قراءة في كتاب “ام دوم” في ذاكرة التاريخ

ام دوم في ذاكرة التاريخ
بحث ودراسة في التاريخ الاقتصادي والثقافي والعلمي
والديني لإحدى قرى السودان الأوسط
المؤلف بروفيسور حسبو الفزاري
تناول كتاب ام دوم في ذاكرة التاريخ لمؤلفه بروفيسور حسبو الفزاري تاريخ مدينة ام دوم ومجريات الاحداث فيها خلال الفترة الممتدة منذ أواخر القرن السادس عشر الميلادي و حتى بداية القرن الحادي والعشرين الميلادي والكتاب يعد بحثا ودراسة في التاريخ الإجتماعي والإقتصادي والثقافي والعلمي والديني لإحدى قرى السودان الأوسط ويقع الكتاب في جزئين يتكون الجزء الأول من ثلاثة فصول يعالج الفصل الأول منه النشأة والتطور والفصل الثاني الاسم والموقع والسكان والفصل الثالث الأحوال الإجتماعية والإقتصادية ويتكون الجزء الثاني من ثلاثة فصول تتناول الاحداث والتطور في الادارة والسياسة والتعليم والثقافة .
وقد اتخذ مؤلف الكتاب بروفيسور حسبو الفزاري ، وهو قانوني ضليع واديب اريب ، طريقة و منحى توثيقياً بني على Primary & Secondary Sourcesوالثانوية اثبات النصوص من مصادرها الأولية
المكتوبة والمسموعة ومن ثم تسجيل الملاحظات التحليلية بعد ذلك عن طريق التحليل للنص و التحليل المقارن مع غيره من الوقائع التاريخية و الاجتماعية والاقتصادية والدينية والعمرانية في نفس الفترة من تطور المدينة التي بدأت مثل غيرها من القرى والمدن النيلية في وسط السودان قرية صغيرة حول مسجد احد اولياء الله الصالحين الشيخ عبد الصادق ود حسيب ود الشيخ البنداري الذي ورد اسمه في كتاب طبقات ود ضيف الله لمؤلفه الشيخ محمد النور بن ضيف الله والذي حققه العالم الجليل بروفيسور يوسف فضل .
وقد ركز المؤلف بروفيسور حسبو الفزاري عند استعراض النصوص والوقائع التاريخية والاجتماعية والثقافية على التسلسل الزمني لها لأغراض من أهمها التعرف على ملامح التطور الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والديني والعمراني عبر الزمن لمدينة ام دوم كنموذج لتطور القرى والمدن في السودان الأوسط.وقد ذكر المؤلف في الفصل الأول من الجزء الأول أن الدراسة تقتصر فقط على تأريخ أم دوم الفكي عبد الصادق ( مدينة ام دوم الحالية ) أي ان الدراسة لا تتعرض لفترات العصر الوثني والعصر المسيحي والتي ربما كانت مدينة ام دوم في تلك الفترة قرية في الموقع الحالي أو بالقرب منه بإسم آخر ولكنه رجع وذكر في المبحث الثاني من الفصل الأول أن درس تطور القرية او المدينة سيتم في ثلاث مراحل تتناول المرحلة الأولى ام دوم في العصر الوثني وتعالج الثانية ام دوم في العصر المسيحي وتتناول المرحلة الثالثة والأخيرة ام دوم في العصر الإسلامي . وقد خلص المؤلف برفيسور حسبو الفزاري من دراسة بعض العادات الوثنية والمسيحية التي مارسها سكان ام دوم الحالية الى استتنتاج وجود قرية وثنية تحولت الى قرية مسيحية قبل ان يتغلب عليها العنصر العربي اخيرا فيحولها الى قرية اسلامية . ويؤيد هذا الراي الذي خلص اليه المؤلف ارتباط تاريخ امدوم بتاريخ سوبا شرق.. عاصمة مملكة علوة المسيحية 1504 ? 540 ميلادي،
