شهادة الترابي كاد المريب ان يقول خذوني

وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة
مَردَ : طغا وعتا وجاوز حد امثاله
لان المنافقين فئة كان شرها على الاسلام اعظم من الكافرين انفسهم بينه الله في عدة مواضع في القرآن الكريم . ويكمن شر المنافق الحقيقي في اصراره ومثابرته على النفاق والكيد والاذى حتى اخر رمق من حياته لهذا مات كثير من المنافقين والمسلمين لا يعلمون عنهم شئ حتى الرسول صلى الله عليه وسلم بواقع الاية السابقة . وفي نموزجنا الماثل امامنا مثال لهذه الفئة العنيدة المثابرة على الباطل . وكأن احقاد الترابي على البشر من حوله وعلى من خالفه دين عليه يصر على ادائه حتى وهو تحت الثرى فلا يعقل ان تموت والاذية والسمعة السيئة هى اكبر تركة تخلفها في هذه البسيطة .
حتى لا نٌفسر بأننا ندافع عن شخص او فئة في مراجعتنا هذه فأن شهادة الحلقة الثانية عشر من شاهد على العصر جرم تتحمل مسؤوليته ثورة الانقاذ فردا فردا فهي عصبة مردت على النفاق والكذب والقتل . وإن نجا حسني مبارك فأن تبعات الجريمة قد طالت الانسان السوداني لاكثر من عقدين ومست تراب الوطن بالتنازل عن اجزاء عزيزة فيه تكميما لافواه المصرين القذرة ولعل اخرها ما تكشفت عنه حادثة الحريق بجمارك حلفا التي اطفأتها سيارات من معبر ابي قسطل المصري الذي تبين انه يقع داخل اراضي سودانية

سآخذكم في جوله من شهادة الترابي على نفسه في الحلقة 12 من شاهد على العصر ، فالرجل كان واضحا انه يمارس انتقاماً معيناً واقتيالا صريحا لشخصية نائبه على عثمان فحادثة هاشم بدر الدين لاعب الكراتي في كندا نسبها اعلامهم لليسارين ولكن الترابي لا يتوانى في اغتنام الفرص فالرجل يبدو انه احس من وقت مبكر بان هناك مخططات كثيرة تسعى لتصفيته او اقصاءه كحد ادنى وللعداء التاريخي في البيت الكبير للاخوان بينهم وحسني مبارك تداعيات كبيرة على مسيرة الانقاذ من بواكير صباها هذا العداء انصب اعين الفرقاء على تحركات بعضهم البعض فالترابي والذي يبدو انه خرج في رحلة دعوية يبشر بالانقاذ في اميركا واوروبا وكندا ويبتعد عن الانظار لفترة قصيرة يبدو ان عقليته المتشككة والمرتابة قد صورت له ان حظوظ النفس قد لعبت برفقاء الامس وبدأو احلاف جديدة لا تعجب عرابهم . فمجمل اتهامات الترابي لنائبه كانت اشارات بانه بدأ يخطط مع الحكومة المصرية على شئ هو لا يعرفه ولكن الرجل المعروف بكيده العظيم اسرها في نفسه وبدأ في تخطيطه الشنيع والمباشر . عدت السنوات وفشل المخطط والان جاء دور اكباش الفداء .
في الدقيقة 28:18 يقول الرجل انه اتصل بقائد طائرة صديقه وسأله اين طائرتك وهو صديق خاص لم يذكره او يذكر انتمائه او جنسيته كعادته في التضليل ليأخذه الى السودان . دعونا نعود للاسابيع القليلة بعد الحادثة . الرجل في المستشفى لثلاث اسابيع تحدثه الممرضة فلا يجد في رأسه الا اللغة الانجليزية بعد ان حطم هاشم بدر الدين كمبيوتر الرجل الخارق والاطباء الكفاء يجزمون بان الرجل لن يستعيد كامل صحته الذهنية الا على مراحل بعيدة ولكنه بين يوم وليلة يعيد هذا الخارق جميع تلافيف عقله ويعمل ( الجينت ) كمبيوتر في لحظات ويفترض بعد عمليه حسابية بسيطة ان الملأ قد بدأوا يتأمرون عليه . ومن لطائف القرآن الكريم ما ارتبطت الملأ بالكيد الا وقصدت بها فئة من قوم النبي المقصود بالكلام .
الدقيقة 29 اخذوني الى بيت خاص وقلت لهم ساهرب منكم وعندما يسأله احمد منصور من استقبلك من الحكومة يرد على عجل نائب الامين العام وكبار رجال الدولة . وعندما يسأله يعني قالو دي فرصه ان يتخلصوا منك ( آآآ وهو يهز رأسه بعض الناس يفسرونها هكذا ) . قد تكون دواعي البرتكول فرضت على النائب ان يستقبله في المطار .اذا هل علينا ان نراجع انفسنا في هذه الحادثة التي وصم بها اليساريون ؟ ونضع احتمالا بسيطاً بانها من تخطيط النائب الاول . اميل بأن لا بل لا نرمي بها الا هاشم بدر الدين نفسه لان للرجل عداءات تكفي ان يطلق عليه اكثر من ثلاثون مليون سوداني النار من غير ايعاز من جهة محددة . ولكن لما لا وهو يغادر الفانية ان يرمي بالقنفذ تحت سروال احدهم .
الدقيقة : 31:36 يبلغ الانفعال بالرجل مبلغه في هذه الدقيقة وهو يصب جام غضبه على البشير متساءلا (هل انت تابع لهم ؟ هل انت ياوراً لهم ؟) وهو يصيح فيه (انت قدت الثورة) عاتبا عليه كيف يستمع لكلامهم بتصفيته ( رجل من الحكومة ورئيس دوله اخرى وكالعادة لا يسمي الدولة لاغراض هذا القنفذ ) ويقول ان هذا سيفسد علاقات شعوب . وهذا الانفعال البسيط لمثل شخصية الترابي كافي ان توضح لنا كمية الالم الذي كان يحسه والحقد الذي كان يحمله لنعرف اين بدأت بذرة الخلاف وفداحتها التي شكلت تاريخ السودان لعقدين من الزمان . هناك ملاحظة ، يبدو ان البشير كانت تتنازعه المواقف بين استماعه للنائب الاول ومواقفه من شيخه لهذا يبدو ان الترابي يعاتبه فقط ولا يجرمه وسنرى هذا في باقي الحلقة ولعل الملاحظة الاهم ان الترابي ذهب القبر وهو لا يحمل للبشير كبير ضغينة مما يفسر كثير من الاحداث التي تأرجحت فيها المواقف بينهم الى موت الرجل واهم واخطر من كل ذلك يبدو ان للبشير شعرة يعرف متى يستعملها بغير ما اشتهر عن استغفال الرجل لعل اقصاء قطبي الانقاذ الجدد نافع وعلى عن المشهد اخيراً احداها، مما يعني ان البلاد في ايدي أمينة على الفساد .
الدقيقة 34:30 ندخل الى القضية المهمة المحاولة الفاشلة لاغتيال حسني وعن رأيه في الإتهام الذي وجه إليه يسترسل الترابي في شرح الطبيعة البشرية في اسناد الخير والشر الى الرأس الأعلى او الناهي والآمر الاوحد في البلد والذي تعني الترابي بلا شك ، ولان هذه البداهة هي كابوس الترابي الاول ذهب يضحدها بقصة فطيرة لا تجاوز حلقه ، حيث إدَعى أن جماعة من اخوان دولة مجاورة لمصر جاؤوه لنفس الغرض ولكنه صدهم ونصحهم نصيحة مهمة بأن كيف تقتلون شخص بدافع الانتقام لتشفون غليلكم فقط وفي هذا الكلام اضاءات مهمة تدفع في اتجاه مراجعتنا هذا فأن الانتقام الشخصي والذي أسس عليه الترابي شهادته هذه هو ما يحاول ايهامنا ببراءته منه. والشئ المهم الاخر ماذكره الرجل بانه حتى إن وافق لهم على هذه العملية فانهم لا يملكون التمويل الكافي لها وسنعود لشرح هذه النقطة عند الدقيقة 40:30 .
بالاتي ندلف الى جانب مهم في شخصية الترابي والكاريزما (الاحتيالية) التي يعرف كيف يستخدمها الرجل فالحوار التالي واجادته التمثيل فيه بصورة مدهشة يجعل احمد منصور يقفذ في كرسية ويكاد يتبول في سرواله من هول ما يرى امامه من مشاهد درامية تنفع تماماً لفاصل في مسلسل تاريخي اللغة .
الدقيقة 37:29 يجري الحوار التالي:
متى سمعت بمحاولة الاغتيال؟
يوم اخفقت ( وركزوا معي على هذا التوقيت )
من وسائل الاعلام ؟
لااااا منه .
هو هو لمن طلع إتكلم في الاعلام ؟
طبعا هوااا نائبي ( ارجع الى المقطع وشاهد براعة التمثيل )
بعدها تبرع بتوريط باقي جهاز الامن وعلينا ان نراجع رجالات المفاصلة لنعلم ان واحدا من هؤلاء لم يذهب مع الترابي . ويجدر بنا هنا ان نذكر انه برأ نفسه وعمر البشير .
