الوضع الأقتصادي والقرار السيادي

شبه المفكر والسياسي والدبلوماسي السوداني الدكتور منصور خالد الأقتصاد السوداني في نهايات عهد نظام الرئيس السوداني الراحل المشير جعفر نميري الأزمة الأقتصادية في السودان حينها بالفيل الذي يفرض وجوده على الجميع بجسمه الأغلم ألا أن أصحاب هذا الفيل لا يجتمع لهم راي على وصفه بسبب غيوم الرؤية، فمنهم من لا يلمس فية غير جلده الغليظ، ومنهم من لا يتلمس غير خفه الضخم، ومنهم من لا يحس بغير سينيه الأملسين، ومنهم من لا يضع يده الأ على زلومته ثم يتمسك بها أستمساكاً لا فكاك منه.
فما أشبه اليوم بالأمس فالذي تفعلها حكومتنا اليوم هي نفس الخطوات التي سارت عليها حكومة الرئيس جعفر محمد نميري المعروفة حينها بـ(حكومة مايو) فقد وجهت حكومة نميري حينها جل المبالغ المخصصة للميزانية العامة للدولة في بناء المكاتب الحكومية ومنازل لكبار مسؤولي الحكومة، السيارات الفارهة و مبالغ ضخمة كمرتبات لهولاء المسؤوليين.
وحكومة جنوب السودان طبقت نفس أخطاء نظام مايو في سوء التخطيط والتنفيذ والتي كانت المعوق الرئيسي للعديد من المشاريع التنموية الورقية التي لم تنجح أياً منها، ونجد مشكلة إستغلال الأعفاءات الجمركية في ما يتعلق بتلك المشاريع التنموية الورقية والسلع الأساسية كـ(الوقود والأدوية المنقذة للحياة والدقيق والسكر وغيرها من السلع الضرورية ) ومن ثم يتم بيع هذه الواردات المعفية من الجمارك في السوق واستغلالها في نشاطات طفيلية من قبل طفليين مدمرين للأقتصاد الوطني.
وفي مايو ظهرت المتاجرة في العملات، السوق الاسود والنشاط الطفيلي، وراينا كيفت صارت الدولار الأمريكي أحد السلع الضرورية القاتلة في جنوب السودان بسبب أخطاء وسوء تخطيط القيادة الأقتصادية الأستراتيجية العليا في البلاد ممثلة في وزارة وزارة المالية والأقتصاد الوطني والبنك المركزي لجنوب السودان التي باتت كأحد مؤسسات العشائرية يتم فيها عطاءات التصديق الأ لهولاء الرسماليين الطفليين ، والذين بسببهم صار كل شئ يتم عبر السودان السوداء من الدولار إلي الوقود إلي الدواء وحتى الخبز لا تجده في الأفران لانها صارت تباع أيضاً بالسوق.
ويقال أن الاقتصاد السوداني في عهد النظام المايوي مر بمنعطفات وأزمات خطيرة تمثلت هذه الأزمات في فقدان الحكومة علي السيطرة علي القرار الإقتصادي والسياسي، وفقدت حكومة الرئيس جعفر نميري القدرة علي إبتداع حلول لتلك المشكلات والأزمة الاقتصادية التي تمر بها فوقعت فريسة للمنظمات المالية العالمية والدول المانحة لتخضع لما تمليه عليها عدد من القرارات الإقتصادية والسياسية. فقد ائتمرت حكومة مايو بأمر البنك الدولي لتصفية مزارع الدولة في قطاع الزراعة الآلية، والتي انشئتها الحكومات السودانية لتأمين إحتياطي الذرة ولمساعدة المزارعين بالخبرات والآليات.
فالترويكا وعدد من الدول الغربية تحاول التدخل في القرار السياسي لحكومة الرئيس سلفاكير فالعديد من القرارات السيادية التي تخص جمهورية جنوب السودان كقضية ألغى القرار الجمهوري رقم 30 الخاص بإنشاء 28 ولاية في البلاد والتي حسب المراقبيين هي الشرط الذي وضعوها بعض هذه الدول حتى تدعم البلاد مالياً لحل الأزمة الإقتصادية الحالية، وكما نجد الشروط التي وضعتها صندوق النقد والبنك الدوليين بأن تقوم الحكومة بإقاف التوظيف الحكومي وخفض عدد موظفي الخدمة المدنية العامة وحسب المحليلين فالمقصود وبلغة دبلوماسية هي الغى الـ28 ولاية الجديدة ، ومن شروط البنك الدولي أيضاً خفض عدد القوات النظامية بالأخص الجيش ، بالرغم القوات الأمم المتوجودة في جنوب السودان يفوق نسبة الجيش الحكومي، زد على ذلك الأنباء الذي نفاها دول الترويكا ببيان صدر أمس ، وكانت الأنباء تناقلت بأن الترويكا طالبت بإقالة كل من وزير المالية والإقتصاد الوطني ومحافظ البنك المركزي والغى الـ28 ولاية و الرجوع إلي عشرة ولايات ولكن (كما يقال بأن لا إشاعة في جوبا).
أيضاً قراءنا على صفحات الصحف المحلية تصريحات السفير الصيني بالبلاد الذي يطالب فيها وزير المالية والأقتصاد الوطني بالأعتذار عن تصريحات غير رسمية منسوبة للوزير، وهو وزير إتحادي لدولة ذات سيادة كما يقولون يطالبه سفير دولة أخرى بالأعتذار. كل هذه البينات من مؤشرات وظواهر فقدان الحكومة لقرارها السياسي الإقتصادي السيادي.
*قال العالم الفيزيائي الشهير ألبرت أينشتاين (تعلم من الأمس، عش اليوم واجعل لديك الأمل في الغد، الأمر الأكثر أهمية هو ألا تتوقف عن طرح الأسئلة)
كلام أخير…….. تشابه الأخطاء التي أرتكبتها نظام الرئيس جعفر نميري والتي ترتكبها نظام الرئيس سلفاكير وتشابه أيضاً فقدان الحكومتان في السيطرة علي القرار الإقتصادي والسياسي، وأنتهت حقبة مايو بإنتفاضة شعبية قادها الشعب السوداني في العام 1985م ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ما مصير الحكومة الحالية في جوبا؟