كلو ده من أميركا.. !!!!!!

تعوم الخرطوم وسط برك من المياه الآسمة المخلوطة بمياه الأمطار والغازورات والنفايات البشرية والصناعية ليواجه السكان ظروف صحية غاية في السوء، فليس من بيت يخلو من مرض بيئي سواء كان ملاريا أو التهابات أو غيره من الأمراض التي باتت في كل بلدان الدنيا شيء من الماضي. نسقي شعبنا مياه ملوثة ونتلاعب في مواصفات تنقيتها لتودع الأمهات يومياً المئات من ابنائهم من ضحايا أمراض الكلى والسرطان وغيرها. كل هذا من أميركا فهي التي تلتهم مليارات الجنيهات المتحصلة من جيوب الشعب المسكين وهي التي توجهها نحو الصرف البذخي وملىء جيوب المليارديرات الجدد أبواق الإنقاذ الذين قسموا الناس إلى طبقتين لا ثالثة لهما. نعم أميركا هي التي تلاعبت في مواصفات الطرق وهي التي تحول المحليات ومؤسسات الدولة إلى أكشاك تحصيل عشوائي وصرف خرافي لا يراعي أبسط القواعد الأخلاقية. وأميركا هي التي أفرغت مؤسساتنا الإنتاجية والخدمية من كوادرها المؤهلة ليحل الولاء محل الخبرة فهي السبب في هذا التدهور الممنهج!!!!!
يتجول أعضاء تنظيمات المؤتمر الوطني من الشباب والطلاب بآلاف السيارات وينفقون مئات الملايين من مال الدولة يومياً في ملتقياتهم ووجباتهم من أجل التنسيق لاستقبال رئيس مغشوش بتكريم وهمي ليخرج الناس وينصرفون عن أعمالهم إكمالاً لرقصة وزفة ضحيتها الشعب المسكين المغلوب على أمره. كل هذا من أميركا فهي التي علمتنا الصرف على المسيرات الوهمية وهي التي أمرتنا بأن نصنع عشرات الآلاف من الأبواق لتهلك ما تبقى من خيرات البلد. نحن يا سادة في بلد تصرف فيه المليارات يومياً على نفر من المطبلاتية عديمي الضمائر في وقت يعتاش فيه آباؤنا المعاشيون على ثلاثمائة جنيهاً في الشهر بعد أن قضوا أكثر من 40 عاماً في خدمة الإنتاج وتنفسوا رائحة حليج القطن وعبق الزرع وتحملوا هدير المصانع التي دمرت بين ليلة وضحاها.
تغيب عنا الكرامة ليخصص القصر دقائق غالية لاستقبال موظفة في شركة علاقات عامة لتعلن من قلب مقر سيادتنا عن واحدة من أكبر الفضائح التي ظللنا نعيشها يوماً بعد الآخر حتى أصبحنا أضحوكة للعالم. كل هذا من أميركا التي علمتنا أن رئيسها يتنازل عن سيادة بلده ويقبل باستقبال ممثلة لاعب كرة (ميسي نفسه نفى أن تكون مبعوثته) لأن اللاعب صاحب القميص مشغول بجدول تدريباته وارتباطاته الكروية.
يرتفع الدولار على رأس كل يوم أيضاً بسبب أميركا فهي التي أمرتنا بأن نمعن في الفساد ونلتهم عشرات المليارات من الدولارات ونحولها إلى جيوب أصحاب المصلحة لتتعطل مشروعات الإنتاج ويختل ميزاننا التجاري وتتدهور عملتنا الوطنية بهذا الشكل المريب وتصبح مثل الورق تطبع بالمليارات يومياً لتزيد معدلات التضخم ويتواصل الصرف البذخي المخجل وتتحول حياة الناس إلى جحيم لا يطاق.
أوحت لنا أميركا بأن ندمر مؤسسات التعليم العالي ونحول جامعاتنا إلى مدارس ابتدائية ذات مخرجات بائسة لتتدهور الخدمة المدنية وتدار بطريقة الأسواق العشوائية حيث يأكل القوي الضعيف. نعم لقد أجرمت أميركا في حقنا فهي بهذا الفعل القبيح تمحي من الوجود جيل كامل بدأ السودان بالفعل يعيش تبعات الفراغ الذي خلفه.
