القانون والجنس

يتدخل القانون في كافة جوانب حياتنا اليومية المعيشة ؛ فهو ينظم أي يقيد ويضع حدود لأنشطتنا المختلفة فالصيدلي مقيد بقانون الصيدلة والسموم والعامل وصاحب العمل بقانون العمل وهكذا المهندسون والأطباء والمحامون كلهم وغير هم خاضعون للتنظيم القانوني. ويتدخل القانون في خيارنا الجنسي ، فنجد أن هذه الخيارات الجنسية تضيق وتتسع بحسب النظام العام الذي تخضع له الدولة ؛ والنظام العام هو مجموعة المبادئ الثقافية والسياسية التي ينهض المجتمع لحمايتها ، فالبيئة المحافظة ليست كالبيئة المنفتحة من حيث القانون الذي ينظم نشاطها الجنسي.
في السودان تدخل القانون الجنائي وقانون الطفل والنظام العام في حياتنا الجنسية وخياراتنا حولها ، فهو يجرم الزنا واللواط والدعارة والاغتصاب والتحرش الجنسي ، ورغم هذه القيود القانونية على الجنس إلا أن النتائج كانت عكسية ، فقد ارتفعت معدلات ممارسة الزنا والدعارة واللواط واغتصاب الأطفال وتبعات ذلك من أمراض وبائية كالإيدز والسيلان وغيره . في ظل ثقافة جنسية ضعيفة ، فالمجتمع لازال بدائيا جدا ويتعامل مع الجنس بعفوية.
في الواقع لقد أدي تقييد الجنس -بناء على القانون- بهذه القيود الشديدة إلى نتائج شاذة لم يرغب بها المشرع ولم يكن يتصورها حين استن القانون . فمن ناحية أدى تجريم الزنا والدعارة إلى عدم التمييز بين فتيات الليل وبين الفتيات العفيفات ، في السابق كان هناك تمييز واضح فبنات الليل تجدهن في بيوت الدعارة المنظمة قانونا والعفيفات في منازل أسرهن ، هذا الخلط الشديد أدى إلى أن الشباب المراهق لا يستطيع التمييز بين الوضعين فازدادت حالات التحرش العام في الأسواق والمناطق العامة ووسائل المواصلات. في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، أمر الله سبحانه وتعالى بالحجاب للتمييز بين النساء الأحرار وبين الإماء فجعل تبرج المرأة وانكشاف عورتها علامة من علامات التمييز الضروري بين المحصنات وغير المحصنات. كما أن تجريم الدعارة والزنا أدى إلى ارتفاع حالات الإصابة بالإيدز حيث أن المومس لا تستطيع حمل واقي ذكري معها ﻷن ذلك قرينة قانونية على أنها تمارس الدعارة ، كما أن حالة الخوف والهلع بين الطرفين الرجل والمرأة والخوف من التجريم القانوني ومن ثم العقاب تدفعهما ﻻقتناص الفرصة دون انتظار الحصول على واق ذكري ، هذا جعل الجنس يتم بعشوائية شديدة وعدم تمييز ومخاطرة كبيرة . في السابق كان الكشف الطبي على العاهرات يتم بصورة دورية مما يحول دون ممارسة الجنس مع المصابة منهن وكان ذلك لمعرفة أن الشباب وهو في مرحلة المراهقة لابد أن يمارس الجنس شئنا هذا أم أبينا ، وأن توجيهه إلى الممارسة الصحيحة والحفاظ عليه من الأخطار واجب قومي .
إن القانون -في كثير من الأحيان -قد يؤدي بتشدده إلى انقلاب السحر على الساحر. فتشديد عقوبة اغتصاب الأطفال إلى الإعدام يجعل كل جريمة اغتصاب تقترن بالضرورة بجريمة قتل ، ﻷن الجاني سيموت في كلتا الحالتين أي سواء ترك المجني عليه أم قتله وهنا يفضل الجاني إخفاء الدليل المتبقي على جريمته بقتل الضحية. ولذلك فإن تخفيف عقوبة الاغتصاب من القتل إلى المؤبد يمنح الجاني خيار ترك المجني عليه حيا ، فلربما أفلت من الاعدام .
إن تنظيم الجنس قانونا يجب أن يخضع لدراسات مكثفة ، اجتماعية وسايكلوجية واقتصادية ، وأمنية ، وذلك منعا ﻷخذ البريئ بجريرة المذنب. فعلى سبيل المثال جاءت القرارات الأخيرة بالقبض على الفتيات اللائي يرتدين البنطال غريبة على مجتمع أغلب بناته يرتدين البنطال وهو لباس محتشم إن لم يكن ملتصقا بشدة بالجسد ؛ هذا القرار أدى إلى حملات شرطية عشوائية طالت العاهرات والعفيفات واساءت لسمعة العفيفات منهن بل ولربما استغل بعض أفراد القوى الأمنية حالات القبض العشوائي للتحرش ببنات الناس وربما اجبارهن على فعل الفاحشة بعد ارهابهن وهن تحت سلطان الإرهاب الأمني ، خاصة أن قوانا الأمنية ضعيفة التدريب وكادرها يمارس عشوائية في عمليات القبض والتفتيش لاسيما أن قانون الاجراءات الجنائية واسع ولا يتقيد بالضوابط والمعايير العالمية للعدالة الجنائية .
إننا بتنظيم الجنس وفق دراسات محايدة نحول دون وقوع الخلط بين الأبرياء والمذنبين ونحول بين الشباب والأمراض الوبائية ، ونبني مجتمعا للفضيلة ونحول دون قتل المجني عليهم وخلاف هذا كثير ، فقط ما نحتاجه هو النظر إلى الواقع بموضوعية ، خاصة بالنسبة لواقع الشباب من المراهقين وانخفاض معدلات الزواج الشرعي والوضع الاقتصادي المتردي وغيره من مسببات ، يمكن بحلها حل التنازع بين القانون وبين آثاره السالبة على المجتمع .. وعلى طاقات الدولة الشابة والفتية.
15 أغسطس 2016
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ليس صحيحا ان تجريم الزنا و الدعارة ادى الى زيادة معدلات ممارسة الزنا والدعارة واللواط واغتصاب الأطفال , هناك دول تبيح الزنا و دولا اخرى تبيح الزنا و الدعارة و لكن هذا لم يقلل من ازدياد معدلات ممارسة الزنا والدعارة واللواط والاغتصاب.

