بين برطم والماحي خلف الله..رابط عززه البرنامج

بسم الله الرحمن الرحيم

السؤالان اللذان اختتم بهما الاستاذ الظافر في برنامجه الميدان الشرقي لكل من النائب المستقل برطم والماحي خلف الله ..يلخصان حصيلة الحلقة وإن بديا مختلفين عن سياقها..فقد سئل برطم عن مدى مضايقة النظام له في أعماله نتيجة مواقفه فأجاب بالنفي ..مردفاً أن مجال الحرية المتاح هو ما يجعله يؤمن بحفر طريق مستقل عن حزب النظام وإصلاحه..أما الماحي فقد كان سؤاله من مقدم البرنامج عن مدى استفادته من صلة قرابته مع علي عثمان في مجال صعوده من مدير للتنمية في كسلا إلى الوزارة الولائية فأعلى ..فأجاب بالنفي كذلك ومعززاً إجابته بالقسم على الهواء وأنه ربما تضرر أقرباء علي من شفافيته..ألخ.
بذا يكون النظام راعياً للحرية وقابلاً للإصلاح وبعيداً عن المحسوبية وتولية الأقارب..والواقع بالطبع غير ذلك تماماً كما يدرك الجميع..عليه كان من الطبيعي أن يكون النقاش في موضوع الحلقة عن الإجراءات الاقتصادية ..وإن بدت المواقف متباينة بين هجوم برطم وتبريرات الماحي ..مفضياً إلى نتيجة واحدة ..ونقاط اتفاق تمكن عبرها الماحي من كعبلة مناظره ..ليس استناداً إلى حقائق بالضرورة ..بل بتزييفها من الوجهة السياسية ..مستخدماً ضبط المصطلحات الإقتصادية سلاحاً ..دون أن يتدخل مقدم البرنامج بما يبين الحقائق..
وحتى لا نمضي في مبهم القول..فإن هجوم برطم على مقعده البرلماني وعدد المقاعد ..كأحد أوجه الصرف الحكومي نموذجاً..لا يعفيه من حقيقة جلوسه عليه ضمن النظام ومزيناً وجهاً ديمقراطياً مزعوماً له..كما وأن حديثه بأن الإجراءات في صالحه كتاجر..ولكن ليست في صالح المواطن..وأن عائدات الصادر لا تعود للدولة بل للتجار..سهل على مناظره اصطياده بالقول بأن التاجر مواطن وعائده هو ضمن اقتصاد الدولة..وهذا بديهي ويوضح طبيعة النظام ..الذي يشكله المتناقشان..وإلى أي الطبقات ينحاز.
أما استخدام سلاح ضبط المصطلحات ..لمواجهة الانتقاد ..فقد تجلى في أكثر من موضع..فحساب برطم من ان الحكومة في الواقع تبيع البنزين كمشتق واحد من برميل البترول بسعر يفوق سعر البرميل كله ثم تضاف بقية المشتقات لاستنزاف الحكومة للمواطن..واجهه بمصطلح السعر الحقيقي الذي يعبر عن جملة عوامل خلال فترة طويلة..وفيه زوغان من السؤال ومن حقيقة يمكن طرحها كسؤال هنا يدور في أذهان الجميع..في ظل هذه الطريقة العالمية في حساب السعر الحقيقي ..لماذا ينخفض سعر اللتر للمستهلك عالمياً بهبوط سعر البترول..ويظل مكانه في ظل سياسات النظام ..ليعود لارتفاع أكثر ؟علاوة على ذلك ..فإن حديث الماحي عن جملة عوامل التسعير الحقيقي يؤدي في النهاية إلى تحميل المواطن تبعات ربح الدولة فيه .. في مفارقة مع حديثه مع جملة المنظمات الاجتماعي التي خصصها النظام لمساعدة الفقراء كالزكاة وغيرها واعترافه بأنها لا تحل كل المشكلة ولكن تخفف العبء..يبين إلى أي مدى يفارق هموم المسحوقين بالقرارات ..لأنه ببساطة يطرح السؤال التالي..إذا كانت خدمات العلاج والصحة والتعليم هي من صلب واجبات الدولة تجاه المواطن..فلماذا تحيله إلى هذه المنظمات التي لا تحل المشكلة ؟ وإن لم يكن هذا فشلاً لجملة السياسات ..فكيف يكون الفشل ؟ وكيف نقرأ ذلك مع حديث الحاج آدم في نقاش البرلمان لمعايش الناس ..عن توجه العاجزين عن الدفع لتعليم أبنائهم إلى هذه المنظمات ؟