علمتنا أميركا أن نرفع راية الجهاد كذباً وبهتاناً لنلقي بخيرة شبابانا في غابات الجنوب لنجني في النهاية ثمار انفصال جزء أصيل يشكل ثلث مساحة هذا الوطن الجريح. ما بك يا أميركا تدفعيننا نحو الشر وتأمرينا بإبادة شعبنا في جبال النوبة والنيل الأزرق اشباعاً لرغبات آثمة. لما ذا يا أميركا جعلتي من أقاليمنا أماكناً طاردة لتتحول شوارع الخرطوم إلى مأوى لمن فقدوا مقومات العيش في مدنهم وقراهم التي كانت تشكل عصب الحياة للسودان.
عملت أميركا وسيطاً غير نزيهاً بين ناقلنا الوطني وإحدى الشركات الخليجية المتهاوية وأوحت لمسؤولينا أصحاب التوجه الحضاري بأن يقتالوا عمداً واحدة من أكبر شركات الطيران في أفريقيا والشرق الأوسط في زمن مضى. ولم تتكتف أميركا بالجرم الذي ارتكبته في حق الناقل الوطني بل مضت إلى أبعد من ذلك لتبيع خطوطه التاريخية وتصر على عدم تقديم من ساهموا في ارتكاب ذلك الجرم إلى العدالة.
أهي أميركا التي توحي لوزير عدلنا بالتدخل في القضايا الجنائية المتعلقة بالمال العام ومخاطبة المتهم بالمشكو ضده تخفيفاً للظلم الذي لحق بنائب رئيس أشرف وأنظف حزب في تاريخ السودان!!!!! يا سيادة وزير العدل وزير خارجية اليابان استقال من منصبه بسبب استلامه هدية يفوق سعرها الحد المسموح به دستوراً بأربعة دولارات فقط. يا سيادة وزير العدل رئيسة وزراء كوريا تركت منصبها معتزرة لشعبها بسبب غرق عبارة، بالله عليك كم من البشر يوموتون يومياً بسبب التلاعب في مواصفات الطرق في السودان؟. كم من الناس يموتون تحت انقاض بيوتهم الطينية بسبب عدم قدرتهم على شراء الأسمنت والطوب وغيره من المواد التي تبني بيوتاً آمنة تليق ببني البشر؟ أتدري لماذا عرض هؤلاء ابنائهم للموت تحت الانقاض: السبب هو وجود حفنة من مصاصي الدماء الذين استباحوا موانئنا وجعلوها ملكاً لهم ولبضائعم ليباع طن الأسمنت بثلاث أضعاف سعره في أي بلد مجاور. ألا يستحق مثل هؤلاء أن تبحثون يا سيادة الوزير في الوسائل التي تردعهم بدلاً من إهدار وقتكم الثمين في زيارة الأقسام لمهام لا تندرج تحت أولوياتكم المفترضة؟. هل أعيد المال العام إلى هذا الشعب ليتمتع بأبسط مقومات الحياة وانتهت مهامكم لتتفرغوا للتدخل في شأن شخص مشكوك فيه؟ لماذا لا تتركون العدالة تأخذ مجراها؟. أين أنتم من كل قضايا الفساد التي تزكم الأنوف؟. أين أنتم من قضية حاوية المخدرات وابن الوكيلة وغيرها من القضايا؟.
نحن شعب مسكين تسيرنا أميركا وتحول حياتنا إلى هذا البؤس في وقت يعيش فيه شعبها ديمقراطية حقيقية لا تستطيع معها أي مؤسسة كانت تخطي اللوائح الموضوعة ولا تتجرأ على التعدي على المال العام مهما كان حجمه. لم نسمع أن حجبت أميركا صحيفة من الصدور أو منعت مواطناً من السفر بسبب رأي.
يا سادة ما دامت العدالة غائبة والضمائر غزرة والإرادة معدومة ستستمر حياتنا هكذا بسبب أميركا التي دنا وقت عذابها.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..