عن “اليونيتي”

تدور أحداث كبيرة داخل مجتمع مدرسة الاتحاد العليا “يونيتي”، وصارت هذه الأحداث مثار اهتمام الصحافة والرأي العام، رغم أنها لا تنفصل عن قضية الرسوم الدراسية المرتفعة التي ضربت مدارس خاصة كثيرة صارت تقديراتها للرسوم الدراسية أعلى من بعض الجامعات. لا مفر من مناقشة هذه القضية لأنها تمس شريحة مهمة من أولياء الأمور صرفوا النظر عن التعليم الحكومي المتدهور، وصاروا يخصصون الجزء الأكبر من دخلهم لتوفير فرص تعليم أفضل لأبنائهم، وهذا هدف نبيل يستحق الإحترام والتقدير. يتجه أولياء الأمور نحو مدارس توفر مناخاً تعليمياً أفضل، ومدرسين أصحاب كفاءة وتأهيل عالٍ، واهتمام ورعاية نفسية وتربوية. لكن في نفس الوقت فإن تعامل أصحاب وإدارات المدارس الخاصة مع هذه المؤسسات التعليمية وكأنها مجرد دكاكين لجني الأرباح لا يستقيم. لا بد من توازن بين حقهم في تحقيق أرباح وبين الرسالة التربوية للمدارس، وكونها مؤسسات خدمة عامة.
نعود لمدرسة اليونيتي، هناك قضية عادلة لأولياء الأمور حول ارتفاع الرسوم، ثم ما أثير حول اعتداء مديرة المدرسة على والدة بعض الطلاب بالمدرسة، وهي قضايا تثير القلق، وتخضع لتحقيق من قبل الجهات المختصة كما قرأنا وسمعنا، ولعل التغطيات الإعلامية الواسعة كانت سبباً في تدخل الجهات المختصة، وهذا مما يحمد للصحف.
غير المقبول هو توجيه القضية ناحية صراع ديني متوهم، أو إدخال إشارات دينية في الموضوع. ليس خافياً على أحد، سواء من أولياء الأمور أو المتابعين، أن للمدرسة طابعاً كنسياً، وهي ليست استثناءً في هذا، منذ نشأنا عرفنا مدارس كمبوني وسانت فرانسيس والر اهبات والأقباط وغيرها، وهي مؤسسات تعليمية محترمة ظلت تقدم خدماتها التعليمية لأجيال من السودانيين بكفاءة واحترافية واحترام للبلد وثقافته وتراثه وعاداته وتقاليده.
أولياء الأمور الذين يدفعون بأولادهم وبناتهم لهذه المدارس يعرفون هذا الطابع، ومعظمهم له صلات تاريخية بهذه المدارس وقد يكون هناك أجيال من الأسر مرت عليها. وقد ظلت هذه المدارس توائم بين تبعيتها للكنائس، وبين دين وثقافة طلابها وطالباتها، وجلهم من المسلمين، ولم نسمع بشكاوى عن حملات تنصير أو إرغام على دراسة مواد بعينها. لهذا إن إدخال إشارات ذات طبيعة دينية في خلاف يشمل معظم المدارس الخاصة، أمر بلا معنى، وهو تحوير ونقل للخلاف لميدان آخر يشكل خطورة على المجتمع ويهدد بفتنة لا نحتاجها، فلدينا من الفتن ما يكفي.
لم يستيقظ أولياء الأمور ذات صباح ليكتشفوا أن المدرسة تابعة للكنيسة وأن مديرها، أو مديرتها، من المسيحيين. طالما أن هناك تبعية للمدرسة لمؤسسة دينية، من حق الجهة المالكة أن تعين من تشاء لإدارة المدرسة وبالشروط التي تراها، طالما لا تتعارض مع القوانين ولوائح إدارة المؤسسات التعليمية الخاصة. ولو رغب أولياء الأمور في مدارس أخرى، فهناك عشرات غيرها تتبع لمنظمات إسلامية أو تعليمية محترفة.
معالجة مثل هذه القضايا تحتاج حساسية خاصة، وخبرة كبيرة، تقود المناقش نحو جوهر المشكلة ولا تصرفه لأمور جانبية عائدها أكثر خطورة من المشكلة الرئيسية. الرسوم الباهظة وأسلوب تعامل الإدارة مع أولياء الأمور هي المشكلة، وليست ديانة المديرة أو مجلس الإدارة.
التيار

تعليق واحد

  1. “لم يستيقظ أولياء الأمور ذات صباح ليكتشفوا أن المدرسة تابعة للكنيسة وأن مديرها، أو مديرتها، من المسيحيين. طالما أن هناك تبعية للمدرسة لمؤسسة دينية، من حق الجهة المالكة أن تعين من تشاء لإدارة المدرسة وبالشروط التي تراها، طالما لا تتعارض مع القوانين ولوائح إدارة المؤسسات التعليمية الخاصة. ولو رغب أولياء الأمور في مدارس أخرى، فهناك عشرات غيرها تتبع لمنظمات إسلامية أو تعليمية محترفة” أ. هـ. هذه هي الخلاصة و هذا هو التعليق المنطقي الذي يؤيده كل صاحب ضمير حي!!!

  2. سلمت أستاذ فيصل وأتمنى أن تكون ( الجارة) قد فهمت، البحث عن الإثارة وتوسيع قاعدة القراء بأي شكل هو اكبر مآسينا دائماً وشخصياً ألقي باللوم على بعض مواقعنا المسئولة حين تروج وتصر على ابراز مواد لكتاب وكاتبات لمجرد أنهم كتاب إثارة ونبحث بحثاً عن مقالات أمثالكم..