    اسباب الزيادة في السودان كثيرة من ضمنها:
    1. التفاوت الطبقي من ناحية مستويات الدخل و الذي كان أوجه في الفترة من 2005 الى 20111.
    2. انتشار معاهد التعليم العالي من دون توفير السكن المجاني او الحكومي المعقول الاجرة( الداخليات) مع عدم وجود دعم للطلاب . طبعا من درس الجامعة في الثمانينات او السبعينات يدرك الفرق الكبير.
    3. انتشار وسائل الاتصالات و التواصل مما سهل الامر
    4.تصفح المواقع المثيرة للشهوات على النت , حيث كان ذلك في السابق محصورا في من عنده فيديو و في فترة ما قبل الفديو لم يكن موجودا اصلا.

  2. دكتورالكردفاني…تحياتي

    بدأت في مقالك أعلاه بالآتي:

    في السودان تدخل القانون الجنائي وقانون الطفل والنظام العام في حياتنا الجنسية وخياراتنا حولها.إنتهى

    الجنس هو عنصر مهم في حياتنا ، وقد يوظف في الجريمة ، وعليه نجد أن القانون لم يتدخل لتحديد خياراتنا الجنسية ، وإنما توظيف الجنس كأداة للجريمة هو الذي يفرض حضور القانون. إلا إذا كان إغتصاب النساء والأطفال لا يعد جريمة…!!؟؟

    وذكرت في مقالك الآتي:

    ي السابق كان الكشف الطبي على العاهرات يتم بصورة دورية مما يحول دون ممارسة الجنس مع المصابة منهن وكان ذلك لمعرفة أن الشباب وهو في مرحلة المراهقة لابد أن يمارس الجنس شئنا هذا أم أبينا

