د. عبد الله الحسن السعيد ود العمدة..الرحيل الفاجع..

في أكتوبر أو نوفمبر 1996 كنتُ في مدينة الرياض وبالصدفة المحضة إلتقيت أخي العزيز الأستاذ إبراهيم الشريف-خريج تجارة الزقازيق- وبعد السلام والمطايبة ذكر لي أنه إلتقي أخي العزيز وصديقي الودود د.عبد الله الحسن السعيد..وأنه يعمل في مدينة مكة المكرمة..وأعكاني رقم هاتفه..ومنذ ذلك التاريخ وحتي تركه العمل بالسعودية وإستقراره بالسودان عام 2006 لم ينقطع تواصلي مع عبد الله الحسن إلا حين يكون أحدنا بالسودان في إجازته السنوية والآخر بالمملكة

كان د.عبد الله يعمل مندوباً طبياً لشركة دواء وكان يمرّني بصورة يومية راتبة بمستشفي مركز مكة الطبي إما في طريقه صباحاً إلي العمل أو غالباً مساءً وهو عائدٌ من عمله..
لم يتغيّر عبد الله طوال هذه المدة عمّا عهدناه في شئ أبداً سوي أن قلبه صار أكثر بياضاً ونفسُه أكثر صفاءً وروحُه أشدّ تعلقاً بالآخرة وأكثر عمراناً بمحبة الله والناس أجمعين كأكثر الناس الذين يسكنون تلك البقاع الطاهرة..

كان يأتيني أحياناً مُحمر العينين متورّم الجفنين في أيام الحج فأقول له: شنو يا ود العمدة العيون دي حُمُر كدة؟ فيقول لي: السهر السهر يا دكتور، الحجاج، الحجاج..ويقصد أنه كان مساهراً مع الأهل الحجاج إمَّا موصّلاً او زائراً أو مودّعاً مثلما هو حال كل ساكني مكة المكرمة في تلك الأيام المباركات..

كُنا نجلسُ الساعات الطوال بعد الدوام بمكتبي في مستشفي مركز مكة الطبي ونحن نجترُّ الذكريات ونضحك ونتداول شأن بلادنا المائل ونحزن وخاصةً عندما يأتي هو من إجازته السنوية التي كان يسافر إليها في وقتٍ راتب كل عام علي العكس منِّي..
كنتُ كلما ناديته (بود العمدة) تذكّرتُ صديقنا الحبيب د.عمر جاد السيد الذي كان لا ينادي عبد الله الحسن إلاّ بود العمدة..وكنتُ قد سمعتُ هذا اللقب لأول مرة من د.عمر وأخذته منه بعد ذلك وصرتُ أناديه به علي الدوام..والله لم أشغل نفسي قط أن أعرف من هو هذا العمدة ولا ما هي صلة عبد الله الحسن بهذا العمدة.. فسلوكه وخُلقه ومحاسنه كانت وحدها كافيةً بالنسبة لي أنه فعلاً ود عِز وأكارم وعُمَد حتي لو كان ذلك لقبُه فقط..إذ كان عبد الله لا يلتقيك إلا ضاحكاً مستبشراً وهاشاً باشاً بوجهٍ طلق لا يعرف العبوس مطلقاً..

كان متفائلاً جداً عندما قرّر أن يُنهي عمله بالمملكة ويسافر ليستقر بالسودان..ولكن لا أحسب أن السودان كان عند حُسن ظنه..فالصيدلية التي إفتتحها هناك لم تنَل حظاً من النجاح..وذكر لي صديقنا د.عاصم محمد علي أنه إندهش عندما جاءه د.عبد الله يسأل عن فرص التوظيف في وارة الصحة الإتحادية البائسة فقال له عاصم: ياخي الجايبك لمحل الفقُر دا شنو؟ أمشي (لخالك) يشوف ليك وظيفة أحسن من الوظائف بتاعة هنا دي !! فقال له د.عبد الله ما معناهُ أنه يفضل وظيفة الفقُر هذه علي أن يذهب لخاله !! تعلمون من هو خالُه؟؟
لقد كان د.عبد الله إبن أخت الرئيس عمر البشير ولا أحد منّا قط كان يعرف ذلك عنه!!! 

لطالما شتَمنا هذه الحكومة التي يرأسُها خاله وهو معنا يشتمها ولطالما سخطنا علي خالِه نفسِه..ووالله لم يشعرني عبد الله قط ولا للحظة واحدة أنه علي صلةٍ به حتي سافر إلي السودان..

فأنا الآن أعتذر إليك أخي عبد الله لو كنا فعلاً قد تطاولنا علي رجلٍ أخفق وكان يمت إليك بصلة قرابة..

رحل حبيبنا الغالي د.عبد الله في صمت وفجأة يوم 2013/9/3 كما ذكرت لنا الأخت د.إيمان أبو بكر..

لقد كان رحيله فاجعاً بالنسبة لي شخصياً وكان مفاجئاً..إذ كنتُ لا أزالُ أتأمل أن ألتقيه في أقرب إجازة لي إلي السودان..لنضحك ونتسامر كما كنا نفعل في مكة المكرمة ولكنه رحل إلي البلد.. 

رحم الله أخي الحبيب د.عبد الله الحسن السعيد وأنزله منزلاً يرضاه له رب العزة..منزلاً يليق بكرمه ورحمته سبحانه إنه أكرم الأكرمين وأرحم الأرحمين..

د.بشير محمد.. أمريكـــا..
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. له الرحمة وله جنات الفردوس.
    لكنك دون قصد اسئت للمرحوم ولشخصك عندما اعترفت:=

    (كُنا نجلسُ الساعات الطوال بعد الدوام بمكتبي في مستشفي مركز مكة الطبي ونحن نجترُّ الذكريات ونضحك ونتداول شأن بلادنا المائل ونحزن وخاصةً عندما يأتي هو من إجازته السنوية التي كان يسافر إليها في وقتٍ راتب كل عام علي العكس منِّي..)
    بالعربي تقضي اعات طوال في الونسة وليس العمل. وقلت عيون د.علدالله تحمر وتتورم بسبب اعمال شخصية وليس العمل المتواصل.

  2. له الرحمة وله جنات الفردوس.
    لكنك دون قصد اسئت للمرحوم ولشخصك عندما اعترفت:=

    (كُنا نجلسُ الساعات الطوال بعد الدوام بمكتبي في مستشفي مركز مكة الطبي ونحن نجترُّ الذكريات ونضحك ونتداول شأن بلادنا المائل ونحزن وخاصةً عندما يأتي هو من إجازته السنوية التي كان يسافر إليها في وقتٍ راتب كل عام علي العكس منِّي..)
    بالعربي تقضي اعات طوال في الونسة وليس العمل. وقلت عيون د.علدالله تحمر وتتورم بسبب اعمال شخصية وليس العمل المتواصل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..