سياسات النظام ومؤشرات الإنتفاضة

عودتنا الحكومة السودانية الدكتاتورية علي سياساتها الفاسدة، وتحرقنا بها حينما ينتاب قادة النظام شعور تحكيم السيطرة وإظهار القوة الرادعة لأي محاولات إحتجاجية مناهضة لها، او طرح أي جدليات واقعية علي الفضاءات السياسية والإقتصادية والثقافية، او عندما يريدون زيادة النهب وفتح ملفات فساد عميق ومتجزر.
وكم كانت الأوضاع غريبة عندما شاهدنا الحكومة تعلن عن تعديلها للقوانين الإستبدادية، لتضع اشد العقوبات لمن يفكر في الخروج إلي الشارع مطالبا بحقه في الحياة والطعام والحرية والسﻼم.
وتعتبر الحكومة أن المطالبة بمثل هكذا اشياء من الجرائم والمنكرات يجب معاقبة من يرتكبها او من يفكر في ارتكابها.
وعلي الضفة اﻵخرى تطبخ الحكومة سياسات التجويع لنأكلها نحن المواطنيين رغم مرارتها وإستحالة مضغها وإبتلاعها. وها قد تم انزالها علي أرض الواقع بشكل ابشع من سالف اﻷيام.
فقط تم رفع اسعار السلع اﻹستهﻼكية وغيرها من ضروريات الحياة، وتم تنبيه الجنجويد وقوات الشرطة واﻷجهزة اﻷمنية بالقوانيين الجديدة بعد سنها عبر الجهاز التشريعي ذلك البرلمان اﻹنقاذي الذي يتفنن في تفصيل وتتريز التشريعات والقوانيين المقيدة للحريات ليست السياسية وحدها حتي حريات المأكل والمشرب والملبس والمسكن، ولكن رغم ما يصنعونه من سياسات وقوانين جائرة،
نرى انهم ليسو بقوة فرعون الذي هلك قبلهم بعشرات القرون، وﻻ يملكون القدرة الكافية ﻹيقاف اﻹنتفاضة التي باتت مؤشراتها (اجراس) يسمعها الجميع وصداها ينعكس علي العالم كله.
فما يحدث اليوم يعتبر اسوء من كل مراحل التسلط التي عاشها شعبنا منذ أول لحظات اﻹنقﻼب اﻹسﻼموي،
إنما هذه جريمة لم تشهد البشرية مثلها أبدا، وﻻ يجب علينا إﻻ مواصلة مقاومتها حتي ينجلي ظلامها عن سمائنا وينبلج شعاع المستقبل المزدهر علي بلادنا، فالنظام اﻹنقاذي فشل كليا في كل التعامﻼت السياسية واﻹقتصادية داخليا وخارجيا، وفشل في بناء مشروع وطني قومي يجمع الصف الوطني السوداني برغبة غير مشروطة وإرادة حرة لبناء دولة رائدة في كل المجالات، ومجتمع تعاوني متماسك، وبل امتد فشله عندما اسقط علي السودان مشروع اﻷسلمة السياسية علي طرائق (تبديل الحضارة) وإن لم يكن ف( تدمير الشعوب)، وهذه المفاهيم تمثل لب المشروع الإنقاذي، وأراد نظامهم تحطيم كل الثقافات والتجارب التاريخية لشعب الدولة السودانية، لتشيد مركز للخﻼفة اﻹسﻼمية في افريقيا علي طريقة بوكو حرام وداعش او كما توهم دعاة الدولة العثمانية بتركيا،
هذا الطرح العاطفي الذي لا يستند علي الحقائق الواقعية ولا علي منطق تحليلي طبقا لمعاير سياسية واقتصادية واضحة، يعتبر أس الكارثة اﻹنسانية التي نعيشها اليوم،
إذ يحكمنا نظام معادي للحداثة والتطور ويرى حسب هوسه أوهام العودة إلي العصور الديناصورية المظلمة او عهد الجاهلية في شبه الجزيرة العربية او العصور الوسطى في أوربا،
لذلك عمل علي تخريب مؤسسات الدولة وتبديد المال العام في دعم اﻹقتصاد الطفيلي وبناء طبقة الجﻼبة – البرجوازي الحاكمة علي حساب الطبقات الإجتماعية الفقيرة او ذات الدخل المحدود، فتم إعتماد سياسة تجهيل وتجويع وتهميش المجتمعات السودانية لتسهل عملية الهيمنة الكلية علي حياتها وفصلها عن التعلمن كباقي شعوب العالم المتحضر، ثم ينقض النظام الإنقاذي بكل جبروته علي مستقبلها لينتهي بها المطاف في المنافي او مسكرات اللجوء والنزوح. عموما اﻷيام القادمة ستكون اسوء ايام يواجها المواطن بصبر كما واجه سابقاتها وصمد، ولن تمر الزيادات المجحفة والقوانيين المقيدة للحريات دون رد فعل موازي من قبل جماهير شعبنا وقواه السياسية والثقافية العاملة علي تمتين بنيان الإنتفاضة.