في الدقيقة 38:35 بعد ان سأله احمد منصور كيف بدأت الفكرة ، تجلت قدرات الترابي التمثيلية بشكل مزهل وهو يستخدم تأثيرات الصوت لا اخفى عليكم اعجبني جدا هذا الاسلوب الممتع في الالقاء وتأسفت ان للرجل امكانيات اخرى كان يمكن ان يستخدمها في منفعة نفسه عوضاً عن هذا السخف الذي يسمى سياسة ، يبدأ السرد بصوت اقرب الى الهمس والفحيح ومعلوم لما لهذا الاسلوب من اثر بالغ في توصيل الاحساس قبل المعلومة وهو ما يمارسه العشاق دائماً . فالرجل يريد ان يعمق احساسنا مع هذا المشهد الدرامي حتى ينقلنا الى مشهده الخاص الذي اعده فيصور لنا كيف ناصحه وبين له وهو رجل مسكين ولا يجابه وبارد الطبع .
الدقيقة 40:30 ( التي قلنا اننا سنعود اليها سابقاً يفضح الرجل نفسه بذكر تمويل العملية يدعى ان نائبه اخذ من مال الحركة اكثر من مليون دولار وهو الذي قال للاخوان من الخارج اننا فقراء ولا نملك التمويل لمثل هذه العمليات . أي الدقيقتين نصدق ام انه الكذب والسلام ، مع العلم للحظتها كان الترابي مصيطراً على كل شئ في الانقاذ مما يعني صعوبة ان يسحب مثل هذا المبلغ من درج الانقاذ دون علمه ومثل هذه العملية كان يمكن له ان يمولها من خارج خزينة الانقاذ لو اراد والترابي يقول لاحقا ان على عثمان لم يكن له أي دوافع شخصية ضد حسني مبارك مما يعني انه غير ملزم اخلاقياً على الاقل بتمويل عملية لا تخصه. ، وبما ان العملية تخص بعض الاسلاميين من خارج القطر كان يمكن لهم ان يمولوها كافة .
الدقيقة 43:20 يذكر ان على عثمان دعاهم لاجتماع ليبين لهم التفاصيل واقترح عليهم تصفية اثنين من الذين عادوا من العملية الى السودان ،هاج وماج الترابي تالياً عليهم آيه قاتل المؤمن المتعمد تجدر الاشارة هنا انه كان يقصد هذين الاثنين من الاخوة المصريين والذين قال عنهم إن هؤلاء ( اسلاميين ) ولم يكن يتحدث عن محاولة اغتيال مبارك وهنا لنا ان نتدخل بتحليل بسيط ، ان موت مبارك لم يكن يعني الترابي في شئ ودفاعه المستميت في اخراج هذين الرجلين بعد تذكير الاجتماع انهم مسلمين وحراما قتلهم يفتح الباب واسعاً امامنا ان نتعامل مع عقلية الترابي التي تخطط لسنين بعيدة فلقد ذكرنا سابقاً كيف ان عملية كندا وضعت الترابي امام خيار النائب الاول وحسني مبارك مما يعني بداهة وحسب عقلية الرجل الانتقامية انه خطط للعملية ولكن طالب المنفذين اللجوء الى على عثمان وان يكون هو بعيدا عن الصورة حتى اذا تكشف شئ يكون حينها على عثمان متورطاً فيضرب هذا بذلك ويخرج سالماً. ولكنه اسقط في يده عندما عاد هؤلاء للسودان ولولا ان الترابي كان يخاف التهمة لعجل بقتلهم مباشرة فيبدو ان غضبته كانت لهذه الفكرة الغبية وليس لمجرد فكرة القتل وعندما عرف ان قراره قد نفذ قال ( عندها كففت نفسي) وانظر اليه كيف ارتاح في جلسته لينقلك المنظر الى غرفة الاجتماع مباشرة ، جالساً صامتا يدير عينيه الخبيثتان على الجميع وهو مطمئن انهم سينفذون قراره ويرحلونهم الى الوجهة التي قصدها ، وبهذا يضرب عصفورين بحجر ينقذ رجُليه من الموت ويبعد التهمة عن الانقاذ التي كانت تعني الترابي في ذلك الزمان .
الدقيقة 45:44 هي اخر السيناريو عندما انتهى من الغريم الاول اتجه الان الى العدو الاخر ، قبلها نتوقف عند نقطة مهمة في الدقيقة 37:29 في الحوار الذي سردناه يقول انه عرف من نائبه الخبر عندما اتصل عليه ولكن يعود هنا ويقول ان الرئيس الاثيوبي هو الذي خبره يقول ( انا اعلم ماجري لان حدثني الرئيس الاثيوبي نفسه ) . وعندما استفسر احمد منصور عن من اخبرالرئيس الاثيوبي هل هو الامن المصري ؟ لم يفوت الترابي الفرصة ورمى اتهاما مائعا على الرئيس المصري قائلاً ( لعله الرئيس المصري هها هها ااا ااا).
وهنا يكتمل السيناريو في صورته الكاملة ، الترابي يذهب الى كندا يتعرض له هاشم بدر الدين يعتقد الترابي ان الفاعل على عثمان بتحريض من مبارك ، يعمل الترابي علاقته مع الجماعات المهووسة بالقتل يشرح لهم الخطة اذهبوا الى على عثمان نفذوا معه الخطة . وكان الاسواء للسيد على عثمان لو ان الخطة نجحت كان سيكون الان في عداد الموتى على يد المخابرات المصرية ، وهكذا انتهت الحلقة وهانحن نخرج القنفذ من بعض السراويل لنقذفه في بعض القبور.
ولكن يبقى السؤال لماذا تورط على عثمان حينها في هذه العملية ؟

حيدر الشيخ هلال
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. خلي اللف والدوران ومحاولة تبرئة علي عثمان ونسال سؤال هل ماقاله الرجل في علي عثمان غير صحيحا قطعا لن تقول نعم وهو مانريده وهو ما قاله الترابي ايها الماجور واكده علي الحاج ومازال علي الحاج حي يرزق

  2. يا هذا يبدو انك تحمل ضغينة على الرجل أكثر مما يحمل على قومه، وهل تريد من اثبات ذلك تبرئة ساحة الخونة من تلاميذه الذين ابعدوه وحكموا بدونه والكل يعلم كيف يحكمون لادين لاعقل ولا اخلاق ويبدوا أنك في حاجة إلى أن تعيد قراءة الوقائع التالية والتي وقعت ونشرت قبل شهادة الترابي في قناة الجزيرة الحلقة 12 وغير الحلقة 12:

    محاولة اغتيال الترابي في كندا 25 مايو 1992… فما الذي حدث؟؟؟

    تفاصيل ما حدث
    ? المرحوم الدكتور احمد عثمان مكي أيضاً اصيب في الاعتداء
    ? الترابي لم يكن معه طاقم حراسة في أتوا
    العودة الى الديار
    ? الشيخ عندما أفاق كان يدرك أنه لا يزال هدفا سهلا داخل المستشفي وأن المراد لم يتم رغم أن الشرطة الكندية فرضت حراسة علي المستشفي..أصر إصرارا شديدا علي العودة العاجلة للسودان لكن دون الإعلان عن شفائه لأسباب معلومة..في المقابل وأحد الذين فكروا في الأمر ذكر لي ذلك حين سألته في ١٩٩٧ اي قبل المفاصلة وبالتالي دون شبهة اعادة تفسير التاريخ انهم ما كانوا يرغبون في عودة الشيخ خاصة وهم يعتقدون أنه مشلول أو فاقد للمقدرة علي الحديث والحراك
    ? بعد الحادثة اتصل نائب الترابي و تلميذه وابنه المدلل علي عثمان بالسيدة وصال المهدي واخبرها ان الترابي تعرض لحادثة ان نجا منها سيعيش بلا ذاكرة وانهم رتبو امره ان يعيش ما تبقي من عمره في سويسرا وانهم سيتكفلون بكافة مصاريف اقامته.
    ? الشيخ أصر علي العودة للسودان لكن دون أن يعلم الجماعة في السودان بشفاءه.. وهو الأمر الذي لم يكن مرغوبا فيه في هذه الفترة بواسطة القيادة في الخرطوم ..كان هناك احساس حسب شهادة السنوسي التي سمعتها منه في خواتيم يوليو ١٩٩٧ أن الشيخ أصيب إصابة بالغة وعودته للسودان بعاهة بائنة عليه ستثير الشماتة الكبيرة عليه وعلي الحركة الخ
    ? تم السفر من أوتوا الي لندن كمحطة أولي وكان السفر من لندن عبر طائرة سودانير ويقودها الكابتن شيخ الدين محمد عبدالله
    ? حسب الشهادة اثناء التوقف بلندن التقاهم وزير الدولة بالخارجية البريطاني وإن كان الاسم الذي سمعته هو دوغلاس هيرد الذي كان وزيرا للخارجية وقتها.. اثناء المقابلة كان يحاول (جرجرة) الشيخ في الحديث.. كان الكابتن شيخ الدين يحاول الإجابة عنه الا ان الشيخ أشار اليه بالعربية انه يدرك ماذا يريد الرجل
    ? ثم جاء التوجه صوب الخرطوم الأمر الذي أثار ثائرة الثائرين بالخرطوم وكان هناك تهديد بمنع الطائرة من دخول الأجواء السودانية الا ان الشيخ أصر إصرارا شديدا حتي لو دخلت الطائرة دون إذن.
