ألحقونا المحاصيل بتموت

*أستأذن حكيم الصين كونفوشيوس كي أستخدم بكل تواضع حكمة من أقواله بعد سودنتها لأغراض الموضوع وهي أنني لاأعرف كثيراً عن أسرار السياسة لكنني أعرف الكثير عن معاناة الإنسان السوداني.
* أعرف أنه لايمكن الفصل بين السياسة وبين حياة الناس اليومية ومعاناتهم المزدادة جراء الإختلالات السياسية والإقتصادية والأمنية التي مازالت تلقي بظلالها السالبة على حياة الإنسان السوداني ومعاناته المزدادة.
*لذلك لن أدخل بكم في دهاليز السياسة و”غلوتية” حوار قاعة الصداقة? لكن لامفر من الحديث عن سياسة الإقتصاد الحر التي قدسهاسدنة الحكم لصالح مكاسبهم المادية على حساب سائر أهل السودان الذين يدفعون ثمنها من دم مؤسساتهم الإنتاجية والخدمية التي دمرت لصالح الرأسمالية الجديدة التي قفزت بزانة سوق الإقتصاد الحر دون اعتبار لمقتضيات العدل والإحسان.
*أقول هذا بمناسبة التحقيق الصحفي الذي نشرته” السوداني” على الصفحة الرابعة من عدد أمس الثلاثاء بعنوان “مشروع الجزيرة .. حالة عطش عام .. والمزارعون”راجين الري”.
*أعد التحقيق الصحفي عمران الجميعابي عبر جولة ميدانية في أقسام ود النو بجنوب المشروع والمسلمية والقسم الشمالي كشفت اخر ما ال إليه مشروع الجزيرة الذي كان في مقدمة المشروعات الزراعية في السودان? وكان يمد العالم بالقطن السوداني طويل التيلة ويرفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة.
*كشف التحقيق الصحفي الحال المتردي الذي وصل إليه مشروع الجزيرة وكيف جفت الترع من مياه الري وحتى”البوابير” المتراصة جوار ترع الدسيس وطيبة شرق والإنقاذ أصبحت تضخ”كدراً وطينا” على حد تعبير الجميعابي.
*جسد التحقيق الصحفي صيحة المزارعين في المشروع التي إستعيرها كما هي عنواناً لكلام الناس اليوم : ألحقونا المحاصيل بتموت من العطش? ورصد حالة الجفاف الذي قضى على محاصيل العروة الصيفية وبات يهدد محاصيل العروة الشتوية وتلف الاف الأفدنة من المحاصيل المختلفة.
*المزارع محمد دفع الله قال ل” السوداني :حرام على المسؤولين عدم التدخل لمواجهة الكارثة الكبرى التي تهدد المشروع? وقال المزارع الطيب الشويلي أمين أمانة الري بمكتب طيبة : ترعة طيبة شرق كوز موية ما فيها.
*حتى وزير الموارد المائية معتز موسى الذي شهد بنفسه حال هذه المساحات من المشروع تحسر على الدمار والخراب الذي طال بنيات الري في أقسام المشروع وقال إن 23 قسماً للري تعرضت لانهيار كبير بكل أسف !!.
*هذه بعض ثمار السياسة الإقتصادية التي دمرت الكثير من المؤسسات الإنتاجية والخدمية وتركت المواطنين يجأرون بالشكوى وسدنة الحكم سعداء بمخرجات حوار قاعة الصداقة المختلف عليها والتي لاتسمن ولا تغني من جوع.
