يا حليلك يا بلدنا ..!

حكى لي زوج خالتي أبوي أحمد كما كان يحلو لنا مناداته والذي سبق أن ذكرت في مقال سابق انه عمل موظفا متنقلا في كل أنحاء مشروع الجزيرة رحمهما الله معاً ..فكنت أذهب مع والدتي لزيارة الخالة وبناتها الحبيبات الى نفسي في مختلف مكاتب التفتيش التي تنقل فيها ذلك الرجل الطيب وكم سحرني بشخصيته اللطيفة وأنا صبية يافعة وامتدت علاقتي به وتواصلي معه بعد ذلك لسنين طويلة وكان يشدني بثقافته العميقة وياسرني بطريقة سرده الجاذبة لذكرياته في زمان الجزيرة والمناقل الآفلة بعد أن تقاعد عن الخدمة .. !
قال لي في جلسة كانت الأخيرة قبل أن أفجع بخبر رحيله وأنا خارج الوطن وقد ترك في نفسي مخزوناً من حلو الذكريات عليه الف رحمة ونور ..إن من أهم مايقوم به كبار ضيوف البلاد على أيامهم وعلى مستوى رؤساء الجمهوريات والحكومات و الوزراء وأعضاء الوفود المختصين هي زيارة مشروع الجزيرة كمفخرة للسودان في ذلك الزمان ..فقد شهد بنفسه أثر تلك الزيارات في ملامح وجوههم وكلماتهم المعبرة عن الإعجاب بهذه المزرعة الأكبر في العالم وبادارة واحدة !
قال حينما زار الرئيس السوفيتي الأسبق ليونيد برزنيف السودان ردا على زيارة الرئيس عبود لموسكو ..تم الترتيب له لزيارة رئاسة المشروع ببركات مارا ببعض أقسامه ..وقد لفت نظره عند توقفه باحدى قرى الشارع الرابط بين الخرطوم وودمدني أن شاهد أناسا يحملون مواعينا ضخمة مغطاة بمختلف أشكال الأغطية ..وهم يسيرون في اتجاه واحد ويدلفون الى حوش كبير .. فسأل مرافقيه عن هذه الظاهرة .. فقالوا له أنهم سكان القرية يحملون الطعام الى اذوي أحد المتوفين لمساعدتهم في مواجهة اطعام جموع الذين ياتون اليهم من القرى المجاورة و الأماكن البعيدة للتعزية التي قد تستمر ربما في ذلك الوقت اسبوعا كاملا ..ضحك الرجل وقال لمن معه من المسئؤلين السودانين .. أنتم سابقون لنا في الإشتراكية الإجتماعية بدهور إذن !
كانت تلك الصور الطبيعية غير المصطنعة من أي حاكم هي الوجه الحقيقي للبلد دون مكياج وغير رتوش ..وان تقلصت في شكلها ومحتواها من حيث المدة وكيفية المشاركة التكافلية تبعا للظروف المختلفة ولكنها لازالت باقية فينا تصارع كل تلك المتغيرات.. !
وهانحن نعيش زمان الحكومة التي تسعى لتجميل ما فعلته من فعايل متعمدة.. في ذلك الوجه في نظر الزوار الذين تنوي احضارهم و تلقين عيونهم بالصور التي تريد أن ترسمها بريشة ذات الرؤية قصيرة النظر والتي كانت سببا في تشويه ملامح البلاد في شكلها العام المتمثل بدءاً في قذارة العاصمة و سوء خدماتها وتدمير كل مفاخر الماضي التي كنا نزهو بها طواويسا نتبختر اليها في جسارة أمام ضيوفنا الأكارم ..و هي ذاتها حكومة الدولة الرسالية التي هدمت الكثير من الجسور بهمجية سياساتها الخارجية !
وتريد بعد أن شوهت كل مشهد جاذب للضيف في سابق عهدنا الذهبي .. أن تلعب دور من يعيد ترتيب تلك اللوحة باسلوب الدفع المقدم للضيوف الذين تريد أن تشتري منهم حلو الكلام نفاقا لمدح قبيح الأقوال وتزيين شائن الأفعال . فهل ستمر بهم الى المدينة الرياضية التي باتت كالظل الوقف مازاد أم تريهم المطار المزعوم غرب البقعة أم مسرح الأوبرا ولن تنسى بالطبع أن تأخذهم الى اطلال ضربات الصواريخ الأمريكية والإسرائلية التي لولا تدميرها لمنشأتنا تلك لكنا ضمن دول البريكس وزدناها سينا آخر …ويا حليلك يابلدنا .. الفيكي ربونا اتولدنا على رأي بلدياتنا الراحل الفنان أحمد فرح عطر الله ثراه !
[email][email protected][/email]
أم صباحي صباح الخير
خير من ينقل صورة السودان الزاهية نجم الغناء الشعبي الفنان المصري (شعبان عبد الرحيم ) شعبولا وقد تشرف القصر من قبل بزيارة شعبولا له
رحل كل شىء جميل يانعمه مع رحيل الاوفياء النبلاء من بنات وابناء بلادى الذين حملوا مشعل التنوير والوعى مااستطاعوا دون من او اذى. رحلوا من الدنيا كما دخلوها لايمكلون شىء الا حب الناس. فعلا يا حليلك يابلدنا لان هذا ليس السودان الذى نعرفه وعرفناه . فعلا (من اين اتى هولاء) رحم الله الطيب صالح