العلمية مقابل العلمانية

نشرت لكاتب هذه السطور مقالات متواضعة عن تعريف العلمانية بصة عامة و عن الالديمقراطية الغربية و ارتباطها بالعلمانية و تلقيت بعض الردود و التعليقات و قد لاحظت أن البعض ربما أساء فهمي أو ظن أني أسأت فهمه و كما أنا أظن أني ربما لم أوضح فكرتي جيدا و حتي لا ننساق وراء معميات المصطلحات رأيت أن ألخص الفكرة تعميما للفائدة وتوسيعا لنطاق البحث.
من الامثال الرائجة في مجال استخدام اللغات و مصطلحاتها جملة(خطأ شائع خير من صواب مهجور) و قد عاني من هذه الجملة مجمع اللغة العربية في القاهرة بقيادة ابراهيم مكور مع هجمة المخترعات العلمية الحديثة فحاول تسمية بعضها بأسماء عربية فنجح في البعض و فشل في الآخر و أذكر أن المحاولة شملت الساندويتش فسمي (شاطر و مشطور و ما بينهما طازج) فشلت الجملة الطويلة فشلا ذريعا,أما التلفزيون فسمي (المرئي) و في سبيل تعميم الاسم الجديد ألفت قصيدة يقول مطلعها مع المرئي قضيت ليلتي فلا تسلني كيف قضيت ليلتي, فرضت علينا تلك القصيدة في مرحلة الثانوية العامة و لنا معها قصة طريفة للغاية,طلب الاستاذ من أح زملائي قراءة القصيدة و كان مصابا بداء التهتهة خصوصا عندما يضطرب, و كان الضرب بسوط العنج مجازا تلك الايام فقام المسكين خائفا و قرأ (المرأة) بدلا من (المرئي) و كانت عاقبة المسكين وخيمة, من عجائب الزمان أن زميلي ذاك صار معلما للاجيال و قد فارقه داء التهتهة و مازلنا نقول التلفزيون.
المهم , كما نعلم جميعا أن مصطلح العلمانية كان تمردا علي الكنيسة في عصر النهضة و ما بعده و هو يعني بلا مواربة أنكار كل شئ غيبي أو سماوي أو وراء المادة و قد صار هذا المصطلح أساس الحضارة الغربية الحديثة و ساندته النظرة النسبية للاشياء حتي الاخلاقية و المجتمعية,ساهم هذا المصطلح في تنمية العلوم المادية بصفة خاصة كما ساهم في وضع أسس الدول الغربية القائمة علي ثلاث:
العلمانية
و هي العلم الدنيوي المجرد من اي مفهوم لما وراء المادة أو الميتافزيقيا و قد سقط هذا العلم في امتحانات كثيرة منها علي سبيل المثال ,نشأة الحياة ,التنوع الحيوي و البيئي,العناية بالكائنات,خصوصية الانسان. الظواهر غير المادية.
القومية
الدولة الحديثة دولة قومية متعصبة تعلي من شأن شعبها فوق اي اعتبار آخر و بالرغم من المناداة بحقوق الانسان الا أن القومية تنزع في أحيان كثيرة ضد الشعوب و القوميات الاخري و قد أدي هذا لظهور أفكار كثيرة منها سيطرة العرق الابيض و النازية و الفاشية و السامية و ظهور اليمين المتطرف في دول كثيرة و بروز أشخاص مثل ترمب المجنون.
الديمقراطية
في ظاهرها خير و هي تحقق الشوري و التداول السلمي للسلطة الا أنها تنزع نحو الاعلاء من رغبات الفرد و حكم الشعب بما يرضي الشعب و هي في هذا تستند نحو النسبية في كل شئ و هي الليبرالية المصلحية فما قد يكون شرا اليوم قد يكون خيرا غدا فلا ثوابت. أباحت الديمقراطية الغربية الزنا و السحاق و اللواط و الربا و خففت من العقوبات علي الجرائم الخطيرة و منعت عقوبة الاعدام.
العلمانية و الديمقراطية بثارهما القديم مع رجال الدين و الخلافات التي سببها التناحر الديني و الطائفي و اعجابهما بثمرات العلم المادي لجأتا اما لمعاداة الدين أو وضعه علي الرف.
