“قِصّة حُكومَتين”..!

نحن هنا، بصدد الحديث عن زيارة الرئيس البشير للقاهرة، وزيارة الرئيس السيسي المرتقبة للخرطوم، وعن مستقبل علاقات بين السودان ومصر ، وهي بالفعل، علاقات متميِّزة، لكنّها لا تكاد تستقر على حال.

العلاقات بين البلدين الشقيقين أعقد بكثير، من صراعهما على مثلث حلايب وشلاتين، فهذا الملف تفجُّر للمرة الثانية، اثر فشل محاولة اغتيال حسني مبارك، ومبارك “راح فى حق الله “، لكن بعضاً من النخبة المصرية، لم يزل ينمِّق الكلام، عن اضطرار الدولة المصرية، للاعتراف بانقلاب الاخوان فى السودان. ثمّة اطراف مصرية، تقول أنّ النظام في السوداني، قد تحرر من أثقاله الايدلوجية. مثل هذا الكلام، لا بأس به، وإن كان مفهوماً جداً، بأن السودان فى هذه المرحلة من تاريخه ــ وبظروفه السياسية الحالية ــ هو الطرف الضعيف، الذي يمكن أن يتعرض للابتزاز.

ما علينا، طالما أن حسني مبارك بنفسه، قد طوى ملف اغتياله، فلم تعد تلك القضية القانونية صالحة للتداول، إلا فى مجال المعالجات الدرامية، فى “السيما”، لكونه، لم يغُض الطرف ــ بالمجّان ــ عن قضيته اغتياله! ما علينا، سواء أقبَلَ مبارك على تقديم العون للأخوان، من أجل تحقيق مصالح الدولة العليا، أو من أجل مصالح ذاتية، كأن يكون قد فعل ذلك “تقرُّباً الى الله”، وفق المُصطلح الاخواني. وما علينا، كذلك، إن كان الأُخوان، قد جعلوه يدفع الثمن عاجلاً وآجلاً. ما يعنينا الآن، أنه وعند تفكيك الأحداث الجارية، والاشارات الظاهرة، يتبدّى لنا بوضوح، أن موضوع حلايب، من المستحيل، أن يكون هو الملف الأبرز، في محادثات رئيسي البلدين، لأنه من غير المنطقي، أن ينشغل قائدان من خلفية عسكرية، بصراع فى صحراء علاقاتهما، بينما تضطرم عند الجنوب الاقليمي ، عاصفة مثل عاصفة الحسم، مع أخرى مرتقبة بين مشار وسلفا، يُضاف إليهما، معارك ليبيا العشوائية، التي تكاد تحرق الحدود الغربية للدولتين.

من غير المنطقي، الاعتقاذ بأن البشير والسيسي، سيستهلكان وقتهما الثمين، فى الاصطراع حول حلايب، قبل تبادل الآراء، أو الاتفاق على الحد الأدني، أو الحسم، لملف حيوي، هو: سد النهضة الاثيوبي. من العسير على مركب العلاقات المصرية السودانية، دخول المياه العذبة أوالهادئة، دون تحديد موضع كِليْهِما، من الأحلاف الجديدة التى ظهرت فى المنطقة، ودون التأكيد على الموقف المُعلن، و المتفق عليه بين الطرفين، حيال داعش، ومكافحة الاتجار بالبشر، وتهريب السلاح، إلخ.

الاقليم فيه من القضايا، ما هو أخطر من الصراع الحدودي، بما لا يُقاس. هناك حرب طائفية حقيقية بين السنة والشيعة في أقليم الشرق الأوسط. هناك طوق على أكبر دولة ذات ثقل ديني واقتصادي، هي المملكة العربية السعودية التى حوصِرت مذهبياً من جهة بغداد، ومن ناحية صنعاء، فهل تغيب هذه الحقائق عن طاولة زعيمين عسكريين، ليحل محلها نزاع حول مثلث حلايب، الذي تعارف الطرفان على ترحيله ــ دوماً ــ الى المستقبل!؟

غير هذه وتلك، غير الحريات الأربعة وفتح معابر التجارة، هناك قضايا أخرى “مُتلتلة” فى علاقات البلدين تنتظر الحسم.. من غير المعقول ــ مثلاً ــ ان يناقش الرئيسان مخرجات حوار “لجنة 7+7” للحوار الوطني السوداني، دون أن يتطرقا إلى أهمية تجفيف منابع التنظيم المالية، هُنا وهُناك؟

الحقيقة التى يجب أن يفهمها الأخوان في مصر والسودان، وفي كل مكان، أن البشير والسيسي، لا يبدوان أقرب إلى بعضهما البعض، إلا في رِحاب هذا الملف..وطوبى لحكومةٍ شرعت في تنفيذ خُطة إحالة التنظيم للصالح العام، دون أن تدع لأحدٍ الفرصة، كي يقول، أن ما حدث هُنا، كان انقلاباً!
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..