كوديسا الصادق المهدي: سيناريو للمساومة التاريخية

عبد الله علي إبراهيم
قال السيد الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة السوداني، إن علينا أن نقتدي بكوديسا جنوب أفريقيا في الوفاق الوطني إن أردنا الفرج من الكربة السودانية. والكوديسا هي الأحرف الإنجليزية الأولى لـ”المؤتمر لأجل جنوب أفريقيا ديمقراطية” الذي اجتمعت فيه أحزاب البلد لوضع لبنة المساومة التاريخية المعروفة التي أنهت نظام الفصل العنصري (الآبارتايد).
أخشى أن يظن كثيرون أن الكوديسا هي بعض تلاعب السيد الصادق بالمصطلح الأعجمي، فهو متهم عند هؤلاء بأنه ممن يكتفي بالعبارة دون العمل منذ أن استحدث في قاموسنا السياسي مصطلح “السندكالية” في الستينيات.
وربما شجع على انصراف الناس عن دعوة السيد أن فكرنا السياسي ضيق واسع تجربة جنوب أفريقيا في مفهومين حين قارب أوضاع السودان منها. وأول المفهومين هو “الفصل العنصري”، والثاني هو “العدالة الانتقالية” وهي الترتيبات التي اتفقت لجنوب أفريقيا لتتعاطى مع تاريخ ظلم بيضها -التاريخي الشديد- لسودها. وقل من نظر إلى آليات التفاوض مثل الكوديسا التي أثمرت صلح البلد القومي.
ومن المؤسف مع ذلك أننا لم نحسن فهم الواقعتين: فالفكر المعارض لنظام الإنقاذ ظل يصف إجراءات التفرقة الثقافية المتهم بها النظام بأنها آبارتايد.. وكأن كل تفرقة بين الناس آبارتايد. فحتى العقيد قرنق أذاع هذه العقيدة عن النظام، ولكن الآبارتايد غير ذلك. فهو تفرقة نص الدستور عليها لفصل جنوب أفريقيا إلى بلدين منفصلين للبيض والسود.
وخلافًا لذلك فالإنقاذ، برغم صنوف التفرقة بين عناصر الأمة، قاتلت بالظفر والناب ليكون السودان، على نقصه، واحدا. وهي بهذا أشبه بالحركات الوطنية في سائر أفريقيا التي تمسكت بالوطن الواحد الموروث عن الاستعمار وأذاقت من ضاقوا بها من مهمشيها الويلات.
أما سوء فهم المعارضين للعدالة الانتقالية في جنوب أفريقيا فهو أوعر. فحديثهم عنها، متى حانت في السودان، غبين وانتقامي ولا موضع له في إعرابها. ومع أن مقاصد العدالة الانتقالية محاسبة من اعتدوا على الناس وأسرفوا فإنها محاسبة لا تمت للقصاص مثل بغية معارضي الإنقاذ.
فالقصاص لم يكن مطلب لجنة الحقيقة والتعافي في جنوب أفريقيا التي قامت بأمر العدالة الانتقالية، فلم تطلب محاكمها الحقيقة الجنائية الحقوقية كما تطلبه محاكم القانون لتقدير الجرم في العقوبة. بل خلافًا لذلك كانت تلك محاكم تطلب الحقيقة السردية بمعنى أن يروي مرتكب الجريمة تفاصيلها، فتدون، ثم يَحصُل على العفو.
ولذا وصفت اللجنة بأنها مقايضة: العفو مقابل القصة. ومن جهة أخرى لم يقتصر العدل الانتقالي على مساءلة شياطين الآبارتايد على جرائمهم بل شمل المقاومين الأشاوس لهم. فمثلت السيدة ويلي مانديلا، على علو كعبها في جهاد الآبارتايد، أمام المحكمة لتبرِّئ ساحتها بحكاية شاب أمرت بقتله للريبة في أنه غواصة للبيض.
ولن يصدق مناضلون أشاوس ضد الإنقاذ، متى قبلوا بعدالة انتقالية مماثلة لما جرى في جنوب أفريقيا، أنهم ربما استدعتهم لجنة الحقيقة السودانية ليطلبوا العفو عن تفجير خط البترول في شرق السودان، أو الاعتداء على الدكتور حسن الترابي في كندا عام 1993.
