الإسلاموفوبيا.. وبرامج الغرب الانتخابية

الولايات المتحدة الأمريكية حبلى بالتغييرات نتيجة لمطلوبات الديمقراطية، واقترب أوان المخاض وقسوته لتستقبل جنين التغيير الرئاسة الجديدة (البيت الأبيض)، وقد يأتي المولود سليماً لا شية فيه، في حال فوز هيلاري كلنتون لكونها تطرح برنامجاً إنسانياً- كما يرى مؤيديها، أو مشوَّهاً في حال فوز مرشح الرئاسة الجمهوري دونالد ترامب الذي قال عنه (50) من قيادات الحزب الجمهوري الذين تولوا مواقع في البيت الأبيض والكونغرس والبنتاغون، أنه لا يصلح رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية لعدم الخبرة وغياب القِيَم، والجهل بالدستور الأمريكي. الأحداث المتسارعة في عدد ليس بالقليل من دول العالم بسبب الإرهاب دَفَّ ترامب لتصميم برنامج انتخابي معادي للمسلمين والمهاجرين، مدغدغاً مشاعر الأمريكان البيض في الريف الأمريكي بعبارات تثير مخاوفهم من المسلمين والمهاجرين.. وهذا البرنامج المعادي للمهاجرين جعل الدولة العظمى تعيش لحظات صعبة في تأريخها وتجدها متأثرة نفسياً بتصريحات ترامب وبرنامجه الذي لا يستند على القيم الإنسانية في دولة قامت على أكتاف المهاجرين الذين أسسوا بنيانها، ومازال المهاجرون يشكلون قيمة إضافية لاستمرار رفاهية الدولة – أي- وهؤلاء المهاجرون مصدر بشري يحرك دوران عجلة الاقتصاد الأمريكي، فضلاً عن أنهم يدفعون فاتورة هجرتهم والانتماء لهذه الدولة ويرفدون خزانتها بالضرائب، إلا أن التحولات المتسارعة عكسياً وطردياً بسبب (الإسلاموفوبيا) جعلت الأبواب مشرعة لتبني برامج تهدد الهجرة في ظل عالم مضطرب بالحروب والأزمات الاقتصادية والهجمات الإرهابية، يا ليت الجماعات الإسلامية المتطرفة تعي الضرر الذي الحقته بسمعة الإسلام والمسلمين، هل يجد المسلم إجابة؟ ، حينما يتساءل الغربيون لماذا الإسلام يبيح قتلنا وفي عقر ديارنا؟، الإجابة هي أننا بحاجة إلى رفع صوت الوسطية في الإسلام وهي أساس الإسلام الذي نعرفه، الذي يقول من حق الإنسان أن يعيش آمناً في أي منطقة على وجه الأرض، بيد أن المتطرفين بدينهم الذي لا علاقة له بالإسلام هددوا وجود المسلمين بتنميط الإنسان المسلم بالعنف، وروَّعوا غير المسلمين. قطعاً عنف التطرف جعل قضية الهجرة والمهاجرين والمسلمين هي الفاعل السياسي في الغرب، وعنوان برامج المرشحين للانتخابات في أروبا وأمريكا، بل وسيلة لصرف أنظار الناخب الغربي عن حقوقه المحلية أو البرنامج السياسي والتوجه الأيديولوجي، وعليه ركزت سيناريوهات العروض الانتخابية على (الإسلاموفوبيا)، والشاهد أن ترامب أراد أن يجعل (الإسلاموفوبيا) هي الوقود الذي يشعل نيران الانتخابات في أمريكا لدرجة جعلته يُتهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما ومنافسته هيلاري كلنتون بتأسيس تنظم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، ونهج ترامب يؤكد أن برنامجه هرب من طرح حلول المشاكل الاجتماعية إلى العنصرية، شحن نفوس البيض بالكراهية للإسلام والمهاجرين، ولسان حال المشهد السياسي الأمريكي يشير إلى حالة الجفاف في البرنامج الانتخابي للحزب الجمهوري . نعم مجريات الانتخابات الأمريكية أثبتت أن ترامب لا يعتمد في حملته الانتخابية على برنامج يحمل خارطة طريق مكتنزة سياسياً وتحمل في خزانتها برنامجاً اجتماعياً يدفع الناخب الأمريكي خاصة من السود والمهاجرين والمسلمين للتصويت له، وبدلاً من العداوة للمهاجرين المسلمين كان إمكانه أن يتكئ على برنامج اجتماعي يضع لبنات لنسيج اجتماعي ينهي الجفوة الاجتماعية بين السود والبيض بسبب التأريخ المظلم للعبودية، أي أن العلاقة بين السود البيض فيها (شيء من حتى)، وبحاجة لبرنامج انتخابي يفك شفرة تلك العلاقة لتمضي بسلاسة وتتجاوز العلاقات المحصورة في المصالح الاقتصادية ومواقع العمل إلى التلاقي الاجتماعي الذي لا يحدث إلا نادراً، ولو لا حالة الجفاف السياسي كان -أيضاً- بإمكان ترامب أن يتبنى مشروع تشجيع السود على التعليم، خاصة الجامعي ليجدوا أوضاعاً أفضل من شأنها تخلق توازن القوى في الحياة الأمريكية بين البيض والسود، بدلاً من أن يعتمد العديد من الأمريكان السود على عائد الضرائب السنوية. قطعاً مثل هذه البرامج الاجتماعية تجعل الدولة العظمى (أمريكا) محتفظة بمكانتها في ظل نسي اجتماعي وسياسي واقتصادي يستمد قوته من ثقافة السلام الاجتماعي والديمقراطية.
التيار
[email][email protected][/email]