    ? وصول الطائرة لمطار الخرطوم كانت أشبه بفيلم مخابراتي، وصلت الطائرة ليلا و تم تغيير طاقم برج المراقبة بطاقم كله من الاخوان.. هبطت الطائرة وتم توجيهها لطرف قصي ومظلم من المطار ..تم منع طواقم المطار الأرضية من التعامل مع الطائرة واستقبلها عدد محدود ومختار من الناس
    ? الدكتور علي الحاج
    ? الاستاذ علي عثمان محمد طه
    ? الدكتور عوض الجاز
    ? الاستاذ ابراهيم السنوسي
    ? تم استقبال الواصلين وبالتحديد الشيخ دون تبادل كلام يذكر..تم تقسيمهم في ٣ سيارات خرجت من بوابة غير البوابة الرئيسية للمطار.. الشيخ في سيارة كان بها السنوسي..السيدة وصال المهدي في سيارة انطلقت بها للمنزل بالمنشية..وسيارة أخذت البروفيسور دفع الله الترابي لمنزله بالمنشية رغم احتجاجه الشديد وقتها علي ما تم من إجراءات.
    ? ذكر ابراهيم السنوسي انهم انطلقوا بالشيخ الي منزل بالطائف تقريبا وطيلة الطريق لم ينطق احد بكلمة.. و عند سؤاله لماذا؟ قال ما معناه كانت لحظات عصيبة وما كنا ندري حقيقة حالة الشيخ ظنناه اول الامر سينزل بكرسي متحرك ثم لم نجرؤ علي تبادل السلام معه فما كنا ندري ان كان يستطيع الحديث، وبالطبع قرن كل ذلك بكل سنوات ارتباطهم به الخ
    ? جاءتهم المفاجأة عند توقف السيارة امام المنزل المذكور..نطق الشيخ قائلا: (This is not my house) ..هذا ليس منزلي.. ولكم ان تتخيلوا وقع الكلمات علي سامعيها في تلك اللحظات
    ? بقي الشيخ بهذا المنزل عدد من الأيام ، وكانت النية ان يبقي به علي الأقل أسبوعين ومنع عنه الضيوف ..مرة اخري أصر إصرارا شديدا علي العودة لمنزله
    موقف كندا
    ? في الحقيقة هاشم بدر الدين خرج منها بناءا علي نقطة فنية،وذلك بالطبع لا يعني براءته.. ومعلوم ان مستوي الدليل المطلوب في القضايا الجنائية اعلي من المدنية..اضف لذلك غياب المجني عليه من المحاكمة..والدكتور الترابي ما كان لديه رغبة فيها ربما ليقينه بان الرجل مجرد اداة لا غير.
    ? هاشم لم يبرأ من خلال ادلة خاصة بكاميرات مراقبة وهذه فيها نظر حتي وإنما بسبب تضارب أقوال اثناء المحاكمة
    ? ما قاله الأخ هاشم لأحد الصحف قد خلص الي البراءة من التهم الموجهة اليه وقال تحديدا … (البراءة من التهم الثلاث: الإعتداء مع تسبيب الأذى الجسدى لكلاٍ من الترابى و أحمد عثمان مكى و الحارس الصومالى. كسبنا القضية تحت حق الدفاع عن النفس. أثبتنا أن حراس الترابى هم الذين بادروا بالإشتباك لكنهم خسروا النتيجة. فالقانون لا يحتم فى أىّ عراك أن المنتصر هو المعتدى و أن المهزوم هو الضحية؛ إنما ينظر إلى كل الحيثيات. الصورة التى قدمها مرافقوا الترابى فى المحكمة هى خليط من الكذب الذى بلغ حد المرض والخبث والغباء و الجهل بالقانون الغربى. ).. لم يحسن رفقاء الترابي التعامل مع القضية .. لذا ..كسبها هاشم بحجة الدفاع عن النفس .. قطعا هناك أمور خفية لم يذكرها هاشم صراحة .
    ردود الافعال
    ? الأخبار التي وصلت الخرطوم عند إصابة الشيخ واضح أنها كانت مقلقة وربما مشوشة في ذات الوقت، ولعل ذلك يوضح بجلاء كما اثبتت أحداث لاحقة عبر السنوات اللاحقة ضعف الأعداد والمعرفة بإدارة الأزمات
    ? تصرف المدعو هاشم بدر الدين رفض من كل قطاعات الشعب السوداني حيث لم يحدث في تاريخ السودان القديم او الحديث محاولة الاغتيال السياسي وهي ميزة سودانية خالصة ففي المناسبات الاجتماعية تجد نقد او الخطيب يشارك الترابي والصادق وحتى احمد اسماعيل مائدة واحدة المهم ان بدرالدين لم يراعي القيم السودانية او الدينية او العرفية.
    ? أسرة الشيخ شعرت بأن الناس تخلوا وتخاذلوا عن رب أسرتهم حتي وقتها اصدروا بيانا صحفيا يحملون الحكومة مسوؤلية سلامته وهو في المستشفي.
    ? يقول سامي زيدان Sami Zydan ((الحادثة هذه أغضبت الكثير من مسلمي العالم بعد الحادثة بسنوات حضر هذا الشخص للندن فقرر بعض المسلمين من أصول الكاريبي الانتقام منه خاصة ان بعض منهم قال انه يجيد الانتقام من أمثال هؤلاء الأشخاص الذي يتحرشون بالضعفاء ولكن صرفنا هم عن هذ العمل وقلنا لهم ان الشيخ قد عفي عنه فيلقي جزاءه عند الله))
    ? ذكر الصحفي عمار محمد ادم انهم كانو في منزل الصحفي خالد التجاني وقد ابدا هو والمرحوم محمد طه محمد احمد شماتة وسرورا بالضربة وعبرا علنا عن سرورهما فغضب خالد التجاني وانتهرهما.
    ? ( (By the way الترابي اصيب بضربة قاتلة.. هكذا اخبر القيادي في الحركة الاسلامية (غازي صلاح الدين) من كانوا بمنزله وهو يحزم حقائبه متوجها الى ابوجا 1 …. قال جملته الاخيرة بكل برود ثم غادر مسرعا للحاق بالطائرة…
    ? ايضا بعد الحادثة احتدم الصراع بين الاجهزة الخاصة التنظيمية و جهاز الامن العام وهوجمت مقارها بل تم الاعتداء علي بعض الافراد ومهاجمة منازلهم مثلما حدث لعم عوض جادين وابعد خالد بكداش غريم نافع وصلاح قوش اللدود.
    ? بعد الحادثة دخل كثير من المنتفعين الحركة الاسلامية … وتفننو حتي اليوم في كسب المقاعد … وظهر الفساد..وورطوا غيرهم.
    ? Montasir Hamed.. الحركة الاسلامية ليست بمعزل عن الأمراض والفتن التي تصيب سائر التجمعات والمنظومات الانسانية … التامر والرغبة في التصعيد واعتلاء المواقع القيادية واحدة من مظاهر هذه الامراض وهي نزعات بشريه لكن تتحصن منها منظومات البشر المنضبطة بجملة من اللوائح والقوانين والنظم الادارية التي تتيح للجميع فرصة الترقي و القيادة طالما توفرت فيهم المهارات والكفاءة المطلوبة..لكن الخلل كان في اصل بنية الحركة التنظيمية من الامانة العامة وجتي مكاتب الطلاب والاحياء.. وحادثة كندا وماتبعها صدي لهذا الخلل. وللذلك عفي الترابي عن الفاعل المحرش وتجاوز الحادث ومضي قدما في محاولات ترتيب جديدة للبيت الداخلي.
    ? كان تعليق علي عبدالله يعقوب بعد الحادثة مباشرة انتهي عهد الرجل العبقري.
    ? يقول عبدالرحيم علي من المفارقات الغريبة ان الشيخ حسن الترابي اكتسب شعبية جارفة خارج السودان بسبب هذه الحوادث. في عام ٢٠١٠ كنت في منطقة تسمي ترينقانو بماليزيا استقل تاكسياً فسألني السائق من اين فقلت من السودان فانبري الرجل يسئ للرئيس البشير واتهمه بالعمالة لاسرائيل حقيقة تضايقت جداً من الرجل وقلت له لماذا تسئ للرئيس السودان وتتهمه بهذه الاتهامات فقال لي بالحرف لانه ابعد وسجن الشيخ الترابي وانهم هنا يحترمونه ويجلونه فلماذا يفعل به ذلك الرئيس! ومن ثم تطرق لحادثة الاعتداء هذه ووصفها بانها ابتلاء لداعية إسلامي وشبهها نصاً بما حدث للرسول صلي الله عليه وسلم من أهل الطائف! حقيقة تعجبت من الكم الهائل من المعلومات والمتابعة الدقيقة لهذا السائق.
