إلى مصطفى .. صديقي الذي رحل و الوُد الذي مات

– ..البارحونا وراحو… شالوا من وادينا..بهجتو وأفراحو… راحت الأفراح..قلبي عاش لجراحو…
– لأول مرة أكذب من أخبرني برحيل عزيز، لأعتقد أنه يمازحني لعلمه بمعزة من نعاه لي و عزاني فيه..!!
– تركت هاتفي جانباً و ظللت هائماً على الطريق و طُُفت بجوار منزل الناعي لعله يخرج لي و يقول لي (لقد كنت أمازحك)..!! و بالطبع لا مزح في هكذا أخبار..
– و عُدت لمنزلي مُسرعاً لهاتفي عسى أن أجد منه مُكالمة أو رسالة تنفي ما قال أو تزيل عني (الوجع)..!!
– تيقنت بعدها أن صديقي و صديق الجميع قد رحّل و لم يعُد لي منه سوى ذكريات تتداعى دوماً لتثير المرارة و تأجج اللوعة..
– رحل صديقي مصطفى أحمد محمد أبو القاسم بتاريخ 15/ يوليو/ 2013م و شق عليّ أن أنعاه حينها لأن الحسرة تمددت و رفض المداد أن يكتب عن ما كان يستمد مدادهُ منه .. و اليوم تأتي الذكرى الثالثة لرحيله.. عليه الرحمة..
– رحل تاركاً من خلفه زوجة صالحة تدعو له بالمغفرة و الرحمة و ثلاثة (بنوتات) صغيرات ، حفظهم الله جميعاً.. و ذكرى طيبة بين الناس و أصدقاء (مقربون له) يذكرونه بالخير دوما و لا يبخلون عليه بالدعاء الصالح..فما أحلاه من ميراث يتركه من بين من حُطام هذه الفانية..
– عرفته مثقفاً في غير ما إدعاء و عالماً من غير تأنف و يشهد له بذلك مكتبته الثرة و حديثه و حديث العارفين عنه و نهجه مع الحياة و مع غيره..
– علمني تحسُس الثقافة و قبول الأخر مهما كان حجم الإختلاف معه و أفلح في ذلك للحد الكبير..
– حدثني عن فاروق حمد الله و بابكر النور و هاشم العطا و الشفيع أحمد الشيخ و التجاني الطيب .. و غيرهم..
– معه قرأت لغابرييل غارسيا ماركيز و فرج فودة و بشرى الفاضل و عمر الطيب الدوش و غيرهم..
– قرأت معه (الميدان) عندما كانت تصدر سراً و تناقشنا عن الشيوعيين و هو يعلم عدم توافقي معهم على المستوى الأيدلوجي و حُبي له و إعتزازي به على المُستوى الشخصي..
– و قبل ذلك فتح لي قلبه قبل بيته عندما كنت طالباً بجامعة الخرطوم و موظفاً معلماً و من ثم مترجماً و أعانني في الكثير من مُجريات حياتي..
– طبخنا (الحلة) سوياً و تقاسمنا ما في الجيوب و (سهرنا الليل و كملنا) نقاشاً لا ينتهي إلا يبدأ..
– إصطفاني الراحل مصطفي من بين الناس و إصطفيته من بينهم..
– قصير القامة عالي الهامة ، ضخم الجثة و ضخم المكان و المكانة أينما ذهب..
– مصطفى فوفو أو فوفو السمين ، أحلى نداء و أجمل مُداعبة كان يقولهما له الصغار قبل الكبار و يتقبلها منهم جميعاً بصدر رحب..
– رحّل الدُخري ، فارس الحُوبة.. مصطفى (ود القاضي) سليل الهاشماب، ( ود الحارّة) و (ود الناس)..
– رحل و لا نقول إلا ما يُرضى الله تعالى و إنا لفراقك لمحزونون يا مُصطفى..
– لك الرحمة و الرحمن و عالي الجنان عند الكريم المنان .. إن شاء الله..
– إلى الرفيق الأعلى يا رفيق الأرض.. صديقي الذي رحّل و الوُد الذي مات..
الرشيد حبيب الله التوم نمر
[email][email protected][/email]
الأخ الرشيد،
أهو مصطفي الذي كان موظفا ببنك الخرطوم ؟
رحمة الله عليه ،فعلا لقد كان من أطيب الناس وأحسنهم خلقا ومودة .
اللهم اغفر له وارحمه و نور قبره واجعله روضة من رياض الجنة
انا لله وانا اليه راجعون