مشكلة العطش بمشروع الجزيرة :
يتحدث البعض عن ان مشكلة العطش هي تعطيش وليست عطش أي ان الامر مقصود ولكن مع احترامنا لرأيهم فأننا نخالفهم تماما ذلك الذي ذهبوا اليه ولم تكن مخالفتنا من منطلق دفاع عن أحد أو مناصرة طرف على طرف وانما مخالفتنا لذلك القول نابعة من معرفتنا لكل صغيرة وكبيرة في هذا المشروع العملاق منذ ان كنا اطفال وقبل ان ننال بعضا من العلوم الزراعية وان نصبح مزارعين فاعلين في المشروع وقد يقول قائل كيف ذلك وانت خارج الوطن نعم ذلك صحيح ولكني لم انقطع عن الوطن وعن الجزيرة والحواشات وبالذات بعد ان اصبحت مزارع بالمشروع فانا اتواجد داخل الحواشات خلال العام لأكثر من ربعه حيث اقضي اجازة الصيف والتي تقع في عز الموسم الزراعي وتستمر حتى بعد عيد رمضان تقريبا من اول يونيو حتى منتصف اغسطس ثم اعود في اجازة عيد الأضحى اسبوعين ثم اجازة منتصف العام عشرة ايام ثم اجازة منتصف الترم الثاني ايضا عشرة ايام واقسم بالله انني لا اذكر انني بت ليلة بعيدا عن القرية الا بسبب قوي دفعني لذلك. كما انني اتابع متابعة احيانا تكون يومية عبر الهاتف واتعرف على الحاصل واوجه بما اراه مناسب, لذا فإنني عندما اتحدث عن مشكلة بالمشروع واطرح الحلول فإنما يكون حديثي من منطلق خبرة ممزوجة بالناحية العلمية والعملية , فمشكلة العطش سادتي ليست وليدة اليوم وليست سياسة تعطيش بل هي مشكلة تجمع الجانبين الفني والاداري, فمن الناحية الفنية وكما اوردنا في مقال عنوانه مشروع الجزيرة والمسكنات فانه عندما صمم الانجليز نظام الري في المشروع صمم على اساس ان تكون الدورة الزراعية دورة رباعية يكون فيها القطن طوال العام ويتم التبادل بين المحاصيل الصيفية والشتوية وتضم الدورة البور أو النائم أي ان المساحة المزروعة صيفا وشتاء تكون هي 50% من مساحة المشروع حيث يشكل القطن 25% وال 25 % الاخرى تبادل (صيفي 25% وشتوي 25%) بحيث يتوقف الري تماما عن الصيفي ويتم تحويل الري للشتوي ويظل البور 25% بورا ولا تتم زراعته) وعلى ذلك جاء تصميم قنوات الري بحيث تغطي طاقته أو تروي مساحة ال 50 % وهذا يحدث عندما تكون هذه القنوات خالية تماما من الاطماء وكذلك الحشائش. حتى ان هذا النظام من الدورة لم يتم بصورة مكتملة حتى الستينيات من القرن الماضي حيث كانت تزرع نصف مساحة الذرة ولم يكن للمحاصيل الشتوية وجود وكانت الخضر فقط في مساحة 30 فدان لكل ترعة تمنح منحة لوجهاء المزارعين, حتى بعد دخول القمح في الدورة لم تكن مساحته كاملة حيث كان ايضا منحة لبعض المزارعين دون البعض, لذا لم تكن هنالك مشكلة عطش مطلقا بل كان هنالك فأيض من المياه يتم رده للبحر بالذات ايام موسم الامطار.
