مقالات سياسية

بدري على إفريقيا

أفريقيا قارة مثقلة بالمشاكل الحادة والعميقة أمامها مشوار طويل لتصبح على اتفاق يعزز وحدتها التي ما زالت تعتريها الكثير من المشاكل، وفكرة الوحدة الأفريقية قديمة ففي عام 1980 دعت إليها منظمة الوحدة الأفريقية والتي صارت فيما بعد الاتحاد الأفريقي ودعت إلى اتخاذ كل السياسات اللازمة التي من شأنها أن تعزز حرية التنقل داخل الدول الأفريقية.
في كل قمة أفريقية تناقش الكثير من القضايا والمشاكل التي تواجه القارة، ولكن رغم ذلك لم يحدث أن اتفق القادة الأفارقة على مشروع يذكر، من شأنه دعم العلاقات بين الدول، فكثير من دول القارة بينها عداوات غير مبررة ولا معنى لها .
قمة الاتحاد الأفريقي رقم 27 والتي عقدت خلال يومي 17 و18 من هذا الشهر في العاصمة الرواندية كيغالي، وقد حضرها خمسون رئيساً، صادقوا جميعهم على قرار إصدار الجواز الأفريقي الموحد، الذي سيعزز التكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي حسب وجهة نظر الاتحاد، مطالبين الدول الأفريقية ودول العالم بالاعتراف بالجواز.
الاتحاد الأفريقى يخطط لإلغاء متطلبات الحصول على التأشيرة لجميع مواطني أفريقيا في جميع الدول الأفريقية بحلول عام 2018، وذلك وفق جدول أعمال الاتحاد لـ2063. رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقى قالت: إن مبادرة التأشيرة الموحدة خطوة ثابتة نحو هدف إنشاء إفريقيا القوية والمزدهرة التي يقودها مواطنوها، والقادرة على أخذ مكانها الصحيح في الساحة العالمية.
السؤال الذي يطرح نفسه هل الوقت مناسب لإصدار هذا القرار؟ وهل أفريقيا مستعدة للوحدة وفتح أبوابها على بعضها بحلول العام 2018؟ وهي دولة فقيرة وكلها صراعات ومشاكل وما زالت كثير من دولها تقع تحت تأثير الدول المستعمرة التي ما زالت تتعامل مع دول إفريقيا وكأنها ما زالت من مستعمراتها، كما أن بعض الدول الأفريقية لديها مشكلة كبيرة في تقبل الآخرين، هذه المشاكل هي التي ستعوق أي جهود للتكامل الأفريقي.
مشاكل أخرى يراها منتقدو خطوة الجواز الموحد – مع إنها ليست بذات الأهمية – وهي أن الإعفاء من التأشيرة وإلغائها سيسمح (للإرهابيين) بالتنقّل والسفر بسهولة بين دول القارة وبلدانها. ويمكن أن يزيد من التنافس على الوظائف, ولا سيما في الدول الأصغر حجماً. إضافة إلى أن الإيرادات من رسوم التأشيرات أصبحت مصدراً مهماً لدخل السفارات, والتي يشعر مسؤولوها بالقلق من أن إلغاء متطلبات التأشيرة سيجعل من الصعب إبقاء أبواب تلك السفارات مفتوحة.
الاتحاد الأفريقي يريد لأفريقيا النموذج الأروبي، ولكن أروبا نفسها لم تصل لهذا النموذج إلا بعد أن وصلت مرحلة معينة وأصبحت كل دولها تتمتع بنفس المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي المستقر تقريباً مما سهَّل عليها كثيراً.
أفريقيا الآن ليست بحاجة إلى جواز موحد بقدر ما هي محتاجة إلى قادة يخرجونها من مستنقع التخلف والجهل والصراعات وأزمة الحكم والانعتاق من الإحساس بالتبعية والانتقال إلى مساحات أرحب، أما الجواز الموحد فهو مرحلة لاحقة تأتي بعد أن تسمو وترتقي كل دول القارة بنفسها، وما زال الوقت مبكراً لإصدار جواز أفريقي موحد

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..