دردشة عامة مع القراء و استراحة مع ذكري الشهيد السلطان علي دينار

للسلطان علي دينار مكانة خاصة في التأريخ السوداني و شهرة لا تدانيها شهرة و يكفيه فخرا أنه توفي شهيدا شجاعا و هو يذود عن حياض بلده,الا أن هذه الشهرة اقترنت بقصص و حكاوي مثل حجا الحبوبات يتناقلها الناش شفاها عن شخصيته القوية و قسوته و جبروته, و صارت بعض القصص ربما تضاف كما الفولكلور الشعبي في قصص جحا وودنفاش وود أبزهانة وود نفاش.
احدي القصص أضحكتني كثيرا اذ حكاها لي أحد الاصدقاء من كردفان الغراء أم خيرا جوة و برا و فحواها ن السلطان كان يوما متوسطا مجلس الأعيان و كان يلقي أحد خطاباته الطويلة موضحا مافعل و ما سيفعل و الاعيان جلوس مطأطأي الرؤوس احتراما و فجأة صار يصدر صوت خفيض يرتفع رويدا رويدا من أحد الاعيان في خاتمة كل جملة من جمل الخطاب معلقا (كداب) ,حاول السلطان أن يتفادي ذلك الصوت أو أن يعرف مصدره فلم يفلح فأوقف خطابه وسأل غاضبا إنت ذاتك منو؟ فرد الصوت : أنا أب شنب , فقال السلطان أرفعوا ريسينكم , فلما رفعوا رؤسهم كان كل واحد من الاعيان قد (معط شنبه ) بيديه حتي أدماه و أمتلأت الارض بشعور الاشناب الممعوطة أمام الأعيان مع نقاط من الدماء, فنظر السلطان و رد بزهو (ود المرية).
تذكرت هذا اذ نعتني بعض من المعلقين بأني كاذب مع اني دائما أكشف مصادر اقتباسي حتي لو أدت الي تصنيفي ,أنا جديد في كتابة المقالات علي هذا الموقع و سياسة الراكوبة فهمتها جيدا وهي أن تكتب رايك مهما كان اقتباسك و ان تقبل بالراي الاخر و الذي غالبا يأتيك من أصحاب الاسماء المستعارة, اصحاب الاسماء المستعارة دمهم خفيف خالص فمنهم البعاتي,المشتهي السخينة,زول ساي,ود الحاجة, فحل الخلا و الخمجان و هي تدل علي سودانيوية المتداخلين.
أتلقي أحيانا سيلا من التعليقات المهددة حينا مثل من اتهمني بانكار السنة و طالبني بالاعتذار للامة الاسلامية و آخر قال لي قاتلك الله و من الطرائف أن هنالك من قال(انتوا ماقلتوا الترابي توفي يا كضابين).
أصحاب الاسماء المستعارة يتمتعون بحرية التعبير في حدها الاقصي و يمتحنون صبر الكاتب و علمه بما يكتب أو بكيفية الرد, حقيقة أنا اهتم كثيرا بالتواصل معهم و لم و لن يغضبني أحد مهما قال, انا لست هنا لكي اغلب الناس فلا أحد يملك كل المعرفة فالمعرفة البشرية نسبية و متغيرة ,مشكلتي أني احب الكتابة في الشأن الديني و لي اراء قد تبدو غريبة لان الناس دائما أعداء ما جهلوا و يتسرعون كثيرا في اصدار الاحكام ,البعض حاول تصنيفي ضمن فئة فكرية أو عقائدية معينة أو تصنيفي وفق المصادر التي أقتبس منها و البعض استكان لنظرية المؤامرة باني قلم مأجور و اقول للجميع أمري بسيط للغاية,أنا مسلم موحد و غير مبتدع و قد مررت بأزمة فكرية نتيجة لقصور الفكر الاسلامي الراهن في فهم العصر و علومه فقرأت كثيرا و فكرت كثيرا و مازلت أتعلم في كل يوم شيئا جديدا و لا اقول أني أعرف كل شئ ,بالنسبة لي من المهم وضع القرآن الخالد في مكانه الصحيح و السنة المدونة في مكانها الصحيح و فهم علوم العصر فهما جيدا قبل الرد علي أي معلومة .