    ترابي ما بعد الحادثة
    ? يقول الدكتور محمد الامين احد شباب المؤتمر الشعبي و من المقربين للترابي بحكم علاقة والده به (من ناحية طبية عامة دون الإخلال بخصوصية الرجل الحالة الطبية يمكن وصفها ب (إرتجاج في الدماغ بسبب الضرب المباشر علي الرأس ومن ثم السقوط من فوق درج السلم الكهربائي من أعلاه حتي الطابق الأسفل (علي الحديد)… وطبعا الإصابات الإرتجاجية هي الأكثر شيوعا في ضربات الراس والشفاء منها معلوم ونادرا ما تترك آثارا جانبية علي المدي الطويل هذا كله بالطبع يعتمد علي النجاة من الإصابة الأولي في الفترة الحرجة الأولي.. وكثير مما يروج من اثار الضربة مجرد كلام فارغ.
    ? سعي رجلان للحصول علي التقرير الطبي أو تفاصيله من الطبيب السوداني الذي سافر لمتابعة علاج الشيخ (والطبيب أستاذي علي عبدالرحمن بري)، احد الرجلين مهدي إبراهيم الذي رفض أستاذي مده أو اي حد من الحكومة بالتقرير قائلا لهم أن التقرير ملك للترابي وأسرته فقط.. وطبعا هذه هي أخلاق مهنتنا.. والثاني هو ابراهيم السنوسي
    ? مما حكاه لي الوالد (احد الطبيبين الذين سافرا لمتابعة حالة الشيخ في كندا) -والحق أنه كذلك لم يفصح عن تفاصيل وأسرار المريض- إلا أنه قال لي عندما طلبت منهم قراءة البيانات الخاصة بالحالة والنتائج عبر الهاتف قلت لهم ليس في يدي ولا يد علي بري من شئ نفعله سوي اقل من واحد في المائة الأمر كله بيد الله وربنا يلطف به وقال لي عندها نويت الحج ونذرته الشفاء الأخ حسن وبعد الحج مباشرة سافر متوجها صوب كندا.
    ? الطبيب الكندي الذي عالج الدكتور الترابي البروفيسر دا سيلفا (حسب ما أذكر) جن جنونه حين استيقظ الترابي وقام من غيبوبته ووجد أنه أستعاد ملكاته الدماغية والتعبيرية باللغة الانجليزية كان يقول هاتفا It is a miracle, a miracle (إنها معجزة) وتنازل عن رسومه وكانت قرابة ال60 ألف دولار وكتب خطابا بالمعني وأنه سيسعد في المستقبل بمتابعة أو مراجعة حالة الترابي إن إحتاج الأمر مستقبلا لأنه لم يري مثلما رأي
    ? بعد استيقاظ الترابي هنا بدأت حلقات التأمر الثاني!
    (انتهى حديث الدكتور محمد الامين)
    ? يذكر البعض ان الترابي نفسه تغير كثيرا بعد هذه الحادثة كما سمعت من احد الاشخاص المقربين وقتها من الدكتور ..مثلا بعض القرارات التي اتخذها الغاها وقال من المستحيل ان اكون اتخذت مثل هذه القرارات وغيرها من الشواهد..
    ? العميد يوسف بدري زار الدكتور الترابي مهنئاً بالسلامة بعد تعرضه لمحاولة اغتيال ، الترابي قال للعميد انه (الآن) يحب الشعب السوداني سأله العميد: وزمان!! قال : لا كنت افرز لكن الآن احبه كله !!! .. النص موجود في مذكرات العميد يوسف بدري (قدر جيل) وهو امر غريب الترابي لم يكن يحب الشعب السوداني كله
    ? يقول صديق محمد عثمان (عندما عدت في أكتوبر ١٩٩٢ (من ننقلا) وجدت ان الاخ محبوب غادر مكتب الشيخ وجاء الاخ سيد الخطيب الذي طلب مني ان اجلس مكانه لشهر واحد حتى يذهب الى أمريكا لترتيب متخلفاته هناك ولكن الشهر استمر لغاية فبراير ١٩٩٣)..خلال هذه الفترة علمت بتفاصيل ما كان يحاك ضد الشيخ داخليا من محاولات تصويره بالعاجز دماغيا ومحاولات عزله عن الناس.
    وهنا مقال للأستاذ والوزير السابق عبدالله محمد أحمد:
    ما رواه الترابي حول حادثة كندا:
    ? اطلعت على معرض ما قاله صديقي مهدي إبراهيم وزير الثقافة والإعلام السوداني، عن نسيان استاذه الدكتور حسن الترابي للقرآن بعد الحادث الذي تعرض له في كندا عام 1993. وأنا هنا أنقل من مذكراتي، وكنت يومها سفير السودان المقيم لدى إيطاليا، وغير المقيم لدى البلاط الاسباني. وقد قابلته (الترابي) بعد الحادث بشهر تقريبا، فسألته عن التفاصيل، فقال لي:
    ?«لم أعِ ما حدث بعد اللكمة الأولى على رأسي وصحوت بعد ثلاثة أيام، وكان أول ما تذكرته: قل هو اللّه أحد.. حاولت أن أتذكر أشياء أخرى فتوقفت عند «الصمد» طوال اليوم الأول. وفي اليوم التالي، تواترت علَيَّ سور القرآن متسلسلة، فأدركت أن ليس بعد القرآن داء، إذ فيه الشفاء».
    ? وسألته عما إذا كان استعان في ذلك بمراجعة المصحف المخطوط؟ فرد قائلا: «حاولت عدم العودة للموثقات حتى تكون العودة إلى الحالة السابقة طبيعية.. لم أسْتعِن بالمصحف، وجرى كل شيء إلى الحالة السابقة طبيعيا».
    ? ثم أردف قائلا: «أبوح لك بسر لم أحدّث به أحدا.. إن ما حدث أوْقدَ ذاكرتي فأصْبحت ـ والشكر للّه ـ أوْسعَ وأسرعَ تلقّياً وطرحاً من الانغماس في شؤون الحياة الدنيا وسياساتها المتعكرة، وأشعر ـ الآن ـ ان ما حدث كان حكمة إلهية نَشَّطَتْ عقلي وذاكرتي، ولهذا فأنا سعيد بما حدث». وتداولت معه موضوعات أخرى حدثت أيام الدراسة في المرحلة الثّانوية، خلال النصف الثاني من أربعينيات القرن الماضي، فكان يسابقني في سردها مُتسلسِلة التواريخ وأسماء أصدقاء لهم بها علاقة، وقد مضى بعضهم إلى رحمة الله.
    ? واستدرجته لمعاني بعض الكلمات العربية، وأنا أعلم أنه حفظ في سجنه الأول أيام حكم المشير جعفر نميري، كثيراً من لسان العرب، وأتقن علم ردّ الكلمات إلى جذورها، وإذا به على عهدي بعلمه في فن تشقيق كلمات العربية وتصحيح فلتات المتشدقين بها مع جهل بأحكامها.
    ? وكان الدكتور الترابي من هواة الشعر الجاهلي، وشعر صدر الإسلام. وكان وهو طالب قانون يجد متسعاً من الوقت ليجلس معنا في مدرج كلية الآداب ليستمع ويشارك محاوراً وكأنه ملتحق بها معنا.. وخطر لي أن أُجرْجِر الذكرى إلى مشاغبات وقعت مع اساتذتنا، الدكاترة: النويهي وعبد العزيز وعبد المجيد واحسان عباس (أمد الله في عمره)، ولم يقصّر في المتابعة ورواية تفاصيل كنت قد تجاوزتها عمداً.
    ? أعود مرة أخرى إلى ما نسب إلى الأخ مهدي إبراهيم، وأنا متأكد أنه يعلم عن شيخه أكثر مما أعلم، ولعلّه إن صح ما نسب إليه، فإنه زلّة لسان، وكثيراً ما تحدث مثل هذه الزلات في زحمة التمادي دفاعاً عن موقف معين يُسند باغتيال الطرف الآخر معنويا في مسرح العمليات السياسية.. لذلك، قالت العرب: لكل حصان كبوة (عثرة) مثل عثرة مهدي هذه.
    ? عهدي بالأخ مهدي إبراهيم رجلاً لبقاً، يُشَهيك في مَضْغِ قشرة الليمون الحامض إذا وصفها لك: مذاقاً ونكهة ولوناً.. وعهدي به وقّافاً عند حدود حسن مخاطبة الآخرين في ساحات آخر جمعية تأسيسية (برلمان) كنا أعضاء فيها. ولم تنحرف جريدة «الراية» الإسلامية السودانية إلى التنابذ بالآثام السياسية والألقاب إلا بعد إبعاده عن رئاسة تحريرها (1986).
    ? وما أذكره من النوادر حول لباقتة ونحن في جدة (السعودية)، نناصب نظام المشير جعفر نميري العداء في منتصف السبعينيات، أن أحد الزملاء قال للشريف حسين الهندي (رحمه الله)، وقد جَعل الأخ مهدي على خزائن الميرة فلم يسر بسيرة يوسف عليه السلام (في نظر ذلك الزميل) وكنا على أبواب الحج: «والله يا حسين مهدي بتاعك ده نقابله جوعانين يقنعنا أننا شبعانين.. يا أخ وزارته دي ما جاييها تعديل قبل الحج؟».
