زيادات على الريحة

دائماً زيادة الأسعار حاضرة أما زيادة الأجور فهي المرتقبة.. والمشكلة في كلمة (مرتقبة) هذه، والتي تعطي إشارة للسوق بتنفيذ زيادات جديدة في الأسعار.
هذه قصة لا نهاية لها، وطالما أن أجور العاملين مهما تزيد فهي لن تواكب لا حجماً ولا معدلاً في الارتفاع تلك الزيادات السريعة الإيقاع في أسعار السلع فكما يقول جدي رحمة الله عليه، (أخير قِلَّها).
لأنها تتحول الى إعلام مضلل للسوق حول أوضاع ذوي الدخل المحدود وإمكانياتهم الجديدة بعد الزيادة (المرتقبة) ..
زيادات الأجور في ظل هذه الفوضى الموجودة في السوق وهذا الضيق وتلك المعاناة.. لا داعي لها لأن حلم مواكبة الأسعار هذا أصبح حلماً مستحيلاً وبالتالي لن تفيد هذه الزيادات أحد إن لم نجزم بأنها ستضر الجميع بكونها ستتسبب – بمعدلاتها المتواضعة – تلك في مضاعفة معاناة ذوي الدخل المحدود.
لأن الموظف الذي يتقاضى أجراً حوالي ألف جنيه أو ألف وخمسمائة جنيه، هو عملياً يحتاج وأسرته الى لثلاثة أو أربعة آلاف كي يكمل الشهر بأصعب من إكمال لاعب كرة يد لمباراة أصيبت يده التي يلعب بها بكسر أثناء المباراة ..
كم ستزيدون أجور الموظفين وكم بالمائة ستزيد – على رائحة هذه الزيادة في الأجور – أسعار السوق؟، قضية المواكبة.. مواكبة الأسعار هذه هي قضية مستحيلة وحلم بعيد المنال، لا يمكن تحقيقه..
هل ستضاعف الدولة إجمالي رواتب الموظفين مائة بالمائة أو مائتين بالمائة مثلاً حتى تتحدث عن مواكبة للأسعار؟ إذا كنا نرتقب وننتظر زيادة أقل من الضعفين أو الضعف فـ(أخير قلها) وأفضل للموظفين والعاملين أن يباصروا أمورهم بتوفيق أو تلفيق ميزانيتهم الحالية على احتياجاتهم كما يفعلون أصلاً.. ويتركوها على الله .
فعدم تطبيق زيادة طفيفة و(سجمانة) في الأجور ربما يجعل السوق يستحي قليلاً على نفسه ولا يتحمس لتطبيق زيادات جديدة ويكمل لاعب كرة اليد المكسورة مباراته (كدا وكدا) وبالأسعار القديمة أو الجديدة التي لا ترتبط بتهديدات الدولة وإعلامها بزيادات مرتقبة في أجور العاملين.
نقول هذا وفي بالنا تصريح صادر عن الاتحاد العام لنقابات عمال السودان، يطالب فيه بزيادة مرتبات العاملين بالبلاد، لتوازي – حسب نص التصريح – المنصرف ومواجهة موجة ارتفاع الأسعار.
والتصريح أصدره رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال السودان المهندس يوسف علي عبد الكريم، وشدد فيه على أهمية تقليل الفجوة بين المرتب وتكلفة المعيشة .
ليعلن بعده رئيس اتحاد عمال الخرطوم في سياق هذا التصريح عن توفيرهم خراف الأضاحي، للموظفين بالأقساط بسعر 1732 جنيهاً.
فتشعر أن حديثهم حول المطالبة بزيادة الأجور كان بمثابة مقدمة تمهيدية ذات رسالة إعلامية وسياسية قبل الإعلان عن خرفان الأقساط لكنهم لا يفهمون أن مجرد حديثهم عن زيادة أجور حتى ولو لم يكن الحديث جاداً أو كان فقط للاستهلاك الإعلامي فإنه يعني تنفيذ زيادات جديدة في الأسعار في السوق ومبنية من وجهة نظر السوق على حال الموظفين الجديد باعتبار ما سيكون وقد لا يكون.. بل غالباً لن يكون..!!
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..