مسألة الايمان بالغيب هي أمر أساسي في العقيدة و مبنية علي الاطمئنان بأساس الدين و بعدها يتدرج المؤمن في العثور علي يقينه في سلوك طريقه الضيق الي الله قال تعالي (الذين يؤمنون بالغيب) و قال تعالي ( وفي الارض آيات للموقنين) و لم يقل تعالي للمستيقنين, أتلقي في أحيان كثيرة تعليقات ممن يبدو أنهم فقدوا أيمانهم و صار لديهم ايمان سلبي أو متشكك و يرسلون لي انتقادات علي آيات في القرآن ,أحدهم اتهم العقل المسلم بالتخلف و هذا صحيح هذه الايام الا أن تبريره كان واهيا فقال أن هذا يعزي لقصة سيدنا موسي مع العبد الصالح التي تحض علي تعطيل العقل, في الحقيقة القصة ذات معني عميق و القرآن لا يناقض بعضه فكثير من آيات القران تحض علي التدبر و التفكر,القصة تدل علي الفصل التام في مرحلة معينة بين علوم الشريعة و علوم الحقيقة او الفصل بين العقل و الجكمة أو الفصل بين التصرف الحكيم و التصرف السليم, قليل من عباد الله يصلون الي أمثال هذه المراحل لذا فالقرآن لم يتبسط في كثير من تفاصيل هذه القصة,الملاحظ أن معظم القصص القرآني يركز علي جوانب معينة.
آخر علق علي مقال لي كنت كتبت عن خلق الشمس و الارض محتجا بأن كيف تغرب الشمس في عين حمئة؟ فاتضح لي أن لا علم له بالتأويل الصحيح لمعني الآية و لا علم له بفنون اللغة العربية من حيث استخدام حروف الجر,للاسف الكثير ممن فقدوا ايمانهم يتسرعون في فهم آيات القرآن او الحكم علي الاسلام بتصرفات المسلمين في الماضي أو الحاضر و يحرمون انفسهم من خير الدين الذي صار غريبا هذه الايام حتي علي المسلمين أنفسهم.
آخر احتج بأني اقوم باخراج معاني و تخريجات غريبة للقرآن و أن القرآن كتاب غامض و غير سهل الفهم, هذا شئ طبيعي عندما يتحدث الاله مع البشر و يقول لهم أنه يريدهم أن يؤمنوا بالغيب ..لا تتوقعوا أن تكون المعاني سهلة فيجب أن تتعب في ايمانك لتبيان الاخلاص وان لم ترد ذلك فيكفيك الايمان الفطري ,التواصل مع الاله غير سهل فاللغة التي أنزل بها القرآن قبل 1400 عام تغيرت كثير من معاني مفرداتها لكن الله لم يحرمنا من فرصة تقصي معاني القرآن و جعل الترتيل وسيلة لفهم المعني الاصطلاحي للكلمات,ثم أن كثيرا من آيات القرآن لم يأت تأويلها بعد ,أضف الي ذلك أن المرونة أيضا مطلوبة بين دفتي المصحف فما يناسب قوما اليوم قد لا يناسب قوما آخرين بعد ألف سنة و هذه أمانة في عنق المجددين و المفكرين.
أحدهم قال لماذا لا يتدخل الله و يستجيب فورا لدعوات المظلومين الذين امتلأ بهم العالم؟ هذا ايضا لا يتأتي مع مبدأ الايمان بالغيب فلو حدث هذا فلن يفتن انسان في ايمانه و سيصير كل العالم مؤمنا,أضف الي ذلك أن الله ايضا يسريد ان يمتحن المؤمنين بالبشر الآخرين ذوي الافعال السيئة من المؤمنين و غير المؤمنين.
لاحظت أن موضوع أن آدم ليس أول البشر استقطب كثيرا من الاهتمام و الردود و سأكتب عنه قريبا و بقي سؤال واحد لم اجاوب عليه مع اني لم اشأ أن ادخل في غياهب الفلسفة و التأويل العميق و قد ابقيته للاجابة عليه في مقالي القادم عن آدم و السؤال هو: ما الفائدة التطبيقية من الاجابة علي هذا السؤال ؟؟؟ الفائدة أكبر مما يتصور صاحب السؤال.
[email][email protected][/email]
تحياتي أخونا صلاح و مرحبا للدرشة معك .
أنت قلت “أحدهم قال لماذا لا يتدخل الله و يستجيب فورا لدعوات المظلومين الذين امتلأ بهم العالم؟” , في الغرب المسيحي الذي عشت مايقارب ثلثي عمري فيه يعتبر هذا السؤال هو السؤال الرئيسي الذي يوجهه الملاحدة و اللاأدرية agnostic للمتدينين المسيحيين , و عادة مايكون في صيغة ” لو كان الرب رحيما لماذا يسمح بوجود الشر في العالم ؟”
وجدت أن عدم فهم سبب وجود الشر في العالم (مجاعات , قتل , إغتصاب , حروب …الخ) هو سبب إلحاد الكثيرين هذا بالاضافة للخلط بين معرفة الخالق للغيب و مذهب التسيير/الجبرية .