من شأن استصحاب خبرة كوديسا في المفاوضة السودانية للوفاق القومي أن نقف بها على الجغرافيا العسيرة للمساومة التاريخية. فنجاح تلك المساومة التي استظلت بنجومها الزواهر مثل نلسون مانديلا قد يغري بالظن، وقد انقضى عقدان على تمامها، بأنها كانت رحلة سهلة.. ولكنها في حقيقة الأمر كانت مخاضًا وعرًا.
وبلغت من ذلك أنها انعقدت في حلقتين، كوديسا الأولى (ديسمبر 1991) وانتهت إلى لا شيء، لتتلوها كوديسا 2 (مايو 1992) لتلقى نفس المصير. وعلى صيت كوديسا بإبرام الصلح القومي فالاتفاق النهائي لم يقع فيها بل من منبر آخر أعقب فشلها الذي تداركه أولو العزم من قادة البلد، وتمسكوا بالوفاق وحملوا الناس عليه حملا.
وهذه نافذة لنرى كيف تسهر القيادة، وقد نضجت المساومة، على إنفاذها بإرادة لا تفل. وكثير منا، من الجانب الآخر ، يعتقد أن مفاوضات المساومة التاريخية كانت جدلاً صعبًا بين سود وبيض والحق أبلج. وحقيقة الأمر أنها كانت مساومة عسيرة بين بيض وسود من جهة، في مقابل بيض وسود آخرين من الجهة الأخرى. وكانت هذه التحالفات عبر الحاجز العرقي هي التي عسّرت التفاوض وضرجته بالدم.
كانت كوديسا الأولى ساحة لمظالم مختلفة ولمواقف متباينة. فغاب عنها مؤتمر شعوب أفريقيا (باك) الذي توجس من البيض فطلب أن ينعقد الاجتماع خارج البلاد. وغاب حزب أزابو الأفريقي وحزب المحافظين البيض. ثم انسحب خلال المفاوضات حزب إنكاتا، الذي غالبه من شعب الزولو التاريخي، واستهجن زعيمه بوتوليزي رفض كوديسا وجود مندوبين عن ملك الزولو.
واقشعر الحزب الوطني الأبيض الحاكم، وزعيمه دي كليرك، من مآل التفاوض لخوفه من ضياع دولتهم. ولم يقبلوا بتطمينات زعيمهم المسنود بالصفوة البيضاء التي عقدت العزم على الوفاق لأن المقاطعة الغربية المطردة لبلدهم هدت الحيل. ولجأ دي كليرك إلى الشعب الأبيض لكي يفحم معارضيه منهم. فاستفتاهم حول مدى قبولهم لاستمراره في المساومة التاريخية… وفاز. وكان حزب المؤتمر الأفريقي، بزعامة مانديلا قد عارض ذلك الاستفتاء الذكي، وتفرقت كوديسا الأولى على لا شيء.
وانعقدت كوديسا الثانية في مايو 1992، وجاء كل فريق بمطلب رأى الآخر فيه شططًا. فدي كليرك طلب أن يحل المؤتمر الأفريقي جناحه العسكري “حربة الأمة”، بينما طلب الأخير تفكيك قبضة البيض على أجهزة الإعلام الرسمي. ولم يختلفا حول قيام حكومة مؤقتة حتى الانتخابات ولكن كان الخلاف حول أدائها.
فالمؤتمر الأفريقي أرادها من كل الأحزاب وتنتهي مهمتها بالانتخابات، ولكن الحزب الوطني كان يريد لأحزاب الأقلية حق الفيتو في الحكومة متى ضامها حزب الأغلبية. ثم جرى النزاع حول الأغلبية البرلمانية التي تكفل تعديل لائحة الحقوق الأساسية، أو تمرير أي قرارات أخرى بما فيها الدستورية.
وكان البيض يعلون الزانة والسود يرخونها. فاقترح البيض 75% من الأصوات لتعديل لائحة الحقوق الأساسية و70% لإجازة أي قرار تعلق بالدستور أو غيره. وتمسك المؤتمر الأفريقي بالثلثين في حال التعديل الدستوري وما عدا ذلك فبالأغلبية البسيطة. ثم تنازل المؤتمر الأفريقي ليجعلها 75% لتعديل لائحة الحقوق الأساسية، و70% لأي تعديلات دستورية أخرى.. وانفضت كوديسا الثانية بغير اتفاق.