وقد ورد ذكر مملكة علوة وعاصمتها سوبا في كثير من كتب المؤرخين امثال المقريزى والمسعودي حسب ماورد في كتاب تاريخ السودان لنعوم شقير و ذكرت كتب التاريخ انه كانت توجد بها مجموعة من الكنائس التي بنيت على طراز (البازيلكا)، ومنازل سكنية مسقوفة بأشجار الدوم مما يدل على وجود غابات من اشجار الدوم والتي ربما اشتق منها اسم مدينة ام دوم الحالية والتي ربما كان بموقع ام دوم الحالي احدى مدن مملكة علوة حيث أن مملكة علوة لم تكن مملكة محصورة في مدينة واحدة هي سوبا بل مملكة ممتدة بها مدن وقرى وقد ذكرت المصادر ان مملكة علوة تمتد حدودها شرقاً مسافة ثمانية مراحل إلى منطقة تفلين عند دلتا القاش شمالي مدينة كسلا الحالية. وتتوغل حدود علوة غرباً في الصحراء مسافة خمس مراحل ? كما ذكر ابن حوقل. وقد قدر اليعقوبي إتساع المملكة بنحو ثلاثة أشهر. وهكذا امتدت حدود مملكة علوة ? بناءً على المصادر العربية – على النيل الأبيض جنوباً، ووصلت حدودها شرقاً إلى منطقة كسلا وغرباً إلى مناطق دارفور. فمملكة علوة قد امتدت تقريباً على الحدود الحالية للمناطق الوسطى والغربية والشرقية للسودان الحالي. وقد اثبتت الدراسات التاريخية والحفريات الاثرية التي اجريت في 1950 ? 1952م ان سوبا مدينة ذات مبانٍ عظيمة من الطوب وتتمتع بحضارة عريقة، وقد مكنت المقتنيات الموجودة معرفة مباني وحضارة القرن التاسع الميلادي والخامس عشر، وذكرت سوبا باسم الوديا في الكتابات المسيحية في العصور الوسطى، وذكرت باسم علوة في الكتابات العربية مثل كتابات ابن سليم الاسواني الذي ذكرها باسم سوبا، وذكرها في العصور الوسطى اليعقوبي في أواخر القرن التاسع الميلادي وكذلك المغريزي ( كما ورد في كتاب بروفسير محمد ابراهيم ابوسليم )، وأهم ما وصل من الاخبار في الكتب ما كتبه ابن سليم الاسواني عن مدينة سوبا وهو من كتاب القرن العاشر الميلادي، وقد وصف ابن سليم سوبا عاصمة علوة بأنها كانت فيها حسان ودور واسعة وكنائسها كثيرة الذهب وبساتين مخضرة يزرع بها الكروم والعنب، وفيها الخيل البيضاء، وهذا الوصف أساساً استندت عليه جميع الأخبار التي جاءت فيما بعد وهي تصف سوبا أيام ازدهارها، كما لا توجد بها أي أخبار عن سقوطها الذي يقترن مع مجئ الفونج في القرن السادس عشر وسقطت نتيجة تحالف عمارة دنقس ملك الفونج وعبدالله جماع عام 1504م وربما تفرق سكان سوبا ايدي سبأ كما يقولون و منهم من انشأ قرى على ضفاف النيل مثل ام دوم وغيرها من المدن والقرى على ضفتي النيل
وذكر بروفيسور يوسف فضل في موضوع الهجرات االبشرية واثرها في نشر الاسلام (كان للهجرات العربية أثر كبير في القضاء على مملكة علوة المسيحية التي تربطها بعض الصلات بالدولة الإسلامية منذ زمن بعيد، ويخبرنا اليعقوبي أن التجار العرب كثيرًا ما ترددوا على سوبا في القرن التاسع الميلادي، وفي القرن العاشر تمكنوا من إقامة رباط لهم في سوبا، كما أن مجموعات من الأعراب الذين لم يغرهم الاشتغال بالتعدين والعمل في نقل البضائع الشرقية تسربوا إلى مراعي علوة، وقد كثر عددهم بعد أن تدهورت إمكانات المنطقة الشرقية الاقتصادية، وبعد سقوط مملكة النوبة المسيحية، ولما كثر عدد الوافدين وازدادوا منعة وقوة بظهور التكوينات القبلية الكبيرة، وحَّدهم عبدالله جماع القاسمي، وقضى على علوة في منتصف القرن الخامس عشر) . وقد اشار دكتور أحمد الياس حسن في بحثه بعنوان سكان مملكة علوة: من هم العنج ؟
(وبما أن مملكة علوة قد انهارت قبل نحو خمسة قرون فقط، فإنه ينبغي علينا التعرف على أولئك السكان في مجتمعاتنا المعاصرة التي تكونت بعد انهيار مملكة علوة، خاصة وأن كل الأسماء التي عرفت بها تلك التجمعات (أو القبائل) قد اختفت حالياً وحلت أسماء جديدة محل تلك الأسماء) .