ومن أكثر النقاط التي كعبل فيها الماحي برطم..حديث برطم أن وزير المالية الوحيد في الانقاذ كان المرحوم عبد الوهاب عثمان..لأنه وحالما وصف برطم الوزير الحالي بأنه يعمل ضمن المنظومة..كان رد الماحي ..بأن عبد الوهاب نفسه كان يعمل ضمن المنظومة ..وهي نفسها التي تحاول النجاح عبر هذه الإجراءات مع الحديث عن بوادر استجابة وإيرادات..هذا القول وإن بدا حقيقياً من الناحية الشكلية والموضوعية ..إلا أنه يستخدم سياسياً لتزييف الواقع..فالراحل عبد الوهاب يروى عنه أنه أغلق باب مكتبه عليه وبكى حسب إفادته التي نقلها عثمان ميرغني ..عندما اكتشف أن من يعمل ضد سياساته في المكتب المجاور له..والكل يذكر أن البرلمان قد أسقط الميزانية التي قدمها عبد الوهاب ومضى في إجازته وأنه قدم استقالته وترك مفتاح العربه الحكومية وذهب إلى منزله..لولا أن الرئيس أجازها بمرسوم مؤقت ليعود.
ووجه التزييف السياسي هنا..يمكن توضيحه بطرح السؤال التالي..من الذي كان يحارب سياسات عبد الوهاب ..ولماذا؟..الكل يذكر أن المستفيدين من الاعفاءات هم من كانوا ضده لإيقافه إياها..الواقع أن المنظومة..تهزم أي وزير مالية مهما كانت قوته وطبيعته..ببساطة لأن الاصلاح الذي يعلن ..يحاول محاربة جزء آخر من النظام..يعمل للاحتفاظ بمصالحه.
ففي اعتراف نادر لعبد الرحيم حمدي في لقاء تلفزيوني خصصه للدفاع عن إجراءات مماثلة..ذكر بأن كل الاجراءات الفنية للمالية ..تهزمها السياسات العليا.!! حيث أوضح بأنه بعد وضع الموازنة ..بلا زيادة في الأجور ..يقرر زيادتها الرئيس ..وقد يضيف محليات أو ولايات جديدة..ونضيف ..ويعلن حرباً في مكان ما..او يخرب علاقات مع دولة أو منظمة ما..فتسقط الموازنة قبل بدايتها..وعليك عزيزي القارئ استحضار عشرات المواقف المماثلة.. ولئن كانت الاعفاءات هي حرب عبد الوهاب..فإن كل وزراء المالية ..يحاربون عدواً واحداً ..للمفارقة..مسنود من النظام..فمن الذي يتاجر في العملة ويتحكم في أسعارها ؟ الإجابة جلية لكل متابع..فهي في ذات الشوكة ومتنفذي الحزب نفسه..فكيف يتمكن وزير المالية من محاربتهم بإجراءات تقصم ظهر المواطن ؟ في الواقع أنه يعمل مع كل المنظومة لصالحهم.
أما نكتة البرنامج الكبرى ..فكانت حديث برطم عن إجازة القرارات بالأغلبية الميكانيكية في البرلمان..مثل هذا الحديث يقال في نواب برلمان ..أما هؤلاء ..فالكل يعلم أنهم مجرد بصمجية ..يشرعنون سياسات اللنظام
الخلاصة ..فإن حديث أي مشارك في أجهزة النظام ضده..لا يجعله مختلفاً بالضرورة عنه..فضيفي البرنامج ..بابان لنظام واحد..وإن بدا في أحدهما الرحمة ..ومن قبل الآخر العذاب.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..