نظام الخرطوم.. يخاف من المفاوضات!

نظام الخرطوم.. يخاف من المفاوضات!

من دواعي الحكمة والعقلانية أن تتكلم الأطراف المتنازعة مع بعضها البعض عوضاً من أن تتكلم الأسلحة، وهذا يجب أن يكون هدف كل الجهود المبذولة من أجل إنهاء الأزمة السودانية. تعقيدات هذه الأزمة كثيرة ومركبة لأن القوي والمجموعات المشاركة فيها متعددة الأطراف والمشارب ومتباعدة في وجهات نظرها في البحث عن حل للأزمة السودانية وخاصة طرفي النزاع الرئيسيين- المعارضة والنظام- لديهما أهداف متناقضة كلياً وكل منهما يسعي للوصل إلي هدفه وبأية طريقة كانت. النظام يعمل علي أن تسلمه قوي المقاومة الثورية سلاحها وترجع إلي” بيت الطاعة” وبالمقابل المعارضة تهدف إلي حل شامل أو يسلمها النظام مفاتيح الحكم ويغادر البلاد. حتي أن طرفي النزاع يستخدمان مصطلحات مختلفة بالشكل والمضمون: قوي المقاومة الثورية تتحدث عن مفاوضات والنظام يختبيء خلف مصطلحات خادعة مثل حوار ومباحثات، حيث أنه منذ بداية الأزمة والنظام يتحدث عن عملية الحوار وأنه يريد أن يحاور المعارضة في الداخل وهو يعلم بأن عملية الحوار هي ليست أكثر من كلام يتم تبادله بين طرفين متحاورين يتضمن حججاً وبراهيناً تدعم أقوال كل طرف أمام الآخر، وإذا زادت وتيرة هذا الحوار فيتحول إلي سجال عقيم.. النظام يريد حواراً كما يتصوره هو، أي أن يكون هو جالس في الأعلي والمعارضة في الأسفل وتستقبل أوامره وتوجيهاته وتنفذها.. هذا التصرف ليس غريباً علي هذا النظام لأنه اعتاد علي هكذا حالات منذ عشرات السنين، حيث أنه نسي كيف يمكن التعامل مع الشعب بطريقة محترمة تضمن كرامة وقيمة المواطن.. هو يعاملهم منذ انقلابه علي الحكم كعبيد وخدم ولا يتصور بأن يرقي هذا الشعب إلي مستوي برجه العاجي ويحاوره بندية ومساواة!!
ما عشناه في لقاء”أديس ابابا” الأخير والذي تم تعليقه إلي أجل غير مسمي هو أفضل مثال علي تهرب وفد النظام من أن يوفي بشروط التفاوض التي نص عليها خارطة الطريق وظل يتكلم عن” محادثات” أو حتي ما قبل المحادثات أو التحضير للمحادثات وليس عن مفاوضات لأن للمحادثات مدلول يختلف كلياً عن مدلول المفاوضات.. المحادثات آتية من كلمة”حديث” أي يعني هو حديث أطراف متعددة مع بعضها البعض حول موضوع معيّن لا يوجد فيه أي نوع من المساومات أو التنازلات، في النهاية تكون للنتيجة كما يقول المثل” حكي بحكي”!
علينا أن نعلم بأن النظام يخاف من المفاوضات كما يخاف إبليس من المعوذات.. فلهذا فهو يحاول وبكل ما بوسعه أن يتحاشي كل شيء له علاقة بالمفاوضات، لأن المفاوضات تعني بالنسبة له النهاية الحتمية، وهو في الحقيقة يعلم بأنه إذا قام بأي تنازل للقوي المقاومة الثورية من أجل إنقاذ الوطن من الكارثة التي يمر بها، فهذا ستؤدي إلي إنهياره كلياً لأن نظامه مبني علي ديكتاتورية مطلقة وبزوال أية دعامة في هيكليته ستؤدي إلي إنهياره.. إضافة إلي ذلك فان مقومات وشروط المفاوضات غير متوفرة بين طرفي النزاع لأن التوازن بين القوي مفقودا الآن وهو يميل لصالح النظام الذي لديه أصدقاء حقيقيين وبالمقابل لا يوجد للمقاومة الثورية إلا القليل من الأصدقاء والكثير من” الأعدقاء” أي أعداء متنكرين بملابس أصدقاء.. النظام لا يستطيع أن يقدم أي شييء من التنازلات من أجل إنقاذ الوطن من محنته الراهنة حتي ولو أراد ذلك، إلا إذا كان مستعدا للتنازل عن كل شيء وبشكل كامل والانسحاب من الساحة السياسية.. في الحقيقة لم يبق للنظام أي مجال للمناورة لأنه سلّم كل صلاحيات القرار لأصدقائه الإسلاميون ومنظمات إرهابية وغيرهم، وأفضل مثال علي ذلك هي الإتفاقية الأخيرة التي أبرمها مع القطريين والتي تعطيهم صلاحيات مطلقة بدارفور وبدون الخوف من أية محاسبة علي أعمالهم الإجرامية.
ما يقوم به النظام يتم بمباركة الاتحاد الأفريقي وبدعم مطلق من الصين وروسيا وقوي إقليمية ودولية أخري وكذلك قطر تعمل كل ما بوسعها علي منع رحيل النظام أو سقوطه وهي في الحقيقة من أكبر الداعمين له في الأورقة والمحافل الإقليمية والدولية.. من الواضح بأنه لدي النظام مخططات بديلة منها علي سبيل المثال هو تأسيسه إلي دويلة عربية إسلامية علي السودان ولكن نجاحها ليس مضمونا!
بالنسبة للنظام لا يوجد حل وسط، إما الإنهيار أو حكم البلد بالحديد والنار، فلهذا هو سيستعين بتكتيك المماطلة والتسويف والتهرب من الشرعية الدولية بقدر ما يستطيع أحدا أن يرغمه للذهاب إلي طاولة المفاوضات إلا قوة عسكرية، لأن هذا النظام لا يفهم قوة المنطق بل فقط منطق القوة.
احمد قارديا