ولكن بدأت مشكلة العطش تطل برأسها عندما دخلت سياسة التكثيف الزراعي وصار كل مزارع يزرع مساحته كاملة وحولت الدورة من رباعية الى خماسية وتحويل الدورة جعل مساحة المزارع تقسم لخمسة تلاتات بدلا عن اربعة فصار كل تلات يشكل 20% من المساحة بدلا عن 25% , وصار الثابت تلاتين القطن 20 % والخضر وتوابعها 20 % وهذه ال 40% تحتاج ري صيفا وشتاء ثم التبادل بين الذرة 20% صيفا والمحاصيل الشتوية وعلى رأسها القمح 20% , أي ان المساحة التي تحتاج ري صيفا وشتاء اصبحت 60 % من مساحة المشروع وكما ذكرنا سلفا فان القوة القصوى للقنوات في احسن احوالها تغطي 50 % من المساحة ومن هنا بدأ الخلل الكبير في مشكلة الري وصاحبته مشكلة العطش. كذلك بمرور الوقت حدث خلل فني في قنوات الري وذلك نتيجة لخلل اداري اذ دخلت االبراقين من ضمن مساحة بعض الحواشات ومما جعل القنوات الفرعية تضيق في العرض وللحافظ على حجمها حيث الطول ثابت والعرض يتناقص لذا يلجؤون لزيادة العمق مما خلق الخلل الفني الذي تحدثنا عنه في مقال مشروع الجزيرة والمسكنات وهذا الخلل يجعل الطمي يترسب باستمرار داخل القنوات الفرعية بدل ان يندفع مع الماء الي داخل الحواشات, وقد شرحنا كيفية علاج هذا الخلل ومما زاد الطين بلة في مشكلة العطش هو قانون 2005 الذي يعتقد المزارع انه قد اعطاه الحرية والتي اسميتها فوضى وليست حرية حيث تتم زراعة النائم أو البور فأصبحت المساحة المزروعة في الشتاء تبلغ 80% حيث يخرج منها فقط مساحة الذرة 20% وتظل مساحة القطن + مساحة الخضر + مساحة القمح + مساحة البور والتي تزرع بمختلف المحاصيل الشتوية وكل هذه المساحة تمثل 80 % من مساحة المشروع فكيف تريدون لقنوات طاقتها القصوى 50 % في احسن الحالات ان تروي 80 % من المساحة أي منطق هذا الذي تتحدثون عنه. ثم ايضا هنالك بعض الخلل الاداري في مشكلة العطش فعلى سبيل المثال وكما كتبنا في مقال مشروع الجزيرة والخلل الاداري وكذلك مقال اخر بعنوان مشروع الجزيرة والاصلاح المزعوم وذلك اثناء خريف عام 2014 وجاء فيه (اما الجانب الاداري فهو المحزن والذي يشير لإهمال واضح وقد اتضح ذلك في هذا الموسم (الموسم الصيفي 2014) اذ تم قطع المنسوب من المياه تماما منذ نهاية يوليو ولقرابة الشهر تقريبا بحجة هطول الامطار نعم يا سادة هطلت الامطار بغزارة في جنوب الجزيرة (المناقل والقرشي ) ولكنها كانت دون المتوسط أي خفيفة في شمال الجزيرة (خلال تلك الفترة) وتكرر ذلك وللأسف في هذا الموسم الصيفي 2016 ولم يستفد الاداريون في الري والغيط من الخطأ الذي وقع في 2014 وايضا بهذه الحجة تم تجفيف الترع تماما الى ان وصلت الحالة للعطش التام في كثير من المحاصيل في شمال الجزيرة وقد رأيت بعيني كما ذكرت في مقال سابق احد المزارعين يحمل الماء في براميل على كارو من القرية ويقوم برش شتلات البصل بالماء لأنه لا يستطيع ريها بهذه الطريقة والسبب هو سوء الادارة وقد ظل هذا الوضع في بعض الترع مع التحسن البسيط نتيجة للضغط وحاجة كل المحاصيل للري الى ان فرجت من السماء مساء امس الاول (كان ذلك خلال شهر اغسطس 2014) بهطول امطار على شمال الجزيرة وتنفس الناس الصعداء فأين الذين يتحدثون عن الاصلاح من هذا الخلل الاداري الفاضح؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ كذلك هنالك تقصير واضح من ادارة الري في متابعة تطهير القنوات بواسطة الشركات وهنا اذكر مثاليين على ارض الواقع عشتهما بنفسي وفي ترعتين مختلفتين لي فيهما حواشات احد هذه الترع ترعة عتود غرب بمنطقة ري تفتيش المعيلق ففي يوم كنت اسير بالسيارة محاذيا للترعة وقد انتابني الشك هل تم تطهير هذه الترعة لأنني كنت ارى بعد كل عدة امتار شوية طمي لين مرمي على الطمي القديم بما يوحي انه قد طهرت وعندما نظرت الى داخل الترعة رأيت نسبة عالية من الحشائش لا زالت موجودة ولم تتم ازالتها وقيل ان هذه الترعة قد تم تطهيرها ودفع المزارع من عرقه لتلك الشركة التي قامت بالتطهير ولم تمضي بضع اسابيع وقد سد الطمي والحشائش مرة آخري هذه الترعة بالذات في الفم ولم تدخلها المياه إلا بعد عدة ايام بعد ان ارتفع المنسوب نوعا. والمثال الآخر هو ترعة ود شخيب ايضا بمنطقة تفتيش المعيلق وهذه ترعة جنابية أي انها تسير محاذية للكنار والمعروف ان الترع الجنابية يتم تطهيرها من جانب واحد (الجانب البعيد عن حافة الكنار) لذا يجب ان يستخدم فيها الة تطهير (كراكة) ذات سحاب طويل حتى تتمكن من سحب الطمي على عرض الترعة من بداية حافتها مع الكنار وحتى الضفة الأخرى ولكن للأسف تم استخدام آلة ذات سحاب قصير بدليل ان الطمى الذي لم يسحب من الحافة الأخرى تراكم مرة آخري في المجرى.)