وعليه فلا يمكننا القول، إذا أردنا الدقة، إن المساومة التاريخية انعقدت على ناصية الكوديسا لفشلها مرتين في التوفيق بين الأطراف. بل إن حلف البيض والسود المقاوم للمساومة بشروط الحزبين الغالبين لا يدين إلى يومنا هذا للكوديسا بعرفان لأنهم هجروا ساحتها باكرًا. فمتى نسبوا المصالحة إلى منبر كان ذلك ما سموه “عملية التفاوض المتعدد الأحزاب” التي أعقبت سقوط الكوديسا الثانية. وصدقوا حرفيًّا..
وكان يمكن للكوديسا أن تكون نهاية المفاوضات موضوع النظر لولا الزعامة السياسية ممن تقمصتهم روح الوفاق فأحيوه بعد موات الكوديسا. فتدخل مانديلا ودي كليرك بعد تهافت الكوديسا وحملا رفاقهم المفاوضين حملاً ليواصلوا مساعي الصلح بلا كلل. فأدخلوا “التكنوقراط” بصورة نادرة لينصحوا المفاوضين بالقواسم المشتركة التي تضيع في وعثاء الخصومة. فأعقب انحلال الكوديسا عنف أشفق الناس منه على البلد.
فتبادل مانديلا ودي كليرك، الرسائل وانتهيا بتكوين لجنة للحوار المشترك بين الحزبين. فاتفقت على قيام حكومات مؤقتة في المركز والأقاليم والمحليات، وهو ما لم يقبل به المؤتمر الأفريقي الوحدوي من قبل. ثم اتفقا على وضع دستور مؤقت وبرلمان يعكف على إنشاء دستور انتقالي بما تواضعا عليه. ولمنع تعدد الأصوات والشتات اتفق الزعيمان على أن يدرسا معًا كل مشروع قبل عرضه على الأحزاب الأخرى.
ثم رتبا في أبريل/ نيسان 1993 لآلية ترعى هذا الاتفاق وتفصله تفصيلا لما بعد الكوديسا. وهي التي عرفت بـ”منبر عملية التفاوض المتعدد الأحزاب”. فرتبا لقيام هيئة شبه برلمانية من 26 حزبًا و205 أعضاء. ولكن “دينمو” التفاوض كان مجلسًا منها يسهر على تسييل الآراء وتطويرها وصقلها لتجيزها الهيئة البرلمانية. وتكون المجلس من مندوبين لكل حزب يُشترط أن تكون بينهما امرأة واحدة على الأقل ولكل حزب مستشاران.
ولا ينظر المجلس الآراء إلا مكتوبة من الأحزاب منعًا للمشافهة. وقبل نظر المجلس فيها تعكف عليها جماعة من الفنيين غير الحزبيين معينة من قبله وظيفتها لمّ الشمل بتحرير الآراء لمنع العثرات وإزالة الأذى عن طريق التصالح. ثم تتلقى تقارير هذه اللجنة الفنية لجنة أخرى للتخطيط وظيفتها كتابة مشروع المسودات لحصيلة التداول. ثم تحملها للمجلس لينظر فيها ثم يرفعها للهيئة البرلمانية. وهكذا لم يكن اتفاق جنوب أفريقيا شغلاً حزبيًّا، بحتًا بل لعب فيه التكنوقراط والذمة المهنية دورًا لحم النسيج السياسي من شعواء الخلاف.
كان النزاع حول مفردات مفاوضات المساومة التاريخية في جنوب أفريقيا سياسيا بوجه ما أكثر منه عرقيًّا بين بيض وسود وكفى. فقد تحالف إنكاتا الزولو والمحافظون البيض في جماعة سموها “المهجسون” لخوفهما من مغبة الاتفاق حول قيام جنوب أفريقيا موحدة تلغي هوياتهم التاريخية. وهدد إنكاتا الأفريقي باعتزال التفاوض ولكن خشي العزلة وغضبة الغرب. وأطرد في الحزب الوطني في الجانب الآخر صعود نجم من جنحوا للمساومة، وشجعهم على ذلك قبول المؤتمر الأفريقي قيام حكومة انتقالية مؤتلفة بعد الانتخابات، أمنت لحزبهم وزنًا في ما بعد الآبارتايد.
