الهجرة إلى اديس أبابا

ما كل ما يصيبنا يقتلنا، فبعضه ربما يكون سببا لازدياد مناعتنا ضد كل الامراض ومن بينها أمراض الخور والعجز والخرف ورهاب الموت قبل أن نحسم امورنا ..
سيجتمع القوم غدا في اديس ابابا ليوقعوا على خارطة طريق امبيكى ، وربما اختلف اجتماع اديس ابابا عن اجتماع الجمعية العمومية للحوار في الخرطوم من حيث الشكل، إلا أن الاجتماعين يتفقان في المضمون .. فاجتماع الخرطوم جمع الاسلامويون بمختلف مدارسهم ومصالحهم مع الأحزاب المزورة التي صنعها جهاز أمن ومخابرات النظام الاسلاموى مع عدة عملاء مندسين في أوساط المعارضة المدنية والمسلحة ابانت الأيام عمالتهم .. إجتماع أديس أبابا جمع نفس الاسلامويون مع بعض حاملي السلاح وأحزاب تعبت من المناهضة والمناقحة فاختارت أقصر الطرق لتحقيق مصالحها ومصالح الشعب السوداني كما ترى وتعتقد ..
لست متفائلا ولا متشائما حيال الاجتماعين وما يمكن أن ينتج عنهما ..
لست متفائلا لكوني لا اعتقد أن ازمة التطور في بلادنا والازمة المعيشية والاجتماعية الخانقة في بلادي يمكن ان تجد علاجا ناجعا من خلال هذين الاجتماعين .. ما لفت نظري هو أن كل أطراف هذين الاجتماعين مشغولين بقضايا تتعلق بالسلطة والحكم بينما تغرق البلاد في اوحال السيول والامطار ، وكل المجتمعين او الذين سيجتمعون غدا لم يتحدث أحد منهم عن أرواح شهدائنا في رمضان 1990 او سبتمبر 2013 او شهداء بورتسودان وكجبار والمغتصبات من نسائنا في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان والخرطوم ..
لست متشائما لأني لا اعتقد أن المجتمعين أمس في الخطوم او غدا في اديس أبابا ، سيغيرون شيئا في المعادلة القائمة اليوم في واقعنا السياسي :
من يلتحق بالنظام الاسلاموى لن يزيد النظام او يزداد قوة .. فهذا النظام معزول ومكروه تماما من كل الشعب السوداني ، ولن يفيده التحاق البعض به ، فهو كالجرب تصيب عدواه من يلمسه ويستمر في جربه ..
عقبات كثيره تحيط بما سيحدث بعد التوقيع غدا على خارطة طريق امبيكى .. أولها وأهمها هو ما بعد التوقيع من مفاوضات .. المافيا الاسلاموية أهدافها واضحة وضوح الشمس : إنهم يريدون تجديد دماء نظامهم بالحاق قوى جديده كانت معارضة لهم ، مع استمرار ركائز سلطتهم على ماهي عليه ، واهم هذه الركائز ؛ جهاز الامن والمخابرات ، القوانين القمعية ، الميليشيات الخاصة وسيطرتهم على جهاز الدولة والخدمات ..
قوى نداء السودان تدخل اجتماعات اديس أبابا تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى .. منهم من يريد أن تكون خاتمة عمره ترتيبا لبيته الداخلي من خلال السلطة والمال ، ومنهم من تشتت قواته فآثر الحصول على طير في اليد ولا عشرة طيور في شجرة المستقبل .. ومنهم من هو بين بين عينه في جيب معاوية وسيفه مع على ..
الواقع أن خارطة امبيكى من الممكن ان تنتج مخرجاتها حلا مؤقتا يدوم لسنتين او ثلاثة أو أكثر حالها حال نيفاشا .. لكن نتائجها على المدى البعيد ربما ستكون أفظع من نتائج نيفاشا :
المتفاوضون في جمعية الحوار وأديس أبابا أكثر من 110 حزب وحركة حاملة للسلاح ، بينما كان المتفاوضون في نيفاشا جهتين فقط .. المقصود أن كل طرف مشارك في هذا التفاوض يمنى نفسه وأعضاء حركته بفوائد معينه نتيجة لهذا التفاوض : وزارات مركزيه وولائية ومحليه ومواقع في الجيش والشرطة والامن ، غير التعويضات المالية على سنوات (النضال) .. غير أن أمور السودان اليوم ليست كما كانت أيام نيفاشا : فالبلاد مفلسة تماما وخزائنها عدمانه الصرمايه .. فكيف سيتم إرضاء طموحات هؤلاء جميعا ؟
ثم أن المافيا الإسلامويه كانت قد عقدت اتفاقيات سابقه يعيش بمقتضاها الآن رجال ونساء في نعيم تقاسم الثروة والسلطة ، فما الذي سيحل بهم في مستقبل الأيام بعد اتفاق المافيا مع غيرهم ؟ فالمواقع محدودة ولا يمكن استيلادها كيماويا أو فيزيولوجيا ..
ومن يضمن لنا أن من تركبهم المافيا الاسلاموية سرجها بعد أن ترفس من سبقهم ، من يضمن لنا ألا ينتفض الكادر الثاني والأوسط في هذه التنظيمات ويعلنون الحرب على المركز الأصلي والمركز الفرعي المتمثل في قادتهم الركاب الجدد في سلطة المركز المافيوى الإسلاموى ؟
كان في بلادنا حتى اليوم مافيا إسلامويه ومعارضين مسلحين وجنجويد وانتهازيين ..
أخشى أن نشهد في القريب العاجل : مافيا إسلامويه معززه بمعارضين مسلحين سابقين ، جنجويد جديد لنج وجلابة جدد ومراكز متعددة وأطراف لا حصر لها.. اقرأوا ما يحدث في جنوب بلادنا بعقل مفتوح.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..