موصلة للحديث فان مشكلة العطش مشكلة فنية بالذات بعد التعلية التي تمت لخزان الرصيرص ووفرت الماء في البحيرة بعد ان كان شحيحا في فترة الصيف واصبحت المشكلة كما ذكرنا القنوات لذا ننصح بإجراء العلاج الذي سميناه جراحة عميقة والبعد عن المسكنات التي بزوالها يعود الالم وكذلك المتابعة الادارية الدقيقة بحيث يظل المنسوب ثابت طوال مواسم الزراعة دون انخفاض حتى يستطيع تغطية الفجوة بين المساحة المزروعة وطاقة القنوات وبالذات في موسم شح الامطار كما حدث هذا الموسم وبالذات في شمال الجزيرة حيث لم تهطل الا مطرة واحدة فقط سالت عقبها المياه وباقي ما هطل عبارة عن رش لم يتعدى بلل الارض, فلو ركزنا متى يحدث العطش في الغالب يكون ذلك مركز في شهر تسعة أو سبتمبر بالذات في المواسم قليلة الامطار حيث تسهم الامطار في تقليل الحاجة للري ففي هذا الوقت كما اسلفنا وهذا الموسم صيف 2015 خير دليل بالذات في شمال الجزيرة حيث لم تهطل امطار فلو نظرنا للمساحة المزروعة كما ذكرنا نجدها تمثل 60 % من المساحة الكلية (قطن +عيش + جنائن) وكما ذكرنا فان الطاقة القصوى للقنوان هي 50 % هذا اذا كانت خالية تماما من الطمي والحشائش ولكن فللنظر لحالة القنوات في هذا الوقت فالطمي يبدأ بالتراكم فيها من بداية يوليو عندما تصل الموية الحمراء كما نقول نحن المزارعون أي الحاملة للطمي ونسبة للخل الذي ذكرناه في القنوات فان معظم هذا الطمي يترسب فيها ولا يندفع داخل الحواشات ويصل الطمي ذروته في شهر اغسطس قمة الفيضان فعندما نصل لشهر تسعة نجد ان الطمي مع الحشائش التي يسرع بنمؤها قد سدت معظم هذه القنوات وقد حدث ذلك عندنا فعلا في ترعة عتود غرب (المعيلق) حيث سد الطمي فم القناة ومنع انسياب الماء من الترعة الرئيسية للترعة الفرعية وكانت كارثة العطش.