ولما تقوى تناصر الوطني والأفريقي خشي المهجسون من العزلة فعادوا لمسار المناقشات مشترطين قيام منبر مستقل لهم دعا إلى جنوب أفريقيا فدرالية تحفظ للكيانات جمعاء هويتها واستقلال إدارتها. ورفض مانديلا ودي كليرك الفدرالية فغادر المهجسون ساحة التفاوض. وعاد منهم من عاد إليها إلا إنكاتا والمحافظون البيض.
وشددوا النكير على الاتفاق الموقع في أبريل/ نيسان 1993 بين الأحزاب. وتناصروا في جبهة جديدة هي “التحالف من أجل الحرية”، وطالبوا بقمة لزعماء الأحزاب تخضع الدستور الوحدوي المؤقت المجاز لنظر جديد قبل الانتخابات المقررة. ولم يكف ذلك التحالف عن العنف لتعكير الصفو وفرض إرادته.
لم يمر اتفاق جنوب أفريقيا هينًا تحت وهج سحر مانديلا كما قد نتصور، فقد ضرج العنف مراحله كلها. ومن ذلك اغتيال خصوم الوفاق لكريس هاني زعيم الحزب الشيوعي ممن هفت له قلوب الشباب الراديكالي ممن عرفوه زعيمًا للجناح العسكري للمؤتمر الأفريقي.
المؤتمر الأفريقي امتص الصدمة. وفي منعطف ما، قامت جماعة شبه نظامية بمهاجمة “الصالة” التي انعقدت فيها اجتماعات تداول الوفاق الوطني نفسه. وكان للعنف الذي أراد لجم التفاوض نتيجة عكسية، فكلما اشتد كان أهل المساومة أسرع في تهادي التنازلات ودفع المفاوضات قدمًا.
نستكمل بالعناية بمنزلة الكوديسا الجنوب أفريقية في المساومة التاريخية السودانية ضلعًا من تجربة ذلك البلد الذي سبقنا إلى لم شعثه العصيب، وهي عناية من شأنها أن تحسن فهمنا لبقية أضلاع تلك التجربة مثل نظام الآبارتايد، ولجنة الحقيقة والتعافي التي بدا لي أن فكرنا السياسي يتخطفها خطفًا. ولعل أبلغ دروس الكوديسا أنه حين نضجت ثمرة وفاق الجنوب أفريقيين، وجد زعماء جعلوا الذي بات ضروريًّا ممكنًا، وهذا تعريف الاختراق السياسي بإيجاز.
وأعانهم على ذلك ميثاق “روحانية الوفاق”، وهي طمأنينة للتغيير واعتدال فيه، بعد أن اتفق للظلمة بوارهم، وللمظلومين نصرهم القريب. ولا يفسد هذا الميثاق مثل أن يواصل الظلمة محاجّة التاريخ، فيسرفوا ولا يعرف المظلومون أنهم ظفروا فلا تهدأ لهم ثائرة.
وكانت هذه الروحانية سمة وفاق جنوب أفريقيا حتى بدا أقرب إلى الدين منه إلى السياسة. فكان رموزه سياسيين قديسين مثل مانديلا وقديسين سياسيين مثل ديسموند توتو وبوساك. وبلغ “تديين” الصلح حدًّا وصف بعضهم جلسات محكمة الحقيقة والمصارحة بأنها قداس لا “محكمة!” يتهادى فيه المذنبون ومن أذنبوا بحقهم أنخاب التعافي.
المصدر:الجزيرة
وخلافًا لذلك فالإنقاذ، برغم صنوف التفرقة بين عناصر الأمة، قاتلت بالظفر والناب ليكون السودان، على نقصه، واحدا. وهي بهذا أشبه بالحركات الوطنية في سائر أفريقيا التي تمسكت بالوطن الواحد الموروث عن الاستعمار وأذاقت من ضاقوا بها من مهمشيها الويلات.
