السودان بخير

عدت الي ديار الغربة بعد اجازة قصيرة قضيتها في ارض الوطن ، كنت اتمني في اجازتي ان اقابل وأسالم و أقالد كل الناس الذين اعرفهم والذين لا اعرفهم ، كنت اتمني ان ازور كل الشوارع والمناطق والأحياء والأزقة والحواري والحدائق والمطاعم والمواقف ، كنت اريد ان احمل طوريتي وارتدي عراقي وسروال وأشارك شباب الحلة نفتح الشوارع للأمطار ونردم التروس للبحر السطيت كما يقول الجاغريو في ملحمته الخالدة عن الفيضان ، كنت اريد ان اجلس تحت ظل الدومة اسمع حكاويها عن فترة غيابي فهي وحدها من تملك ذاكرة الاحداث من غير تجميل ولا تزييف ، كنت اريد ان اري السماء في مساء جميل كما يقول عثمان حسين انا والنجم والمساء ، كنت اريد سماء بلا حواجز من عمارات سامقات وسقوف مستعارة ، لكن للأسف الاجازة القصيرة علي قصرها زارتني فيها زائرة المتنبئ فقضت علي نصفها الحلو .
في مخيلتي وانا عائد الي ارض الوطن صورة مكتملة التفاصيل شكلتها مواقع التواصل الاجتماعي ، منذ نزولي الي مطار الخرطوم كنت حذراً جداً علي اشيائي رغم تفاهتها ، الوجوه السمر تتخيلها كأنها رؤؤس ثعالب ولا يخالجك شك ان طيبتها وعفويتها تختبئ خلفها اشياء اخري فكثير من القصص التي سمعناه عن مطار الخرطوم وما يدور فيه تجعل الشك عندك هو السيد ، ولكن غريزتك التي لا تخطئ ترد كل هذه القصص والحكاوي الي سلة المهملات وتتعامل بسجية السوداني الذي يعشق وطناً وقت تشتاق له ترحل ليه من غير زاد كما يقول التجاني سعيد في رائعة وردي فتكتشف السوداني من غير واسطة ولا واتساب .
وجدت اهل السودان ما زالوا يشربون الشاي باللبن عند الصباح بكبابي تثير فيك الدهشة تكاد تسع لاشخاص ، وما زالت صواجن اللقيمات تبدأ هديرها منذ الصباح الباكر ويستغربون من سلوكك المشين وانت تطلب ملعقة سكر واحدة ، ما زال بسكويت بركة تمتلئ به الصواني واحياناً تجد الكيك باشكال مختلفة في ايام الاحتفال الاولي بمقدمك السعيد ، ما زالت ستات الشاي يمارسن مهنتهن الشريفة وما زال للشاي نكهة وطعم ورائحة النعناع وطعمه يعدل مزاجك ، ما زالت سعدية في بنبرها القصير لا تفتر ولا تمل من غلبة الزبائن .
وجدت اهل السودان ما زالوا يفطرون وكنت اظن ان هذه الوجبة اصبحت من التراث القديم وان غلاء الاسعار جعل منها وجبة للذكريات فقط ، صينية الفطور كما هي لا تخلو من الكسرة بالتقلية والسلطة والفسيخ وطبق الفول يكاد يغرق في زيت السمسم وحينها تلعن اليوم الذي عرفت فيه زيت الزيتون ، ما زالت المطاعم مزدحمة بروادها لا تكاد تجد مكاناً ، تنتظر قليلاً واحياناً كثيراً حتي تجد تربيزة تجلس عليها ، ما يزال هناك من يحلف عليك ليدفع الحساب وحتي ان حسبت نفسك ذكياً وسرقت اللحظة يردك صاحب المطعم ان الحساب مدفوع .
ما زالت عربات اللبن تجوب الشوارع وضجيج سيد اللبن تسمعه من الصغار وكنت اظن ان اللبن اصبح من الاهمية بمكان ولا تجده الا عبر وصفة الطبيب في الصيدليات ، ما زال جدو علي حماره يوزع اللبن وهو كما هو لا تستطيع ان تجادله في زيادة عدد من الارطال فاللبن لا يكفي لزبائنه وبعد عنت تستطيع ان تخرج منه برطلين .
مازالت صيوانات الاعراس تضرب في اطراف القري والارياف والناس يتوافدون عليها من فجاج الارض ، وما زالت الذبائح تنحر والصواني تسير في جماعات وجماعات وفيها ما لذ وطاب حتي الشعيرية بت الكلب تتحكر مع صويحباتها .
البقالات والسوبر ماركاتات تتكاثر بشكل ملحوظ لقادم للوطن حتي تظن انها في كل شارع وزقاق تعرض بضاعتها المحلية والاجنبية والناس لا يتفرجون بل يشترون ويشتكون .
ما خرجت به من زيارتي القصيرة ان السوداني ما يزال بخير لم تغيره الضغوطات ولا الضائقات ولا الحكومات ولا المعارضات ولا السياسات ، وان السودان ما يزال جميلاً رغم غلاء الاسعار وقبح الشوارع والوجوه العابسة .
وكل عام وانتم بخير
[email][email protected][/email]
و مازالت اكهرباء في انقطاع شبه يومي ك رغم الدفع المقدم المضخم
و مازالت تجف مواسير المياه بضعة ساعات في رغم القلع الفوري و ردااءت الشبكة
و مازال متحصلين الضرائب و النظافة يجولون شوارع الخرطوم القذرة النتنة
لو درستحسبتدققكت كككككلللل القوة الشرائية العالية قيما لحفظتهم باشكالهم و سياراتهم.
انت تتكلم عن واقع 95% من سكان ولاية الخرطوم اما الولايات فهي خارج العالم اسساسا
و دي مني (90% من مظاهر الترف في تفاصيل المناسبات مشاركات من الخارج و ليست في متناول اي مدير قسم في اكبر شركة خاصة محليا
احمد ربك ان اجازتك كانت قصيرة
فلسودان عدة وجووه..
و اخيرا عودا حميدا