ارجو ان نكون قد شرحنا مشكلة العطش وصات واضحة وحلها يا سادة بعيدا عن السياسة والسياسيين حلها عند اهل العلم والخبرة هم الذين يجب ان يترك لهم الامر ليخصوا ويضعوا الحلول وهنا نقول بعد التعلية وتوفر الماء في البحيرة يجب معالجة الخلل في القنوات جراحيا كما شرحنا ثم بعد ذلك اداريا بالمتابعة حتى نحافظ على المنسوب دائما في اعلى قمته مهما كانت الظروف مطر في بعض المناطق ولا يوجد في اخرى او اجازة عيد او خلافها لان النباتات ليست لها اجازة من الري, كذلك مما يساعد في حل مشكلة العطش ترك البور أي النائم بدون زراعة وهذا بالطبع صعب التطبيق حيث تأتي القرارات السياسية وبالذات هذا الموسم لسد الفجوة وتذوب النواحي الفنية امامها إذ ان البور يساهم بتقليص المساحة التي تحتاج ري بنسبة 20% من المساحة الكلية بالإضافة لفوائده الاخرى التي سوف نتعرض لها في مقال منفصل بإذن الله بعنوان مشروع الجزيرة والدورة الزراعية. كذلك من الاسباب الي تقود لتخيف ضائقة العطش الاالتزام بمواعيد الزراعة في الموسم الصيفي بحيث تتوقف المحاصيل الصيفية تماما عن الري عندما يبدأ ري المحاصيل الشتوية ولا يحصل تداخل بينهما. ( لمن اراد الاطلاع على كل هذه المقالات فهي موجودة على صفحتي على الفيس بوك وعلى موقع الشبكة العنكبوتية فقط ادخل على النت واكتب عنوان المقال وسوف يظهر لك)
الشامي الصديق آدم العنية مساعد تدريس بكلية علوم الاغذية والزراعة جامعة الملك سعود بالرياض المملكة العربية السعودية ومزارع بمشروع الجزيرة
والمضحك المبكى ان سيادة الوالى فى الصين ويحضر لمهرجان الصفقة والرقيص بحضور الراقص الاكبر البشير
مشكلة العطش بمشروع الجزيرة :
يتحدث البعض عن ان مشكلة العطش هي تعطيش وليست عطش أي ان الامر مقصود ولكن مع احترامنا لرأيهم فأننا نخالفهم تماما ذلك الذي ذهبوا اليه ولم تكن مخالفتنا من منطلق دفاع عن أحد أو مناصرة طرف على طرف وانما مخالفتنا لذلك القول نابعة من معرفتنا لكل صغيرة وكبيرة في هذا المشروع العملاق منذ ان كنا اطفال وقبل ان ننال بعضا من العلوم الزراعية وان نصبح مزارعين فاعلين في المشروع وقد يقول قائل كيف ذلك وانت خارج الوطن نعم ذلك صحيح ولكني لم انقطع عن الوطن وعن الجزيرة والحواشات وبالذات بعد ان اصبحت مزارع بالمشروع فانا اتواجد داخل الحواشات خلال العام لأكثر من ربعه حيث اقضي اجازة الصيف والتي تقع في عز الموسم الزراعي وتستمر حتى بعد عيد رمضان تقريبا من اول يونيو حتى منتصف اغسطس ثم اعود في اجازة عيد الأضحى اسبوعين ثم اجازة منتصف العام عشرة ايام ثم اجازة منتصف الترم الثاني ايضا عشرة ايام واقسم بالله انني لا اذكر انني بت ليلة بعيدا عن القرية الا بسبب قوي دفعني لذلك. كما انني اتابع متابعة احيانا تكون يومية عبر الهاتف واتعرف على الحاصل واوجه بما اراه مناسب, لذا فإنني عندما اتحدث عن مشكلة بالمشروع واطرح الحلول فإنما يكون حديثي من منطلق خبرة ممزوجة بالناحية العلمية والعملية , فمشكلة العطش