في الحقيقة الانسان كفرد مهم الا أن الاسرة أهم و المجتمع الذي يتشكل من مجموع الافراد و الاسر أهم من الفرد وما نشأ علم الاخلاق الا لحماية مصالح الافراد و الجماعة و هنا يأتي دور الدين الذي تعرض عبر التأريخ لمشاكل كثيرة منها قيام بعض الاديان علي الخرافات و الاكاذيب و استغلال الحكام , أما الاديان السماوية فقد تعرضت للكثير من الدس و التحريف و الاستغلال و سوء الفهم,قلت الاديان السماوية تماشيا مع الخطأ الشائع, ليس هناك أديان سماوية هو دين واحد من لدن سيدنا نوح عليه السلام الي بعث سيدنا محمد صلي الله عليه و سلم ,دين واحد هو التوحيد و الاسلام و انما اختلفت الشرائع مراعاة لسنة التطور في المجتمعات البشرية و أنواع التحديات التي واجهتها. المشكلات الكبري التي واجهها الدين في عصرنا هذا هي اختلاف الناس في الدين و افتتنان الناس بعلمهم المادي الذي حقق لهم الرفاهية.
جعل الدين لتعريف الانسان بخالقه و ربطه بالكون الشاسع و تنظيم شؤون حيانه و حفظ احتياجاته الاساسية من مأكل و مشرب و جنس و أمن و قد عهد الله سبحانه و تعالي لآدم عليه السلام بأن يحقق له هذه الاشياء ان سمع وصاياه لكن آدم نسي (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ )البقرة/35(إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ . وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ) طه 118/119
نخلص من كل هذا بالاضافة للفهم الخاطئ أو المقصود الي أننا نحتاج للعلمية و ليس للعلمانية بمعناها الحقيقي للأسباب التالية:
مجتمعنا قائم علي الدين الاسلامي و هو دين الاغلبية و هذا شئ لا يختلف عليه اثنان دون حجر علي أحقية الآخرين في أن يعتنقوا أو لا يعتنقوا ما يشاؤون فهي حرية كفلها لهم الخالق, الدين الاسلامي يعاني من مشكلات حقيقية تتمثل في الجهل بجوهر الدين و التشظي الفكري و المذهبي و الاصولية المبنية علي ارث تركه الاولون فيه كثير من اللبس و التدليس و توقف حركة التجديد الديني, هذا شئ يمكن تداركه بالمنهج العلمي المبني علي أصول مرجعية يمكن الركون اليها .
لا بد من أحياء الحوار بين الطوائف الدينية المختلفة بناء علي أسس علمية مرجعية و اضحة بالاضافة للحوار مع أتباع الديانات السماوية الاخري في غير ما تطرف .
لا ضير من تطبيق أسس الديمقراطية الغربية فهي ارث انساني و نافع في كثير من الحالات للحصول علي الشوري و التداول السلمي للسلطة في اطار ثوابت الاسلام و خصوصية مجتمعاتنا مع استبعاد الجوانب السلبية.
المنهج العلمي في تتبع سوءات الديمقراطية الغربية أظهر ارتفاع معدل الجريمة و تنوعها وظهور الجريمة المنظمة و تجارة الرقيق الابيض التي تتاجر باجساد النساء و الاطفال لارضاء الشهوات البهيمية كما أظهر سقوط الرأسمالية الغربية المستندة علي الفوائد الربوية و قد ظهر ذلك أيما ظهور في أزمة الاقتصاد العالمي سنة 2008 و يتوقع الخبراء بروز أزمة أخري ف أي لحظة قد تؤدي لكساد مثل الكساد العظيم الذي أدي للحربين الكونيتين.
علماء الامة الاسلامية اليوم قبل الغد مطالبون بدفع الشبهات عن الاسلام فقد لاحظت أن كثيرا ممن يقفون في جانب الحضارة الغربية و من بني جلدتنا لديهم كثير من المفاهيم الخاطئة فمثلا هناك من يفهمون بعض الايات القرآنية خطأ و هناك من يخرجون الاسلام من سياقه التأريخي فيظنون أنه نشر بحد السيف و هناك من يظنون أنه يشجع علي الرق:
*كل المؤمنين بدين الله في السابق كانوا يتعرضون للاضطهاد و القتل و التعذيب في بداية الدعوة و لم تكن تنقذهم الا المعجزات الالهية, اليهود اضطهدهم فرعون و المسيحيون قتلوا و عذبوا و تم رميهم للاسود الجائعة لتأكلهم , الرسالة الخاتمة هي الوحيدة التي رفعت السيف لتدفع عن نفسها في زمان لا يحمي الحق فيه الا القوة و بعد أن أوصلت الرسالة للاسماع أتت آيات الله مانعة من الاكراه في الدين. و قد ذكر المسيح عليه السلام السيف مع أنه لم يستخدمه(لا تظنوا اني جئت لالقي سلاما على الارض. ما جئت لالقي سلاما بل سيفا” (متى 10: 34) “ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفا” (لوقا 22: 36).