لنستعد جميعا لخوض معاركنا الوطنية من اجل التغيير والتحرر واعادة البناء والتعمير وتوفير الطعام والسﻼم.
ولنستعد لإيقاف حملات الإعتقالات القسرية والتعسفية والتنادي لصد هجمات المؤتمر الوطني علي الحريات ومحاكمة الطلاب وقساوسة الديانة المسحية، مع التنسيق السريع بين المنظمات الحقوقية والإنسانية لرفع مذكرات للمجالس والمنظمات الدولية ذات الصلة لشرح معاناة المواطنيين السودانيين داخل معتقلات الحكومة، وعلي قمة القائم معتقلي اقليم النيل الأزرق الذين تم اقتيادهم من منازلهم منذ العام 2011م الي السجون الإنقاذوية والحكم عليهم سياسيا بين (الإعدام والمؤبد) وعددهم (61) مواطن، بالإضافة الي منعهم من ابسط حقوقهم الطبيعية طبقا للقوانيين الدولية التي تعطي الأسرى والمعتقليين السياسيين حق المحاكمة العادلة والدفاع عن النفس امام قضاء حر لا تخالجه المؤثرات السياسية وتوصيات السلاطين والحكام الجالسين علي سدة الحكم.
هؤلاء المعتقليين يواجهون الأن مساومات أراد النظام فرضها عليهم بشروطه عبر وسيط معلوم للمتابعين، يريد النظام كسر إرادتهم وصمودهم لأكثر من خمسة سنوات داخل سجونه المظلمة بضمهم الي مجموعة الوسيط الذي زارهم في السجن متخفيا وتم كشفه، مقابل إطلاق سراحهم وتحويلهم الي صف آخر غير صفهم، ولأنهم ابطال اوفياء لشعبهم إختاروا الموت خلف جدران السجن ولا الحرية الجزئية،
لكنه نظام أدمن عقد الصفقات الخبيثة وحلحلة المشاكل بتجزئتها وقمع من ينتقده، لا ولن يتبدل حاله مهما إكتال الجرائم الغير إنسانية تجاه شعبنا، فلا بد من العمل الجاد علي إيحاد حلول شاملة لهذا الوضع المتفاقم يوما بعد يوم، ولا بد من إنتفاضة حقيقية تسترد الدولة والحريات وتؤسس لحوار شامل ومتين،
لا بد من ضغط إقليمي ودولي يساعد علي تحقيق السلام في البلاد، وضمان محاكمة عادلة للذين تسببوا في المحارق البشرية التي حدثت امام أعين المجتمع السوداني والدولي، وإجراء مصالحة وطنية وإجتماعية بشكل عاجل لقطع الطريق امام أي إحتمال لنشوب نزاع أيا كانت دوافعه، وإصلاح الموقف السياسي الخارجي وإنتشال الإقتصاد السوداني من حالته المزرية الي مرحلة النشوة.

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..