تعليق واحد

  1. ما دخل الخرطوم بنظام الإنقاذ؟

    يستحيل على أي أحد من سكان الخرطوم أو العاصمة المثلثة (من قبل إنقلاب الإنقاذ) أن يوصف هذا التنظيم الحاكم بنظام الخرطوم!

    أعرض طرحك بما يحلو لك ، لكن لا توصم الخرطوم بهذا النظام الغاشم ، و يمكن تحليل و تفنيد ذلك ، لكنه يفتح جبهات لا تفيد.

    الخرطوم ، العاصمة المثلثة ، و كبريات مدن الأقاليم ، كانوا من ضحايا بطش الإنقاذ في سنواتهم الأولى ، و هذا يكفي للتوضيح.

    منذ إثارة مؤتمر حقوق الإنسان لموضوع ضحايا سبتمبر ، تمت دغمسة الموضوع ، و لم تقدم منظمة حقوق الإنسان أي إدانة واضحة بشأن الشهداء ، رغم زيارة مناديبهم و مراقبيهم المتكررة ، قارن ذلك بموقف الإتحاد الأوربي تجاه مقتل الباحث الإيطالي ريجيني في مصر و إيقاف البرلمان الإيطالي إرسال قطع غيار الطائرات العسكرية لمصر و ما زالت تداعيات القضية مستمرة.

    تمت صفقة مع النظام ، بالطبع لا نعرف تفاصيلها ، لأننا (الشعب) الطرف المنسي ، لكن لنا أن نحلل و نربط الأحداث.

    طولب النظام بإخراج مسرحية تصلح صورة المنظمة الدولية أمام المجتمع الدولي ، و من فصول المسرحية كان حوار الوثبة ، لذا يعمل النظام على تطويل أمد المسرحية لكسب الزمن و تمييع الأمور.

    و كل ما يعرض من حوار و تفاوض و خيار … ، كل ذلك مسرحيات مخرجها واحد:
    أمريكا.

    أوافقك الرأي في قولك:

    [ يقوم به النظام يتم بمباركة الاتحاد الأفريقي وبدعم مطلق من الصين وروسيا وقوي إقليمية ودولية أخري وكذلك قطر تعمل كل ما بوسعها علي منع رحيل النظام أو سقوطه وهي في الحقيقة من أكبر الداعمين له في الأورقة والمحافل الإقليمية والدولية]

    لكن أدوارهم ثانوية لأن المخرج و المحرك الرئيسي هي أمريكا ، و إثبات ذلك جاء في ثنايا مقالك:

    [من الواضح بأنه لدي النظام مخططات بديلة منها علي سبيل المثال هو تأسيسه إلي دويلة عربية إسلامية علي السودان…]

    لكن إذا نظرت لهذا المخطط من منظور أشمل ستجد أن المخطط الفعلي هو مشروع برنارد لويس (مشروع الشرق الأوسط الجديد) الذي إحتضنه بريجنسكي مستشار الأمن  و تم تصديقه في الكونجرس في عهد كارتر ، لتغيير حدود دول المنطقة القائمة حالياً (حدود سايكس بيكو) ، إلى إثنيات و طوائف.

    و فصل الجنوب كان تنفيذ فعلي للمخطط و كان موضحاً في خرائط المشروع.