  3. الأستاذ فيصل واحد من اكثر الاقلام رصانة وعمق ويتجلي ذلك في البون الشاسع بين تناوله لقضية مدرسة الاتحاد وبين التناول السطحي لذات الموضوع من قبل سهير عبدالرحيم. نرجو من إدارة الراكوبة توخي الموضوعية في الاعمدة المنشورة حسب قدرات الكاتب، فامثال سهير عبدالرحيم لا حظ لهم من القدرات التي تؤهلهم ككتاب لاعمدة الراي وبالتالي ضررهم اكثر من نفعهم حيث ان المحصلة لكتاباتهم نشر الجهل، لكنها الإنقاذ وكفي.

  4. عداك العيب يا أستاذ فيصل!!انا مصر على أن المدرسة آلت لشورى الجبهة الاسلاميه سابقا المجلس الستينى حاليا باسم (كوز من كيزانهم) كما غيرها من المؤسسات التعليميه والصحيه وجميعها معروفه ومرصوده وارجو من الأستاذ التحرى عن هذه المعلومه حتى يكون الكلام على قدر القول وظنى أن خبر صفع مديرة المدرسه لاحدى أولياء الطلبه ما كان إلا لفضح هذه الجماعة التي تسعى لامتلاك مقدرات الشعب السودانى ونخبهم نايم في العسل لايدرون شيء عما يدور حولهم وحتى عندما نلفت النظر تجدهم يغطغتون على المعلومات التي نمدهم بها !!.

  5. مدرسة الاتحاد او اليونتي من اقدم المدارس بالسودان ولو انها كانت تدعو وتبشر بالمسحية لاصبح السودان مثل الفاتيكان . فالمدرسة خرجت ملايين السودانيين ولم نرى او نشهد بأن احد خريجي المدرسة قد لبس صليبا واضاء الشموع.
    المدرسة خاصة والطلاب يأتون اليها بمحض ارادتهم نسبة لتميزها في المنهج واللغة الانجليزية فكيف نطلب من المسئولين التدخل وكان الاحرى ان يوجه النقد لاولياء امور الطلاب
    وبعدين ما هي نوبة التدين التي اعترت البعض فجأة وطلاب المشروع الحضاري زاتهم انشغلوا بالدنيا وملذاتها ونسوا دعوتهم الحضارية وفي التناول الذي تم دعوة لفتنة دينية سيكون اثرها ممتدا.

  6. الكيزان متناقضين حكاية دين و اسلام يستعمل فقط لاسكات المتدينين البسطاء من اهل بلادى لكن اولادهم لو اتعلموا فى الموسسات الدينية الكنسية لا يهمهم كتير حتى لو اتحولوا للمسيحية لانهم كرهوا الناس الاسلام و هم فى نفسهم يكرهون الاسلام والمسلمين

  7. الاستاذ فيصل عندما كنا طلبة فى حنتوب كان يحضر لاقامة ليالى فنيه منانون من مدنى ومن ضمنهم الفنان محمد الامين وكانت هناك اغنيه لها جماهيريه اسمها مسيحيه لا ادرى من هو شاعرها لعله الاستاذ فضل الله محمد . وهى تحكى عن قصة حب بين شاب مسلم وشابه مسيحيه . تقول بعض ابياتها على ما اذكر ..انت يا اختاه مسيحيه وانا مسلم .. وهنا تبدو قضيه .. وهتا يبدو عاده ظنها الناس عباده. لا ادرى لماذا مرت بخاطرى بعد ان قرأت مقالك القيم . لعلها ذكرى الزمن الجميل الذى كان التاس فيه احباء صرف النظر عن الجنس واللغه والدين كان استاذنا الاستاذ الاجيال ونجت برسوم من انبغ معلمى الرياضيات والله لم يخطر ببالنا ولا لحظه ما هو دينه حتى تخرجنا . فى هذا الزمن الاغبر صارت الناس تفرق ولا تجمع فى زمن يتجه فيه كل العالم للوحده الا نحن راجعين للوراء

  8. استاذ فيصل كفيت ووفيت . يااخى الفتنه نائمه لعن الله من ايقظها.مسائل شخصيه مكانها القضاء.لماذا كل هذا الشحن . مش كفايه نصنا الذى ذهب. ومازال الجرح يؤلم

  9. لماذا يتجه أولياء الأمور إلى دفع رسوم عالية للمدارس الحكومية ؟؟
    أما كان الأحرى بأولياء الأمور القيام بدور الحكومة التي تخلت عن مسؤولياتها تجاه التعليم وذلك بتوجيه جزء من هذه الرسوم الباهظة التي يدفعونها للمدارس الخاصة إلى ترميم المدارس الحكومية وتهيئة بيئتها ومبانيها ودعم المعلمين معنوياً وعينياً ومادياً وتحفيزهم على العمل في المدارس الحكومية ولو بإعطائهم رواتب إضافية حتى يستفيد الجميع بما فيهم الفقراء الذين لا يستطيعون الدفع، ويضمن الآباء تعليماً جيداً لأبنائهم ويوفرون ما يدفعونه للمدارس الخاصة التي صارت كما ذكرت أستاذي فيصل تنافس الجامعات في رسومها..
    من هنا أرجو أن تقود مبادرة تدعو إلى الوقوف على حال المدارس الحكومية بالأحياء وإصلاحها من قبل أولياء الأمور في خطوة للتخلي عن المدارس الخاصة وإجبارها على تخفيض الرسوم بطريقة غير مباشرة.. والله المستعان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..