في الإجابة على السؤال المفخخ …ولم تفاوض الحكومة إذا أعطت ك

بسم الله الرحمن الرحيم
في مواجهة مطلوبات تهيئة الأجواء للحوار من إطلاق للحريات وفك أسر المعتقلين وإيقاف الحرب وفتح مسارات الإغاثة وتكوين حكومة انتقالية.. يكون الرد دائماً بسؤال يقول ( فيم تفاوض الحكومة إذاً في حال موافقتها على كل ذلك ابتداءً ؟) بالطبع لا نستبعد هذا الرد من الطرف الحكومي ..باعتباره أحرص على دولته بتمكينها في كل المناحي..لكن أن يأتي السؤال من شخصيات وطنية وقامات صحفية ناصعة السجل في نضالها ولاقت ما لاقت من تضييق النظام عليها..يبدو الأمر محتاجاً إلى البحث عن أجوبة حقيقية..ويجب الاعتراف ابتداءً بصعوبة الأمر..باعتبار أن السؤال يبدو في غاية البداهة..وسوف نحاول جهد المقل عسى أن تشرع الأبواب فيه لنقاش جدي. ويقسم البعض هذه المطلوبات إلى ممكنات مثل الحريات وفك أسر المعتقلين وإيقاف النار وفتح المسارات..يسهل على الحكومة تنفيذها..ومعجِّزات مثل حكومة انتقالية تفكك دولة الحزب الواحد.والواقع في تقديري أن كل ذلك مما يصعب على النظام ابتلاعه..وقد يقوم بذلك مؤقتاً وتكتيكياً ويعود إلى نقضه كما ثبت على مدار سني حكمه..ببساطة لأن الأمر مربوط بطبيعة الفكرة نفسها والأيديولوجيا التي تحكم النظام..وهي فكرة استعلائية وإقصائية وتؤمن بالعنف نهجاً تردد فيه ما فعل السلف من قطع الرؤوس بإعجاب واتباع..فالأمر أمر دين لا يقبل الدنيّة مطلقاً وفقاً لتدين العصبة الحاكمة لا ديننا الحنيف…هذا من جانب ..أما الجانب الآخر فهو ارتباط كل هذه العوامل أو جلها على الأقل بطريقة أو بأخرى بذوات الشوكة في النظام وقد تعددت وتمددت.. ثم سهمها في ريع اقتصاد طفيلي مراب يضارب في كل شئ من الدولار إلى العقار..ووضع وسلطان ونفوذ..لذلك فإن هذه المطلوبات تندرج تحت أحد أمرين من أهداف المعارضين..- وفيها يجتمع الموقعون على الخارطة والرافضون – أولهما إثبات عدم مقدرة النظام على الصبر عليها..وهي رسالة لرعاة التفاوض..أو رضوخ النظام للضغوط الدولية وابتلاعها كقطعة ثلج تكون فيروس انحلاله العاجل عوض انتظار مصير محتوم آجل..وهو مما لا يمكن للنظام الإقدام عليه حتى بعد أي مفاوضات..وتكون النتيجة واحدة في الحالتين..بذا يتضح مدى تفخيخ السؤال.ووضعه هروباً من مواجهة هذا الواقع ..ودفع استحقاقات الحوار.وتحيل الحكومة المفاوضين إلى أحد خيارين صرح بهما رئيس وفدها في أديس إبراهيم محمود..أما حكومة موسعة أو انتخابات مبكرة..فتأتي عبر انتخابات حتى ولو كانت مراقبة دولياً بفعل تمكنها وكبر إمكانات الحزب..ودونكم اقتراض محمد حاتم منه في القضية المثارة هذه الأيام .
جانب آخر من محاولة الإجابة يتمثل في استحضار التجارب التي أخذت بهذا المفهوم.. ونعني بهما نيفاشا وأبوجا رغم الرعاية الدولية الكاملة..ونسأل عن مصيرهما ..أليس عدم الالتزام ببنودهما هو سهم النظام في انفصال الجنوب ووجود مناوي في المعارضة جنباً إلى جنب مع عبد الواحد الذي ووجه بهذا السؤال لدى اشتراطه.. اتفقنا معه أو اختلفنا؟
بالتالي لم تفاوض نظاماً لن يرضى بتفكيكه بأقصى ما استطاع.؟
من جهة أخرى .. هل تنتهي القضايا بتفكيك النظام وتكوين حكومة انتقالية أم تبدأ ؟ الإجابة لا تحتمل أي مراوغة..فإذا كانت قضايا معالجة الانهيار الاقتصادي وإعادة الإعمار وقضايا النزوح والهوية وترسيخ الممارسة الديمقراطية ومبادئ الحريات المسئولة دون عصا الرقيب والتعاطي مع الواقع الاجتماعي المتردي وهجرة الكفاءات والهجرات الوافدة والحكم الرشيد وغيرها وغيرها لا تعتبر قضايا ذات أهمية مقارنة بالمطلوبات ..ففيم الحوار إذاً ؟
فرق كبير أن ندرك مآلات التدخلات الدولية في كل مرحلة من مراحل بلادنا والحديث عن التعامل معها بواقعية والالتزامات التي تترتب على القوى المراهنة عليها كأقل الخيارات مرارة للطرفين نظاماً وموقعين على الحوار .. وتبيان طول الانعطافة للوصول إلى الأهداف المرجوة للشعب السوداني الذي لم يكن لأي فرد منه في أي موقع في السودان ..الخيار في دفع باهظ الثمن جراء ليل النظام الطويل كل حسب موقعه والقوى التي تصارعت للتعبير عنه ووسائلها سلماً أم حرباً..فلا حديث عن ماء ونار في الأيادي..ولكن ربما جحيم وسقر.
عليه فإن الأمر أصبح جلياً لا لبس فيه ..وكل قد اتخذ خياراته..وكل له تضحياته بتفاوت في ذلك ..ويبقى المطلوب من كل طرف من المعارضين حسن الأداء وإبراز مقدرته حواراً أكان أم إعداداً للانتفاضة..فحوار تحت أجندة المجتمع الدولي الذي انتقل إلى مربع آخر في موقفه من طرفي الصراع تحت وطأة أجندة قضايا الإرهاب واللجوء والاتجار بالبشر..يشك في استطالته ما دامت يد لها قد سلفت ودين لها مستحق وعطاء منها مجذوذ..يعادل عجزاً عن العمل المنتج في سبيل التهيئة للانتفاضة الشعبية لا تجدي فيها بيانات الدعوة للالتفاف ..خاصة في ظل خطاب مضاد يستغل كراهية الحرب في تمرير أجندته بعموم عبارة السلم خير..وكأن دعاة الانتفاضة دعاة حرب رغم حديثهم عن سلميتها..والعزاء في النهاية أن الشعب السوداني في كل ثوراته وانتفاضاته وهباته..كان سابقاً ومفاجئاً لكل من احتلوا واجهات الأحداث بعدها..ففيه فقط رجاء الوطن والله خير ناصرا .
[email][email protected][/email]