    ماذكر أعلاه لا ينسحب على كل الناس. هنالك من الرجال -وما أكثرهم- من عاش بتولاً حتى يوم دخلته على زوجته الشرعية. لست أدري على أي دراسة تستند في قولك…؟؟

    أغفل المقال أعلاه تجريم الزنا من قبل المجتمع قبل القانون…!! فالمجتمع يستقبح الدعارة كمهنة ، ولم تخرج مظاهرة واحدة حتى يومنا هذا تنادي بسن قانون يحمي الدعارة وينظمها حتى يسلم مراهقينا من مرض الأيدز. ثم ماذا عن الفتيات المراهقات..؟؟ هل يجوز لهن ممارسة الجنس قبل الزواج إن توفر العازل الذكري حتى يكفين حوجتهن الجنسية..؟؟ هل هذه نصيحتك لهن..؟؟

    ألا يكفينا ما نحن فيه من فساد ..؟؟

  3. دكتور

    في أمريكا قائدة العالم الليبرالي الدعارة ممنوعة في 49 ولابة من اصل 50

    القانون الفيدرالى يمنع ممارسة البغاء ويعاقب بالسجن والغرامة كل من كانت له صلة بهذه التجارة ، ويمنع منح تأشيرات دخول لالأجانب الراغبين الدخول للولايات المتحدة لممارسة تلك المهنة أو من ثبت أنهم كان قد تم تورطهم فى تلك الأعمال فى بلدانهم خلال عشر سنوات سابقة ، وتعاقب أيضا كل من شارك بالتسهيل أو النقل أو عبر التليفون أو الانترنت عملية تواصل بين البائع والمشترى
    كذلك هناك فرق من البوليس السري تتنكر في شخصيات العملاء حتى تتمكن من القبض على بائعات اجسادهن

    ولاية واحدة تبيح بعض مقاطعاتها ومدنها تلك المهنة وتصدر لها تراخيص ، والمقاطعات التي تجرم ذلك تفرض عقوبات على من يعملون فى ذلك المجال
    معظم الولايات تتدرج فيها العقوبة حسب عدد مرات المخالفة
    معظم الولايات تعاقب البائعة والعميل بنفس العقوبة
    القوادون لهم عقوبات مغلظة
    في أوروبا معظم الدول لا تمنع تقديم الجنس مقابل المال لكنها تجرم ادارة الجنس كصناعة أو ادارة مكان معين

    لا حل أمامنا في السودان الا حل مشاكلنا و اقامة العدل الاجتماعي و حل المشكل السياسي الاقتصادي..مجتمعنا لن يقبل بذلك برغم ما نحن فيه من هوان و حرمان

  4. ليس صحيحا ان تجريم الزنا و الدعارة ادى الى زيادة معدلات ممارسة الزنا والدعارة واللواط واغتصاب الأطفال , هناك دول تبيح الزنا و دولا اخرى تبيح الزنا و الدعارة و لكن هذا لم يقلل من ازدياد معدلات ممارسة الزنا والدعارة واللواط والاغتصاب.

    اسباب الزيادة في السودان كثيرة من ضمنها:
    1. التفاوت الطبقي من ناحية مستويات الدخل و الذي كان أوجه في الفترة من 2005 الى 20111.
    2. انتشار معاهد التعليم العالي من دون توفير السكن المجاني او الحكومي المعقول الاجرة( الداخليات) مع عدم وجود دعم للطلاب . طبعا من درس الجامعة في الثمانينات او السبعينات يدرك الفرق الكبير.
    3. انتشار وسائل الاتصالات و التواصل مما سهل الامر
    4.تصفح المواقع المثيرة للشهوات على النت , حيث كان ذلك في السابق محصورا في من عنده فيديو و في فترة ما قبل الفديو لم يكن موجودا اصلا.