*الايات القرآنية التي ذكرت الرق أما نظمت شؤون الرقيق أو شجعت علي اعتاقهم بوسائل مختلفة منها الكفارات و الوعد بالجزاء الحسن, الاسلام لم يمنع الرق لانه كان جزءا من النشاط الانساني في كل العالم و مكونا رئيسيا في الاقتصاد الجاهلي و منعه فجأة كان سيخلق هزة كبيرة في الاقتصاد و لربما كان أثر علي الدعوة التي أصلا هزت كثيرا من ثوابت المجتمع الجاهلي,ترك ذلك الامر لتطور المجتمعات البشرية مع الحث بالاقلاع عنه.
كثير ممن ينتقدون القرآن لا يعرفون فنون العربية و لا يعرفون أسس تأويل القرآن التي سقط فيها كثير من العلماء الاولين و المحدثين و لا يتبعون المنهج العلمي في استقراء الاحداث و ربطها بسياقها التأريخي و ظروفها, القرآن حوي اشارات كثيرة منها ما هو منسجم مع العلم في كثير من تفاصيله و من يريد انتقاد القرآن فعليه بالعلم.
حجية القرآن مهمة لدي المسلمين و يفترض أن تكون مهمة أيضا لدي الباحثين المهتمين بتطبيق النهج العلمي في رفع البلد من حالة التخلف و الفقر و التناحر و فهم الآخر, و علي المؤمنين بالاسلام أو غيره من الاديان أم غير المؤمنين بأي شئ أن يعرفوا أن القرآن لم يأمر بابادتهم من علي وجه البسيطة فالله قد خلق الجميع و يعلم بوجودهم.
لا شئ في الدين يمنع من ادارة البلد مثلا بالنهج الاشتراكي أو الرأسمالي أو خليط منهما طالما حوفظ علي الثوابت و طالما امتصت نوازع الشقاق و الخلاف و القتال و انسجم الجميع نحو الهدف الاسمي و هو التنمية و ادراك الانسان لغاياته و أهلا بالعلمية و لا للعلمانية .
[email][email protected][/email]
سبحان الله ما أن نشر هذا المقال حتي قرأت بيان ياسر عرمان و عنوانه : هل سيقوم الإتحاد الأوروبي بتمويل حروب الإبادة الجماعية في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور عبر توفير الدعم لمليشيا قوات الدعم السريع التابعة للمشير البشير المطلوب عند المحكمة الجنائية الدولية.
هذا انصع مثال علي مبدأ النسبية في النظام الديمقراطي العلماني الغربي,بعد أن ملاوا الدنيا ضجيجا في الغرب حول مذابح دارفور هاهم يبيعون القضية مقابل ايقاف جيوش اللاجئين و السيطرة علي الارهاب العابر للحدود, ألم اقل لكم؟!!!
شكرا للمقال
و لكن ما هي الثوابت؟
ما كان حلال سيظل حلال ليوم القيامة ، و ما هو حرام سيظل حرام ليوم يبعثون ..
ليس من سلطة أحد تحليل ما ذكر نصأ انه حلال و لا تحريم ما ذكر أنه حلال أو أقر به .. ذلك دين،
أنا لا استطيع أن أقول أن الرق حرام ، و لو افتي مئة ازهر و الف مجمع اسلامي بحرمته .
ليس معني ذلك انني اشجع الرق ، كلا ، لكن أقول أنه ممنوع و محظور قانونأ و هو جريمة ضد الانسانية في عصرنا هذا. و بالمثل، لا استطيع أن اقول تعدد الزوجات حرام ، و لكن أطالب و بشدة حظر تعدد الزوجات قانونأ
لحم الخنزير حرام ، و لكن تربية و ذبح الخنزير في بلد مسلم و في جزارات خاصة علي يد جزار مسلم او عير مسلم ليس حرام .
كلمة حرام و حلال هذه ” كبيرة ” و كبيرة جدأ
منظق الحلال و الحرام هذا علاقة بين الفرد و ربه و بالتاكيد تدخل في تنظيم علاقة الفرد بالمجتمع و لكن الحساب يوم القيامة .
