جرثومة الماء.. في أسبوع المياه

(الماء هو الحياة وتوافر المياه يتضرر من تغير المناخ العالمي. في ديسمبر الماضي، تجمعت 195 دولة في باريس للتفاوض على اتفاق عالمي بشأن المناخ في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. وكانت النتيجة الموافقة على أول اتفاق للمناخ والذي يحدد خطة عمل عالمية لوضع العالم على الطريق الصحيح لتجنب التغير المناخي الخطير عن طريق الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى اقل من درجتين. وللتأكيد عزمت ووافقت الدول على مواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى درجة ونصف. الآن وبعد عشرة شهور من هذه النتيجة التاريخية لا يزال الاتحاد الأوروبي ملتزما باتفاق باريس ويجب أن يكون السودان أيضا. على وجه الخصوص، فقد أعرب الاتحاد الأوروبي عن تقديره للدور الفعال والبناء للسودان في تنسيق الموقف الأفريقي في باريس. وبهذا، ليس هناك مجال للتهاون بعد نجاح مؤتمر باريس. فمن أجل رؤية انخفاض الانبعاثات يتحقق، نحتاج وضع كلماتنا إلى أفعال.)
هذه الفقرة كانت هي الفقرة الافتتاحية في رسالة مطولة بعث بها سفير الاتحاد الأوروبي بالسودان إلى محرري الصحف السودانية كافة يطلب إليهم نشرها كلها.. ما أمكن ذلك.. لأهمية الموضوع كما قال.. غير أن الذي لم يحسب حسابه معالي السفير أن الصحف والإعلام والسودان كله.. قد بات مشغولا بقضية أخرى.. صحيح هي ذات صلة بالمياه.. ولكن الصحيح أنها قضية خطيرة بل ومرعبة.. وهي تلك الجرثومة التي تقذف بها المياه في جوف الناس فتصيبهم بذاك الداء القاتل.. سمه ما شئت.. بمعنى أن الترف الذي يتحدث عنه السيد سفير الاتحاد الأوروبي عن تأثر المياه بالمناخ.. وعن دبلوماسية المياه.. ليس في وارد الاحتمال الآن على الأقل.. أن يلتفت إليه أحد.. فالمسألة الآن مسألة حياة أو موت.. لدى كثيرين من الناس.. يقفون الآن في المواجهة مباشرة مع الموت.. حيث في كل ساعة مرجح أن يفقدوا عزيزا لديهم.. ناهيك عن احتمالات تسرب الداء الفتاك إلى مساحات جغرافية أخرى.. فيضاعف المخاطر..!
اللافت حتى الآن أمران.. على جبهة الحكومة وحدها وزارة الصحة هي التي تصارع الآن وتواجه الموقف.. دون سند واضح.. أو دعم ظاهر من مؤسسات الدولة الأخرى.. فلا طوارئ أعلنت.. ولا خطط احترازية أفصح عنها أو شرع فيها.. ولا أولويات أعلن عن مراجعتها لمواجهة الموقف الطارئ.. أما على جبهة المعارضة فلم نسمع غير التنديد بالحكومة.. ثم تحميلها المسؤولية عن ما يجري.. ثم مطالبتها بتوفير قائمة من المطالب لإنقاذ الموقف.. أما مسؤوليتها هي تجاه هذا الموقف.. أو دورها تجاه المواطن فلم يرشح منه شيء حتى الآن..!
ثمة جهد طوعي ذاتي غير منظم أو مسيس.. تشهده الآن مناطق النيل الأزرق وسنار.. ولعل المفارقة أن بيان الاتحاد الأوروبي حول المياه قد أفرد فقرته الأخير للمجتمع المدني.. فكتب سفيرها بالحرف: (والدور ليس محصورا على الحكومات فقط. ولكن على الشركات والمدن والمحليات ومؤسسات المجتمع المدني كافة أن تلعب دورا حاسما في تقديم العمل على أرض الواقع لإحداث الفرق. إن القطاع الخاص في السودان كان حاضرا مثل منظمات المجتمع المدني، وشارك بقوة في الدعوة بشأن قضايا تغير المناخ، وكان حاضرا خلال المناقشات التي جرت في مؤتمر باريس.) ونقول نحن: ما الذي يمنع الآن هذه القطاعات أن تكون حاضرة لمواجهة هذه الكارثة ودعم الضحايا بتعزيز جهود وزارة الصحة..!؟

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. يا محمد لطيف انت معترف بالكارثة دى محمدة جميل… تعرف السودانيين بيمشوا المؤتمرات العالمية فقط للتسوق وزيارة المولات و الواحد بيجى مسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..