شخصيا فكرت كثيرا في ذلك وماإطمأن له قلبي هو ” حيثما أن الإنسان مسير في كثير من شئؤنه , فحرية الإختيار هذه تشمل فعل الخير و الشر و حتما سيكون هنالك ضحايا لفعل الشر , لو لم تكن هنالك آخرة خير و أبقي من الدنيا لقلنا أن في ذلك ظلم كبير لضحايا الشر .
أما الخلط بين معرفة الخالق للغيب و مذهب التسيير/الجبرية , فعندما أشاهد فيلما للمرة الثانية, فانا ساعرف ماسيفعله بطل الفيلم بالضبط! ولكن علمي بما سيفعل , لم يجبره علي فعل اي شيئ . ولله المثل الأعلي و بذلك أقنعت نفسي الأمارة بالسوء كيف أن علم الله , وهو خالق الزمن , لايمكن تقييده بزمن ماضي و حاضر و مستقبل .
ثم إنو ماهو الحاضر الذي سيصبح ماضيا بعد أقل من واحد علي مليون من الثانية ؟
كلنا كبشر مقيدين بقيد المكات (حيِّز من ٣ أبعاد , طول و عرض و إرتفاع) و قيد الزمان (ماهو الزمان؟) , مشكلة الملاحدة , حسب إعتقادي هي عد مقدرتهم علي تخيل إله يوجد خارج قيدي المكان و الزمان .
كلما تتفكر في مثل هذه الغيبيات كلما تحتار و لبعض الصوفية دعاء جميل هو “اللهم زدني فيك تحيرا.”
قيل ياابوصلاح بأن الأمام الغزالي ف أواخر عمره كان يدعو ب “اللعهم أمنحني إيمان عجائز نيسابور! “
الأستاذ صلاح فيصل تحية مباركة ومتعك الله بالصحة والعافية
(1)
اصبح الواحد وامسى يخاف من المداخلة بتعليق فلا يسلم من سهام التعريض بنفسه من الاخوة المعلقين.
من وجهة نظري المواضيع التي تطرحها جيدة وجيدة جدا وليست ترفا فكريا كما قال احد الاخوة من قبل في غير هذا الموضع بل هي مثيرة دوما للفكر وخطرة في نفس الوقت على الرغم من غرابتها كما قلت بنفسك وبعضها شائك لا يمكن حصره سوى بالكتب السميكة المتن…وعلى الرغم من ذلك فانك تقوم بعمل جبار محاولا اختزالها في نقاطها الأساسية على الرغم من فلتان الكثير من حبالها من يديك في بعض الاوقات
المشكلة التي ستواجهك في أغلب الوقت هي ان الذين يتداخلون في أي مقال “قد” يأتون من خلفيات وقناعات فكرية مختلفة وهم حسب تصنيفي كالتالي :
1 – فئة (لادينية) عير مؤمنة بالدين بالكلية ولديهم فصل تام بين ما هو دينيوي وديني ، وبالنسبة لهم الاثنان لا يلتقيان لأسباب يرونها جوهرية وهذه الفئة لاتقبل المناقشة الدينية وقد يجنحون نحو التعريض بأي شئ ديني بشكل متطرف يطال مدعيها بالتعنيف والارهاب. هذه الفئة غالبا نالت قسطا عاليا من التعليم الاكاديمي
2 – فئة متدينة (متحفظة) تقبل المناقشة ولكن بحدود مع ضوابط يرونها هم لاغيرهم ولا يقبلون بضوابط يضعها اي طرف آخر. هذه الفئة لم تنل بالضرورة تعليما اكاديميا عاليا . عيبها او ميزتها انها تاخذ قيمها من فئة المتشددين ثم ترخي هذه القيم لتوافق مزاجها المتوسط فهم ياخذون بايسر الخيارات التي فرضها الدين. وهذه الفئة تشكل ما يعرف بالدين الشعبي (الدين الذي توافقوا عليه) فمثلا تضم هذه جماعات الصوفية التي تقودها المشايخ ، وتضم في نفس الوقت العامة وكل من يعتقد بان الدين لا يلزمه كهنوت.