    ? ولعل مهدي يستعمل ملكاته اليوم ليقنع الرأي العام أن ما هو فيه من «مؤتمر وطني» لم يفقد عقلاً ولا فكراً بانحياز الدكتور الترابي إلى التوأم: «المؤتمر الشعبي». وقد تجوز اللعبة على العوام ومعارضي الترابي، ولكن العالمين ببواطن الأمور يستخفون بهذا الأسلوب لسببين:
    ? الأول: أن فيه خروجاً على أدب الوفاء الذي تعطرت به قوافي الشعر، فأصبحت خطوطاً حمراء عند السودانيين: قم للمعلم.. الأم مدرسة.. أخو الجهالة في الضلالة.. النار بالعودين تذكى.. إلخ ذلك.
    ? ثانيا: أن القرّاء في أيديهم ـ كل يوم ـ كتاباً إثر كتاب حول آخر وأسخن الموضوعات التي تشغل السياسة الدولية والسودانية: غنية بالأفكار ومدعومة بالاسنادات في متون القرآن والسنة واجتهادات المفكرين السلفيين والمحدثين.. وكاتبها (الترابي) في سجن شحيح المراجع، وحيداً من دون صاحب يراجع معه ما قد يشكل عليه أو ينسيه.
    ? أردت بهذا أن أقول للشيخ السجين ـ في سجنه ـ ما قاله صاحب الغار لصاحبه: لا تحزن.. وأن أقول لصديقي مهدي: لكل جواد كبوة ولكل شاعر نبوة (من نابئ).. فعدّل ركابك وجوّد قوافيك.
    انتهى المقال
    * وزير وسفير سوداني سابق
    محمد الامين
    أدناه بعض مما كتبت سابقا حول المسألة:
    – لم يكن برفقة الترابي بمطار أتوا سوى الأستاذ المرحوم أحمد عثمان مكي وأخ صومالي آخر: ولم يكن معه حرس في المطار وهذه المسألة سأعود إليها أدناه.
    – القضية التي رفعت ضد هاشم بدرالدين لم ترفع من قبل الترابي ولا أسرته خاصة والترابي قد رفض رفع الدعوي القضائية وقلل من أهميتها كعادته التي يعرفها المقربون عنه فكثيراً ما حاول الناس دفعه في هذا الإتجاه خاصة في قضايا إشانة السمعة وغيرها وظل موقفه متسقاً فيها عبر السنوات.
    وحسب ما علمت فهاشم بدرالدين حوكم بغرامة مالية علي ما أعتقد (حاولت أن أبحث عن إرشيف القضية ولم أوفق حتي اللحظة) والقضية لم تنته بإدانة كاملة له بنأءاً علي مسائل فنية technicality وللأسف الشديد كانت هذه إحدي الأشياء التي كنت أود الإستيثاق عنها من الأستاذ أحمد عثمان مكي (نظراً للصلة القديمة بين أسرتينا) ولكن موته الفجائي عقب عملية جراحية في شيكاغو عام 2002 حال دون ذلك.
    فيما يخص الحرس أورد ما علمته من زيارة سابقة لي للولايات المتحدة:
    . – بمراجعة الوثيقة أدناه وهي تقرير لجنة برلمانية كندية مختصة بمراقبة أداء جهاز المخابرات الكندي المنشورة علي النت (راجعوا http://www.sirc-csars.gc.ca/pdfs/ar_1992-1993-eng.pdf) يتضح الأتي:
    أ- ليس هنالك تأكيد علي وجود حراسة مع الترابي فقط 2 مرافقين وكما قلنا أحدهم كان المرحوم أحمد عثمان مكي.
    ب- الحكومة الكندية لم توفر حراسة للترابي في مطار أتوا فقط حضرت الشرطة للفندق حين أجتمع متظاهرون خارجه.
    ولكن مع كل ما سبق إذا كان هاشم بدر الدين قد تعرض لتحرش مفترض من حرس مفترض للدكتور الترابي فتبقي هذه الأسئلة في ذهني:
    -لماذا لم يضرب هاشم بدر الدين الحرس الذين أعتدوا عليه عيناً خاصة والمنطق يقول أنهم بإعتدائهم عليه سيكونون الأقرب مكاناً له من الترابي؟.
    -وإذا كان هاشم بدر الدين قد
    ضربهم فمن هم وما هي أسمائهم وهل كانوا مسلحين أم لا وأين هم الأن وماذا كانت إصاباتهم إلخ علماً بأن الترابي بقي في المستشفي شهراً كاملاً بسبب الضربة هذه ولم يسجل أن أحداً غيره بقي مستشفياً.
    وقد راجعت الإرشيف الكندي الخاص بتلك الفترة ووجدت أن الوثيقة الخاصة بالاعتداء علي الشيخ لا زالت محظورة رغم أن العديد من الوثائق الاخري من ذات الفترة الزمنية تم الافراج عنها.

  3. مهما دافعت عن علي عثمان يظل قاتلا فهو الذي فصل الجنوب وهو الذي اطلق يد موسى هلال من سجن بورت سودان ليهلك الحرث والنسل ويغتصب حرائر دارفور وهو الذي شق الحركة الاسلامية فهو اكبر مجرم عرفه تاريخ السودان.فقد اخذ من مال الحركة مليون ونصف مليون دولار لهذه المحاولة الفاشلة وهو الذي قام باغتيال كل من شارك في عملية اغتيال حسني مبارك وقتل المهندس علي احمد البشير مسؤول التحقيق في هذه العملي.فالترابي قال للمجموعة التي اتته اذا اردتم القيام بثورة او عملية انقلاب يمكن ان نساعدكم بما اتيح بتجربتنا ولكن ما الفائدة من قتل شخص ومن ياتي بعده يحملكم المسؤولية المرة الجاية ركز واحضر الحلقات من القاتل علي عثمان.

    وهاك الكلام دا مكتوب قبل حداشر سنة
    4/17/2005 4:59 م
    بسم الله الرحمن الرحيم
    رسالة مفتوحة الي الدكتور نافع علي نافع
    و قماشة الأيام من خيطان غزلك و هيَّ ضافيةٌ عليك
    المحبوب عبد السلام
    لندن ? أبريل 2005م

    للمرة الثانية خلال عقد واحدٍ يجد السودان المغلوب نفسه في مواجهة الشرعية الدولية الباطشة و لأسباب متشابهة و من ذات الأيدي الممسكة بمقاليد الحكم و السلطان و الأمن و الاقتصاد و الماء و الهواء منذ يونيو 1989.
    المرة الأولى كانت في يونيو 1995 فيما عرف بالمحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصري محمد حسني مبارك في أديس أبابا و هو في طريقه من المطار الى قاعة مؤتمر القمة الإفريقية، حيث انتهت اصابع الإتهام كافة الى أجهزة الاعلام السودانية التي آوت و موّلت و رحّلت المجموعة المصرية المنتمية لتنظيم الجهاد و التي نفذت و فشلت.
    الرئيس المصري ما لبث لدى عودته بلاده بعد سويعات نجاته فيما يشبه المعجزة أن صرح باتهامه للسودان، تعينه الظروف كافة و حوله: علاقات متوترة بين البلدين و اطنان من المعلومات تمده بها أجهزته عن تورط أجهزة الأمن السودانية في علاقات بلا حدود مع الجماعة الإسلامية المصرية الموسومة بالارهاب.
    أثيوبيا سلكت طريق (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأٍ فتبينوا …) ظلت لاسبوع لا تقول شيئاً و لا تتهم أحداً، و أصدرت بياناً عشية وصول فريق مشترك من المخابرات الداخلية و المخابرات الخارجية الامريكية إلى عاصمتها أنها لم تتوفر بعد على أي أدلة كافية لاتهام السودان. فرحنا ساعتئنذٍ، بل أن الخرطوم كلها قرعت الطبول للبراءة الاثيوبية، فالحبشة ما تزال كما وصفها الرسول صلى الله عليه و سلم- أرض صدق لا يظلم عند مليكها أحد و لكن الفرحة الجاهلة لم تعمر سوى بضع أسابيع و توفرت أثيوبيا على الشواهد الدامغة. خرج علينا رئيس الوزراء الاثيوبي بكلمات كأنها من مآسي شكسبير ( إن محاولة إغتيال الرئيس المصري على أرضنا إغتصاب في رابعة النهار)، وجه المأساة أن رئيس الوزراء الأثيوبي شاكلة أخرى من الرجال يرعى العهد و يمنعه وفأءه أن ينسى تاريخاً قريباً سلخ فيها سنوات من عمره في السودان و أنه دخل عاصمته فاتحاً على ظهر دبابته. لكن من الذي تردى بالعلاقات السودانية الأثيوبية و السودانية الارترية و بلغ بها كل ذلك الوحل ؟!
