الجانب الآخر من الطاولة

بسم الله الرحمن الرحيم

تقول الطرفة ان مسطولاً سأل شخصاً يقف على جانب الشارع قائلاً ..أين الجهة الأخرى من هذا الشارع؟ فأشار الشخص بيده متعجباً من السؤال قائلاً ..هناك..فأجاب المسطول ..غريبة ..فأنا قادم للتو من هناك عندما قالوا لي أنه هنا !!
يبدو أن هذه الطرفة تكاد تنطبق على الشعب السوداني رغم أنه بكامل وعيه ..ذلك عندما يراجع مواقف طرفي طاولة المفاوضات ليتساءل ..في أي جهة من الطاولة يقف للوصول إلى هدفه…والطرفة بذلك تتحول إلى واقع مأساوي يزيد من أحزان الإنسان السوداني ومن ارتباكه كذلك.. فبعد عجز الطرفين عن التوصل لاتفاق لوقف العدائيات وفتح المسارات وإلقاء كل طرف للوم على الآخر.. زاد بيان الوساطة في إلقاء اللائمة على الطرفين وإن بدرجات متفاوتة من هذا الاحساس…فتنهض علامات استفهام في أمور بسيطة..فمثلاً إذا كان ممكناً للحركة الشعبية أن تتنازل حتى تقبل بعبور ثمانين في المائة من المساعدات من داخل السودان..فما الذي كان يجعلها تتمسك بقدومها من الخارج فقط ؟ وبنفس القدر..ما الذي يجعل الطرف الحكومي يرفض مرور 20% من المساعدات من أثيوبيا تحت مسئولية الأمم المتحدة وضمانات أثيوبية حسب ما ورد في بيان الوساطة ؟ لا وجود لأي منطق ظاهر في الموقفين…وإذا كان هذان الموقفان في قضية إنسانية تخص المواطن المغلوب على أمره والذي يدعي كل طرف التحدث باسمة ووقوعه تحت مسئوليته..فما المتوقع في قضايا أعقد مثل تفكيك النظام ونزع سلاح الحركات والميليشيات ؟
وما الذي يجعل الاستجابة سريعة لدعوة الوساطة للعودة للتفاوض ..أللتمسك بنفس الواقف أم لتغييرها..؟ وإن كانت النية في المرونة ما الذي جعلهما غير مرنين في الجولة المنتهية ؟
الإجابة تكمن في اعتقادي في القيود التي يرسف فيها كل طرف من الأطراف..والنوايا المسبقة.. فالنظام لا يستطيع الدخول مباشرة في نقاش يغير من حوار الوثبة ومخرجاته ..كونه يمثل وجهة نظره الأساسية التي تحفظ مكتسباته على مدي يقارب الثلاثة عقود..واعتقاده الجازم بأن الحل العسكري وحده هو الكفيل بفك طلاسم المسألة..ما جعل حمديدتي الذي هو مجرد قائد لقوة ينتقدها المعارضون يركب موجة الأحداث بأن من لا يأتي بالحوار الآن طوعاً سيعود إلية مجبراً في ديسمبر..وفي المقلب الآخر ..دخلت قوى نداء السودان الحوار مثقلة بانتقادات حادة من رافضي التوقيع أحزاباً وكتاب رأي..فأرادت على الأقل الاحتفاظ ببعض مواقفها..خاصة الحركات وهي التي كانت معنية من دون حزب الأمة بموضوعي التفاوض في هذه المرحلة..رغم أن خطها إسقاط النظام واعتبار صمودها على الأقل في وجه الهجمات الصيفية ..عاملاً يساعد على تحقيق الهدف كما حرص عرمان لتوضيح انشغال القادة العسكريين بالإعداد للتصدي للهجوم الصيفي.
لذا يرى المواطن البسيط أن الطرف الآخر من الطاولة صورة مستنسخة ..من الطرف الذي يقف جواره.على الأقل في شأن الحوار .

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..