3 – فئة متدينة (متشددة) هؤلاء بالنسبة لهم كل شئ في هذا العالم قد تم حسمه قبل عدة قرون ولا يقبلون بأي تحديث جديد ، واي شي جديد حادث يتم تفسيره بناءا على آلة “القياس” على قديم تم حسمه ايضا. غالبية هذه الفئة نالت تعليما اكاديميا عاليا ولكنها تلتزم بالاخذ بكل صغيرة وكبيرة من التعاليم الدينية بدون تراخ. الدين بالنسبة لهم صاف بلا شوائب واي تحديث يه هو بدعة وضلالة قد تطال صاحبها بالتعنيف والارهاب
4 – فئة (بين بين) تقول بما لا تفعل على ارض الواقع ، فهم قادرون على المدافعة عن فكرهم الديني وفي نفس الوقت غير مقتنعين بما يدافعون عنه والسبب عدم مطابقة قلوبهم لما يجري بعقولهم فهم بين بين. فدفاعهم عن الدين هو لتحقيق مآرب ميكافيلية اجتماعية ثقافية سلطوية عرقية وغيره. وهذه الفئة عنصر تخريب عظيم فهم قد يجنحون نحو اللادينيين او نحو التشدد الديني او نحو التحفظ بما يتلاءم مع مصالحهم الدنيوية اكثر منها دينية
5- فئة (وسطية) تقبل بالفئة (3) المتشددة وتتجاوز الفئة (2) المتحفظة لتلتقي بالفئة (1) وهولاء يعانون الامرين فهم بين غلاة التشدد من المتدينين السلفيين واللا دينيين المتشددين وهم فئة غير مرض عنها من المتحفظين دينيا.
المعلق فحل الخلا “يتحفظ ” عن ذكر موضعه من الفئات اعلاه!
(2)
الأستاذ فيصل وخلال المتابعة لخط مقالاته يتحدث عن ضرورة الاعتماد “اولا” على العقل في فهم النصوص القرآنية ، “ثم” النظر في اي آراء قديمة او حديثة حول الموضوع وبالتالي فهو يفتح باب النقاش العريض ليصل الى الافكار “الذاتية” التي كونها كل شخص عن اي نص قرآني يتحدث عن الكون ، الانسان ، الشريعة..الخ
وهذا باب كبير تلج منه الأرانب والغزلان والجمال والفيلة والديناصورات فعليه ان يستعد بقبول التحدي في مثل هذه المناقشات التي قد تستفحل على ضوء ما ذكرت من الفئات الخمس
ولان بعض المواضيع التي يطرحها شائكة فقد يتحاشى البعض التعليق عليها ، او يكتفي فقط بالاشارة الى بعضها خشية اشعال حرب ضروس من المساجلات التي لا يحتملها عمود المقالات بل تصلح للمنابر الفكرية خاصة واننا فعلا ينقصنا الروح الرياضية كما يقال للمناقشة
اقول كما قلت من قبل “نحن نتناقش كاخوة سودانيين في جلسة لا يفسد فيها الاختلاف للود قضية”
فاذا كان كذلك فاهلا وسهلا للتصدي بطويل المقال والا فالصمت خير لفحل الخلا بدلا عن تناوش الاخوة المعلقين.
وهذه مساهمتي البسيطة والله اعلم.
الأستاذ فيصل؛ قد لا اتفق معك في الكثير لكنني اتفق معك في الأهم وهو الحوار دون تكفير أو ترهيب.
الدين موضوع حساس ومغلق في أمة فقدت الدنيا وتخاف أن تفقد الآخرة، دعك من الجهل والثقافة السائدة بكراهيتها للإختلاف والاستقلال بالرأي.
السؤال الأساسي لدي ليس هو هل القرآن حق ورد عن حق وبلغه من لا ينطق عن الهوى؟ بل ما يهمني هو؛ إذا لم يقتح الله قلبي للإيمان ولم يدخلني مع أفواج المؤمنين ولم بشق صدري باليقين هل أبقى مواطن كامل الحقوق والواجبات في دولة المؤمنين؟، هل يمكنني أن أجهر برأي في الدين -دونما إساءة للؤمنين بالطبع-؟ هل يمكنني تناول الشخصيات والنصوص الدينية بالدراسة والنقد بوصفها شخصيات ونصوص تاريخية مثلها مثل اي أخرى؟. العام الماضي شاهدت مسرحية موسيقية عن المورمون -ميوسكال- جسد فيها الرب وعيسى، واستمعت احيانا لمغني راب يلقب بشارلمان الرب، ولم أحس في أي حالة بأن إيماني قد تزعزع أو سيتزعزع -إن وجد- هل هذا ممكن في تصورك في دولة المؤمنين؟
ما يهمني ويحمعني بالآخرين ليست قضية الإيمان والكفر بل قضايا الحقوق المتساوية والحريات.
تحياتي
ماضيعك ممتازة تمسك بالقارىء وتجذبه ، خصوصا الناس اللى عندهم تسأؤلات
بعض المواضيع لم تأخذ حقها من النقاش والسبب انك قمت بانزال مواضيع غيرها بسرعة جدا وتصادف ان كان لك اكثر من مقال في نفس اليوم !
اعط كل مقال حقه من الوقت ليقرأ جيدا وليناقش من يرغب ، ولا تسمح بجعل نفسك جزء من النقاش بالدفاع عن نفسك وتبريرها امام كل اتهام ، القارىء الجيد شىء نادر لكنه موجود بيننا لحسن الحظ
بكل تقدير