قرار منع دخول الأجهزة الطبيَّة المستعملة إلى البلاد..البروفيسور سليمان صالح فضيل: القرار ضد مصلحة الوطن والمواطن

اشتعل الصراع وتصاعدت حدة التوتر من جديد بين المراكز الصحية ووزارة الصحة والمجلس الاتحادي للصيدلة والسموم، بسبب تصريحات لوزارة الصحة الاتحادية تؤكد السماح بدخول بعض الأجهزة والمعدات الطبيَّة المستعملة التى لا تؤثر على صحة المواطن للبلاد، بعد أن تم إصدار قرار سابق يمنع دخولها. وبمقتضى التصريحات قامت بعض المراكز الطبيَّة باستيراد أجهزة طبيَّة مستعملة مثل أجهزة الرنين المغنطيسى وإدخالها للبلاد، وتم تركيبها وصارت جاهزة للعمل، بل وقامت باستخدامها.. ولكن تم لاحقاً إصدار قرار من المجلس القومي للصيدلة والسموم وهيئة المواصفات والمقاييس، يمنع عمل أجهزة الرنين المغنطيسي التى تم استيرادها بعد قرار السماح والاستثناء.. والأجهزة التي تم منعها تتبع لمركز فضيل الطبي ومركز النيلين والمركز التركي الطبي، وتم إعطاؤهم الخيار بين تصديرها أو تدميرها. وأثار القرار مجموعة من الاستفهامات حول جدوى حرمان السودان من المنح والمساعدات الطبية؟ وما هى الجهات المستفيدة من المنع؟ وهل تريد احتكار سوق الرنين المغنطيسى؟ ولماذا فقط طلبت إعادة تصدير أجهزة الرنين المغنطيسي وهي الأجهزة الأقل احتمالاً أن تضر بالمريض، ولم تطلب اعادة الأجهزة الأخرى المستعملة؟ وهل وراء القرار استهداف لمستشفيات معينة؟… لوضع النقاط على الحروف التقت «الصحافة» بالبروفيسور سليمان صالح فضيل استشاري الباطنية والجهاز الهضمي وأستاذ الأساتذة بالمنظمة العالمية للجهاز الهضمي ورئيس مجلس إدارة مستشفى فضيل الذي تم منعه من استخدام جهاز الرنين المغنطيسي الذى تم استيراده.. وكانت هذه حصيلة اللقاء.
٭ متى تم إصدار قرار منع دخول الأجهزة المستعملة للبلاد وما رأيكم فيه؟
ــ تم فى عام 2009م عندما كان الأخ البروفيسور حسن أبو عائشة وزيراً للدولة بوزارة الصحة ورئيساً للمجلس الاتحادي للصيدلة والسموم، والقرار حكم بإيقاف استيراد المعدات الطبية المستعملة عامة ولم يكن موفقاً.
٭ لماذا قمتم باستيراد جهاز الرنين المغنطيسى والسلطات أصدرت قراراً يمنع دخول الأجهزة المستعملة؟
ــ نحن لم نقم باستيراد الجهاز «المجدد» إلا بعد أن قرأنا في الصحف تصريحاً من الدكتور حسب الرسول بابكر وزير الدولة بوزارة الصحة ورئيس المركز القومي للأدوية والسموم آنذاك في صحيفة «الرأي العام» بتاريخ 27/9/2009م العدد رقم «4665» الذي جاء فيه «أعلنت وزارة الصحة الاتحادية عن استثناء بعض الأجهزة والمعدات الطبية المستعملة، والسماح بدخول التي لا تؤثر على صحة المواطن». وقال اللواء طبيب حسب الرسول بابكر وزير الدولة بوزارة الصحة للصحافيين أمس، إن قرار منع دخول الأجهزة الطبية المستعملة سارٍ، بيد انه أشار إلى أن الوزارة حددت الأجهزة والمعدات الطبية المستعملة التي لا تشكل خطراً على صحة الإنسان كالرنين المغنطيسي والأشعة المقطعية وبعض الأجهزة الأخرى. وأوضح وزير الدولة أنه تم حظر دخول أجهزة غسيل الكلى والأجهزة المتعلقة بالدم نسبة «100%»، ودخلت إثر ذلك التصريح عدة أجهزة مستعملة للسودان، وتم تركيبها ولم يسأل أحد عنها، وبعد أن وافقت السلطات بادخال الجهاز وتم تركيبه بالفعل، قامت الجهات بمطالبة مستشفى فضيل بإعادة تصدير الجهاز.