    و بنظرة مجردة دون عواطف ستجد أن نزاعاتنا الحالية ستقود في النهاية لما ذكرته ، و حتى تعليق المفاوضات إلى أجل غير مسمى يخدم هذا التآمر ، حتى يجد طرفي النزاع أن أفضل لهما ، أن يقتطعا مساحة من الوطن ، ليقيما ممالكهما فيهما ، و تستعر الحروبات لاحقاً كما يحدث بالجنوب الآن ، و بذلك يهنأ برنارد لويس في مدفنه ، لأن غرضه من مشروع التقسيم قد تحقق ، و هو:

    إشغال شعوب المنطقة بالنزاعات و الحروب و إضعافها و ربما فناءها أيضاً.

    و الجزء المقتطع:

    [ولكن نجاحها ليس مضمونا]

    هذا يعتمد علينا نحن أبناء الوطن ، بأن نعمل بوطنية و تجرد و نكران ذات للحفاظ على وحدة و تراب الوطن و أن نزيل هذا النظام و نستعيد وطننا و نبنيه على أسس العدالة و المساواة ، و نتخلص من العنصرية و الفتن التي كرسها النظام ، و التي تخدم مشروع التقسيم الأمريكي.

    أمريكا تعلم أن هذا النظام لا مكان له يأويه إذا ما قام الشعب بكنسه ، فقطر تعاني حالياً من حرج في إيواء قيادات الأخوان المسلمين المصريين ، و بدأت بالفعل من التخلص من بعضهم تحت ضغوط من دول الخليج و المجتمع القطري أيضاً.

    و تركيا خاصةً بعد جنوحها المتشدد نحو تسريع عملية التمكين بعد فشل الإنقلاب ، لفتت أنظار المجتمع الدولي في إحتضانها التنظيم الدولي للأخوان المسلمين و قادة الأخوان الذين يديرون عمليات الإرهاب في مصر من تركيا ، و شبهات تمويل من تركيا ، هذا عدا عن إتهام بعض دول أوربا لتركيا بشراءها البترول من داعش.

    و نسانا ديل موضوعهم مطرشق و مسود أكثر!!

    فالتنظيم الحاكم ، إجرامه و فساده معروف عالمياً ، و حتى إن كانت الأنظمة تتعامل معه من تحت الطاولة ، إلا أن هذه الأنظمة لا تستطيع مواجهة مجتمعاتها و أنظمتها المدنية ، لذا من المستحيل أن تأوي كوادر التنظيم أو تسمح لهم بتهريب أموالهم لديها.

    لذا المخطط التآمري يخدم جميع أطراف النزاع.

    نحن كأمة لن نستطيع أن نحتفظ بوطن كامل متعافي ، إلا بتوحدنا و عدم تقديس الأفراد ، و نثق بأنفسنا و قدراتنا و نُخرج قيادات وطنية مخلصة من بين صفوفنا.

    منطق القوة يتمثل في أن تكون لدينا إرادة شعبية و سياسية ، لأنها ستجبر كل العالم لإحترام إرادتنا.

  2. ما دخل الخرطوم بنظام الإنقاذ؟

    يستحيل على أي أحد من سكان الخرطوم أو العاصمة المثلثة (من قبل إنقلاب الإنقاذ) أن يوصف هذا التنظيم الحاكم بنظام الخرطوم!

    أعرض طرحك بما يحلو لك ، لكن لا توصم الخرطوم بهذا النظام الغاشم ، و يمكن تحليل و تفنيد ذلك ، لكنه يفتح جبهات لا تفيد.

    الخرطوم ، العاصمة المثلثة ، و كبريات مدن الأقاليم ، كانوا من ضحايا بطش الإنقاذ في سنواتهم الأولى ، و هذا يكفي للتوضيح.

    منذ إثارة مؤتمر حقوق الإنسان لموضوع ضحايا سبتمبر ، تمت دغمسة الموضوع ، و لم تقدم منظمة حقوق الإنسان أي إدانة واضحة بشأن الشهداء ، رغم زيارة مناديبهم و مراقبيهم المتكررة ، قارن ذلك بموقف الإتحاد الأوربي تجاه مقتل الباحث الإيطالي ريجيني في مصر و إيقاف البرلمان الإيطالي إرسال قطع غيار الطائرات العسكرية لمصر و ما زالت تداعيات القضية مستمرة.

    تمت صفقة مع النظام ، بالطبع لا نعرف تفاصيلها ، لأننا (الشعب) الطرف المنسي ، لكن لنا أن نحلل و نربط الأحداث.