  5. دكتورالكردفاني…تحياتي

    بدأت في مقالك أعلاه بالآتي:

    في السودان تدخل القانون الجنائي وقانون الطفل والنظام العام في حياتنا الجنسية وخياراتنا حولها.إنتهى

    الجنس هو عنصر مهم في حياتنا ، وقد يوظف في الجريمة ، وعليه نجد أن القانون لم يتدخل لتحديد خياراتنا الجنسية ، وإنما توظيف الجنس كأداة للجريمة هو الذي يفرض حضور القانون. إلا إذا كان إغتصاب النساء والأطفال لا يعد جريمة…!!؟؟

    وذكرت في مقالك الآتي:

    ي السابق كان الكشف الطبي على العاهرات يتم بصورة دورية مما يحول دون ممارسة الجنس مع المصابة منهن وكان ذلك لمعرفة أن الشباب وهو في مرحلة المراهقة لابد أن يمارس الجنس شئنا هذا أم أبينا

    ماذكر أعلاه لا ينسحب على كل الناس. هنالك من الرجال -وما أكثرهم- من عاش بتولاً حتى يوم دخلته على زوجته الشرعية. لست أدري على أي دراسة تستند في قولك…؟؟

    أغفل المقال أعلاه تجريم الزنا من قبل المجتمع قبل القانون…!! فالمجتمع يستقبح الدعارة كمهنة ، ولم تخرج مظاهرة واحدة حتى يومنا هذا تنادي بسن قانون يحمي الدعارة وينظمها حتى يسلم مراهقينا من مرض الأيدز. ثم ماذا عن الفتيات المراهقات..؟؟ هل يجوز لهن ممارسة الجنس قبل الزواج إن توفر العازل الذكري حتى يكفين حوجتهن الجنسية..؟؟ هل هذه نصيحتك لهن..؟؟

    ألا يكفينا ما نحن فيه من فساد ..؟؟

  6. دكتور

    في أمريكا قائدة العالم الليبرالي الدعارة ممنوعة في 49 ولابة من اصل 50

    القانون الفيدرالى يمنع ممارسة البغاء ويعاقب بالسجن والغرامة كل من كانت له صلة بهذه التجارة ، ويمنع منح تأشيرات دخول لالأجانب الراغبين الدخول للولايات المتحدة لممارسة تلك المهنة أو من ثبت أنهم كان قد تم تورطهم فى تلك الأعمال فى بلدانهم خلال عشر سنوات سابقة ، وتعاقب أيضا كل من شارك بالتسهيل أو النقل أو عبر التليفون أو الانترنت عملية تواصل بين البائع والمشترى
    كذلك هناك فرق من البوليس السري تتنكر في شخصيات العملاء حتى تتمكن من القبض على بائعات اجسادهن

    ولاية واحدة تبيح بعض مقاطعاتها ومدنها تلك المهنة وتصدر لها تراخيص ، والمقاطعات التي تجرم ذلك تفرض عقوبات على من يعملون فى ذلك المجال
    معظم الولايات تتدرج فيها العقوبة حسب عدد مرات المخالفة
    معظم الولايات تعاقب البائعة والعميل بنفس العقوبة
    القوادون لهم عقوبات مغلظة
    في أوروبا معظم الدول لا تمنع تقديم الجنس مقابل المال لكنها تجرم ادارة الجنس كصناعة أو ادارة مكان معين

    لا حل أمامنا في السودان الا حل مشاكلنا و اقامة العدل الاجتماعي و حل المشكل السياسي الاقتصادي..مجتمعنا لن يقبل بذلك برغم ما نحن فيه من هوان و حرمان

  7. في تعليقي السابق لم اتطرق الى الجوانب الشرعية و ذلك لكي يتضح للكاتب ان الواقع عكس ما يقول , حتى لو لم تكن الامور التي يريد اباحتها محرمة في الشريعة.
    الغريب ان كاتب المقال لم يراعي من قريب او بعد الموقف الشرعي الاسلامي من فاحشة الزنا و اللواط و الدعارة !!!
    يجب عند مناقشة الامور العامة في مجتمع مسلم مراعاة الجوانب الشرعية اولا .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..