٭ وكيف كانت رؤيتكم لقرار المنع قبل التطبيق؟
ــ لم أسمع بقرار منع استيراد الأجهزة المستعملة إلا بعد أن بدأ تطبيقه، وانا باعتباري مواطناً سودانياً لي تخصص دقيق فى المناظير التى ظللت اتعامل بها منذ عام 1976م وعضواً فى الجمعية العالمية والامريكية والبريطانية للمناظير، وقمت بانشاء عدة وحدات مناظير فى السودان وخارجه، كنت أتوقع أن يسمع رأيي حتى ولو كتابة، بل وسألت زملائى من كبار اختصاصيي الاشعة والقلب والمسالك البولية واختصاصيي المعامل وأمراض النساء والولادة، وجميعهم أكدوا لي أنهم لم يستشاروا فى قرار منع دخول الاجهزة، وقرار المنع يهم الاطباء وفنيي المعامل والصيادلة وكادر التمريض وخبراء الاقتصاد وهيئة المواصفات وجهات أخرى كثيرة.. ولكن حسب معلوماتي فإن أغلب أعضاء اللجنة كانوا فنيي المعامل. ونحن نقدر ونحترم دورهم جيداً، ولكن الموضوع يحتاج لآراء أخرى، واقترح تكوين لجنة جديدة تضم كل التخصصات التى ذكرتها لمراجعة القرار.
٭ هل منع الأجهزة المستعملة معمول به في كل دول العالم؟
ــ لا توجد دولة في العالم غير السودان تمنع استيراد المعدات الطبية المستعملة، وحتى الدول المتقدمة مثل امريكا والدول الاوربية تقوم باستيراد الأجهزة المجددة
(Refurbished) وماذا سوف يحدث إذا قرر احد المستشفيات الخاصة بالخرطوم بيع أجهزته المستعملة بعد تجديدها لمستشفى بالأقاليم وشراء جهاز اكبر سعة.. هل يمنع ذلك ام يسمح به؟
٭ ما مدى الفرق في السعر بين الجهاز المستعمل والمجدد والجديد؟
ــ كل دول العالم الثالث تعتمد على الأجهزة الطبية المجددة، لأن سعر الجهاز الجديد من الشركات الكبيرة كشركة سيمنس الألمانية غالٍ جداً، فمثل جهاز الرنين المغنطيسى الذى استوردناه للمستشفى يكلف الآن «2.200.000» يرو. وإذا أردنا إعادة قيمة الجهاز في خمس سنوات يجب على المريض أن يدفع مبلغ «650» جنيهاً لصورة الرأس التي ثمنها الآن «200» جنيه، وهذا لا يمكن تطبيقه في السودان او في أية دولة نامية.
٭ ولماذا لا يتم استيراد أجهزة أقل سعراً من دول وشركات أخرى؟
ــ يجب علينا أخذ العبرة من الأجهزة الكبرى التي دخلت السودان ولم تعمل، مثال لذلك جهاز الرنين المغنطيسي الكوري الذي استوردته وزارة الصحة الولائية بالخرطوم قبل سنوات، ولم يعمل الا قليلاً. وايضاً جهاز العلاج بالذرة الصيني الذي استورد قبل سنوات ولم يعمل وتم تفكيكيه.
٭ الأجهزة الحديثة هل يمكن استخدامها بسهولة فى السودان؟
ــ الأجهزة الجديدة تحتاج لكوادر طبية فنية متدربة تدريباً عالياً، وهذه غير متوفرة بأعداد كبيرة في السودان. وأيضاً تحتاج لاختصاصيي أشعة متدربين تدريباً عالياً للاستفادة من إمكانيات هذه الأجهزة. وهؤلاء أيضاً قليلون في السودان، ولقد نصحت هيئة الصحة العالمية دول العالم الثالث باستعمال التكنولوجيا التي تناسب امكانيات البلد، ويمكن الاستفادة منها أكثر، والأفضل الآن هى التكنولوجيا المناسبة (Appropriate Technology) .