    في الخرطوم تزلزلت الأرض شيئاً ما و بدأت ملامح الانشقاق في الصف الانقاذي الاسلامي بارزة لأول مرة. تعطلت اجتماعات القيادة نحو شهر و اعتكف كل في بيته في أعقاب الاجتماع الشهير الذي اعترف فيه علي عثمان وزير الخارجية – يومذاك- لأول مرة امام أكثر بضع و عشرة من أعضاء الصف الأول باشتراكهم في الحادث. يعني نفسه و مجموعة جهاز الأمن في تغييب محكم لزعيم الحركة و رئيس الجمهورية، و أعقب إعترافه باقتراح شنيع زعم أنه يملك كل مبرراته السياسية و الشرعية. تغييب القيادة و الحركة ساعة الائتمار و التآمر و القرار ثم استدعائها و حشدها ساعة الانفاذ و الفشل و المأزق منهج علي عثماني راسخو مزاجٌ أمني غالب ، فالإجتماع أساساً كان من أجل ذلك المقترح الذي لم يقوّ على المضي به وحدهم. الرئيس في آخر الأمر( outsider) كما يقول الأنجليز أو (لا منتمي) بلغة كولن ويلسون و (غريب) بلغة آلبيرت كامو و يسهل توظيف، انتحى به مناجياً علي عثمان – كما يفعل دائماً ? و جنده بسهولة لإقتراحه، و اجتاحتهما معاً سيول الغضبة المشيخية المضرية ساعة المساس بحدود الله أو مقاربتها الحرام، المناجاة بالإثم و العدوان حمل عليها القرآن حملة شعواء لولا أنه على قلوبٍ أقفالها و الغريب أن منهم من أدعى أنه تأمل في في سورة محمد خاصة. و الى هذا الاجتماع تحديداً تعزى أصول الإنشقاق في الحركة الإسلامية السودانية التي بلورتها فيما بعد معركة الحريات العامة و اللامركزية أو قضية الدستور و التوالي، ثم أكملت حلقتها الاخيرة مذكرة العشرة في أكتوبر 1998.

    أما المجموعة الأمنية بقيادة الدكتور نافع علي نافع فقد تجلى فيها المثل الأمدرماني البليغ (ملك الموت و قد زاره فجأة الموت). الدكتور المدير العام لم يعد نافعا لأيما اعباء ينتظر أقداره و معه حكومة الحركة الاسلامية بل و السودان كله تسونامي العقوبات الاول بتعبير قطبي المهدي ? سبقه تسونامي التنقلات : الطبيب مطرف صديق مدير العمليات الخاصة إلى سفارة السودان بنيجيريا ، نائبه المهندس صلاح عبدالله قوش الى التصنيع الحربي، المهندس حسب الله عمر مدير المخابرات المضادة الى السفارة السودان بباريس ، نصرالدين محمد أحمد مدير معهد التدريب الى سفارة السودان بالقاهرة، كمال عبد اللطيف مدير ادارة الولايات الى سفارة السودان بنيروبي.
    السودان كأنه استراح من شر عظيم و جهاز الأمن يتهيأ لمرحلة جديدة بعد سنوات بيوت الأشباح، و الحركة الاسلامية السودانية قد تقف لحظة لتتأمل في أمر تلك الجماعة. الحركة الاسلامية السودانية من سماتها المدهشة التأدب الشديد مع كل من يوضع فوق رأسها و من بينهم جماعة (إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغه). صحيح في السياسة البسيط إن اقالة الدكتور نافع علي نافع و مجموعته يعني اعتراف ضمني بارتكاب الجرم، و لا يشبه اقالة الرئيس السوري لمدير استخباراته بعد اغتيال الحريري، و لكن ساعة الحقيقة كانت أكبر فمغزى قرار الرئيس يشار الى أن مدير أمنه و كأنه قد تقاصر عن مسؤليته في حماية الحريري، و قرار القيادة السودانية يومها كان يقول أن السيل قد بلغ الزبى ، لولا أن الشيطان لا تعتريه فترة أو رهق.. و كذلك الدكتور نافع.
    كانت الانقاذ يومها لا تزال تغشاها نفحات من عبير فتوتها و عنفوانها فامتصت الصدمة، بل و تجاوزت الهجوم بهجوم مضاد و بدا المنطق المصري و الاثيوبي شديد الضعف أمام إعلامها الذي ترفده الآلاف الأصوات و ملايين القلوب علىامتداد ساحة العالم الاسلامي، فهم يدافعون عن مثال الاسلام الذي شخص على الأرض بعد قرون و عن أعز أحلامهم. كما وجدت مجموعة الدكتور نافع من يعطف عليها و يتعاطف معها فهم في رأي الكثيرين يومها يشملهم أجر من أجتهد و أخطأ، و انهم فوق ذلك كمن شرى نفسه ابتغاء مرضات الله، و غفرت الجماعة أو غفلت أن مقتل المستكبرين دائماً في حظوظ نفوسهم و أنهم غادروا الميدان يطون كشحاً على مستكنةٍ، لم تلبث أن عصفت بالحلم الاسلامي التاريخي و ادخلت الحركة في الفتنة الهوجاء التي امتدت السنتنا و استدارت عليهم. ارتاح الدكتور نافعفي بيته الحكومي و اختار كتاب ابن كثير تفسير القرآن ليجتاز به عزلته المفاجأة و بدى لأول مرة في التاريخ السودان الرجل المناسب في المكان المناسب، لو استطاع معه صبرا.
    و من بين الملايين التي بذلت خطاها و عرقها و دمائها و صلواتها و دعائها لتشديد صرح الحركة الاسلامية، هنالك ثلة تعتقد أن لها حق خاص في هذا الميراث و انها خلقت من رأس الإله و بينما خلق الآخرون من صدره و قدميه، و من أكثر الذين تتلبسهم مثل هذه الأوهام و تستغرقهم بالكامل هواة الاستخبار و المعلومة. من لدن “مترنخ” و حتى الدكتور نافع، دون أي ميزة واضحة من علمٍ أو أخلاق، أما اذا تناسخت شياطين الوهم مع شياطين الدولة فقد حدث الكمال.
    فقبل ان تشتغل حرائق دارفور، و التي عبرت ابشع تعبير عما تنطوي عليه نفوسهم من افكار خاطئة، قام فصيل الدكتور رياك مشار المتحالف وقتها مع حكومة الانقاذ بمبادرة فريدة لاصلاح الحال بين قبائل التماس في الجنوب و الشمال تحديدا (الرزيقات، المسيرية و الدينكا) لأنه استشعر بوادر انفراط الحال في ظل استمرار الحرب و استخراج البترول و بين يدي بشائر السلام. قام للمبادرة الدكتور كستيلو قرنق، نجل أحد أكبر سلاطين الدينكا في منطقة أويل هو السلطان رينق وصهرٌ لآخر لا يقل عنه هو السلطان عبدالباقي أكول. و لأن والده كان عضواً يشار اليه بالبنان في حزب الامة و له وشائج تليدة مع تلك القبائل العربية على تخوم الجنوب، جاء اختياره انسب ما يكون سوى أن البلاد كانت قد خلصت للدكتور نافع و جماعته في مفارقة قلبت المعادلة الى مظالمة الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب.. نافع في مستشاراً للسلام. كان الاعتراض الأول أن الدكتور كستيلو إستعان بمنظمة الدعوة الاسلامية، و المنظمة يقوم عليها الدكتور الأمين محمد عثمان، والدكتور الأمين مدهوم بأنه شعبي. قال الدكتور كستيلو للدكتور نافع: (أنا جئت من ألمانيا و لو جاءت معي منظمات أوروبا الانسانية و الكنسية لقلتم ان الجنوبيين يحبون النصارى و الخواجات، و اذا جئنا بمنظمة الدعوة الاسلامية تقولون شعبي). الاعتراض الثاني ان كوستيلو اذا ذهب الى العرب فسيقتلونه، إختار الدكتور كستيلو رداً عملياً على الدكتور نافع هذه المرة، أخذ سيارات منظمة الدعوة الاسلامية و اتصل بنافع عبر هاتف الثريا و اخبره أنه الآن في منطقة الميرم و قد استقبله اصدقاء أبيه القدامى خير استقبال و أن العرب جميعاً يرحبون بمؤتمر الصلح.
    جاءت نصيحة الكتور جليـة : (يا كـستـيـلو عــد الى الخرطوم و سافر فوراً الى بلادك المانيا). و عندما جاء كستيلو الى الخرطوم و اخبر الدكتور نافع عن الأوضاع لا تبشر بخير و أن المسيرية سيتمردون اذا شقتهم خطوط النفط دون أن تنتبه أو ترعى حاجاتهم. لم يزد قلب الدكتور الآمن دقه و هو يقول: (يا كستيلو هل تظن ان الدولة بسكويت؟ اذا تمرد المسيرية فسنلحقهم بحبوباتهم!) إلتفت الدكتور كستيلو الى ابن اخته في جواره كمن لا يفهم، فقد طال العهد بينه و بين خواص عاميتنا، لكن الاشارة جاءت لتؤكد بأن الدكتور يعني جز الرؤوس.
    حالة كستيلو أشبه بحالة تيتو عندما قال له خرتشوف لماذا لا تبتلع الجمهوريات من حولك و عندما علت الدهشة وجه تيتو أشار خرتشوف بيده الى أغوار حلقه و هو يردد: (swallow, swallow ) نافع هو خرتشوفونا، لكنه جاء بعد حمل طالت مدته و وُلِد في غير زمانه، خورتشوفونا ملك متوج على حطام مملكة، و قائدٌ بغير معركةً.