قول والله ؟؟
والله انا ابقي رئيس افتح سفارة لاسرائيل في القصر الجمهوري واعمل خمسه قواعد امريكيه ,,كل النخب ضيعت البلد ما في واحد بيقول مصلحه السودان اولا لازم كل السودانيين يعرفوا نحن شعب متعدد الاعراق والثقافات الدين لله والوطن للجميع كم سنه ضاعت من السودان من صادق لترابي لغيرو الحل لكل مشاكل السودان الاعتراف باننا افارقة نتحدث العربيه كما نتحدث الانجليزيه ونعشق اللغه الانجليزيه ثم الانفتاح كاملا علي كل العالم وكل ثقافته لن نكون عربا اكثر من الاردن ولن نكون مسلمين اكثر من السعوديه ولن نحرر فلسطنبن خلونا في مصالحنا واكبر مشكله عندنا انو الشعب والجمهور العادي افهم من كل النخب العامله بتعرف سياسه
الأخ عبدالله على إبراهيم..والأخوة الكتاب الآخرين
بالله أكتبوا لينا المصطلحات باللغة التى يفهمها الجميع..فبدل (كوديسا) أكتبوها (ميثاق الخلاص الوطنى) الذى طرحه الصادق المهدى
والله لأصول الفقه أيسر إلي مما يكتبه عبد الله على إبراهيم. يا جماعة نحن عايزين ويكة وخدرة ولحم وفحم. مش عايزين عبارات فخيمة، عايزين نقعد تحت (شدرة)، ونحل مشالكنا بالتي هي أحسن.
هل ياترى سنصلح كوديسا جنوب افريقيا في السودان؟ دولة جنوب افريقيا كانت الاطراف السياسية المتعاركة فيها مختلفة تماما عنها في السودان الجريح، فجنوب افريقيا كان يحمكها مستعمر ابيض بغيض اذل مواطنها الاسود واذاقه كل ضروب القسوة والقتل والتفرقة العنصرية وشأنه في ذلك شأن اي مستعمر قادم من خارج الحدود لاهداف سياسية واستراتيجية واقتصاية يعلمها الجميع، اما مستعمرنا نحن في السودان وللاسف الشديد فهو منا فينا وخارج من بطون القبائل المكونة للشعب السوداني وفعل فينا مالم يستطع ان يفعله الحداد في الحديد وتجاوزت فعايله القذزة تلك التي فعلها المستعمر الابيض في المواطن الاسود. فهل بعد كل هذا تصلح في كوديسا جنوب افريقيا- (مقايضة العفو بالاعتراف بالجرم)
عبد الله علي إبراهيم ، مثله مثل منصور خالد ، يحب الحياة أكثر من مبادئه وزملائه ولا مانع لديه أن يعيش على جنازة أقرب أقربائه ، وهو من ساهم في تزييف إنتخابات ابريل في منافسته الهزيلة للبشير وترشححه في منصب رئيس الجمهورية ، وهو من تنكر لحزبه الذي عمل منهم دكتوراً ومعروفاً في الساحة السياسية والعمل العام ، (( منصور خالد + عبد الله علي إبراهيم)) = الأنانية والإنتهازية وحب النفس والوقوف في جثث مبادئهم ….
(والكوديسا هي الأحرف الإنجليزية الأولى لـ”المؤتمر لأجل جنوب أفريقيا ديمقراطية” الذي اجتمعت فيه أحزاب البلد لوضع لبنة المساومة التاريخية المعروفة التي أنهت نظام الفصل العنصري (الآبارتايد)). انتهى تعريف عبدالله.
برضو احنا عايزين احزاب البلد تجتمع لتضع اللبنة و”مساومة تاريخية ايضا” التي تنهي نظام ال ايه ما عارف.
( فالمؤتمر الأفريقي أرادها(حكومة) من كل الأحزاب وتنتهي مهمتها بالانتخابات، )
دي مش نفس الحاجة الطالبنها انحنا يا عبدالله؟
(ولن يصدق مناضلون أشاوس ضد الإنقاذ، متى قبلوا بعدالة انتقالية مماثلة لما جرى في جنوب أفريقيا، أنهم ربما استدعتهم لجنة الحقيقة السودانية ليطلبوا العفو عن تفجير خط البترول في شرق السودان، أو الاعتداء على الدكتور حسن الترابي في كندا عام 1993)
و مالو!!!!؟ دي مشكلة دي؟ في حد يرفض العدالة؟
كوديسا او خلاص وطني او عدالة انتقالية هي بديل لاي انزلاق محتمل بانتهاج الوسايل العنيفة. ولا شنو يا عبدالله؟
التحية لأستاذنا الدكتور عبدالله علي ابراهيم
+ هذه واحدة من أفضل واقيم المقالات السياسية التى قرأتها منذ زمن طويل .. استلهام المهدي للكوديسا استلهام عبقري لرجل يجيد فن وفقه الاستلهامات ..وتحيل أستاذنا عبدالله عميق وماحص لرجل عرف دروب الفحص الماحص في الاكاديمية الطويلة المتقنة .. ووألف الصبر الثوري في وعر دروب اليسار السوداني المتعرجة !!