سادتي ليست وليدة اليوم وليست سياسة تعطيش بل هي مشكلة تجمع الجانبين الفني والاداري, فمن الناحية الفنية وكما اوردنا في مقال عنوانه مشروع الجزيرة والمسكنات فانه عندما صمم الانجليز نظام الري في المشروع صمم على اساس ان تكون الدورة الزراعية دورة رباعية يكون فيها القطن طوال العام ويتم التبادل بين المحاصيل الصيفية والشتوية وتضم الدورة البور أو النائم أي ان المساحة المزروعة صيفا وشتاء تكون هي 50% من مساحة المشروع حيث يشكل القطن 25% وال 25 % الاخرى تبادل (صيفي 25% وشتوي 25%) بحيث يتوقف الري تماما عن الصيفي ويتم تحويل الري للشتوي ويظل البور 25% بورا ولا تتم زراعته) وعلى ذلك جاء تصميم قنوات الري بحيث تغطي طاقته أو تروي مساحة ال 50 % وهذا يحدث عندما تكون هذه القنوات خالية تماما من الاطماء وكذلك الحشائش. حتى ان هذا النظام من الدورة لم يتم بصورة مكتملة حتى الستينيات من القرن الماضي حيث كانت تزرع نصف مساحة الذرة ولم يكن للمحاصيل الشتوية وجود وكانت الخضر فقط في مساحة 30 فدان لكل ترعة تمنح منحة لوجهاء المزارعين, حتى بعد دخول القمح في الدورة لم تكن مساحته كاملة حيث كان ايضا منحة لبعض المزارعين دون البعض, لذا لم تكن هنالك مشكلة عطش مطلقا بل كان هنالك فأيض من المياه يتم رده للبحر بالذات ايام موسم الامطار.
ولكن بدأت مشكلة العطش تطل برأسها عندما دخلت سياسة التكثيف الزراعي وصار كل مزارع يزرع مساحته كاملة وحولت الدورة من رباعية الى خماسية وتحويل الدورة جعل مساحة المزارع تقسم لخمسة تلاتات بدلا عن اربعة فصار كل تلات يشكل 20% من المساحة بدلا عن 25% , وصار الثابت تلاتين القطن 20 % والخضر وتوابعها 20 % وهذه ال 40% تحتاج ري صيفا وشتاء ثم التبادل بين الذرة 20% صيفا والمحاصيل الشتوية وعلى رأسها القمح 20% , أي ان المساحة التي تحتاج ري صيفا وشتاء اصبحت 60 % من مساحة المشروع وكما ذكرنا سلفا فان القوة القصوى للقنوات في احسن احوالها تغطي 50 % من المساحة ومن هنا بدأ الخلل الكبير في مشكلة الري وصاحبته مشكلة العطش. كذلك بمرور الوقت حدث خلل فني في قنوات الري وذلك نتيجة لخلل اداري اذ دخلت االبراقين من ضمن مساحة بعض الحواشات ومما جعل القنوات الفرعية تضيق في العرض وللحافظ على حجمها حيث الطول ثابت والعرض يتناقص لذا يلجؤون لزيادة العمق مما خلق الخلل الفني الذي تحدثنا عنه في مقال مشروع الجزيرة والمسكنات وهذا الخلل يجعل الطمي يترسب باستمرار داخل القنوات الفرعية بدل ان يندفع مع الماء الي داخل الحواشات, وقد شرحنا كيفية علاج هذا الخلل ومما زاد الطين بلة في مشكلة العطش هو قانون 2005 الذي يعتقد المزارع انه قد اعطاه الحرية والتي اسميتها فوضى وليست حرية حيث تتم زراعة النائم أو البور فأصبحت المساحة المزروعة في الشتاء تبلغ 80% حيث يخرج منها فقط مساحة الذرة 20% وتظل مساحة القطن + مساحة الخضر + مساحة القمح + مساحة البور والتي تزرع بمختلف المحاصيل الشتوية وكل هذه المساحة تمثل 80 % من مساحة المشروع فكيف تريدون لقنوات طاقتها القصوى 50 % في احسن الحالات ان تروي 80 % من المساحة أي منطق هذا الذي تتحدثون عنه. ثم ايضا هنالك بعض الخلل الاداري في مشكلة العطش فعلى سبيل المثال وكما كتبنا في مقال مشروع الجزيرة والخلل الاداري وكذلك مقال اخر بعنوان مشروع الجزيرة والاصلاح المزعوم وذلك اثناء خريف عام 2014 وجاء فيه (اما الجانب الاداري فهو المحزن والذي يشير لإهمال واضح وقد اتضح ذلك في هذا الموسم (الموسم الصيفي 2014) اذ تم قطع المنسوب من المياه تماما منذ نهاية يوليو ولقرابة الشهر تقريبا بحجة هطول الامطار نعم يا سادة هطلت الامطار بغزارة في جنوب الجزيرة (المناقل والقرشي ) ولكنها كانت دون المتوسط أي خفيفة في شمال الجزيرة (خلال تلك الفترة) وتكرر ذلك وللأسف في هذا الموسم الصيفي 2016 ولم يستفد الاداريون في الري والغيط من الخطأ الذي وقع في 2014 وايضا بهذه الحجة تم تجفيف الترع تماما الى ان وصلت الحالة للعطش التام في كثير من المحاصيل في شمال الجزيرة وقد رأيت بعيني كما ذكرت في مقال سابق احد المزارعين يحمل الماء في براميل على كارو من القرية ويقوم برش شتلات البصل بالماء لأنه لا يستطيع ريها بهذه الطريقة والسبب هو سوء الادارة وقد ظل هذا الوضع في بعض الترع مع التحسن البسيط نتيجة للضغط وحاجة كل المحاصيل للري الى ان فرجت من السماء مساء امس الاول (كان ذلك خلال شهر اغسطس 2014) بهطول امطار على شمال الجزيرة وتنفس الناس الصعداء فأين الذين يتحدثون عن الاصلاح من هذا الخلل الاداري الفاضح؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ كذلك هنالك تقصير واضح من ادارة الري في متابعة تطهير القنوات بواسطة الشركات وهنا اذكر مثاليين على ارض الواقع عشتهما بنفسي وفي ترعتين مختلفتين لي فيهما حواشات احد هذه الترع ترعة عتود غرب بمنطقة ري تفتيش المعيلق ففي يوم كنت اسير بالسيارة محاذيا للترعة وقد انتابني الشك هل تم تطهير هذه الترعة لأنني كنت ارى بعد كل عدة امتار شوية طمي لين مرمي على الطمي القديم بما يوحي انه قد طهرت وعندما نظرت الى داخل الترعة رأيت نسبة عالية من الحشائش لا زالت موجودة ولم تتم ازالتها وقيل ان هذه الترعة قد تم تطهيرها ودفع المزارع من عرقه لتلك الشركة التي قامت بالتطهير ولم تمضي بضع اسابيع وقد سد الطمي والحشائش مرة آخري هذه الترعة بالذات في الفم ولم تدخلها المياه إلا بعد عدة ايام بعد ان ارتفع المنسوب نوعا. والمثال الآخر هو ترعة ود شخيب ايضا بمنطقة تفتيش المعيلق وهذه ترعة جنابية أي انها تسير محاذية للكنار والمعروف ان الترع الجنابية يتم تطهيرها من جانب واحد (الجانب البعيد عن حافة الكنار) لذا يجب ان يستخدم فيها الة تطهير (كراكة) ذات سحاب طويل حتى تتمكن من سحب الطمي على عرض الترعة من بداية حافتها مع الكنار وحتى الضفة الأخرى ولكن للأسف تم استخدام آلة ذات سحاب قصير بدليل ان الطمى الذي لم يسحب من الحافة الأخرى تراكم مرة آخري في المجرى.)