    جمع الدكتور كستيلو أوراقه و خرج و لم يعد، و تبعه كثيرون لم يعودوا (تعبان دينق، رياك مشار، د. لام أكول و آخرون) .. و ذات الذين ورطوا السودان مع الخارج أفسدوه من الداخل. قال الدكتور كستيلو للشيخ حسن الترابي أنه كان يريد مؤتمر الصلح شعبياً و لكن الجماعة رفضوا مجرد الاتصال به و بزعماء الأحزاب، و خشوا أن يذهب الفضل الى آخرين بدلاً عن مستشارية السلام. ضحك الشيخ الترابي و قال: ( هؤلاء لا يعرفون الشعب بل لا يعرفون حتى جيرانهم في بيوتهم ).. يا دكتور نافع ما أقصر الرحلة، ما أطول الثورة.. ما أعظم الفكرة ما أصغر الدولة.
    كانت الارض قد سلمت لنافع و جماعته بعد هزيمتين صاعقتين و ثالثة… و لكن الشيطان لا يفتر. الجماعة الامنية لها مرشد روحي لا يفتأ يذكرها كان ينبغي أن يذهب معها و لكن الحركة الطيبية وفقاً لنزار قباني- اختارت لي منصبا أرفعاً نائباً أولاً لرئيس الجمهورية في اعقاب استشهاد الزبير محمد صالح.
    النائب الأول على استحياء قليل وضع الدكتور نافع علي نافع فيما يشتبه أنه تخصصه وزيراً للزراعة.. و لكم ان تسألوا عن مشروع الجزيرة و المناقل و مشاريع النيل الأبيض و الأزرق و صادرات السودان الزراعية في عهد الدكتور الزراعي المختص، و لكن تلك قصة أخرى..
    كانت كلمة الدستور بغيضة للجماعة الأمنية السياسية، فهُم (دكاترة بلا حدود) إلا حدود شهواتهم المريعة، أما أن تأتي قيود الدستور بالحريات العامة و لو توالياً سياسياً ( فعلى أجسادنا) كما يحلو للدكتور أن يقول. و لكن التوالي انتصر تحت رآية الشيخ الهمام في شمس نهار الشورى و أحترقت صيحات الدكتور، خذله يومذاك الأقربون يقدمون رِجلاً و يؤخرون أخرى و لكنهم لم يخذلوه فيما وقر في قلب من كفر بالديمقراطية. و في معركة التوالي داخل صف الحركة الاسلامية الملتزم رأينا لأول مرة الفوضى التي أشعلناها في الخارج ترتد إلينا، سُنة الله التي لن تجد لها تبديلا. و لأول مرة يستعمل الترغيب و الترهيب و المخادعة في إعمال قرارت الشورى التي لا يدخلها العضو الا بقسم غليظ في مقدمة منطقية للفجور الفاحش بالخصومة الذي وقع فيما بعد على أشقاء الأمس أعضاء المؤتمر الشعبي اليوم فيما تلى من أعوام.
    قال لنا الأستاذ الكريم منير شفيق: ( جماعتكم هؤلاء في غاية العجب، كنا في منظمة التحرير الفبسطينية حول عضو في القيادة و أثبتت عليه كل ما يحدث أن يحرم من حضور الاجتماعات و يقصى من منصبه لكن لا أحد يحرمه من مرتبه أو يطرده من بيته، جماعتكم هؤلاء لمجرد اختلاف في الرأي يأخذون حتى الموبايل!!)
    وذات صباح أكمل الدكتور نافع و صحبه عدتهم للإنتصار لكبريائهم الجريحة و أفكارهم الكسيحة في معركة الرد على انتصار التوالي، و ليفاجئوا مجلس شورى المؤتمر المطني بورقة من خارج أجندته. جاء الرئيس وفقاً لنصائحهم بزيه العسكري ليضفي على الجلسة أجواء الانقلاب و الرهبة و القهر يوافي عشقهم السرمدي و يباعد عن الطبيعة الشورية المدنية الشعبية لمؤسسة الشورى.
    أطالت مذكرة العشرة التباكي على ضياع المؤسسية و الشورى و تحدثت عن الحركة الاسلامية و لم تذكر المؤتمر الوطني الذي اختطفت جلسته و أحصرت أجندته، و لكن الدكتور نافع ورفاقه كانوا يبكون على أيام جهاز الأمن حينما كانت الحركة الاسلامية ترفدهم بكل شئ و هم يشوهون مثلها و تاريخها، كانوا حانقين على فسحة الحرية حاقدين بوجه خاص على الشيخ الذي أنزلهم من عليائهم و ذكرهم بأنهم مثل سائر جنوده في معركة بناء مجتمع الاسلام قبل دولته. و مهما يكن الذي كتب المذكرة أو تلاها أو نظم أفكارها ممن التقت حماقته أو أحقادة باحقاد المجموعة الأمنية، فإن الدكتور نافع و ثلته كانوا على بصيرة من أمر معركتهم و انها ماضية حتى اقالة الشيخ و ابطال الحريات و اعادة المجد لجهازهم (ذو الشر).
    كانت الريح تجري رخاءً بالريئس البشير داخل أجهزة الحركة الاسلامية و أروقتها، لا يكاد ينازعه أحد أو يعكر عليه صفوة أيامه حتى عرض له الدكتور نافع و جماعته كما عرّض ابليس لآدم في الجنة، عادوا من هزيمة الاخراج و هزيمة التوالي بطاقة أوفر للشر و وجدوا ضالتهم في هواجس النفس البشرية و ضعفها ثم في موافاة أجندتهم السرية لأجندة النائب الأول. قال النائب الأول لكاتب هذه السطور عشية الحريق الذي أشعلته مذكرة العشرة، و قد جاء الى الاجتماع متأخراً و تسلل منه مبكراً قبل أن تحسم المداولات في أمر المذكرة بعد أن نقلت إليه بالتفصيل ما حدث.. ( هنالك مشكلة بين الرئيس و الشيخ، نعم.. و لكن لا يمكن أن تحل بهذه الطريقة، أخبروني بأنهم سيقومون بعمل يحل المشكلة و لم أتصور أن يتم بهذه الطريقة.. سنخرج من هذه الفتنة بحزبين أو ثلاثة أو أربع إلا اذا لطف الله و صفد ت الششياطين في رمضان المقبل بعد يومين).
    و بحساب السياسة البسيط – كذلك ? لا تكاد تجد أي مصلحة للنائب الأول في جعل عاليها سافلها و قد عكف الرئيس و الشيخ معاً يخيطان له تاج الامارة، و مهما تكن أفكاره تتناقض جذرياً مع أفكار الشيخ فقد أثبت في مرات عديدة أنه يخلص إلى أهدافه في هدء أكثر. أما الرئيس فقد أفلحوا في بعث الفوضى في عالمه و وضعوه على حافة الجنون: (لن تكون أنت مرشح شيخ حسن للرئاسة على أية حال، سيختار محمد الأمين خليفة أو علي الحاج، الشيخ صار همه كله مع ناس الغرب… الشيخ لا يشربك و يضعك كما تفعل مع زجاجة البيبسي و لكنه يشربك و يعفصك و يلقي بك في سلة المهملات كما تفعل مع علبة البيبسي).
    يستعيد الدكتور أيام دراسته في أمريكا و يذكر كاوبوياً نزقاً فعلها لأنه لا أحد يفعل ذلك بعلبة البيبسي.
    ثم أدخلوا الفوضى الى عالم النائب الأول المعتزل المحصن، و دفعوه أن يقول في جلسة عادية للمجلس القيادي يريد أن ينقض في أسبوع واحد ما أثبتته في الاسبوع الماضي: (أنا من اليوم إنسان آخر لقد صمتُّ كثيراً و لكن كل سيوفى سأشرعها منذ هذه اللحظة).
    و كما أدخلوا الفساد و الفوضى الى اروقة القرار الداخلي للحركة أثاروا لأول مرة نتانة العنصرية و جاهليتها، و لنعرف لأول مرة – كذلك – بعد ربع قرن قضيناه في الحركة الاسلامية أن هناك شايقية و جعليين و دناقلة و أولاد غرب و أولاد بحر… و أن هنالك من يريد جنوب بلا جنوبيين… و اختاروا للفصل الخاتم من فتنتهم مناسبة شديدة الدلالة على بؤس الأخلاق و بؤس النظر، قطع الطريق على انتخاب الوالي من شعب الولاية.. القرار الذي اتخذه المؤتمر العام.
    و الذي أمَّه عشرة آلآف من كل انحاء السودان. و لهم ان يحقدوا خاصة على مؤتمر اكتوبر 1999 لأنه أفصح لهم عن أوزانهم داخل الحركة حينها أقصى كل جماعة مذكرة العشرة عن مجرد عضوية مجلس الشورى الذي يضم أكثر من ستمائة عضو. و عندما كانوا غارقين في مؤامرات الخرطوم (كان الشيخ يحاصرهم بالولايات كما فعل الإمام المهدي) بتعبير أحد الأساتذة الأجلاء. واقع الأمر أن الشيخ استفرغ وسعه في ترسيح الطبيعة الشعبية للحزب الحاكم و هم كما قال لا يؤمنون أصلاً بالشعبية، اما الذي اذاقهم مرارة الاقصاء فهم ثلة من أنصاره أدارت عليهم مكرهم و أعملوه فيهم بعد أن كان المكر و التآمر منكراً و حراماً في داخل أروقة الحركة الاسلامية، و المكر السئ يحيق بأهله على أية حال.