+ العقية الوحيدة الكبرى في سبيل الكوديسا السودانية هو غياب ارادة الكوديسا نفسها.. لم يصل السودانيون بعد الى الايمان بالكوديسا مخرجا وحيدا لأزمة وطنية شاملة ومحكمة بشكل لا فكاك منه .. وخاصة من جانب النظام .. وتياره الممسك بزمام السلطة والغارق في الوهم والضلالات السياسية التاريخية !!
التحية مرة أخرى لأستاذنما عبدالله علي ابراهيم..(تلميذ سابق لك في جامعة الخرطوم) !!!
هذا الرجل سبب بلاوي السودان منذ نهاية الاستعمار والي الان
“وخلافًا لذلك فالإنقاذ…قاتلت بالظفر والناب ليكون السودان، على نقصه، واحدا. وهي بهذا أشبه بالحركات الوطنية في سائر أفريقيا.”
لقد قاتلت فعلا لكن ليس من اجل السودان الموحد بل لمايمليه طغيان السلطان والاستبداد من جشع واظهار للقوة. ويكون بذا تشبيهها بحركات التحرر الافريقية مفارقا لكل الحقائق. لعلنا نجد في صربيا ميلوسوفتش مثال مشابه لسودان البشير.
الارض في ايدولوجيا الاسلام السياسي يرثها عباده الصالحين وهؤلاء مقصرون سلفا في قواميسهم كوز=صالح، وفي نفس القاموس يفرقون بين ارض الاسلام وارض الكفر وهي في نظرهم ارض حرب، وهو أس الخلل في تغييب قيم الانسانية عندهم بل في عدم اكتراثهم بالدعوة للاسلام بالحسنى في افريقيا أوالغرب.
لن تنفع معنا الكوديسا فى الخروج من هذا النفق الاسود ، فمن ناحية جنوب افريقيا كان فيها صراع بين عرقين مختلفين … عرق ابيض مستعمر وظالم وعرق اسود يعانى فى سبيل الخلاص ، اما فى السودان ورغم تعدد الاعراق فقد كان دائماً هنالك تعايش بل حتى انصهار (نسبى).
احد اهم الاسباب التى جعلت ازمات السودان مستمرة منذ استقلاله هو عبارة (عفا الله عما سلف) ، وهو الامر الذى اتاح لضعاف النفوس من النخب السياسية السودانية فعل اى شئ دون الخوف من العواقب ، ولا يعقل بأى حال من الاحوال ان يتم ترك الانقاذيين بعد كل هذا القتل والتدمير الممنهج للدولة ونهب الاموال بصورة لم تحدث فى تأريخ الدول قاطبة فقط لأنهم إعترفوا بجرمهم.
المصيبة انهم (الكيزان) حتى الآن لا يفكرون فى طريقة لحل الاشكال الا بمقدار ما يضمن لهم إستمرار السلطة ومن ثم مواصلة النهب والسلب ، لا يمكن ان تكون هنالك مساومة مع هؤلاء ونتركهم ليذهبوا فيستمتعوا باموالنا فى الخارج ويعيشوا بيننا كأن شيئاً لم يكن ، وماذا سنقول للذين فقدوا ذويهم …!!؟؟
عبدالله علي إبراهيم….والكتابة لحظة (فلس) !!!
صادقه ومهديه وهو في (مغرب شمسه ) وعلى حافة قبره السياسي رجل مولع بإطلاق تعبيرات لماحة وطريفة..أذكر منها ( الجماعة شمو ليهم شوية شطة في الجو فعطسوا )…أخونا (المرشح الرئاسي ) عبد الله علي إبراهيم …(لهاث الكتابة وهراق الحبر) جعله يعطس في (وجوهنا بلا إعتذار )…كوديسا ..كوديسا…كوديسا …كما (صيٌحَ)من زمان قبله أخونا الإغريقى عارياً(وجدتها…وجدتها…وجدتها)!!