    طولب النظام بإخراج مسرحية تصلح صورة المنظمة الدولية أمام المجتمع الدولي ، و من فصول المسرحية كان حوار الوثبة ، لذا يعمل النظام على تطويل أمد المسرحية لكسب الزمن و تمييع الأمور.

    و كل ما يعرض من حوار و تفاوض و خيار … ، كل ذلك مسرحيات مخرجها واحد:
    أمريكا.

    أوافقك الرأي في قولك:

    [ يقوم به النظام يتم بمباركة الاتحاد الأفريقي وبدعم مطلق من الصين وروسيا وقوي إقليمية ودولية أخري وكذلك قطر تعمل كل ما بوسعها علي منع رحيل النظام أو سقوطه وهي في الحقيقة من أكبر الداعمين له في الأورقة والمحافل الإقليمية والدولية]

    لكن أدوارهم ثانوية لأن المخرج و المحرك الرئيسي هي أمريكا ، و إثبات ذلك جاء في ثنايا مقالك:

    [من الواضح بأنه لدي النظام مخططات بديلة منها علي سبيل المثال هو تأسيسه إلي دويلة عربية إسلامية علي السودان…]

    لكن إذا نظرت لهذا المخطط من منظور أشمل ستجد أن المخطط الفعلي هو مشروع برنارد لويس (مشروع الشرق الأوسط الجديد) الذي إحتضنه بريجنسكي مستشار الأمن  و تم تصديقه في الكونجرس في عهد كارتر ، لتغيير حدود دول المنطقة القائمة حالياً (حدود سايكس بيكو) ، إلى إثنيات و طوائف.

    و فصل الجنوب كان تنفيذ فعلي للمخطط و كان موضحاً في خرائط المشروع.

    و بنظرة مجردة دون عواطف ستجد أن نزاعاتنا الحالية ستقود في النهاية لما ذكرته ، و حتى تعليق المفاوضات إلى أجل غير مسمى يخدم هذا التآمر ، حتى يجد طرفي النزاع أن أفضل لهما ، أن يقتطعا مساحة من الوطن ، ليقيما ممالكهما فيهما ، و تستعر الحروبات لاحقاً كما يحدث بالجنوب الآن ، و بذلك يهنأ برنارد لويس في مدفنه ، لأن غرضه من مشروع التقسيم قد تحقق ، و هو:

    إشغال شعوب المنطقة بالنزاعات و الحروب و إضعافها و ربما فناءها أيضاً.

    و الجزء المقتطع:

    [ولكن نجاحها ليس مضمونا]

    هذا يعتمد علينا نحن أبناء الوطن ، بأن نعمل بوطنية و تجرد و نكران ذات للحفاظ على وحدة و تراب الوطن و أن نزيل هذا النظام و نستعيد وطننا و نبنيه على أسس العدالة و المساواة ، و نتخلص من العنصرية و الفتن التي كرسها النظام ، و التي تخدم مشروع التقسيم الأمريكي.

    أمريكا تعلم أن هذا النظام لا مكان له يأويه إذا ما قام الشعب بكنسه ، فقطر تعاني حالياً من حرج في إيواء قيادات الأخوان المسلمين المصريين ، و بدأت بالفعل من التخلص من بعضهم تحت ضغوط من دول الخليج و المجتمع القطري أيضاً.

    و تركيا خاصةً بعد جنوحها المتشدد نحو تسريع عملية التمكين بعد فشل الإنقلاب ، لفتت أنظار المجتمع الدولي في إحتضانها التنظيم الدولي للأخوان المسلمين و قادة الأخوان الذين يديرون عمليات الإرهاب في مصر من تركيا ، و شبهات تمويل من تركيا ، هذا عدا عن إتهام بعض دول أوربا لتركيا بشراءها البترول من داعش.

    و نسانا ديل موضوعهم مطرشق و مسود أكثر!!

    فالتنظيم الحاكم ، إجرامه و فساده معروف عالمياً ، و حتى إن كانت الأنظمة تتعامل معه من تحت الطاولة ، إلا أن هذه الأنظمة لا تستطيع مواجهة مجتمعاتها و أنظمتها المدنية ، لذا من المستحيل أن تأوي كوادر التنظيم أو تسمح لهم بتهريب أموالهم لديها.

    لذا المخطط التآمري يخدم جميع أطراف النزاع.

    نحن كأمة لن نستطيع أن نحتفظ بوطن كامل متعافي ، إلا بتوحدنا و عدم تقديس الأفراد ، و نثق بأنفسنا و قدراتنا و نُخرج قيادات وطنية مخلصة من بين صفوفنا.

    منطق القوة يتمثل في أن تكون لدينا إرادة شعبية و سياسية ، لأنها ستجبر كل العالم لإحترام إرادتنا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..