٭ هل استوردتم جهاز الرنين المغنطيسى الذى تم منعكم من استخدامه من شركة معترف بها عالمياً؟
ــ الأجهزة المستعملة يتم تسويقها بواسطة الشركات المصنعة نفسها أو شركات موازية لها، حيث يتم إدخالها المصنع لمراجعتها تصنيعياً واستبدال الأجزاء التالفة منها واختبارها ومعايرتها وتسويقها بضمان باعتبارها وحدةً مستعملةً معتمدة من قبل الشركة المصنعة، والشركة التي اشترينا منها الجهاز ركبت أجهزة مماثلة في ألمانيا وفرنسا ودول أوربية أخرى، وهى شركة ألمانية من أكبر الشركات العالمية (Siemens) والعالم كله يعرف الامكانيات المهولة للشركة. وقد تم تكوين لجنتين حسب علمنا للنظر في الاستئناف الذي قدمناه للمركز القومي للأدوية والسموم، واللجنتان أوصتا بالسماح لنا باستعمال الجهاز.
٭ ولماذا لم تستوردوا جهازاً جديداً أو استوردتم جهازاً مستعملاً؟
ــ الشركة لا تصدر أجهزة جديدة للسودان بسبب المقاطعة الأمريكية، ولقد تمكننا من تجاوز المقاطعة الأمريكية واستوردنا جهازاً محظوراً من الدخول الى السودان من شركة عالمية، وقمنا بإضافات وتجديدات تجعله أحدث جهاز رنين مغنطيسي يدخل السودان حتى الآن، وبعد هذا الجهد المضني والمكلف وجدنا أنفسنا أمام حملة تشهير في الصحف لا تميز بين الأجهزة المستعملة والأجهزة المعدلة والمجددة.
٭ وما دليكم على أن الجهاز مجدد ومعدل؟
ــ جهاز الرنين المغنطيسى بمستشفى فضيل متاح للمواطن السوداني، وهو جهاز مجدد، وهنالك شهادة من الشركة المجددة وهي شركة ألمانية معروفة اسمها (MEDIZINTECHNIK). ومنحتنا شهادات تؤكد حديثنا هذا. وأرسلت مع الجهاز تقريراً فنياً قالت فيه إنه مثل الجديد، وأعطتنا ضماناً لمدة سنة لأي خلل، وضماناً بتوفير اسبيرات لمدة عشر سنوات، ونحن بصفتنا مستشفى فضيل حريصون دائماً على استيراد أميز الأجهزة، بدليل أن جميع أجهزتنا في جميع التخصصات هي الأفضل، ونحن على يقين بأن جهازنا إذا سُمح لنا بتشغيله لأنتج صوراً تعد من أفضل الصور للأجهزة الموجودة بالسودان، وهمنا الأول هو الوطن والمواطن السوداني.
٭ ماذا عن المراكز الأخرى التى تضررت من القرار؟
ــ تضرر مركز النيلين أيضاً، إذ طلب منهم أيضاً إعادة تصدير جهاز الرنين المغنطيسى الذي استوردوه، وظل يعمل لمدة عام، وصوره أفضل بكثير من صور عدة أجهزة عاملة الآن بالسودان، ويشهد على ذلك كثير من اختصاصيي الأشعة واختصاصيي المخ والأعصاب، وهو جهاز من نفس الشركة التي استوردنا منها، وسعته «0.35» تسلر، وسعة جهازنا «1.5» تسلر أكثر من أربع مرات من جهاز النيلين.
٭ إلى أي مدى يتضرر السودان من عدم استيراد الأجهزة المستعملة؟
ــ لقد تضرر السودان كثيراً من هذا القرار، إذ أنه مبني على الاستعمال فقط وليس على معايير أخرى مثل الشركة المصنعة وإمكانيات الجهاز، فمثلاً كان بإمكاننا استجلاب جهاز رنين مغنطيسي من كوريا أو الصين بسعر يقل عن ربع السعر الذي دفعناه لشراء جهاز مجدد من شركة (Siemens) الألمانية التي تصنع أفضل أجهزة الرنين المغنطيسي في العالم.
٭ ما مدى حاجة البلاد لأجهزة الرنين المغنطيسي؟
