أخبار السودان

بالتي كانت هي الداءُ ..

بالتي كانت هي الداءُ ..
[CENTER][/CENTER]

حكومتنا التي جربت فينا كل أنواع الذبح والسلخ .. وتدعي إنه من ذلك النوع الإسلامي الرحيم ..يبدو أنها بدأت تعمل بسياسة ركوب السرج بالمقلوب .. وتجعل دابتها تسير وفق هواها دون أن تستطيع هي توجيهها في الطريق الى الإصلاح وهو ما يسمى بالتخبط!

فالأمن الذي يفترض انه لطمأنة الناس .. تتخذ منه بعبعاً للترويع وعصىً للترهيب .. وتوفير الأمن الغذائي في مفهومها هو المزيد من التجويع ..مع إن المولى عزّ وجل في كتابه المبين ذكر ..أن الإطعام من الجوع هو الحق الأصيل للعالمين العابدين له والأمن من الخوف هو ما يبعث الطمأنينة في نفوس الناس !
أما فهمها لصحة المواطن فهو صفري النتيجة وهي في هذا الصدد وكأنها تعمل ببيت أبي نواس الذي يقول فيه لمن جاء ينهيه هاديا عن معاقرة الخمر ..
( دَعْ عَنْكَ لوْمِي فإنَّ اللوْمَ إغراءُ وَدَاوِني بالتي كانَتْ هيَ الداءُ)
فأطباء السودان لم يضربوا لأمر خاص بهم فقط .. بل ولمثالية مواقفهم الإنسانية وضعوا مطالبهم الذاتية ربما في آخر قائمة مسببات إضرابهم المشروع ..وحينما لم تستجب الدولة بتنفيذ تعهداتها التي بموجبها تم رفع الإضراب ..حتى أضطروا كارهين الى معاودته وفق جداول لا تجعله يؤثر على خدماتهم لمرضاهم المغلوبين على أمرهم ..لكن هذه السلطة التي لا تحترم صحة مواطنيها هاهي اليوم تنحو ذات عناد ابي نواس .. فتداوي الأمور بالمزيد من معاقرة سُكر الخطأ التي أدمنته .. فتصدر قرارا بتحرير الدواء من الدعم وذلك عقابا لبعض الشركات التي استغلت ذلك الدعم فطفقت تستخدم العملات الصعبة التي تحصل عليها بالسعر الحكومي في غير ما خصص له من غرض اساسي وهو استيراد الدواء .. هذا ما فهم من ظاهر اسباب صدور هذا القرار الجائر على المواطن المنهك دهراً بسبب رفع الدولة يدها بالكامل عن خدمات الصحة والتعليم.. بيد أن العجز في إدارة الشأن الإقتصادي بترشيد إنفاق الدولة على أجهزتها القمعية و عدم سد فم غول الفساد الفاحش بالمساءلة والمحاسبة ولجم إشباع نيران حروبها و ضغط الترهل السلطوي الذي أطال من الظل الإداري حتى تجاوز سور البلاد هو ما لا تريد أن تعترف به حكومتنا المدمنة للتجريب الخائب وتضع عصا فشلها في دولاب تلك الحقيقة التي باتت كاشمس !
ألان شركات الدواء عليها أن تشتري العملات الصعبة بالسعر الموازي لها حسب السوق السوداء وهو ما سينعكس ارتفاعا جنونيا في سعر الدواء لتغطية هذه الفجوة الواسعة بين السعر الذي كان مدعوما وهذا السعر الذي سيكون صادماً !
ونقول لمن أصدرهذا القرار دون تعمق أو دراسة واعية لمردوداته السلبية على المواطن المسكين المهموم اصلا بثقل الحمل على ظهره المكسور مثل خاطره.. لقد فعلت مثلما كانت خاتمة قصيدة أبي نواس حيث يقول ذلك البيت ..

( فقل لمن يدّعي في العلمِ فلسفةٍ حَفِظْتَ شيئاً وَغابَتْ عَنْكَ أشيَاءُ)

محمد عبد الله برقاوي..
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..