وذكر بروفيسور يوسف فضل في موضوع الهجرات البشرية واثرها في نشر الاسلام في السودان ( أن انتشار الإسلام بين الوطنيين – وهم خليط من المسيحيين والوثنيين – يعزى إلى تسرب القبائل العربية في أعداد كبيرة، وإلى توغل التجار في تلك الديار، ولكن عملية التحول إلى الدين الإسلامي كانت بطيئة جدًّا، وحقيقة الأمر أن سودان وادي النيل لم يصبح بلدًا مسلمًا إلا بعد قيام السلطنات الإسلامية كالفونج، والفور وتقلى، والسبب في ذلك أن الديانة المسيحية لم تمت بسقوط الكيان السياسي في مملكتي النوبة وعلوة، بل بقيت المسيحية في بعض مظاهرها حتى وقت متأخر).وهذا يؤيد ما ذهب اليه بروفيسور حسبو الفزاري بأن أهالي ام دوم الأسلامية الحالية كانوا يمارسون عادات وثنية و مسيحية الى وقت قريب .
احسب ان الفصل الأول من الجزء الاول من كتاب ام دوم في ذاكرة التاريخ والذي تناول فيه المؤلف النشأة والتطور من اهم واغنى فصول الكتاب بالمعلومات الواردة في الدراسة و أن فائدتها عظيمة عند توظيفها لدراسة مواضيع أخرى في التاريخ العام والتاريخ الاقتصادي والاجتماعي وظاهرة التفاعل الحضاري بين الأديان والسكان. كذلك فإن مقارنتها بما جاء في كتابات ودراسات اخرى مشابهة لهذه الدراسة ذات أهمية كبيرة لتكوين صورة أكثر اكتمالاً عن تطور المدن والقرى في السودان عامة واواسط السودان خاصة . إن دراسة تاريخ أصول وتكوين المجتمعات تعد من الدراسات التي تؤدي الى ربط المجتمعات بتراثها المشترك وبخاصة المجتمعات متعددة الأعراق والأثنيات والثقافات كما هو الحال في مجتمعنا السوداني ولذلك ينبغي التركيز على هذا النوع من الدراسات والتشجيع على ارتيادها خاصة في مجال الذراسات العليا مثل درجات الماجستير والدكتوراة وكتاب ام دوم في ذاكرة التاريخ من اقيم الدراسات المؤثقة التي يمكن ان يستفيد منها طلاب الدراسات العليا
حاولت في هذا الحيز البسيط تسليط بعض الضوء على هذا السفر القيم لما توفرت فيه من معلومات ثمينة وقيمة ومؤثقة كتبت باسلوب سلس ولغة رصينة واستخدم فيها المؤلف ثقافته وعلمه القانوني في دراسة الاسباب والوقائع وتقديم الحجج والبراهين .ارجو ان يكون في ذلك فائدة للقاري الكريم وان يستفيد منه الدارسون في علوم الاجتماع والتاريخ وغيرهم من طلاب العلم والمعرفة وبالله التوفيق
بروفيسور محمود حسن أحمد
الاستاذ بجامعة الجزيرة وجامعة الامارات سابقاً
AECOM واستشاري الري بشركة ايكوم العالمية
فرع دولة الامارات العربية المتحدة
Mobile : +971509335689
[email][email protected][/email]
عرض مبتور ومجتز وظننت ان يكون العرض سريعا وشاملا لأبواب الكتاب لكنه وقف عند الباب الأول والذي ليس فيه جديد فقط ترديد لما قيل وكتب” إذ القول قبل القائلين مقول” وكالعادة فان السودانيين دائما يتهربون من ماضي السودان ويحاولون بناء مجد السوداان من سنار علما .. كذلك يحاولون تزوير التاريخ بنسبة كل شيء للاسلام والعرب ويزورون كذلك الاسماء السودانية القديمة لانها تحمل سمات الماضي الذي لا يريدونه من تزويراتهم يقولو مملكة سنار والمملكة ليست مملكة فاسم الحقيقي السلطنة الزرقاء وهذا الاسم صدى للمسميات القديمة للمنطقة الم يسمى النيل الأزرق!؟ وبالمثل لسوبا فالمملكة الوا وليست علوة والعاصمة سَوْبَ وكلها لها دلالت باللغات السودانية القديمة .. ويقول ان العرب انشاوا رباط في مملكة علوا والحقيقة ان العرب كانوا بدوا دخلا وكعادة البدو النازحين بنوا اعشاشا ورواكيب بعيدا عن العمار المسكونه بالنوبيين وهي بلدة ارابجي والنوبيين هم الذين اطلقوا عليهم هذا الاسم وتعني الاعراب وليس العرب وذلك لسناهم المتطرف ,,, ورغم ان اكثر قري نهر النيل والنيل الازرق والجزيرة لا تزال تحمل اسما نوبية ولكن السكان صاروا عربا بقدرة القادر ولست ادري لم اطلقوا هذه الاسماء النوبية طالما هم عرب أو أعراب!؟ وقرية ام دوم هذه قطعا سكنت في عصور مختلفة وهي امتداد لمنطقة حلفايا وبعدها العيلفون وهي اسماء نوبية.. ويبدو ان المنطقة كانت تزخر باشجار الدوم وهي اشجار سودانية لم يعرفها العرب فالنوبيون الذين سكنوا هذه المنطقة المتميزة باشجار الدوم نسبوها لشجر الدوم بلغتهم وهي { امبي كو } يعني ذات الدوم وبلهجة السودانيين ام دوم … فلما نوي السودانيون التهرب من خلفيتهم النوبية ترجموها للعربية .. لسوء حظ أعراب السودان وعروبيها بقيت اكثر القري باسمائها النوبية ولما جهلوا المعنى استعصت عليهم الترجمة فظلت كما هي ولكن في الفترة الاخيرة {نووا التغيير فيما يبدو ولكن هيهات .. وما اسماء مثل حلفايا، العليفون، كترانج، سنار، سنجة، مارنجان، النوبة، القلقال، التي، تكينة، اربجي، سوكي، الدمبو، اوليا، الخرطوم، امدرمان، شندي، الكدرو، امقد، كبوشية، قري ، الدامر، اتبرا، اسلانج، كدكول، بري، توتي، برنكو، كتمير، قرير، قندتو، كلومسيد،كسنبر، كاسنجر، فداسي، الزومه، نسري،القيلي،مويس، الميجا،وا وسي، بانقا، الجيلي، الهوبجي، ود ارو، ود راوه, كورتي، مروي، مقرات، همدنسي ….الخ فالقائمة تطول
نشكر الأستاذ المؤلف على جهوده في إبراز هذا التاريخ عبر سفره كما نشكر الأستاذ الكاتب على تقديمه للسفر وتنبيه الناس إليه حتى يستفيدوا منه ..
كلمة لابد من قولها .. تعودنا أن نقرأ للكتاب من السودان الأوسط أسفاراً تجتزي تاريخ السودان إجتزاءاً .. بفصل أوله عن آخرة وحاضره .. وكأنهم يريدون تسويق فكرة أن سكان ممالك العصور الوسطى في السودان الأوسط خصوصاً مملكة علوة – أن سكان تلك الممالك – لا وجود لهم في سودان اليوم وكأن الأرض قد إنشقت وإبتلعتهم .. في حين أن لا أحد يريد أن يبحث في تاريخ شعوب مثل النوبة الذين يقيمون اليوم في جبال النوبة بالرغم من وضوح الفرضيات التي يمكن أن تقام عليها دراسات أكاديمية جادة بخصوص تاريخهم وماضيهم المرتبط بوسط السودان .. وللأسف أبناء تلك الشعوب هم الأقدر على التفتيش عن ماضيهم من خلال لغاتهم وتراثهم الغنائي والديني الممارس إلة اليوم بالرغم من جهود الجارية لطمسه منذ إستقلال السودان ..
وكما ذكر البروفيسور مقدم الكتاب أن هذا مجال خصب جداً ومفيد للباحثين في الدراسات العليا وهو مجال يقدم الإجابات لمسائل كبيرة جداً كمسألة الهوية السودانية .. لذا نرجو من شباب السودان وخصوصاً القبائل الناطقة بغير العربية الأنكباب على هذا التراث ونبش ما تبقى منه ونشره للسوداني ..
البنوبة مثلاً يعتقدون أنهم شعوب كانت تعيش في وادي النيل .. وهذا موجود في أغانيهم وقصصهم وعاداتهم وأسمائهم التقليدية التي كانوا وما زالوا يتسمون بها ..
نجزل الشكر للأساتذين الجليلين على جهدهما ..