ــ كل الأجهزة العاملة في الخرطوم الآن عددها ستة أجهزة، وتعمل على مدار الأربع وعشرين ساعة، وقد أجرى البروفيسور قرشي محمد علي أستاذ الأشعة والموجات الصوتية ووكيل وزارة الصحة الأسبق ومدير الجامعة الوطنية الآن، بحثاً اتضح فيه أن السودان يحتاج لـ «2000» جهاز رنين مغنطيسي لتشخيص أمراض الظهر فقط.
٭ وماذا عن آثار إيقاف الأجهزة التي تدخل البلاد عن طريق المنح والهدايا؟
ــ لقد حرم هذا القرار السودان من الاستفادة من المنح والهدايا التي تُرسل لدول العالم الثالث، لأن معظمها أجهزة مستعملة مجددة، وخير دليل على ذلك ما حدث لمستشفى سوبا الجامعي، إذ قام الأطباء السودانيون بايرلندا بشراء ثلاثة أجهزة تخدير من مستشفى تم إغلاقه نتيجة التدهور المالي في إيرلندا، وتلك الأجهزة لم تستعمل كثيراً، بل قام السودانيون بإرسالها للشركة المصنعة وقامت يتجديدها، وتم إرسالها للسودان، والآن هي قابعة بمطار الخرطوم، ولم يسمح لمستشفى سوبا باستلامها.
٭ وكيف تمت الاستفادة من هذه المنح سابقا؟
ــ لولا المنح الخارجية لما نشأت وحدة المناظير بمستشفى الفاشر فى دارفور، التى تعتبر ثانى أكبر وحدة مناظير فى السودان بعد وحدة مستشفى فضيل، وقد أنشأت وحدة الفاشر بعد أن اتصلت بأصدقائى اختصاصيي المناظير فى ألمانيا، على رأسهم البروفيسور كلاسن من ميونخ وأخبرته بحاجة دارفور إلى مناظير، واتصل بشركة أولمبس التى تصنع أفضل أجهزة المناظير فى العالم، ووافقت على منح مستشفى الفاشر «16» منظاراً مستعملاً ومجدداً، وبعد الفحص والتعقيم أرسلتها للفاشر، وقيمة المناظير المجددة من شركة اولمبس تتراوح بين «10 ــ 15» ألف جنيه استرليني، وقيمة شراء المنظار الجديد أكثر من «25» ألف جنيه استرليني، فمن أين لحكومة شمال دارفور هذا المبلغ، وقد قدمت وحدة المناظير خدمات جليلة لسكان دارفور كلهم، وساهمت فى تعلم الأطباء استعمال المناظير.
٭ كلمة أخيرة؟
ــ نأمل أن تتم مراجعة قرار منع دخول الأجهزة المستعملة للبلاد، ونحن في مستشفى فضيل ضميرنا مرتاح جداًنسبة لما قمنا به من توفير وتوطين العلاج لعدد كبير من التخصصات في السودان.. وسوف نسعى للمزيد من ذلك إن شاء الله.

الصحافة

تعليق واحد

  1. ( إلا بعد أن قرأنا في الصحف تصريحاً )………..

    مستثمر فى قامة د. سليمان فضيل بيقول كده ، طيب العنقاله يقولوا شنو؟

  2. الجوده بقت يابروف مامهمه عندنا فى السودان ***&&&ماتزعل يابروف هاجر ذى ماخلت الحكومه يهاجروا افضل الاطباء

  3. يا اخ فضيل ليس للمواطن دخل ,باستثماراتكم هذه , فلا تستخدموه , مطية , انت واحد ,من زمرت التجار الامويين , واحد مصصاصى دماء المواطنيين في مجال الصحة , وسائلكم الانتهازية ,لا تختلف عن تاكسى المتعافي , وباصات عبد الرحمن الخضر , لاتهمكم المصلحة العامة , بل تهمكم جيوبكم ,وكروشكم .وهذا الكلام بمثابة كلمة حق اريد بها باطل

  4. رحم الله برفسير داؤد مصطفى مارس الطب نصف قرن ودرس جيوش من الاطباء منهم برفسير فضيل ولم تكن له عياده خاصه
    سبحان الله مغير الاحوال….!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..