    وفي فاتحة أعمال ذلك المؤتمر العام تحديدا عبرت الحركة الاسلامية أو حزبها المؤتمر الوطني لحظات شديدة الأثربالغة العاطفة، إذ استشرى نبأ الخلاف و تسرب الى صحف الخرطوم و حتى الى صحف العالم، أن الشيخ و الرئيس لا يلتقيان منذ وقت طويل. و ذلكم كان واقع الحال بالفعل فقد رفضت بعض القيادات و منهم الدكتورعوض الجاز و الأستاذ ياسين عمر الامام أن يتم اللقاء على ملأ مما عرف يزمها بالقيادة الوسيطة (المجموعة الممسكة فعلا بدولاب العمل اليومي). و استعصم الشيخ يرفض أي لقاء آخر. و أخيراً تمكن كاتب هذه السطور بالذات أن يجمع الصف القيادي بما فيهم الرئيس قبل منتصف ليلة المؤتمر بقلي لفي الصالون الملحق بغرفة الشيخ الترابي الخاصة، و بمساعدة سخية من د.علي الحاج محمد و الأستاذ علي عثمان محمد طه، و قد اتسم اللقاء بكثير من المشاعر الفياضة بعد أكثر من عام على التجافي و الخلاف. و قد انتقلت تلك المشاعر الى جلسة الافتتاح صباح المؤتمر حيث أكد كلاهما أن الذي ينتظر الخلاف و الشقاق سيخيب رجائه. و تجاوب العدد الكبير من المؤتمرين بحناجر باكية و عيون دامعة سوى رجل واحد.. الدكتور نافع أقسم على الملأ أن أي خروج عن سياق خطتهم لن يكون و قد أخذته المفاجأة، فهو لحسن الحظ لمن يشهد اجتماع منتصف الليل.
    الدكتور نافع من حسناته التي لا فضل له فيها أنه لا يكاد يكتم مشاعره: و كما في تصريحاته الأخيرة بعد قرارات مجلس الأمن أنه سيرد الكأس كأسين الى أمريكا و بريطانيا و فرنسا و مجلس الامن ( يقصد الصاع صاعين) : ( أنت يا مستر مصطفى سعيد رغم المجهود الذي بذل في تثقيفك تبدو و كأنك تخرج من الغابة لإول مرة). استطاع مصطفى سعيدنا أن يبر بقسمه و يدفع أجواء المؤتمر الى عكسها تماماً و يحوله الى حلقة في مسلسل الكارثة التي بدلت ملحمة الحركة الاسلامية الى مأسأة و لعنة.
    لقد انتصر الشيخ الترابي عبر المؤتمر العام تحت رآيات الشورى و الشفافية و الوضوح و لكن طليعة الشؤم انتكست الى الطريق الذي تعرفه و تألفه.. التآمر ثم التآمر ثم الارهاب ثم القهر.. و كما توهموا أن الاغتيال تحول استراتيجي يمكن أن يغير التاريخ ، خدعوا أنفسهم بأن شق الصف الاسلامي و نقض قراراته سيمضي وفق أهوائهم. إن قرار حل المجلس الوطني الذي دفعوا اليه الرئيس عشية التعديل المرتقب للدستور ليوافي تطور خطة الحركة الموضوعة منذ سنوات هو الذي فتح الطريق أمام فتنة دارفور و فتنة الشرق و أجبرهم على قبول كل الأفكار و المبادئ التي بسطها لهم الشيخ من أصول الاسلام، و لكنهم أذعنوا لها على الأقل نظرياً و وقعوا على أوراقها تحت ضغوط الغربيين الكفارو كفى بها مذلة لمن أبى أن تكون العزة لله و لرسوله و للمؤمنين. و هي مذلة ستمضي عليهم سننها حتى النهاية و قد ساروا طريقها حذو النعل بالنعل، فبعد شق الحركة و بعد تسليم الاسلاميين و بعد تعريض البلد للتشرذم و التقسيم سيأخذ الغرب بخطام أنوفكم حتى تطبعوا مع إسرائيل في مشروع الصفقة التي قد تنجو بكم من محكمة لاهاي و لكنها لن تنجو بكم من ابتزازهم حتى يكبكم على وجوهكم في النار، و ما أحرى الدكتور نافع و ثلته بدعوة الحجاج بن يوسف: ( اللهم أغفر لي، فقد زعم أناس أنك لن تفعل). ثم قدر الله ألا يهربوا بعيداً بجريمة دارفور، أحاطت بهم دماء بريئة و أنفس استعصمت بالجبال و الوديان و الصحارى عن ظلمهم و عكفت تكتب القرآن صباح مساء. لكنهم أدركوها بالطائرات، و أكرر أن الجريمة و المجزرة ليست في عشرة آلآف ينتخبون من ينتخبون و يعضومن من يعضون و لكن الجريمة و الفضيحة أن تقصف شعبك بالطائرات مهما تكن المسوغات و الحجج سوى ما رسخ في القلب من الاستكبار و العنجهية و العنصرية و صدقه الإثم و العدوان.
    ان الذي أوقع عليكم القرارات 1590، 1592، 1593 هو ما كسبته أيديكم و ليس القوائم التي أعدها قادة المؤتمر الشعبي في الخارج – كما زعم الدكتور نافع و هو يخدع نفسه و يخادع الناس- ، ان الذي يستطيعه كاتب هذه السطور ان يكتب فيكم مثلها كل صباح و يقل لكم في أنفسكم قولاً بليغاً، و لكنه لم يفعل لأن الله سبحانه و تعالى لا يحب ذلك، و لأن بدوياً بسيطاً جاء من اغوار البطانة او مغـاويرها كما جاء الدكتور نافع لقال لنا ( كـعب الاقـربين اتفاتتـوا الامغـاس ) ولأنه أراد ان يلقي ببصره بعيداً نحو المستقبل و يغضه عن أمثالكم. أما أن جحافل ضباط الأمن الأذكياء منهم و الأغبياء المؤهلين منهم والعاطلين عن الموهبة والتأهيل إلا من رضـاً عـرقي او محسوبيـة و أرتال المرتزقة الذين تشترونهم بأموالكم وجيوش الدبلوماسيين والسفراء لم يخبروكم بحقائق العالم الصعبة، وبالذي يستطيع أن يؤثر على قرار امريكا و بريطانيا و فرنسا و مجلس الامن، و يجلبكم من آذانكم الى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، و أن امساككم بمقاليد الحياة و الموت في السودان وتداولكم على المناصب في لعبة الشطرنج الانقاذية منذ ستة عشر عاماً لم يسعفكم في فهم طبيعة السياسة الدولية الراهنة و حقائقها فانها لا تعمى الابصار و لكن تعمى القلو ب التي في الصدور.
    و لو أن قادة المؤتمر الشعبي يقبلون المساومة على المبادئ و الأصول لجلسنا معكم في حل و سهل نرتع في أموال الشعب الحرام و نتطاول في البنيان و نحدث الناس كل يوم بلسان :

    و آل يزيد عليهم نعيم غلائل في السحن الزائفة
    و آل عليًّ عراة حفاة على الرمل يمشون في الصائفة
    و يسألنا سائل: و فيم اضطرراكم و المرارات و المحن الجمة المسرفة
    وان شئتم مثل من شاء كنتم .. ففيم و فيم ؟!
    نجيب : ولكنها الحمية والمعرفة
    درجنا علي الزود عن شعبنا
    و ذلك جد مكلف

  4. ( وحسب عقلية الرجل الانتقامية انه خطط للعملية ولكن طالب المنفذين باللجوء لعلى عثمان وان يكون هو بعيد عن الصورة حتى اذا تكشف شيئا يكون حينها على عثمان متورطا فيضرب هذا بذاك ويخرج سالما )هذا التحليل صحيح مائة بالمائة ودليلى على ذلك اننى كنت جالسا مع صديق يعمل مديرا للتخطيط فى احدى الوزارات بالخرطوم أوائل عام 1995أطلعنى هذا الصديق على محضر اجتماع (مسرب) لمجلس الامن القومى برئاسة الترابى يقول فيه الترابى بالنص لاعضاء الاجتماع ( لا أذيع سرا ان قلت لكم ان نهاية فرعون مصر قد باتت وشيكة ) وبعد عدة أشهر وقعت المحاولة الفاشلة

  5. هههههههههه…داير تطلع علي عصمان برئ…امشي العب بعيد
    الترابي كلامو كلو صااااااااااح و هذا قليل من كثير و التقيل جاي ورا
    حضر ليك مقالات للجاي…
    عالم زبالة…

  6. هههههههههه…داير تطلع علي عصمان برئ…امشي العب بعيد
    الترابي كلامو كلو صااااااااااح و هذا قليل من كثير و التقيل جاي ورا
    حضر ليك مقالات للجاي…
    عالم زبالة…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..