و منطق القانون هو ما ينظم علاقة الفرد بالمجتمع و تحاسب عليه المحاكم
و ليس من واجبنا اقحام الدين بل الواجب تقديسه
البامية حلال و ستظل حلال ، و لكن أذا أثبت العلم _ علي سبيل المثال_ أن بها مواد مخدرة فمن واجب الدولة حظرها و ليس من واجب رجال الدين أصدار فتوي لتحريمها
أما سقوط العلمانية في امتحانات د
( العلمانية و هي العلم الدنيوي المجرد من اي مفهوم لما وراء المادة أو الميتافزيقيا و قد سقط هذا العلم في امتحانات كثيرة منها علي سبيل المثال ,نشأة الحياة ,التنوع الحيوي و البيئي,العناية بالكائنات,خصوصية الانسان. الظواهر غير المادية.)
دعنا عن العلوم و التاريخ و الظواهر غير الطبيعية ، هل سقطت العلمانية في امتحان الدولة ؟
أخي الكريم الثوابت هي الحفاظ علي النفس و المجتمع الصالح و المال و العرض و العقيدة السليمة, ما تعلق بالمحرمات فقد بينه القرآن مع استثناء الاضطرار و هو كما تفضلت شئ بين العبد و ربه كما علق الامام علي بن ابي طالب:استفت قلبك و ان أفتوك و ان أفتوك و أتفق معك أن تحديد الحرام و الحلال هو سلطة الهية لا تتدخل فيها أي فتوي.
تعدد الزوجات مثلا أمر عرفته كل المجتمعات البشرية في الماضي و الحاضر و هناك من لديه أكثر من اربع زوجات ,الدين في أحيان كثيرة يتدخل لتنظيم ما يفعله الناس مثل قوم شعيب مثلا,الدين لم يأمرهم باتخاذ وحدات قياس معينة مثل الرطل أو الكيلوجرام لكنهم عندما طففوا منعهم من الغش.
العلمانية نجحت في امتحان الدولة بامتياز مع بعض السلبيات المشار اليها منها مبدأ النسبية و اللا مقدسات و أنصع مثال علي ذلك نفاق الاتحاد الاوروبي الذي اشتكي منه عرمان و كذلك بالامس اشتكت ايطاليا من سخرية جريدة شارلي ابدو الكاريكاتيرية من ضحايا الزلزال و قد دافعت فرنسا بأن تلك حرية تعبير. ثم هناك نقطة أخري هل نموذج الدولة الغربية ناجح في كل المجتمعات؟ لماذا لم ينجح في العراق مثلا بعد ازالة صدام حسين؟ اذن يجب أن نلجأ لوضع المقدسات و يجب أن نلجأ للعلمية قبل التطبيق,هذا رأيي المتواضع و أرجو تصحيحي ان أخطأت.
السياق الكوني الطبيعي أو سنة الله التي خلت ستأتي تباعا فميزان الحق والعدل منصوبان لاتزان الكون الحتمي فلم يخلق الله الكون عبثا ولا لعبا وهو له هذه القدرة اللامحدودة فمع ظهور الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس واستحالة العيش للصالحين والبسطاء والضعفاء والفقراء يتنزل الإذن بالاصلاح والخلافة الراشدة لتقويم المسار وابانة دين الله الحق والعدل والمساواة ورفع الظلم فأبشروا بالخير فكلما تفاقم الظلم قرب العدل أتحسبون أن مدبر الكون القدير العلي العليم المهيمن القوي العزيز الحميد المجيد يغفل عن خلقه كلا إنه يسمع ويرى فصبر جميل والله المستعان
وجدلية التطبيقات الحديثة التي نشأت في ظروف معينة مثل العلمانية وغيرها هي بالتحديد ستقود إلى وضوح صورة الطيش وتقهقر الانسان غير المؤمن بالله زيفا فالكل يعرف الله خالقه ولكنه أي الانسان يجحد هذا الحق ويعاند لا جهلا عند الأكثرية بل محاربة لله ومعصية للفطرة ولينال الملاذ والشهوات بغير وجه حق وهكذا فلا تشكوا في أنهم إنما يبغونها عوجا لاتباع أهواءهم فحسب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب سينقلبون
أخي هذا كلام الله في القرآن الكريم في آيات كثيرة فالكفار يعرفون الحق ويكفرونه أي يغطونه لهذا استحقوا العقوبة
ولله الأمر من قبل ومن بعد