السودان 1956- 2016 : سنوات الاستغلال !! (1-3)

عربة الجماهير الحية أمام حصان القادة الميت المتحنط
لو حكى لنا أحدهم أن هناك دولة (أفريقية؛ مثلا) يرسل حاكمها شرطته من صباح الرحمن لتقلع وبأي طريقة أكبر قدر ممكن من القروش من جيوب المواطنين وتضعه في جيبه هو وجيب أسرته والمقربين منه وأن هذه الشرطة تتفنن في افتعال وابتكار الطرق التي تنجز بها ذلك .. فمنها من يلبس ثيابا بيضاء ويقيف للناس في الشوارع الكبيرة والتقاطعات … ومنها من يقف لهم في نفايات بيوتهم ومحال عملهم، تلك النفايات التي لا يخلصهم منها في نهاية الأمر.. ومنهم من “يلبد” لهم في جامعات أولادهم ومدارسهم .. ومنهم من ينصب في وجوههم ووجوه مرضاهم مستشفيات وهمية “فاخرة” ومنهم من يتخذ “الدجل” عليهم وسيلة مأمونة العواقب جدا ومنهم من يفعل لأجل ذلك أشياء دون ذلك وفوق ذلك وتحت ذلك لا يتسع المقام لإيرادها جميعا .. لو أن أحدهم حكى لنا عن هكذا دولة “إفريقية” … لما دار بخلدنا أبدا أن هذه الدولة لا تجاورنا مطلقا … وتجاور … مع ذلك .. كل الدول التي تجاورنا، و من جميع الاتجاهات.
يتبارى القوم في داخل السودان وخارجه في التبجح على السودانيين ووصفهم بالجبن والخنوع و”القابلية للقمع” وأن يحكمهم مثل هؤلاء الأراذل متناسين أن هذا الشعب لا يرزح تحت نير سيطرة هذه العصابة العجيبة إلا بتواطؤات غريبة ومريبة عديدة ومعقدة. ونحن هنا لسنا بصدد تكرار وإعادة التأشير إلى الجهات والواجهات المتواطئة ضد السودانيين ولكن تتقاوح في أذهاننا أسئلة بريئة جدا حتى أنها من شدة براءتها تكاد تنقلب إلى ضدها :
1- ما السر في إصرار القوى السياسية التي تناهض نظام الإنقاذ المعادي لشعب السودان جملة وتفصيلا أن تسمي نفسها “معارضة” ؟ من المعروف أن كلمة معارضة تطلق على الأحزاب التي تكون ضمن نظام سياسي ديمقراطي فعلي بيد أنها لا تشارك في تشكيل الحكومة في الوقت الحالي وهذا لا ينطبق على الحالة السودانية الراهنة فنظام الإنقاذ لا يحكم الناس ضمن حالة تداول سلمي للسلطة والصحيح أن تسمي القوى التي تناهضه ” قوى المقاومة” و ليس “المعارضة” وإن كان عقل هذه القوى يعي هذه المفارقة ولكنه يكابر ويكسل عن تصحيحها فتلك مصيبة وإن كان لا يعي فالمصيبة أكبر
2- هل شكل إسقاط النظام الإنقاذي ذات يوم هدفا فعليا مجمعا عليه من هذه القوى السياسية؟ إن تواريخ مثل 1989 سنة الإنقلاب نفسها والتي كان ثمة ميثاق يوجب على القوى السياسية أن تتوحد تلقائيا لإسقاط النظام و2000 -2002 حيث سنحت في هذه السنوات الثلاث الفرصة الأشد يقينا وتأكيدا لطي صفحة الإنقاذ البغيضة والكل يعرف ما كان الذي كان من “قوانا” السياسية وتوحدها حول هذا الهدف المدّعى. ثم جاءت الفترة 2005- 2010 والتي شهدت أكبر ملحمة للفشل السوداني، ثم 2010 نفسها وما تم فيها من خنى دفعت ثمنه الدولة السودانية غاليا جدا باختفائها السياسي عن الوجود وحلول دولتين هشتين أشد منها ضعفا مكانها والمدهش أن الدولة اختفت ولا زالت القوى التي ساهمت في اختفائها بضعفها وعجزها ترفع عقيرتها باللافعل واللاكلام ! ثم ما الذي “نفعله” مع النظام منذ 2011 وحتى الآن لولا ثورات الشباب والمطلبيين التي لا تشكل فيها تلك القوى السياسية إلا دور المراقب والمتفرج على الأكثر؟ ما الذي نفعله سوى المفاوضات مدفوعة الأجر مقدما والتي يتعين عليها أن تحمل صفتين بإلحاح : أن لا تنتهي … وأن لا تصل لشيء .. ضمانا لعدم انهيار أو سقوط النظام الذي يحفظ مصالح الذين يرعون ويدعمون هذه المفاوضات
3- هل يهمنا فعلا كقادة وفاعلين سياسيين ومشاركين في صياغة الحجة ضد نظام الإنقاذ أن لا يموت السودانيون ? كل السودانيين- مزيدا تحت وطأة النظام الإنقاذي قتلا وإبادة وتجويعا وتشريدا وتهميشا في المدن والأرياف؟ هل يهمنا ويعنينا فعلا أن يعيش السودانيون ? كل السودانيين- حياة حرة كريمة غداً والآن؟ حياة يتمتعون فيها فعلا بماء شرب نظيف صالح للشرب (لا وجود له الآن حتى في قلب العاصمة الخرطوم) وتعليم جيد في متناول فقيرهم قبل غنيهم وعلاج مجاني لايقل جودة وإتاحة وحريات سياسية ومدنية وإلخ؟ التجربة التي لم نمر خلالها مجاناً أبداً أخبرتنا أننا – كقادة وفاعلين سياسيين ومشاركين في صياغة الحجة ضد نظام الإنقاذ ? دون ذلك بكثير جدا وأن الجماهير السودانية “ما خاتية كلو كلو” عندما وضعت في منعطفات عديدة عربتها الحية أمام حصاننا الميت المتحنط
نواصل إن شاء الله
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..