موصلة للحديث فان مشكلة العطش مشكلة فنية بالذات بعد التعلية التي تمت لخزان الرصيرص ووفرت الماء في البحيرة بعد ان كان شحيحا في فترة الصيف واصبحت المشكلة كما ذكرنا القنوات لذا ننصح بإجراء العلاج الذي سميناه جراحة عميقة والبعد عن المسكنات التي بزوالها يعود الالم وكذلك المتابعة الادارية الدقيقة بحيث يظل المنسوب ثابت طوال مواسم الزراعة دون انخفاض حتى يستطيع تغطية الفجوة بين المساحة المزروعة وطاقة القنوات وبالذات في موسم شح الامطار كما حدث هذا الموسم وبالذات في شمال الجزيرة حيث لم تهطل الا مطرة واحدة فقط سالت عقبها المياه وباقي ما هطل عبارة عن رش لم يتعدى بلل الارض, فلو ركزنا متى يحدث العطش في الغالب يكون ذلك مركز في شهر تسعة أو سبتمبر بالذات في المواسم قليلة الامطار حيث تسهم الامطار في تقليل الحاجة للري ففي هذا الوقت كما اسلفنا وهذا الموسم صيف 2015 خير دليل بالذات في شمال الجزيرة حيث لم تهطل امطار فلو نظرنا للمساحة المزروعة كما ذكرنا نجدها تمثل 60 % من المساحة الكلية (قطن +عيش + جنائن) وكما ذكرنا فان الطاقة القصوى للقنوان هي 50 % هذا اذا كانت خالية تماما من الطمي والحشائش ولكن فللنظر لحالة القنوات في هذا الوقت فالطمي يبدأ بالتراكم فيها من بداية يوليو عندما تصل الموية الحمراء كما نقول نحن المزارعون أي الحاملة للطمي ونسبة للخل الذي ذكرناه في القنوات فان معظم هذا الطمي يترسب فيها ولا يندفع داخل الحواشات ويصل الطمي ذروته في شهر اغسطس قمة الفيضان فعندما نصل لشهر تسعة نجد ان الطمي مع الحشائش التي يسرع بنمؤها قد سدت معظم هذه القنوات وقد حدث ذلك عندنا فعلا في ترعة عتود غرب (المعيلق) حيث سد الطمي فم القناة ومنع انسياب الماء من الترعة الرئيسية للترعة الفرعية وكانت كارثة العطش.
ارجو ان نكون قد شرحنا مشكلة العطش وصات واضحة وحلها يا سادة بعيدا عن السياسة والسياسيين حلها عند اهل العلم والخبرة هم الذين يجب ان يترك لهم الامر ليخصوا ويضعوا الحلول وهنا نقول بعد التعلية وتوفر الماء في البحيرة يجب معالجة الخلل في القنوات جراحيا كما شرحنا ثم بعد ذلك اداريا بالمتابعة حتى نحافظ على المنسوب دائما في اعلى قمته مهما كانت الظروف مطر في بعض المناطق ولا يوجد في اخرى او اجازة عيد او خلافها لان النباتات ليست لها اجازة من الري, كذلك مما يساعد في حل مشكلة العطش ترك البور أي النائم بدون زراعة وهذا بالطبع صعب التطبيق حيث تأتي القرارات السياسية وبالذات هذا الموسم لسد الفجوة وتذوب النواحي الفنية امامها إذ ان البور يساهم بتقليص المساحة التي تحتاج ري بنسبة 20% من المساحة الكلية بالإضافة لفوائده الاخرى التي سوف نتعرض لها في مقال منفصل بإذن الله بعنوان مشروع الجزيرة والدورة الزراعية. كذلك من الاسباب الي تقود لتخيف ضائقة العطش الاالتزام بمواعيد الزراعة في الموسم الصيفي بحيث تتوقف المحاصيل الصيفية تماما عن الري عندما يبدأ ري المحاصيل الشتوية ولا يحصل تداخل بينهما. ( لمن اراد الاطلاع على كل هذه المقالات فهي موجودة على صفحتي على الفيس بوك وعلى موقع الشبكة العنكبوتية فقط ادخل على النت واكتب عنوان المقال وسوف يظهر لك)
الشامي الصديق آدم العنية مساعد تدريس بكلية علوم الاغذية والزراعة جامعة الملك سعود بالرياض المملكة العربية السعودية ومزارع بمشروع الجزيرة
والمضحك المبكى ان سيادة الوالى فى الصين ويحضر لمهرجان الصفقة والرقيص بحضور الراقص الاكبر البشير