تحالف الدولة والمواطن.. موبايلي بنكي 2

(إذن.. وبهذا المفهوم فلن نشتط كثيرا إن قلنا إن المصالح العليا للدولة أصبحت رهينةً الآن بنجاح هذه التجربة.. كيف ذلك..؟ نتابع غدا..) هذا ما ختمنا به حديثنا بالأمس ونحن نقدم تجربة الدفع الإلكتروني الذي تطور الآن وأصبح جهاز الموبايل الذي يحمله المواطن في يده مؤهلا تقنيا وقادرا ماليا ومخولا قانونا أن ينجز لحامله كل ما كان ينتظره من البنك خاصة في مجال التحويلات النقدية.. وسداد الالتزامات المالية القائمة على صاحب الموبايل الذي تحول بفضل التقنية إلى صاحب حساب مصرفي يديره وهو يتمدد على سريره في غرفته..!
إن كان هذا بعض نصيب المواطن.. أو قل عائده من هذا المشروع الاقتصادي العملاق.. فما هي مصلحة الدولة حتى نضعها في تحالف واحد مع المواطن في هذا المشروع..؟ حسنا دعونا نعد فقط نزرا يسيرا مما قلنا أمس هنا.. (أما ما لم تقله هذه الشركة.. وربما لن تقوله أصلا.. ولكنه محصلة طبيعية لهذه الأهداف الاستراتيجية التي تعمل عليها.. فهو أن نجاح التجربة يضع كل النقد ولأول مرة تحت المجهر.. ويجعل كل حركة نقدية مرصودة ومعروفة.. وهذه هي ذات ما تعرف في عالم اليوم بالشفافية.. وهي مرغوبة.. بل ومطلوبة.. وبإلحاح..!) هذا ما قلناه أمس.. ونضيف اليوم.. إن أي دولة راشدة محترمة تكون على استعداد لتقديم نصف مواردها قربانا في سبيل أن يبدو أداؤها المالي أمام العالم في أعلى درجات الشفافية والوضوح.. ذلك أن غياب هذه الشفافية.. واكتناف الغموض لأدائك المالي يضعك مباشرة في أعلى قائمة الدول المتهمة بغسل الأموال.. وكذلك دعم وتمويل الإرهاب.. ولئن ظلت بلادنا وحتى يوم الناس هذا تعاني من هذين الأمرين.. جراء اجتهادات العشرية الأولى الباطلة.. ثم لم تجد كل الخطب السياسية والإجراءات الأمنية وحتى الاقتصادية في إقناع العالم طوال العشرية الثانية أن ثمة تغييرا.. فها هي المفاجأة تطل في العشرية الثالثة.. إن مشروع استخدام الموبايل في العمليات المصرفية يكاد يكون وحده القادر على أن يضع كل الأداء المالي للدولة وللمواطن على حد سواء.. تحت الأضواء الكاشفة.. فيصبح كل شيء مرصودا.. ومحسوبا.. فلا سبيل إلى التلاعب.. ولا الاستغلال السيئ للمال.. ولا التوظيف الخاطئ بالضرورة.. ألم نقل إنه مشروع استراتيجي يحتاج لحماية الدولة ودعمها.. قبل أن يُحشد له المواطنون ضحى..؟ فهو المشروع السحري القادر على تحقيق الفارق الحقيقي في الاقتصاد.. وفي السياسة كذلك.. وليس الأمر مستحيلا.. فدونك على سبيل المثال مشروع السجل المدني.. ولعلها سانحة أن نقول للشرطة التي أنجزت هذا المشروع العملاق.. هيا أكملي جهدك ففي انتظارك الكثير.. أما إن كان الأمر بيدي لاعتبرت كل اعتراض على هذا المشروع أو تعويق له.. بمثابة خيانة عظمى.. وتهديد مباشر للأمن القومي..!
ما كتبناه بالأمس أثار اهتمام العديد من الأطراف التي تواصلت معنا مؤمنة على ما كتبناه وفي مقدمتهم السيدة وزيرة الاتصالات الدكتورة تهاني عبد الله ولن يغيب عن البال أن وزارتها هي الراعي الرسمي أو الحاضنة لكافة الجهود التقنية لهذا المشروع الذي يعد تحالفا بين المال والاتصالات.. ولكنه تحالف حميد.. ثم المهندس محمد عبد الرحيم مدير المركز القومي للمعلومات.. الذي يعتبر رأس الرمح في مشروع الحكومة الإلكترونية مع كل ما يتصل بها أو ينبثق عنها مثل هذا المشروع.. وبالضرورة شركة الخدمات المصرفية الإلكترونية مطلقة المشروع.. ورافعة راية التحدي لإنجاحه.. وأخيرا بنك السودان المركزي الذي يعتبر المستفيد الأول من هذا المشروع إن جاز التعبير.. ومنه وصلتني رسالة في غاية الأهمية توضح جوانب مهمة بالتركيز على ضرورة حشد وتنسيق الجهود للترويج لهذا المشروع القومي الاستراتيجي.. نفرد لها هذه المساحة غدا
اليوم التالي