الدستور ووثيقة الحوار (1)

حسناً، تم التوقيع على توصيات الحوار الوطني وصارت هناك وثيقة ملزمة، سنناقش لاحقاً مسألة إلزاميتها وآليتها، ولكن نركز هنا على تفاصيل التوصيات. فمنذ اللحظة الأولى لإعلان التوصيات جاءتني الرغبة لمقارنة التوصيات بدستور السودان الانتقالي لعام 2005م، باعتباره لا يزال مرجعية الفترة الحالية، وكانت النتيجة مدهشة جداً. توصيات الحوار الوطني لم تستطع أن تتجاوز الدستور الحالي بأي شيء جديد أو ملفت، بما يعني أنه كان يمكن توفير الوقت والمال والجهد الذي بذل خلال واحد وعشرين شهراً ومطالبة المؤتمر الوطني والحكومة بتطبيق الدستور الحالي حرفياً، ويا دار ما دخلك شر.

خذ عندك التوصيات الإنشائية فيما يتعلق بالحريات، جمل طويلة ومطاطة، لا يمكن أن تصمد أمام وثيقة الحقوق الواردة في الباب الثاني من الدستور. تحتوي وثيقة الحقوق على نصوص واضحة وملزمة ومحددة فيما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان، بدءاً من المادة الأولى وهي المادة السابعة والعشرين والتي تقرأ “27 (1) تكون وثيقة الحقوق عهداً بين كافة أهل السودان، وبينهم وبين حكوماتهم على كل مستوى، والتزاماً من جانبهم بأن يحترموا حقوق الإنـسان والحريـات الأساسـية المضمنة في هذا الدستور وأن يعملوا على ترقيتها؛ وتعتبر حجر الأساس للعدالـة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية في السودان. (2) تحمي الدولة هذه الوثيقة وتعززها وتضمنها وتنفذها”.

ثم تأتي مادتان هامتان بعد ذلك تعتبر كل المواثيق والعهود الدولية التي صادق عليها السودان جزءاً من الدستور، وإن كانت هذه النقطة لم يتم تنزيلها للنيابات والمحاكم. وهناك أيضاً صياغة قوية لمسألة القوانين التي ستصدر لتنظيم ممارسة الحقوق حيث حددت المادة الوثيقة على أنه يجب ألا تنتقص هذه القوانين من الحقوق، وبالتالي متى ما صدر قانون ينتقص من الحقوق، يفترض أن تعلنه المحكمة الدستورية قانوناً غير دستوري، ويسقط بالتالي تلقائياً.” المادة 27(3) تعتبر كل الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيـق الدوليـة لحقوق الإنسان والمصادق عليها من قبل جمهورية السودان جزءاً لا يتجزأ من هذه الوثيقة. (4) تنظم التشريعات الحقوق والحريات المضمنة فى هـذه الوثيقـة ولا تـصادرها أو تنتقص منها .”

وحتى النقطة مثار الخلاف مع المؤتمر الوطني في توصيات الحوار، والتي تدعو ليكون جهاز الأمن لجمع المعلومات، حسمها دستور 2005 بنص صريح وواضح في المادة 151(3) والتي تقرأ (تكون خدمة الأمن الوطني خدمةً مهنيةً وتركز في مهامها على جمع المعلومـات وتحليلها وتقديم المشورة للسلطات المعنية ). ربما تكون التعديلات التي جرت العام الماضي قد طالت هذه المادة، لكنها في أصل الدستور موجودة. في هذه المرة تراجع عنها المؤتمر الوطني وتم تسجيلها كنقطة متحفظ عليها. فهل تقدمنا للأمام أم تأخرنا درجة؟.

كنت أود أن أورد نصوص توصيات الحوار الوطني حول الحريات كما وردت بشكل رسمي، لكن مع الأسف لا تحمل الصفحة الرسمية للحوار الوطني هذه التوصيات حتى الآن، ولا أعلم لماذا تأخرت في ذلك حتى الآن؟.

ونواصل

التيار

تعليق واحد

  1. هذا ما قلناه ونقوله الان يااستاذ قيصل الحوار هو حوار المؤتمر الوطنى مع المؤتمر الوطنى تو . القصد منه ان يكون جزء من تظرية و حمله الالهاء المنظمه. من اجل شراء الوقت وشراء الذمم , والا يااستاذ فيصل ما الذى يجعل اكادميين ومثقفين يعرفون انهم بكل نقاشاتهم ولجانهم لن يضبفوا شيئا لدستور 2005 ويعلمون إن ما يقومون به ضياع لاموال ووقت البلاد والعباد . اليست هى ازمة ضمير

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..