المصالحة كمصطلح تم طرحه وتداوله والتعامل معه وبه …وعلى أساسه عادت قوى المعارضة الحية واعلنت وقف إطلاق النار …(لم ترفع الراية البيضا!!!)…(حكومة أقاربك الكرفاب ومن جاورهم من جا لي جاي) لهطت مواثيقها…دع عنك اللولوة والمصطلحات …لست وحدك الدكتور..أوخريج جامعة الخرطوم ..أو اليساري (المِفارق)..ولست وحدك الذى تلوي لسانك بلغة (ناس جون) ويقوم بمهة توزيع (الصكوك والبراءات ونكهة الإتهامات).
لا أحد يرفض المصالحة…مصالحة جهيرة لا تشبه (ميوعة إتفاق أهلنا في جنوب إفريقيا والذى حكمته تنازلات مهينة تآباها إخوتهم في زيمبابوى …ولكل قراءته)…نحن في السودان قام فريق سياسي بإنقلاب عسكري على حكومة (شرعية منتخبة)…إنتهت رغم الشعار والهتاف الإلهى المحمدى (المقدس) بتقسيم البلد و(توليد) حروب شتى وأشرس وتهديد بتمزيق البلد وإدخاله في جحيم دموي (معطون بالدين والقداسة ) الشيء الذي تعاميت عنه بتعمد وتقصد واضحين…والمفروض أنك الأكاديمى الملاحظ والرصين (ولكن عين الرضى عن كل عيب كليلة)…!!
وها أنت تمسح (صلعتك ) بكريم أغبر…تود أن تجلب (هناى وهناى!! ) إلى ساحات المحاكم بجريرة تفجيرها أنبوب النفط وتوابعه وهي حينها ترفع شعار (سلِم تسلم) وتجيش الجيوش لإسقاط نظام أعلنها صريحة…الزارعنا غير الله اليقلعنا…وزول ماعندو بندقية ما بنفاوضو…ديل معارضة لا تساوي جناح بعوضة!!!من قال إننا ضد العدالة…نعم نحن مع العدالة والقانون والتقاضي والمحاسبة والقصاص المبرم الشافي بلا لف أو دوران …ولكنا حين يكتب الاكاديمى (النابه) نرجو منه أن لا يلعب مع القاريء الجاد لعبة الصبيات (أرنب نط…ترانى بنط!!)…ثم ينطط وحده كيفما إتفق!!لا يجوز!!
أما عبارتك أنها (أي الإنقاذ ) قاتلت بالناب والظفر دفاعاً عن وحدة السودان (فهذا أمر عجيب)…كيف كان يقاتل السودانيين إذن طيلة الفترات السابقة في أحراش الجنوب دفاعاً عن وحدة البلاد ياترى…ولم تنهزم هذه الوحدة في (العهود السابقة للإنقاذ)…أنت تتحدث بلغة المدلسين عن (أنياب وأظفار ) تم حشرها حشراً في جنان الخلد عرساناً لحور جنانها…ثم تم تفطيسها في لحظة إنتباه (إنتقامية من قاضيها …ترابيها)!!
الإنقاذ والإسلام السياسي وأبناء عمومتك (الكرفاب)قاتلوا بالظفر والناب من أجل موضوع أعلنه عمر البشير بنفسه بكل وضوح وجلاء حين أعلن في خطاب واضح وصريح (كنا نقاتل في أرض ليست أرضنا…كنا نقاتل شعباً ليس شعبنا)…هذه هى الدواخل والقناعات والمحفزات التى كانت تقود المشروع والذى نجح في وأد البلاد بكل قسوة …مازالت روسيا تقاتل دفاعاً عن وحدة أراضيها…نيجيريا..الكونغو…تنزانيا…الهند…حتى الولايات المتحدة قاتلت من أجل أراضيها في دولة (مصنوعة ومنهوبة تاريخياً)!!
ما وأد الوحدة وزرع أرتال الغبينة والضغينة والحقد المتأجج هو جرأة المفلس (الدينى الإستعلائى الإقصائى)…والذي جاوز المدى حين إعتبر نفسه (القوي الامين )… إرتهن البلاد لمشروعه وأمعن في إمتهان وإحتقار العباد!!يا بروفيسور!!