءت متأخرة ولكنها خير من ان لا تأتي.
نأسف غاية الأسف للاحداث الأخيرة التي فقدت فيها البلاد أعز أبنائها من كل الاطراف، كما لا يفوتنا أن نتقدم بأصدق وأحر التعازي لكل أسرة فقدت عزيزاً لديها خلال الأحداث الدامية التي لا فائدة تُرجى منها غير حصد المزيد من الندم والحسرة والخيبة التي ستعيدنا (لا قدر الله) إلى المربع الأول بعد أن كُنا قاب قوسين أو أدنى من تجاوز مرحلة الحرب ولعناتها إلى فضاءات السلام والأمن والاستقرار، يتغمدهم الله جميعاً بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته ودعواتنا بعاجل الشفاء لكل مصاب وجريح طريح الفراش في المستشفى، نسأل الرب أن يعجل بشفائهم.. آمين.
حتى نكون صادقين ومتصارحين مع أنفسنا كجنوبيين، وليس كقبيلة معينة أو إثنية من الإثنيات، يجب أن نقر أن تلك الأحداث المنكرة والمؤسفة التي لازالت تدور في مناطق مختلفة في البلاد بما فيها العاصمة جوبا رغم أنف (اتفاقية حل النزاع) المبرمة بين الأطراف، هي نتيجة للضغينة والغبن والكراهية التي غرسها الساسة (وطامعي) السلطة في بلادنا في نفوس جنودهم، إذ باتوا ينظرون إلى أشقائهم في الوطن والدم على أنهم أعداء أزليين لا يمكن لهم أن يعيشوا سوياً في بيئة واحدة، ويبدو أن درجة الغبن والاحتقان الناتجة عن الشحن العنصري السابق قد تجاوز التوجيهات السياسية والتعليمات العسكرية التي أصدرها قادتهم في سبيل أن يدوم السلام، فشخصي الضعيف كان شاهد عيان لاولى الاشتباكات المسلحة بين القوات الحكومية وقوات ال التى جرت قبل خمسة ايام في حي (قوديلي) والتي أدّت تبعاتها الي الكارثة التي نعيشها حالياً، وقد تجلى عنصر الكراهية وضغينة احداث سابقة وروح الانتقام في تلك الحدث واتت رياحه بما لا تشتهي سفن قادتهم السياسيين، وعليه كان لا بد لــ (الحُوَار أن يغلب شيخه) ويتصرف على مزاجه لينفرط عقد الأمن وتعيد الكرة نفسها من جديد.
لا اود تحميل جهة بعينها دون الآخرى مسؤولية الاحداث بقدر ما نريد تأكيد حقيقة واحدة وهي أن القوات العسكرية التي يفترض لها الوجود في جوبا أو في أي مكان آخر في البلاد بموجب اتفاقية تسوية النزاع في جنوب السودان هي الخطر الحقيقي للاتفاقية المبرمة بين الاطراف، وتحتاج إلى عمل ومجهود جبارين من قبل القائمين على أمر تلك القوات، وهذا بتأهيل عناصرها واعدادهم اعداداً جيداً ليواكبوا التغيرات التي طرأت على الساحة السياسية في البلاد وهذا بأن يزرع فيهم روح المحبة والإخاء وتبصيرهم بفوائد السلام والوئام والعيش المشترك في أمان وانسجام مع إخوتهم في الدم والوطن، وينزع عنهم روح الكراهية والفتن والاقتتال، فإذا كان ساستنا يريدون السلام حقاً فأمر تأهيل الجنود الذي أهملوه أقل كلفة كثيراً مقارنة بتكلفة الحرب والدمار، وأهم من بند تقسيم الوزارات والمقاعد البرلمانية الواردة في الاتفاقية والذي أصبح الشغل الشاغل لساستنا مؤخراً، فالحرب جُربت والكل يعرف نتائجها وعواقبها، ولا أحد في قواه العقلية يتمنى عودتها من جديد، وأي نفس بريئة فقدت خلال الأيام الماضية حتى تاريخ أمس القريب سواء كان من طرف عناصر قوات المعارضة أو الحكومة او المواطن الذي سقط ضحية في الاحداث، فكلها أنفس عزيزة على الوطن وكان بإمكانها أن تساهم في الإعمار ودفع عجلة التنمية والازدهار في البلاد.
ما او قوله للقادة السياسيين في البلاد هو ان سوء الادارة الذي لازم خلافاتكم السياسية له تأثير ومردود سلبي وسط القوات العسكرية في الميدان ويغذي الاحتقان الموجود اصلاً في نفوسهم ويجعلهم يتأهبون لاحتمالات شريرة قابلة للانفجار مع اي حدث صغير ومعزول.
ختاماً أرجو وآمل من كل محبي السلام في بلادنا وحول العالم أن يعملوا على دفع وحث اطراف الصراع في البلاد كي يتركوا ويستغنوا عن خيار الحرب كحل للخلافات السياسية فيما بينهم، وبشكل خاص ادعو وسائل الإعلام المختلفة في البلاد وتحديداً الزملاء الصحفيين ان يسوقوا خط السلام والتبشير به كخيار لا بديل عنه، ويتصدوا بقوة لاعلام الفتنة الذي ملأ الفضاءات الاسفيرية، وبعض وسائل الاعلام العالمية والمحلية، والنأي عن الانحياز لاحد أطراف الصراع، فبإمكان الاعلام المسؤول ان يفرض كلمته ويساهم في وضع الحد للدمار الذي يصيب البلد.
وألقاكم
سايمون دينق.
ونحنا مالنا ومال الكلام دة كلو ياناس الراكوبة .
ونحنا مالنا ومال الكلام دة كلو ياناس الراكوبة .